وجنب اللَّه معناه علم اللَّه، وحق الله له كإحياء الأموات والإخبار بالمغيبات، وتكلم أذياب الفلوات، وإغاضة ماء الفرات، ورجوع الشمس له بعد الغياب، وإظهار وإيراد المعجبات، وأما التفضّل فإنّ اللَّه يختص برحمته من يشاء، ففوّض اللَّه إليه أمر العباد وجعله الحاكم يوم المعاد، فهو حاكم يوم الدين، ومالك يوم الدين، وولي يوم الدين، ولا ينكر هذا الحق المبين، إلّا من ليس له حظّ من الإيمان واليقين، ومن لا إيمان له كافر فوجب على من شمّ حقائق الإيمان استنشاق نسيم أزهار هذه الأشجار، والتصديق لهذه الآثار، ومن أنكرها ولو حرفاً منها فقد عارض زكام الكفر خيشوم إيمانه فليداوه بسعوط التصديق، ولكن ذاك في حقق التحقيق، ومن أعرض عن واضح الدليل، فقد ضلّ عن سواء السبيل.
الردّ علي من قال :لو قلنا أن علياً مالک يوم الدين يلزم منه أن يکون هو الرحمن الرحيم و تفسير سورة الفاتحة
اعترض معترض من أهل التقليد، وممّن هو عن إدراك التحقيق بعيد، فقال: إذا قلنا مالك يوم الدين علي، وحاكم يوم الدين علي، يلزم أن يكون الرحمن الرحيم أيضاً علياً، فقلت له: ليس الأمر كماذهب إليه وهمك، وقصر عن إدراكه فهمك، لإنّا لا ندّعي أن علياً مالك يوم الدين من هذه الآية، لأنا إذا قلنا: الحمد للَّه ربّ العالمين فإنّا نشهد أن جميع المحامد بجوامع الكلم من كل مادح وحامد، فإنّها للَّه ربّ العالمين يستحقها ويستوجبها الرحمن الرحيم، ويجري عليها عدلاً وقسطاً، مالك يوم الدين الذي طوق بإحسانه أهل سماواته وأرضه، أخرجهم بلطفه من كتم العدم، وأفاض عليهم من سحائب كرمه فوائض النعم، ووسعهم بجوده وعفوه ومَنّه، فهو مالك يوم الدين الذي كل شي ء ملكه ومملوكه، فله الملك للعباد، والعدل في المعاد، لكنّه يملك من أراد، وإن تقطّعت أكباد ذوي العناد.
وإذا قلنا إياك نعبد وإيّاك نستعين نقرّ بأن الموصوف بهذه الصفات هو المعبود الحق. فنقول: هناك 'اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ' نسأل بعد الحمد لواجب الوجود، ومفيض الكرم والجود، أن يهدينا إلى حب علي لأنه الصراط المستقيم 'صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ'، وهم آل محمد صلى الله عليه و آله و سلم الذين لأجلهم خلق الكون والمكان 'غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ'، وهم "أي المغضوب عليهم" أعداؤهم الذين يبدّل اللَّه صورهم عند الموت، 'وَلَا الضَّالِّينَ' وهم شيعة أعدائهم.
دليل قرآني آخر علي أنه الحاکم يوم الدين
لمّا رأينا اللَّه سبحانه قد أدخل نبيّه ووليّه في صفاته، وخصّ محمداً وعلياً بعظيم آياته، فقال في وصف نبيّه الكريم: 'لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ'
التوبة: 128.