والمراد بالقول منِّي: العلم، وذلك لأن علم اللَّه سبحانه سابق على أفعال العباد ولاحق وكاشف فهو سبحانه يعلم قبل إيجادهم مَن المطيع ومَنْ العاصي، لأنه ليس عند اللَّه زمان ولا مكان، ثم أخذ عليهم العهد في الذرات وهو رمز رفيع ومعناه علم قبل إنشاء ذراتهم، من جبلته الانقياد للطاعة، ومن جبلته الظلم والانقياد للمعصية فما يغني النذر فصاروا في العلم قبضتين: مطيع بالقوّة، وعاص بالقوّة، ثم لما أوجدهم وكلّفهم كشف العلم السابق ما في جبلاتهم فصاروا فريقين، كما قال وقوله الحق مؤمن بالفعل وكافر، ولذلك قال: ولا أبالي، وفيه إشارة لطيفة معناها لا أبالي بعد أن فطرتهم على التوحيد، وعرضت عليهم الإيمان في عالم الأرواح، ثم ذكرتهم العهد في ظلم الأشباح، فمنهم مَنْ أبصر فاستبصر ومنهم مَنْ أنكر فاستكبر، فلا أبالي إن نسب الجبرية الظلم إليّ وأنا العدل الحكيم، ولا أبالي يوم القيامة فريقاً في الجنة بإيمانهم وفريقاً في السعير بكفرهم وطغيانهم، وإليه الإشارة بقوله: 'أَصْحَابُ اليمِينِ *وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ ' الواقعة:27 و41.