قد وردت روايات عن آل محمّد صلى الله عليه و آله و سلم تنص على إخفاء العلوم الصعبة نحو ما روي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام:'واللَّه لو أن على أفواههم أوكية لأخبرت كل رجل منهم ما لا يستوحش إلى شي ء، ولكن فيكم الإذاعة، واللَّه بالغ أمره ' "بحار الأنوار:141 / 26 ح13 باب أنه لا يحجب عنهم شي ء " .
وعن الإمام الباقر عليه السلام:' لو كان لألسنتكم أوعية لحدثت كل امرى ء بما له وعليه ' "بحار الأنوار:149 / 26 ح34 باب أنه لا يحجب عنهم شي ء ".
وقال الإمام زين العابدين عليه السلام:
إني لأكتم من علمي جواهره
وقد تقدم في هذا أبو حسنٍ
ياربّ جوهر علمٍ لو أبوح به
ولاستحل رجالٌ مسلمون دمي
يرون أقبح ما يأتونه حسنا
كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
إلى الحسين ووصى قبله الحسنا
لقيل لي: أنت ممّن يعبد الوثنا
يرون أقبح ما يأتونه حسنا
يرون أقبح ما يأتونه حسنا
"الأصول الأصيلة:167، وغرر البهاء الضوي:318، ومشارق أنوار اليقين:17، وجامع الأسرار:35 ح66."
وتقدم من المصنف قول الإمام الصادق:' هيهات، واللَّه لو أخبرتك بكنه ذلك لقمت عنّي وأنت تقول إن جعفر بن محمد كاذب في قوله أو مجنون ' .
وقال عليه السلام:' إنّ أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلّا ملكٌ مقرّب أو نبيٌّ مرسل أو عبدٌ مؤمن امتحن اللَّه قلبه للإيمان "الأصول الأصيلة:169 " .
وقال عليه السلام:' لا تذيعوا سرّنا ولا تحدِّثوا به عند غير أهله فإن المذيع سرّنا أشدّ علينا من عدوّنا' "الخرايج والجرايح:267 باب 7 ".
وقد بيّن الإمام العسكري عليه السلام علّة عدم إخبارهم بالاُمور الغيبية بقوله لموسى الجوهري:' ألسنا قد قلنا لكم لا تسألونا عن علم الغيب، فنخرج ما علمنا منه إليكم، فيسمعه من لا يطيقه استماعه فيكفر' "الهداية الكبرى:334 باب 13 ".
والظروف التي كان يعيشها النبي صلى الله عليه و آله و سلم والقليل من الأئمّة كانت مختلفة فرسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم كان في بداية الدعوة الإسلامية وقريب عهد بالجاهلية .
وإذا أردنا أن نبرم هذا الكلام فلا بأس بنقل كلام لسماحة الشيخ محمد الحسين المظفر يصلح أن يكون جواباً عن هذا المطلب: قال بعد أن ذكر توقف الرسالة علىعلم النبي صلى الله عليه و آله و سلم بكل الأشياء: فعلم الرسول بالعالم وإحاطته بما يحدث فيه وقدرته على تعميم الإصلاح للدَاني والقاصي والحاضر والباد؛ من أُسس تلك الرسالة العامة وقاعدة لزومية لتطبيق تلك الشريعة الشاملة .
غير أن الظروف لم تسمح لصاحب هذه الرسالة صلى الله عليه و آله و سلم أن يظهر للاُمّة تلك القوى القدسية والعلم الربّاني الفيّاض. وكيف يعلن بتلك المواهب والإسلام غضّ جديد، والناس لم تتعرّف تعاليم الإسلام الفرعية بعد ؟! فكيف تقبل أن يتظاهر بتلك الموهبة العظمى وتطمئن إلى الإيمان بذلك العلم. بل ولم يكن كل قومه الذين انضووا تحت لوائه من ذوي الإيمان الراسخ، وما خضع البعض منهم للسلطة النبوية إلّا بعد اللتيا والتي وبعد الترهيب والترغيب ' "علم الإمام:10 - 9 ".
نعم فقد أفصح النبي صلى الله عليه و آله و سلم لخاصة أصحابه عن كنه حقيقته وحقيقة علمه ليس هنا محل ذكرها.