خطبه 051-ياران معاويه و غلبه بر فرات - شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

خطبه 051-ياران معاويه و غلبه بر فرات

الشرح:

استطعموكم القتال، كلمه مجازيه، و معناها: طلبوا القتال منكم، كانه جعل القتال شيئا يستطعم، اى يطلب اكله، و فى الحديث: (اذا استطعمكم الامام فاطعموه)، يعنى امام الصلاه، اى اذا ارتج فاستفتحكم فافتحوا عليه.

و تقول: فلان يستطعمنى الحديث، اى يستدعيه منى و يطلبه.

و اللممه، بالتخفيف: جماعه قليله.

و عمس عليهم الخبر، يجوز بالتشديد، و يجوز بالتخفيف، و التشديد يعطى الكثره و يفيدها، و معناه ابهم عليهم الخبر، و جعله مظلما.

ليل عماس، اى مظلم، و قد عمس الليل نفسه بالكسر، اذا اظلم و عمسه غيره، و عمست عليه عمسا، اذا اريته انك لاتعرف الامر و انت به عارف.

و الاغراض: جمع غرض و هو الهدف.

و قوله: (فاقروا على مذله و تاخير محله)، اى اثبتوا على الذل و تاخر المرتبه و المنزله، او فافعلوا كذا و كذا.

و نحو قوله (ع): (فالموت فى حياتكم مقهورين) قول ابى نصر بن نباته: و الحسين الذى راى الموت فى العز حياه و العيش فى الذل قتلا و قال التهامى: و من فاته نيل العلا بعلومه و اقلامه فليبغها بحسامه فموت الفتى فى العز مثل حياته و عيشته فى الذل مثل حمامه (الاشعار الوارده فى الاباء و الانف من احتمال الضيم) و الاشعار فى ا
لاباء الانف من احتمال الضيم و الذل و التحريض على الحرب كثيره، و نحن نذكر منها هاهنا طرفا، فمن ذلك قول عمرو بن براقه الهمدانى: و كيف ينام الليل من جل ماله حسام كلون الملح ابيض صارم كذبتم و بيت الله لاتاخذونها مراغمه ما دام للسيف قائم و من يطلب المال الممنع بالقنا يعش ماجدا او تخترمه الخوارم و مثله: و من يطلب المال الممنع بالقنا يعش ماجدا او يوذ فيما يمارس و قال حرب بن مسعر: عطفت عليه المهر عطفه باسل كمى و من لايظلم الناس يظلم فاوجرته لدن الكعوب مثقفا فخر صريعا لليدين و للفم و قال الحارث بن الارقم: و ما ضاق صدرى يا سليمى بسخطكم و لكننى فى الحادثات صليب تروك لدار الخسف و الضيم منكر بصير بفعل المكرمات اريب اذا سامنى السلطان ذلا ابيته و لم اعط خسفا ما اقام عسيب.

و قال العباس بن مرداس السلمى: بابى فوارس لايعرى صواهلها ان يقبلوا الخسف من ملك و ان عظما لا و السيوف بايدينا مجرده لا كان منا غداه الروع منهزما و قال وهب بن الحارث: لاتحسبنى كاقوام عبثت بهم لن يانفوا الذل حتى تانف الحمر لاتعلقنى قذاه لست فاعلها و احذر شباتى فقدما ينفع الحذر فقد علمت بانى غير مهتضم حتى
يلوح ببطن الراحه الشعر و قال المسيب بن علس: ابلغ ضبيعه ان البلا د فيها لذى قوه مغضب و قد يقعد القوم فى دارهم اذا لم يضاموا و ان اجدبوا و يرتحل القوم عند الهوا ن عن دارهم بعد ما اخصبوا و قد كان سامه فى قومه له مطعم و له مشرب فساموه خسفا فلم يرضه و فى الارض عن ضيمهم مهرب.

و قال آخر: ان الهوان حمار القوم يعرفه و الحر ينكره و الرسله الاجد و لا يقيم على خسف يراد به الا الاذلان عير الحى و الوتد هذا على الخسف مشدود برمته و ذا يشج فلا ياوى له احد فان اقمتم على ضيم يراد بكم فان رحلى له وال و معتمد و فى البلاد اذا ما خفت بادره مكروهه عن ولاه السوء مفتقد و قال بعض بنى اسد: انى امرو من بنى خزيمه لا اطعم خسفا لناعب نعبا لست بمعط ظلامه ابدا عجما و لااتقى بها عربا دخل مويلك السدوسى الى البصره يبيع ابلا، فاخذ عامل الصدقه بعضها، فخرج الى الباديه و قال: ناق انى ارى المقام على الضيم عظيما فى قبه الاسلام قد ارانى و لى من العامل النص ف بحد السنان او بالحسام و وثقت بالدنيا و انت ترى جماعتها شتاتا و عزمت ويك على الحيا ه و طولها عزما بتاتا يا من راى ابويه- فيمن قد
راى- كانا فماتا هل فيهما لك عبره ام خلت ان لك انفلاتا! و من الذى طلب التفللت من منيته ففاتا! كل تصبحه المنيه او تبيته بياتا و له: ارى الدنيا لمن هى فى يديه عذابا، كلما كثرت لديه تهين المكرمين لها بصغر و تكرم كل من هانت عليه اذا استغنيت عن شى ء فدعه و خذ ما انت محتاج اليه و له: الم تر ريب الدهر فى كل ساعه له عارض فيه المنيه تلمع ابابانى الدنيا لغيرك تبتنى و يا جامع الدنيا لغيرك تجمع ارى المرء وثابا على كل فرصه و للمرء يوما لا محاله مصرع ينازل ما لايملك الملك غيره متى تنقضى حاجات من ليس يشبع و اى امرى ء فى غايه ليس نفسه الى غايه اخرى سواها تطلع و له: سل الايام عن امم تقضت ستخبرك المعالم و الرسوم و الا حساما يبهر العين لمحه كصاعقه فى عارض قد تبسما (اباه الضيم و اخبارهم) سيد اهل الاباء، الذى علم الناس الحميه و الموت تحت ظلال السيوف، اختيارا له على الدنيه، ابو عبدالله الحسين بن على بن ابى طالب (ع)، عرض عليه الامان و اصحابه، فانف من الذل، و خاف من ابن زياد ان يناله بنوع من الهوان، ان لم يقتله، فاختار الموت على ذلك.

و سمعت النقيب ابازيد يحيى بن زيد العلوى الب
صرى، يقول: كان ابيات ابى تمام فى محمد بن حميد الطائى ما قيلت الا فى الحسين (ع): و قد كان فوت الموت سهلا فرده اليه الحفاظ المر و الخلق الوعر و نفس تعاف الضيم حتى كانه هو الكفر يوم الروع او دونه الكفر فاثبت فى مستنقع الموت رجله و قال لها من تحت اخمصك الحشر تردى ثياب الموت حمرا فما اتى لها الليل الا و هى من سندس خضر لما فر اصحاب مصعب عنه، و تخلف فى نفر يسير من اصحابه، كسر جفن سيفه، و انشد: فان الالى بالطف من آل هاشم تاسوا فسنوا للكرام التاسيا فعلم اصحابه انه قد استقتل.

و من كلام الحسين (ع) يوم الطف، المنقول عنه، نقله عنه زين العابدين على ابنه (ع): (الا و ان الدعى بن الدعى، قد خيرنا بين اثنتين: السله او الذله، و هيهات منا الذله! يابى الله ذلك لنا و رسوله و المومنون، و حجور طابت، و حجز طهرت، و انوف حميه، و نفوس ابيه).

و هذا نحو قول ابيه (ع)، و قد ذكرناه فيما تقدم: (ان امرا امكن عدوا من نفسه، يعرق لحمه، و يفرى جلده، و يهشم عظمه، لعظيم عجزه، ضعيف ما ضمت عليه جوانح صدره، فكن انت ذاك ان شئت، فاما انا فدون ان اعطى ذلك ضرب بالمشرفيه تطير منه فراش الهام، و تطيح السواعد و الاقدام).

و قال العباس بن مرد
اس السلمى: مقال امرى ء يهدى اليك نصيحه اذا معشر جادوا بعرضك فابخل و ان بوءوك منزلا غير طائل غليظا فلا تنزل به و تحول و لاتطعمن ما يعلفونك انهم اتوك على قرباهم بالمثمل اراك اذا قد صرت للقوم ناضحا يقال له بالغرب ادبر و اقبل فخذها فليست للعزيز بخطه و فيها مقام لامرى ء متذلل و له ايضا: فحارب فان مولاك حارد نصره ففى السيف مولى نصره لايحارد و قال مالك بن حريم الهمدانى: و كنت اذا قوم غزونى غزوتهم فهل انا فى ذا يال همدان ظالم متى تجمع القلب الذكى و صارما و انفا حميا تجتنبك المظالم و قال رشيد بن رميض العنزى: باتوا نياما و ابن هند لم ينم بات يقاسيها غلام كالزلم خدلج الساقين خفاق القدم قد لفها الليل بسواق حطم ليس براعى ابل و لا غنم و لا بجزار على ظهر و ضم من يلقنى يود كما اودت ارم و قال آخر: و لست بمبتاع الحياه بسبه و لا مرتق من خشيه الموت سلما و لما رايت الود ليس بنافعى عمدت الى الامر الذى كان احزما و من اباه الضيم يزيد بن المهلب، كان يزيد بن عبدالملك يشنوه قبل خلافته، لاسباب ليس هذا موضع ذكرها، فلما افضت اليه الخلافه، خلعه يزيد بن المهلب، و نزع يده من طاعته، و عل
م انه ان ظفر به قتله و ناله من الهوان ما القتل دونه، فدخل البصره و ملكها عنوه، و حبس عدى بن ارطاه عامل يزيد بن عبدالملك عليها، فسرح اليه يزيد بن عبدالملك جيشا كثيفا، و يشتمل على ثمانين الفا من اهل الشام و الجزيره، و بعث مع الجيش اخاه مسلمه بن عبدالملك، و كان اعرف الناس بقياده الجيوش و تدبيرها، و ايمن الناس نقيبه فى الحرب، و ضم اليه ابن اخيه العباس بن الوليد بن عبدالملك، فسار يزيد بن المهلب من البصره، فقدم واسط، فاقام بها اياما، ثم سار عنها فنزل العقر، و اشتملت جريده جيشه على مائه و عشرين الفا، و قدم مسلمه بجيوش الشام، فلما تراءى العسكران، و شبت الحرب، امر مسلمه قائدا من قواده ان يحرق الجسور التى كان عقدها يزيد بن المهلب فاحرقها، فلما راى اهل العراق الدخان قد علا انهزموا، فقيل ليزيد ابن المهلب: قد انهزم الناس، قال: و مم انهزموا؟ هل كان قتال ينهزم الناس من مثله؟ فقيل له: ان مسلمه احرق الجسور فلم يثبتوا، فقال: قبحهم الله! بق دخن عليه فطار! ثم وقف و معه اصحابه، فقال: اضربوا وجوه المنهزمين، ففعلوا ذلك حتى كثروا عليه، و استقبله منهم امثال الجبال، فقال: دعوهم قبحهم الله! غنم عدا فى نواحيها الذئب.

و كان يزيد لايحدث ن
فسه بالفرار، و قد كان اتاه يزيد بن الحكم بن ابى العاص الثقفى بواسط، ع قفل له: فعش ملكا او مت كريما فان تمت و سيفك مشهور بكفك تعذر فقال: ما شعرت، فقال: ان بنى مروان قد باد ملكهم فان كنت لم تشعر بذلك فاشعر فقال: اما هذا فعسى.

فلما راى يزيد انهزام اصحابه، نزل عن فرسه، و كسر جفن سيفه و استقتل، فاتاه آت فقال: ان اخاك حبيبا قد قتل، فزاده ذلك بصيره فى توطينه نفسه على القتل، و قال: لا خير فى العيش بعد حبيب! و الله لقد كنت ابغض الحياه بعد الهزيمه، و قد ازددت لها بغضا، امضوا قدما.

فعلم اصحابه انه مستميت، فتسلل عنه من يكره القتال، و بقى معه جماعه خشيه، فهو يتقدم كلما مر بخيل كشفها، و هو يقصد مسلمه بن عبدالملك لايريد غيره، فلما دنا منه، ادنى مسلمه فرسه ليركب، و حالت خيول اهل الشام بينهما، و عطفت على يزيد بن المهلب، فجالدهم بالسيف مصلتا، حتى قتل و حمل راسه الى مسلمه، و قتل معه اخوه محمد بن المهلب، و كان اخوهما المفضل بن المهلب، يقاتل اهل الشام فى جهه اخرى، و لايعلم بقتل اخويه يزيد و محمد، فاتاه اخوه عبدالملك بن المهلب، و قال له: ما تصنع و قد قتل يزيد و محمد، و قبلهما قتل حبيب، و قد انهزم الناس! و قد روى انه لم ياته ب
الخبر على وجهه، و خاف ان يخبره بذلك فيستقتل و يقتل، فقال له: ان الامير قد انحدر الى واسط، فاقتص اثره، فانحدر المفضل حينئذ، فلما علم بقتل اخوته، حلف الا يكلم اخاه عبدالملك ابدا: و كانت عين المفضل قد اصيبت من قبل فى حرب الخوارج، فقال: فضحنى عبدالملك فضحه الله! ما عذرى اذا رآنى الناس فقالوا: شيخ اعور مهزوم، الا صدقنى فقتلت! ثم قال: و لا خير فى طعن الصناديد بالقنا و لا فى لقاء الناس بعد يزيد فلما اجتمع من بقى من آل المهلب بالبصره بعد الكسره، اخرجوا عدى بن ارطاه امير البصره من الحبس، فقتلوه و حملوا عيالهم فى السفن البحريه، و لجحوا فى البحر، فبعث اليهم مسلمه بن عبدالملك بعثا عليه قائد من قواده، فادركهم فى قندابيل، فحاربهم و حاربوه، و تقدم بنو المهلب باسيافهم، فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم، و هم: المفضل بن المهلب، و زياد بن المهلب، و مروان بن المهلب، و عبدالملك بن المهلب، و معاويه بن يزيد ابن المهلب، و المنهال بن ابى عيينه بن المهلب، و عمرو و المغيره ابنا قبيصه بن المهلب، و حملت رووسهم الى مسلمه بن عبدالملك، و فى اذن كل واحد منهم رقعه فيها اسمه، و استوسر الباقون فى الوقعه، فحملوا الى يزيد بن عبدالملك بالشام، و هم
احد عشر رجلا، فلما دخلوا عليه قام كثير بن ابى جمعه، فانشد: حليم اذا ما نال عاقب مجملا اشد العقاب او عفا لم يثرب فعفوا اميرالمومنين و حسبه فما تاته من صالح لك يكتب اساووا فان تصفح فانك قادر و افضل حلم حسبه حلم مغضب فقال يزيد: اطت بك الرحم يا ابا صخر! لولا انهم قدحوا فى الملك لعفوت عنهم، ثم امر بقتلهم فقتلوا، و بقى منهم صبى صغير، فقال: اقتلونى فلست بصغير، فقال يزيد بن عبدالملك: انظروا هل انبت! فقال: انا اعلم بنفسى قد احتلمت و وطئت النساء فاقتلونى، فلا خير فى العيش بعد اهلى! فامر به فقتل.

قال ابوعبيده معمر بن المثنى: و اسماء الاسارى الذين قتلوا صبرا- و هم احد عشر مهلبيا: المعارك و عبدالله و المغيره و المفضل و المنجاب، بنو يزيد بن المهلب.

و دريد و الحجاج و غسان و شبيب و الفضل، بنو المفضل بن المهلب لصلبه.

و الفضل بن قبيصه بن المهلب.

قال: و لم يبق بعد هذه الوقعه الثانيه لاهل المهلب باقيه الا ابو عيينه بن المهلب.

و عمر بن يزيد بن المهلب، و عثمان بن المفضل بن المهلب، فانهم لحقوا برتبيل، ثم اومنوا بعد ذلك.

و قال الرضى الموسوى رحمه الله تعالى: الا لله بادره الطلاب و عزم لايروع بالعتاب و كل مشمر البردي
ن يهوى هوى المصلتات الى الرقاب اعاتبه على بعد التنائى فيعذلنى على قرب الاياب رايت العجز يخضع لليالى و يرضى عن نوائبها الغضاب و آمل ان تطاوعنى الليالى و ينشب فى المنى ظفرى و نابى و لولا صوله الافدار دونى هجمت على العلا من كل باب و قال ايضا: لايبذ الهموم الا غلام يركب الهول و الحسام رديف ما يذل الزمان بالفقر حرا كيفما كان فالشريف شريف و قال ايضا رحمه الله تعالى: و لست اضل فى طرق المعالى و نار العز عاليه الشعاع و دون المجد راى مستطيل و باع غير مجبوب الذراع و يعجبنى البعاد كان قلبى يحدث عن عدى بن الرقاع فرد نهى العلاء بلا رقيب و شمر فى الامور بلا نزاع و لا تغررك قعقعه الاعادى فذاك الصخر خر من اليفاع و نحن احق بالدنيا و لكن تخيرت القطوف على الوساع و قال حارثه بن بدر الغدانى: اهان و اقصى ثم ينتصحوننى و من ذا الذى يعطى نصيحته قسرا رايت اكف المصلتين عليكم ملاء و كفى من عطائكم صفرا متى تسالونى ما على و تمنعوا ال ذى لى لااستطيع فى ذلكم صبرا و قال بعض الخوارج: تعيرنى بالحرب عرسى و ما درت بانى لها فى كل ما امرت ضد لحا الله قوما يقعدون و عندهم سيوف و ل
م يعصب بايديهم قد و قال الاعشى: ابالموت خشتنى عباد و انما رايت منايا القوم يسعى دليلها و ما موته ان متها غير عاجز بعار اذا ما غالت النفس غولها و قال آخر: فلا اسمعن فيكم بامر هضيمه و ضيم و لاتسمع به هامتى بعدى فان السنان يركب المرء حده من الضيم، او يعدو على الاسد الورد و مثله: اذا انت لم تنصف اخاك وجدته على طرف الهجران ان كان يعقل و يركب حد السيف من ان تضيمه اذا لم يكن عن شفره السيف معدل و قال آخر: كرهوا الموت فاستبيح حماهم و اقاموا فعل اللئيم الذليل امن الموت تهربون فان ال موت الذليل غير جميل و قال بشامه بن الغدير: و ان التى سامكم قومكم هم جعلوها عليكم عدولا اخزى الحياه و كره الممات فكلا اراه طعاما وبيلا فان لم يكن غير احداهما فسيروا الى الموت سيرا جميلا و لاتقعدوا و بكم منه كفى بالحوادث للمرء غولا قال يزيد بن المهلب فى حرب جرجان لاخيه ابى عيينه: ما احسن منظر رايت فى هذه الحرب؟ قال: سيف بن ابى سبره و بيضته، و كان عبدالله بن ابى سبره حمل على غلام تركى قد افرج الناس له، و صدوا عنه لباسه و شجاعته، فتضاربا ضربتين، فقتله ابن ابى سبره بعد ان ضربه التركى فى راسه، فنش
ب سيفه فى بيضه ابن ابى سبره، فعاد الى الصف و سيفه مصبوغ بدم التركى و سيف التركى ناشب فى بيضته كجزء منها يلمع، فقال الناس: هذا كوكب الذنب، و عجبوا من منظره.

و قال هدبه بن خشرم: و انى اذ ما الموت لم يك دونه قدى الشبر احمى الانف ان اتاخرا و لكننى اعطى الخفيظه حقها فاعرف معروفا و انكر منكرا و قال آخر: انى انا المرء لايغضى على تره و لايقر على ضيم اذا غشما القى المنيه خوفا ان يقال فتى امسى- و قد ثبت الصفان- منهزما و قال آخر: قوض خيامك و التمس بلدا تناى عن الغاشيك بالظلم او شد شده بيهس فعسى ان يتقوك بصفحه السلم استنصر سبيع بن الخطيم التيمى من بنى تيم اللات بن ثعلبه زيد الفوارس الضبى فنصره، فقال: نبهت زيدا فلم افزع الى وكل رث السلاح و لا فى الحى مغمور سالت عليه شعاب الحى حين دعا انصاره بوجوه كالدنانير و قال ابوطالب بن عبدالمطلب: كذبتم و بيت الله نخلى محمدا و لما نطاعن دونه و نناضل و ننصره حتى نصرع حوله و نذهل عن ابنائنا و الحلائل لما برز على و حمزه و عبيده (ع) يوم بدر الى عتبه و شبيه و الوليد، قتل على (ع) الوليد، و قتل حمزه شيبه، على اختلاف فى روايه ذلك: هل كان شيبه قرنه ام عت
به؟ و تجالد عبيده و عتبه بسيفيهما، فجرح عبيده عتبه فى راسه، و قطع عتبه ساق عبيده، فكر على و حمزه (ع) على صاحبهما، فاستنقذاه من عتبه، و خبطاه بسيفيهما حتى قتلاه و احتملا صاحبهما، فوضعاه بين يدى رسول الله (ص) فى العريش، و هو يجود بنفسه، و ان مخ ساقه ليسيل، فقال: يا رسول الله، لو كان ابوطالب حيا لعلم انى اولى منه بقوله: كذبتم و بيت الله نخلى محمدا و لما نطاعن دونه و نناضل و ننصره حتى نصرع حوله و نذهل عن ابنائنا و الحلائل فبكى رسول الله (ص)، و قال: اللهم انجز لى ما وعدتنى! اللهم ان تهلك هذه العصابه لاتعبد فى الارض).

لما قدم جيش الحره الى المدينه، و على الجيش مسلم بن عقبه المرى، اباح المدينه ثلاثا، و استعرض اهلها بالسيف جزرا كما يجزر القصاب الغنم، حتى ساخت الاقدام فى الدم، و قتل ابناء المهاجرين و الانصار و ذريه اهل بدر، و اخذ البيعه ليزيد بن معاويه على كل من استبقاه من الصحابه و التابعين، على انه عبد قن لامير المومنين يزيد بن معاويه، هكذا كانت صوره المبايعه يوم الحره، الا على بن الحسين بن على (ع)، فانه اعظمه و اجلسه معه على سريره، و اخذ بيعته على انه اخو اميرالمومنين يزيد بن معاويه و ابن عمه، دفعا له عما
بايع عليه غيره، و كان ذلك بوصاه من يزيد بن معاويه له، فهرب على بن عبدالله بن العباس رحمه الله تعالى الى اخواله من كنده، فحموه من مسلم بن عقبه، و قالوا: لايبايع ابن اختنا الا على ما بايع عليه ابن عمه على بن الحسين، فابى مسلم بن عقبه ذلك، و قال: انى لم افعل ما فعلت الا بوصاه اميرالمومنين، و لولا ذلك لقتلته، فان اهل هذا البيت اجدر بالقتل، او لاخذت بيعته على ما اخذت عليه بيعه غيره.

و سفر السفراء بينه و بينهم، حتى وقع الاتفاق على ان يبايع و يقول: انا ابايع لامير المومنين يزيد بن معاويه، و التزم طاعته، و لايقول غير ذلك، فقال على بن عبدالله بن العباس: ابى العباس راس بنى قصى و اخوالى الملوك بنو وليعه هم منعوا ذمارى يوم جاءت كتائب مسرف و بنو اللكيعه اراد بى التى لاعز فيها فحالت دونه ايد منيعه مسرف كنايه عن مسلم، و ام على بن عبدالله بن العباس زرعه بنت مشرح بن معدى كرب بن وليعه بن شرحبيل بن معاويه بن كنده.

قال الحسين بن الحمام: و لست بمبتاع الحياه بسبه و لا مرتق من خشيه الموت سلما تاخرت استبقى الحياه فلم اجد لنفسى حياه مثل ان اتقدما فلسنا على الاعقاب تدمى كلومنا و لكن على اقدامنا تقطر الدما نفل
ق هاما من رجال اعزه علينا، و هم كانوا اعق و اظلما ابى لابن سلمى انه غير خالد ملاقى المنايا اى صرف تيمما ابن سلمى يعنى نفسه، و سلمى امه.

و قال الطرماح بن حكيم: و ما منعت دار و لا عز اهلها من الناس الا بالقنا و القنابل و قال آخر: و ان التى حدثتها فى انوفنا و اعناقنا من الاباء كما هيا و قال آخر: فان تكن الايام فينا تبدلت ببوسى و نعمى و الحوادث تفعل فما لينت منا قناه صليبه و لاذللتنا للتى ليس تجمل و لكن رحلناها نفوسا كريمه تحمل ما لايستطاع فتحمل و قال آخر: اذا جانب اعياك فاعمد لجانب فانك لاق فى البلاد معولا و قال ابوالنشناش: اذا المرء لم يسرح سواما و لم يرح سواما و لم تعطف عليه اقاربه فللموت خير للفتى من قعوده عديما و من مولى تدب عقاربه و لم ار مثل الهم ضاجعه الفتى و لا كسواد الليل اخفق طالبه فعش معدما او مت كريما فاننى ارى الموت لاينجو من الموت هاربه وفد يحيى بن عروه بن الزبير على عبدالملك، فجلس يوما على بابه ينتظر اذنه، فجرى ذكر عبدالله بن الزبير، فنال منه حاجب عبدالملك، فلطم يحيى وجهه حتى ادمى انفه، فدخل على عبدالملك و دمه يجرى من انفه، فقال: من ضربك؟ قال: يحيى ا
بن عروه، قال: ادخله- و كان عبدالملك متكئا فجلس- فلما دخل قال: ما حملك على ما صنعت بحاجبى؟ قال: يا اميرالمومنين، ان عمى عبدالله كان احسن جوارا لعمتك منك لنا، و الله ان كان ليوصى اهل ناحيته الا يسمعوها قذعا، و لايذكروكم عندها الا بخير، و ان كان ليقول لها: من سب اهلك فقد سب اهله، فانا و الله المعم المخول، تفرقت العرب بين عمى و خالى، فكنت كما قال الاول: يداه اصابت هذه حتف هذه فلم تجد الاخرى عليها مقدما فرجع عبدالملك الى متكئه، و لم يزل يعرف منه الزياده فى اكرام يحيى بعدها.

و ام يحيى هذه ابنه الحكم بن ابى العاص عمه عبدالملك بن مروان.

و قال سعيد بن عمر الحرشى امير خراسان: فلست لعامر ان لم ترونى امام الخيل اطعن بالعوالى و اضرب هامه الجبار منهم بماضى الغرب حودث بالصقال فما انا فى الحروب بمستكين و لااخشى مصاوله الرجال ابى لى والدى من كل ذم و خالى حين يذكر خير خال قال عبدالله بن الزبير لما خطب حين اتاه نعى مصعب: اما بعد، فانه اتانا من العراق خبر افرحنا و احزننا، اتانا خبر قتل المصعب، فاما الذى احزننا فلوعه يجدها الحميم عند فراق حميمه، ثم يرعوى بعدها ذو اللب الى حسن الصبر و كرم العزاء.

و اما الذى اف
رحنا، فان ذلك كان له شهاده، و كان لنا و له خيره، انا و الله ما نموت حبجا كما يموت آل ابى العاص، ما نموت الا قتلا قعصا بالرماح، و موتا تحت ظلال السيوف، فان يهلك المصعب، فان فى آل الزبير لخلفا.

و خطب مره اخرى فذكره فقال: لوددت و الله ان الارض قاءتنى عنده حين لفظ غصته و قضى نحبه.

شعر: خذيه فجريه ضباع و ابشرى بلحم امرى ء لم يشهد اليوم ناصره و قال الشداخ بن يعمر الكنانى: قاتلوا القوم يا خزاع و لا يدخلكم من قتالهم فشل القوم امثالكم لهم شعر فى الراس لاينشرون ان قتلوا و قال يحيى بن منصور الحنفى: و لما نات عنا العشيره كلها انخنا فحالفنا السيوف على الدهر فما اسلمتنا عند يوم كريهه و لا نحن اغضينا الجفون على وتر قيل لرجل شهد يوم الطف مع عمر بن سعد: و يحك! اقتلتم ذريه رسول الله (ص) فقال: عضضت بالجندل، انك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا، ثارت علينا عصابه، ايديها فى مقابض سيوفها كالاسود الضاريه تحطم الفرسان يمينا و شمالا، و تلقى انفسها على الموت، لا تقبل الامان، و لا ترغب فى المال، و لايحول حائل بينها و بين الورود على حياض المنيه، او الاستيلاء على الملك، فلو كففنا عنها رويدا لاتت على نفوس العسكر بحذافي
رها، فما كنا فاعلين لا ام لك.

السخاء من باب الشجاعه، و الشجاعه من باب السخاء، لان الشجاعه انفاق العمر و بذله فكانت سخاء، و السخاء اقدام على اتلاف ما هو عديل المهجه، فكان شجاعه.

ابوتمام فى تفضيل الشجاعه على السخاء: كم بين قوم انما نفقاتهم مال و قوم ينفقون نفوسا قيل لشيخنا ابى عبدالله البصرى رحمه الله تعالى: اتجد فى النصوص ما يدل على تفضيل على (ع)، بمعنى كثره الثواب لا بمعنى كثره مناقبه، فان ذاك امر مفروغ منه؟ فذكر حديث الطائر المشوى، و ان المحبه من الله تعالى اراده الثواب.

فقيل له: قد سبقك الشيخ ابوعلى رحمه الله تعالى الى هذا، فهل تجد غير ذلك؟ قال: نعم قول الله تعالى: (ان الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا كانهم بنيان مرصوص)، فاذا كان اصل المحبه لمن ثبت كثبوت البنيان المرصوص، فكل من زاد ثباته، زادت المحبه له، و معلوم ان عليا (ع) ما فر فى زحف قط، و فر غيره فى غير موطن.

و قال ابوتمام: السيف اصدق انباء من الكتب فى حده الحد بين الجد و اللعب بيض الصفائح لاسود الصحائف فى متونهن جلاء الشك و الريب و العلم فى شهب الارماح لامعه بين الخميسين لا فى السبعه الشهب و قال ابوالطيب المتنبى: حتى رجعت و اقلامى
قوائل لى: المجد للسيف ليس المجد للقلم اكتب بنا ابدا بعد الكتاب به فانما نحن للاسياف كالخدم اسمعتنى و دوائى ما اشرت به فان غفلت فدائى قله الفهم من اقتضى بسوى الهندى حاجته اجاب كل سوال عن (هل) بلم قال عطاف بن محمد الالوسى: امكابد الزفرات موصده تلتذ خوف القطع بالشلل صرف همومك تنتدب همما فالسكر يعقب نشوه الثمل و لليله الميلاد مفرحه تنسى الحوامل اشهر الحبل سر فى البلاد تخوضها لججا فالدر ليس يصاب فى الوشل و اجعل لصبوتك الظبا سكنا و الدور اكوارا على الابل و العيش و الوطن الممهد فى غرب الحسام و غارب الجمل و اشدد عليك و خذ اليك ودع ضعه الخمول و فتره الكسل و ارم العداه بكل صائبه ما الرمى موقوفا على ثعل لاتحسب النكبات منقصه قد يستجاد السيف بالفلل و قال عروه بن الورد: لحا الله صعلوكا اذا جن ليله مصافى المشاش آلفا كل مجزر يعد الغنى من نفسه كل ليله اصاب قراها من صديق ميسر ينام عشاء ثم يصبح ناعسا يحت الحصا من جنبه المتعفر يعين نساء الحى ما يستعنه و يمسى طليحا كالبعير المحسر و لكن صعلوكا صفيحه وجهه كضوء شهاب القابس المتنور مطلا على اعدائه يزجرونه بسا
حتهم زجر المنيح المشهر و ان قعدوا لايامنون اقترابه تشوف اهل الغائب المتنظر فذلك ان يلق المنيه يلقها حميدا و ان يستغن يوما فاجدر و قال آخر: و لست بمولى سوءه ادعى لها فان لسوآت الامور مواليا و سيان عندى ان اموت و ان ارى كبعض رجال يوطنون المخازيا و لن يجد الناس الصديق و لا العدا اديمى اذا عدوا اديمى واهيا و ان نجارى بابن غنم مخالف نجار لئام فابغنى من ورائيا و لست بهياب لمن لايهابنى و لست ارى للمرء ما لايرى ليا اذا المرء لم يحببك الا تكرها عراض العلوق لم يكن ذاك باقيا نهار بن توسعه فى يزيد بن المهلب: و ما كنا نومل من امير كما كنا نومل من يزيد فاخطا ظننا فيه و قدما زهدنا فى معاشره الزهيد اذا لم يعطنا نصفا امير مشينا نحوه مشى الاسود كان هدبه اليشكرى- و هو ابن عم شوذب الخارجى اليشكرى- شجاعا مقداما، و كان ابن عمه بسطام الملقب شوذبا الخارج فى خلافه عمر بن عبدالعزيز و يزيد بن عبدالملك، فارسل اليه يزيد بن عبدالملك جيشا كثيفا فحاربه، فانكشفت الخوارج، و ثبت هدبه و ابى الفرار، فقاتل حتى قتل، فقال ايوب بن خولى يرثيه: فيا هدب للهيجا و يا هدب للندى و يا هدب للخصم الالد يحاربه
و يا هدب كم من ملحم قد اجبته و قد اسلمته للرماح كتائبه تزودت من دنياك درعا و مغفرا و عضبا حساما لم تخنك مضاربه و اجرد محبوك السراه كانه اذا انفض وافى الريش حجن مخالبه كانت وصايا ابراهيم الامام و كتبه ترد الى ابى مسلم بخراسان: ان استطعت الا تدع بخراسان احدا يتكلم بالعربيه الا و قتلته فافعل، و ايما غلام بلغ خمسه اشبار تتهمه فاقتله، و عليك بمضر، فانهم العدو القريب الدار، فابد خضراءهم، و لاتدع على الارض منهم ديارا.

قال المتنبى: لايسلم الشرف الرفيع من الاذى حتى يراق على جوانبه الدم و له: و من عرف الايام معرفتى بها و بالناس روى رمحه غير راحم فليس بمرحوم اذا ظفروا به و لا فى الردى الجارى عليهم باثم و قال المتنبى ايضا: ردى حياض الردى يا نفس و اطرحى حياض خوف الردى للشاء و النعم ان لم اذرك على الارماح سائله فلا دعيت ابن ام المجد و الكرم و من اباه الضيم قتيبه بن مسلم الباهلى امير خراسان و ما وراء النهر، لم يصنع احد صنيعه فى فتح بلاد الترك، و كان الوليد بن عبدالملك اراد ان ينزع اخاه سليمان بن عبدالملك من العهد بعده، و يجعله فى ابنه عبدالعزيز بن الوليد، فاجابه الى ذلك قتيبه بن مسلم و جماعه
من الامراء فلما مات الوليد قبل اتمام ذلك، و قام سليمان بالامر بعده- و كان قتيبه اشد الناس فى امر سليمان و خلعه عن العهد- علم انه سيعزله عن خراسان و يوليها يزيد بن المهلب، لود كان بينه و بين سليمان، فكتب قتيبه اليه كتابا يهنئه بالخلافه، و يذكر بلاءه و طاعته لعبد الملك و للوليد بعده، و انه على مثل ذلك ان لم يعزله عن خراسان، و كتب اليه كتابا آخر يذكره فيه بفتوحه و آثاره، و نكايته فى الترك، و عظم قدره عند ملوكهم، و هيبه العجم و العرب له و عظم صيته فيهم، و يذم آل المهلب، و يحلف له بالله: لئن استعمل يزيد بن المهلب خراسان ليخلعنه، و ليملانها عليه خيلا و رجلا، و كتب كتابا ثالثا فيه خلع سليمان، و بعث بالكتب الثلاثه مع رجل من قومه من باهله يثق به، و قال له: ادفع الكتاب الاول اليه، فان كان يزيد بن المهلب حاضرا عنده، فقرا الكتاب ثم دفعه الى يزيد فادفع اليه هذا الثانى، فان قراه و القاه اليه ايضا فادفع اليه الثالث، و ان قرا الكتاب الاول و لم يدفعه الى يزيد، فاحتبس الكتابين الاخرين معك.

فقدم الرسول على سليمان، و دخل عليه و عنده يزيد بن المهلب، فدفع اليه الكتاب الاول، فقرا و القاه الى يزيد، فدفع اليه الكتاب الثانى، فقراه و
القاه الى يزيد ايضا، فدفع اليه الكتاب الثالث، فقراه و تغير لونه و طواه، و امسكه بيده، و امر بانزال الرسول و اكرامه، ثم احضره ليلا، و دفع اليه جائزته، و اعطاه عهد قتيبه على خراسان، و كان ذلك مكيده من سليمان يسكنه ليطمئن ثم يعزله، و بعث مع رسوله رسولا، فلما كان بحلوان بلغه خلع قتيبه سليمان بن عبدالملك، فرجع رسول سليمان اليه، فلما اختلفت العرب على قتيبه حين ابدى صفحته لسليمان، و خلع ربقه الطاعه، بايعوا وكيع بن ابى سود التميمى على اماره خراسان، و كانت امراء القبائل قد تنكرت لقتيبه لاذلاله اياهم، و استهانته بهم و استطالته عليهم، و كرهوا امارته، فكانت بيعه وكيع فى اول الامر سرا، ثم ظهر لقتيبه امره، فارسل اليه يدعوه، فوجده قد طلا رجله بمغره و علق فى عنقه خرزا، و عنده رجلان يرقيان رجله، فقال للرسول: قد ترى ما برجلى! فرجع و اخبر قتيبه، فاعاده اليه، فقال: قل له لياتينى محمولا، قال: لااستطيع.

فقال قتيبه لصاحب شرطته: انطلق الى وكيع فاتنى به، فان ابى فاضرب عنقه، و اتنى براسه، و وجه معه خيلا.

فقال وكيع لصاحب الشرطه: البث قليلا تلحق الكتائب، و قام فلبس سلاحه، و نادى فى الناس فاتوه، فخرج فتلقاه رجل، فقال: ممن انت؟ فقال: من
بنى اسد، فقال: ما اسمك؟ فقال ضرغام، فقال: ابن من؟ قال: ابن ليث، فتيمن به و اعطاه رايته، و اتاه الناس ارسالا من كل وجه، فتقدم بهم، و هو يقول: قوم اذا حمل مكروهه شد الشراسيف لها و الحزيم و اجتمع الى قتيبه اهله و ثقاته، و اكثر العرب السنتهم له و قلوبهم عليه.

فامر قتيبه رجلا فنادى: اين بنو عامر؟ و قد كان قتيبه جفاهم فى ايام سلطانه- فقال له مجفر ابن جزء الكلابى: نادهم حيث وضعتهم، فقال قتيبه: انشدكم الله و الرحم- و ذاك لان باهله و عامرا من قيس عيلان- فقال مجفر: انت قطعتها، قال: فلكم العتبى، فقال مجفر: لا اقالنا الله اذا، فقال قتيبه: يا نفس صبرا على ما كان من الم اذ لم اجد لفضول العيش اقرانا ثم دعا ببرذون له مدرب ليركبه، فجعل يمنعه الركوب حتى اعيا.

فلما راى ذلك عاد الى سريره فجلس، و قال: دعوه، فان هذا امر يراد.

و جاء حيان النبطى- و هو يومئذ امير الموالى، و عدتهم سبعه آلاف، و كان واجدا على قتيبه- فقال له عبدالله بن مسلم اخو قتيبه: احمل يا حيان، فقال: لم يان بعد، فقال له: ناولنى قوسك، فقال حيان: ليس هذا بيوم قوس.

ثم قال حيان لابنه: اذ رايتنى قد حولت قلنسوتى، و مضيت نحو عسكر وكيع فمل بمن معك من العجم الى، فلما
حول حيان قلنسوته و مضى نحو عسكر وكيع، مالت الموالى معه باسرها، فبعث قتيبه اخاه صالح بن مسلم الى الناس، فرماه رجل من بنى ضبه فاصاب راسه، فحمل الى قتيبه و راسه مائل، فوضعه على مصلاه، و جلس عند راسه ساعه، و تهايج الناس، و اقبل عبدالرحمن بن مسلم اخو قتيبه نحوهم، فرماه الغوغاء و اهل السوق فقتلوه، و اشير على قتيبه بالانصراف، فقال: الموت اهون من الفرار.

و احرق وكيع موضعا كانت فيه ابل قتيبه و دوابه، و زحف بمن معه حتى دنا منه، فقاتل دونه رجل من اهله قتالا شديدا، فقال له قتيبه: انج بنفسك، فان مثلك يضن به عن القتل، قال: بئسما جزيتك به ايها الامير اذا، و قد اطعمتنى الجردق، و البستنى النمرق.

و تقدم الناس حتى بلغوا فسطاط قتيبه، فاشار عليه نصحاوه بالهرب، فقال: اذا لست لمسلم بن عمرو! ثم خرج اليهم بسيفه يجالدهم، فجرح جراحات كثيره، حتى ارتث و سقط، فاكبوا عليه، فاحتزوا راسه، و قتل معه من اخوته عبدالرحمن، و عبدالله و صالح، و الحصين، و عبدالكريم، و مسلم، و قتل معه جماعه من اهله و عده من قتل معه من اهله و اخوته احد عشر رجلا.

و صعد وكيع بن ابى سود المنبر و انشد: من ينك العير ينك نياكا ان قتيبه اراد قتلى، و انا قتال الاقران، ثم انش
د: قد جربونى ثم جربونى من غلوتين و من المئين حتى اذا شبت و شيبونى خلوا عنانى ثم سيبونى حذار منى و تنكبونى فاننى رام لمن يرمينى ثم قال: انا ابومطرف، يكررها مرارا، ثم قال: انا ابن خندف تنمينى قبائلها للصالحات و عمى قيس عيلانا ثم اخذ بلحيته، و قال انى لاقتلن ثم لاقتلن و لاصلبن، ثم لاصلبن ان مرزبانكم هذا ابن الزانيه، قد اغلى اسعاركم، و الله لئن لم يصر القفيز باربعه دراهم لاصلبنه، صلوا على نبيكم.

ثم نزل و طلب راس قتيبه و خاتمه، فقيل له: ان الازد اخذته، فخرج مشهرا، و قال: و الله الذى لا اله الا هو لاابرح حتى اوتى بالراس، او يذهب راسى معه، فقال له الحصين بن المنذر: يا ابا مطرف فانك توتى به.

ثم ذهب الى الازد، فاخذ الراس و اتاه به، فسيره الى سليمان بن عبدالملك، فادخل عليه و معه رءوس اخوته و اهله، و عنده الهذيل بن زفر بن الحارث الكلابى، فقال: اساءك هذا يا هذيل؟ قال: لو ساءنى لساء ناسا كثيرا.

فقال سليمان: ما اردت هذا كله، و انما قال سليمان ذلك للهذيل، لان قيس عيلان تجمع كلابا و باهله، قالوا: ما ولى خراسان احد كقتيبه بن مسلم، و لو كانت باهله فى الدناءه و الضعه و اللوم الى اقصى غايه، لكان لها بقتيبه الفخر
على قبائل العرب.

قال روساء خراسان من العجم لما قتل قتيبه: يا معشر العرب، قتلتم قتيبه، و الله لو كان منا ثم مات لجعلناه فى تابوت، فكنا نستفتح به اذا غزونا.

و قال الاصبهبذ: يا معشر العرب، قتلتم قتيبه و يزيد بن المهلب، لقد جئتم شيئا ادا! فقيل له: ايهما كان اعظم عندكم و اهيب؟ قال: لو كان قتيبه باقصى حجره فى المغرب، مكبلا بالحديد و القيود، و يزيد معنا فى بلدنا وال علينا، لكان قتيبه اهيب فى صدورنا و اعظم.

و قال عبدالرحمن بن جماعه الباهلى يرثى قتيبه: كان اباحفص قتيبه لم يسر بجيش الى جيش و لم يعل منبرا و لم تخفق الرايات و الجيش حوله صفوفا و لم يشهد له الناس عسكرا دعته المنايا فاستجاب لربه و راح الى الجنات عفا مطهرا فما رزى ء الاسلام بعد محمد بمثل ابى حفص فبكيه عبهرا عبهر: ام ولد له.

و فى الحديث الصحيح: (ان من خير الناس رجلا ممسكا بعنان فرسه فى سبيل الله، كلما سمع هيعه طار اليها.

كتب ابوبكر الى خالد بن الوليد: و اعلم ان عليك عيونا من الله ترعاك و تراك، فاذا لقيت العدو، فاحرص على الموت توهب لك الحياه، و لا تغسل الشهداء من دمائهم، فان دم الشهيد يكون له نورا يوم القيامه.

عمر: لاتزالون اصحاء ما نزعتم و ن
زوتم، يزيد: ما نزعتم فى القوس، و نزوتم على الخيل.

بعض الخوارج: و من يخش اظفار المنايا فاننا لبسنا لهن السابغات من الصبر و ان كريه الموت عذب مذاقه اذا ما مزجناه بطيب من الذكر حفص منصور بن عمار فى قصصه على الغزو و الجهاد، فطرحت فى المجلس صره فيها شى ء، ففتحت فاذا فيها ضفيرتا امراه، و قد كتبت: رايتك يابن عمار تحض على الجهاد، و و الله انى لااملك لنفسى مالا، و لا املك سوى ضفيرتى هاتين، و قد القيتهما اليك، فتالله الا جعلتهما قيد فرس غاز فى سبيل الله، فلعل الله ان يرحمنى بذلك.

فارتج المجلس بالبكاء و الضجيج.

لبعض شعراء العجم: واسوءتا لامرى ء شبيبته فى عنفوان و ماوه خضل راض بنزر المعاش مضطهد على تراث الاباء يتكل لا حفظ الله ذاك من رجل و لا رعاه ما اطت الابل كلا و ربى حتى تكون فتى قد نهكته الاسفار و الرحل مشمرا يطلب الرياسه او يضرب يوما بهلكه المثل حتى متى تتبع الرجال و لا تتبع يوما لامك الهبل! عبدالله بن ثعلبه الازدى: فلئن عمرت لاشفين النفس من تلك المساعى و لاعلمن البطن ان الزاد ليس بمستطاع اما النهار فقد ارى قومى بمرقبه يفاع فى قره هلك و شو ك مثل انياب الافاعى ترد الس
باع معى فتحسبنى السباع من السباع مجير الجراد ابوحنبل حارثه بن مر الطائى، اجار جرادا نزل به و منع من صيده، حتى طار من ارضه، فسمى مجير الجراد.

و قال هلال بن معاويه الطائى: و بالجبلين لنا معقل صعدنا اليه بصم الصعاد ملكناه فى اوليات الزما ن من قبل نوح و من قبل عاد و منا ابن مر ابوحنبل اجار من الناس رجل الجراد و زيد لنا و لنا حاتم غياث الورى فى السنين الشداد و قال يحيى بن منصور الحنفى: و لما نات عنا العشيره كلها انخنا فحالفنا السيوف على الدهر فما اسلمتنا عند يوم كريهه و لا نحن اغضينا الجفون على وتر و قال آخر: ارق لارحام ارها قريبه لحار بن كعب لا لجرم و راسب و انا نرى اقدامنا فى نعالهم و آنفنا بين اللحى و الحواجب و اقدامنا يوم الوغى و اباءنا اذا ما ابينا لاندر لعاصب حاصرت الترك مدينه برذعه من اعمال اذربيجان فى ايام هشام بن عبدالملك حصارا شديدا، و استضعفتها و كادت تملكها، و توجه اليها لمعاونتها سعيد الحرشى من قبل هشام بن عبدالملك فى جيوش كثيفه، و علم الترك بقربه منهم فخافوا، و ارسل سعيد واحدا من اصحابه الى اهل برذعه سرا يعرفهم وصوله، و يامرهم بالصبر خوفا الا يدركهم، فسار الرجل
، و لقيه قوم من الترك، فاخذوه و سالوه عن حاله، فكتمهم فعذبوه، فاخبرهم و صدقهم فقالوا: ان فعلت ما نامرك به اطلقناك، و الا قتلناك، فقال: ما تريدون؟ قالوا: انت عارف باصحابك ببرذعه و هم يعرفونك، فاذا وصلت تحت السور فنادهم: انه ليس خلفى مدد، و لا من يكشف ما بكم، و انما بعثت جاسوسا.

فاجابهم الى ذلك، فلما صار تحت سورها، وقف حيث يسمع اهلها كلامه، و قال لهم: اتعرفوننى؟ قالوا: نعم، انت فلان ابن فلان، قال: فان سعيدا الحرشى قد وصل الى مكان كذا فى مائه الف سيف، و هو يامركم بالصبر و حفظ البلد، و هو مصبحكم او ممسيكم، فرفع اهل برذعه اصواتهم بالتكبير، و قتلت الترك ذلك الرجل، و رحلوا عنها و وصل سعيد فوجد ابوابها مفتوحه و اهلها سالمين.

و قال الراجز: من كان ينوى اهله فلا رجع فر من الموت و فى الموت وقع اشرف معاويه يوما فراى عسكر على (ع) بصفين فهاله، فقال: من طلب عظيما خاطر بعظيمته.

و قال الكلحبه: اذا المرء لم يغش المكاره اوشكت حبال الهوينى بالفتى ان تقطعا و من شعر الحماسه: اقول لها و قد طارت شعاعا من الابطال ويحك لاتراعى فانك لو سالت بقاء يوم على الاجل الذى لك لم تطاعى فصبرا فى مجال الموت صبرا فما نيل الخلود ب
مستطاع و لا ثوب البقاء بثوب عز فيطوى عن اخى الخنع اليراع سبيل الموت غايه كل حى فداعيه لاهل الارض داع و من لايعتبط يسام و يهرم و تسلمه المنون الى انقطاع و ما للمرء خير فى حياه اذا ما عد من سقط المتاع و منه ايضا: و فى الشر نجاه حين لاينجيك احسان و منه ايضا: و لم ندر ان جضنا عن الموت جيضه كم العمر باق و المدى متطاول و منه ايضا: و لايكشف الغماء الا ابن حره يرى غمرات الموت ثم يزورها و منه ايضا: فلا تحسبى انى تخشعت بعدكم لشى ء و لا انى من الموت افرق و لا ان نفسى يزدهيها وعيدكم و لا اننى بالمشى فى القيد اخرق و منه ايضا: ساغسل عنى العار بالسيف جالبا على قضاء الله ما كان جالبا و اذهل عن دارى و اجعل هدمها لعرصى من باقى المذمه حاجبا و يصغر فى عينى تلادى اذا انثنت يمينى بادراك الذى كنت طالبا فان تهدموا بالغر دارى فانها تراث كريم لايبالى العواقبا اخى عزمات لايطيع على الذى يهم به من مفظع الامر عاتبا اذا هم القى بين عينيه عزمه و نكب عن ذكر العواقب جانبا فيا لرزام رشحوا بى مقدما الى الموت خواضا اليه السباسبا اذا هم لم تردع عزيمه همه و لم يات ما ياتى من الامر ها
ئبا و لم يستشر فى امره غير نفسه و لم يرض الا قائم السيف صاحبا و منه ايضا: هما خطتا اما اسار و منه و امادم و القتل بالحر اجدر و منه ايضا: و انا لقوم لانرى القتل سبه اذا ما رائه عامر و سلول يقصر حب الموت آجالنا لنا و تكرهه آجالهم فتطول و ما مات منا سيد حتف انفه و لا طل منا حيث كان قتيل تسيل على حد الظباه نفوسنا و ليست على غير السيوف تسيل و منه ايضا: لايركنن احد الى الاحجام يوم الوغى متخوفا لحمام فلقد ارانى للرماح دريئه من عن يمينى تاره و امامى حتى خضبت بما تحدر من دمى اكناف سرجى او عنان لجامى ثم انصرفت و قد اصبت و لم اصب جذع البصيره قارح الاقدام و منه ايضا: و انى لدى الحرب الضروس موكل باقدام نفس لااريد بقاءها متى يات هذا الموت لا تلف حاجه لنفسى الا قد قضيت قضاءها كتب عبدالحميد بن يحيى عن مروان بن محمد الى ابى مسلم كتابا، حمل على جمل لعظمه و كثرته.

و قيل: انه لم يكن فى الطول الى هذه الغايه، و قد حمل على جمل تعظيما لامره، و قال لمروان بن محمد: ان قراه خاليا نخب قلبه، و ان قراه فى ملا من اصحابه ثبطهم و خذلهم، فلما وصل الى ابى مسلم احرقه بالنار و لم يقراه، و كتب عل
ى بياض كان على راسه و اعاده الى مروان: محا السيف اسطار البلاغه و انتحت اليك ليوث الغاب من كل جانب فان تقدموا نعمل سيوفا شحيذه يهون عليها العتب من كل عاتب و يقال: ان اول الكتاب كان: لو اراد الله بالنمله صلاحا، لما انبت لها جناحا.

و كتب ابومسلم الى نصر بن سيار، و هو اول كتاب صدر عن ابى مسلم الى نصر، و ذلك حين لبس السواد، و اعلن بالدعوه فى شهر رمضان من سنه تسع و عشرين و مائه: اما بعد فان الله جل ثناوه ذكر اقواما فقال: (و اقسموا بالله جهد ايمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن اهدى من احدى الامم فلما جاءهم نذير ما زادهم الا نفورا استكبارا فى الارض و مكر السيى ء و لا يحيق المكر السيى ء الا باهله فهل ينظرون الا سنه الاولين فلن تجد لسنه الله تبديلا و لن تجد لسنه الله تحويلا).

فلما ورد الكتاب الى نصر تعاظمه امره، و كسر له احدى عينيه، و قال: ان لهذا الكتاب لاخوات، و كتب الى مروان يستصرخه، و الى يزيد بن هبيره يستنجده، فقعدا عنه حتى افضى ذلك الى خروج الامر عن بنى عبدشمس.

الرضى الموسوى رحمه الله تعالى: سامضى للتى لا عيب فيها و ان لم استفد الا عناء و اطلب غايه ان طوحت بى اصابت بى الحمام او العلاء نمانى من اباه ال
ضيم آب افاض على تلك الكبرياء و منا كل اغلب مستميت اذا انت لددته بالذل قاء اذا ما ضيم نمر صفحتيه و قام على براثنه اباء و نابى ان ينال النصف منا و ان نعطى مقارعنا السواء و لو كان العداء يسوغ فينا لما سمنا الورى الا العداء و له: سيقطعك المهند ما تمنى و يعطيك المثقف ما تشاء و ما ينجى من الغمرات الا طعان او ضراب او رماء و من اهل الاباء الذين كرهوا الدنيه و اختاروا عليها، المنيه عبدالله بن الزبير، تفرق عنه- لما حاربه الحجاج بمكه، و حصره فى الحرم- عامه اصحابه، و خرج كثير منهم الى الحجاج فى الامان، حتى حمزه و خبيب ابناه، فدخل عبدالله على امه اسماء بنت ابى بكر الصديق، و كانت قد كف بصرها، و هى عجوز كبيره، فقال لها: خذلنى الناس حتى ولدى و اهلى، و لم يبق معى الا من ليس عنده من الدفع اكثر من ساعه، و القوم يعطوننى من الدنيا ما سالت، فما رايك؟ فقالت: انت يا بنى اعلم بنفسك، ان كنت تعلم انك على حق و اليه تدعو فامض له، فقد قتل اكثر اصحابك، فلا تمكن من رقبتك يتلاعب بها غلمان بنى اميه، و ان كنت انما اردت الدنيا فبئس العبد انت! اهلكت نفسك، و اهلكت من قتل معك، و ان كنت قاتلت على الحق، فما وهن اصحابك الا
ضعفت، فليس هذا فعل الاحرار و لا اهل الدين.

و كم خلودك فى الدنيا! القتل احسن.

فدنا عبدالله منها فقبل راسها، و قال: هذا و الله رايى، و الله ما ركنت الى الدنيا و لااحببت الحياه فيها، و ما دعانى الى الخروج الا الغضب لله تعالى عز و جل ان تستحل محارمه، و لكننى احببت ان اعلم رايك، فقد زدتنى بصيره، فانظرى يا اماه، انى مقتول يومى هذا، فلا يشتد جزعك، و سلمى لامر الله، فان ابنك لم يتعمد اتيان منكر، و لا عملا بفاحشه، و لم يجر فى حكم الله، و لم يظلم مسلما و لا معاهدا، و لابلغنى ظلم عن عامل من عمالى فرضيت به بل انكرته، و لم يكن شى ء عندى آثر من رضا الله.

اللهم انى لا اقول هذا تزكيه لنفسى، انت اعلم بى، و لكنى اقوله تعزيه لامى لتسلو عنى.

فقالت: انى لارجو من الله ان يكون عزائى فيك حسنا ان تقدمتنى، فاخرج لانظر الى ماذا يصير امرك! فقال: جزاك الله خيرا يا امى! فلا تدعى الدعاء لى حيا و ميتا.

قالت: لاادعه ابدا، فمن قتل على باطل فقد قتلت على حق، ثم قالت: اللهم ارحم طول ذلك القيام فى الليل الطويل، و ذلك النحيب فى الظلماء، و ذلك الصوم فى هواجر مكه و المدينه، و بره بابيه و بى، اللهم انى قد اسلمت لامرك، و رضيت بما قضيت فيه، فاثبنى عليه
ثواب الصابرين.

و قد روى فى قصه عبدالله مع امه اسماء روايه اخرى، انه لما دخل عليها و عليه الدرع و المغفر- و هى عمياء لاتبصر- وقف فسلم، ثم دنا فتناول يدها فقبلها، قالت: هذا وداع فلا تبعد، فقال: نعم، انما جئت مودعا، انى لارى هذا اليوم آخر ايامى من الدنيا، و اعلمى يا امى انى اذا قتلت فانما انا لحم لايضرنى ما صنع بى، فقالت: صدقت يا بنى! اقم على بصيرتك، و لاتمكن ابن ابى عقيل منك، ادن منى لاودعك، فدنا منها فقبلته و عانقته، فوجدت مس الدرع، فقالت: ما هذا صنع من يريد ما تريد.

فقال: انما لبسته لاشد منك، قالت: انه لايشد منى، ثم انصرف عنها، و هو يقول: انى اذا اعرف يومى اصبر اذ بعضهم يعرف ثم ينكر و اقام اهل الشام على كل باب من ابواب الحرم رجالا و قائدا، فكان لاهل حمص الباب الذى يواجه باب الكعبه، و لاهل دمشق باب بنى شيبه، و لاهل الاردن باب الصفا، و لاهل فلسطين باب جمع، و لاهل قنسرين باب بنى سهم.

و خرج ابن الزبير فمره يحمل هاهنا و مره يحمل هاهنا، و كانه اسد لايقدم عليه الرجال، و ارسلت اليه زوجته: ااخرج فاقاتل معك؟ فقال: لا، و انشد: كتب القتل و القتال علينا و على المحصنات جر الذيول فلما كان الليل، قام يصلى الى قريب ا
لسحر ثم اغفى محتبيا بحمائل سيفه، ثم قام فتوضا و صلى، و قرا (ن و القلم و ما يسطرون)، ثم قال بعد انقضاء صلاته، من كان عنى سائلا فانى فى الرعيل الاول، ثم انشد: و لست بمبتاع الحياه بسبه و لا مرتق من خشيه الموت سلما ثم حمل حتى بلغ الحجون، فرمى باجره، فاصابت وجهه فدمى، فلما وجد سخونه الدم يسيل على وجهه، انشد: و لسنا على الاعقاب تدمى كلومنا و لكن على اقدامنا تقطر الدما ثم حمل على اهل الشام فغاص فيهم، و اعتوروه باسيافهم حتى سقط، و جاء الحجاج فوقف عليه و هو ميت، و معه طارق بن عمرو، فقال: ما ولدت النساء اذكر من هذا! و بعث براسه الى المدينه، فنصب بها، ثم حمل الى عبدالملك.

ابوالطيب المتنبى: اطاعن خيلا من فوارسها الدهر وحيدا و ما قولى كذا و معى الصبر! و اشجع منى كل يوم سلامتى و ما ثبتت الا و فى نفسها امر تمرست بالافات حتى تركتها تقول امات الموت ام ذعر الذعر؟ و اقدمت اقدام الابى كان لى سوى مهجتى او كان لى عندها وتر ذر النفس تاخذ حظها قبل بينها فمفترق جاران دارهما العمر! و لاتحسبن المجد زقا وقينه فما المجد الا السيف و الفتكه البكر و تضريب هامات الملوك و ان ترى لك الهبوات السود و العسكر ال
مجر و تركك فى الدنيا دويا كانما تداول سمع المرء انمله العشر و قال ابن حيوس: و لست كمن اخنى عليه زمانه فظل على احداثه يتعتب تلذ له الشكوى و ان لم يفد بها صلاحا كما يلتذ بالحك اجرب و لكننى احمى ذمارى بعزمه تنوب مناب السيف و السيف مقضب و ليس الفتى من لم تسم جسمه الظبا و يحطم فيه من قنا الخط اكعب و له ايضا: اخفق المترف الجنوح الى الخفض و فاز المخاطر المقدام و اذا ما السيوف لم تشهد الحر ب فسيان صارم و كهام و ممن تقبل مذاهب الاسلاف فى اباء الضيم و كراهيه الذل، و اختار القتل على ذلك و ان يموت كريما، ابوالحسين زيد بن على بن الحسين بن على بن ابى طالب (ع) امه ام ولد، و كان السبب فى خروجه و خلعه طاعه بنى مروان، انه كان يخاصم عبدالله بن حسن بن حسن بن على بن ابى طالب (ع) فى صدقات على (ع)، هذا يخاصم عن بنى حسين، و هذا عن بنى حسن، فتنازعا يوما عند خالد بن عبدالملك بن الحارث بن الحكم امير المدينه، فاغلظ كل واحد منهما لصاحبه، فسر خالد بن عبدالملك بذلك، و اعجبه سبابهما، و قال لهما حين سكنا: اغدوا على، فلست بابن عبدالملك ان لم افصل بينكما غدا، فباتت المدينه تغلى كالمرجل، فمن قائل يقول: قال زيد كذا،
و قائل يقول: قال عبدالله كذا، فلما كان الغد جلس خالد فى المسجد، و جمع الناس، فمن بين شامت، و مغموم، و دعا بهما و هو يحب ان يتشاتما، فذهب عبدالله يتكلم، فقال زيد: لاتعجل يا ابا محمد، اعتق زيد ما يملك ان خاصمك الى خالد ابدا، ثم اقبل على خالد، فقال له: اجمعت ذريه رسول الله (ص) لامر ما كان يجمعهم عليه ابوبكر و لا عمر، فقال خالد: اما لهذا السفيه احد يكلمه! فتكلم رجل من الانصار من آل عمرو بن حزم، فقال: يابن ابى تراب، و يابن حسين السفيه! اما ترى عليك لوال حقا و لا طاعه! فقال زيد: اسكت ايها القحطانى، فانا لانجيب مثلك، فقال الانصارى: و لم ترغب عنى! فو الله انى لخير منك، و ابى خير من ابيك، و امى خير من امك! فتضاحك زيد، و قال: يا معشر قريش، هذا الدين قد ذهب، افذهبت الاحساب! فتكلم عبدالله بن واقد بن عبدالله بن عمر بن الخطاب، فقال: كذبت ايها القحطانى، و الله لهو خير منك نفسا و ابا و اما و محتدا، و تناوله بكلام كثير، و اخذ كفا من الحصا، فضرب به الارض، و قال: انه و الله ما لنا على هذا من صبر، و قام.

فقام زيد ايضا، و شخص من فوره الى هشام بن عبدالملك، فجعل هشام لاياذن له و زيد يرفع اليه القصص، و كلما رفع اليه قصه كتب هشام فى
اسفلها، ارجع الى ارضك، فيقول زيد: و الله لاارجع الى ابن الحارث ابدا.

ثم اذن له بعد حبس طويل و هشام فى عليه له، فرقى زيد اليها، و قد امر هشام خادما له ان يتبعه حيث لايراه زيد، و يسمع ما يقول.

فصعد زيد- و كان بادنا- فوقف فى بعض الدرجه، فسمعه الخادم، و هو يقول: ما احب الحياه الا من ذل! فاخبر الخادم هشاما بذلك، فلما قعد زيد بين يدى هشام و حدثه حلف له على شى ء، فقال هشام: لااصدقك، فقال زيد: ان الله لايرفع احدا عن ان يرضى بالله، و لم يضع احدا عن ان يرضى بذلك منه.

قال له هشام: انه بلغنى انك تذكر الخلافه و تتمناها، و لست هناك! لانك ابن امه، فقال زيد: ان لك جوابا، قال: تكلم، قال: انه ليس احد اولى بالله، و لا ارفع درجه عنده من نبى ابتعثه، و هو اسماعيل بن ابراهيم، و هو ابن امه، قد اختاره الله لنبوته، و اخرج منه خير البشر، فقال هشام: فما يصنع اخوك البقره! فغضب زيد، حتى كاد يخرج من اهابه ثم قال: سماه رسول الله (ص) الباقر و تسميه انت البقره! لشد ما اختلفتما! لتخالفنه فى الاخره كما خالفته فى الدنيا، فيرد الجنه، و ترد النار.

فقال هشام: خذوا بيد هذا الاحمق المائق، فاخرجوه، فاخذ الغلمان بيده فاقاموه، فقال هشام: احملوا هذا الخ
ائن الاهوج الى عامله، فقال زيد: و الله لئن حملتنى اليه لا اجتمع انا و انت حيين، و ليموتن الاعجل منا.

فاخرج زيد و اشخص الى المدينه، و معه نفر يسيرونه حتى طردوه عن حدود الشام، فلما فارقوه عدل الى العراق، و دخل الكوفه، و بايع لنفسه، فاعطاه البيعه اكثر اهلها، و العامل عليها و على العراق يومئذ يوسف بن عمر الثقفى، فكان بينهما من الحرب ما هو مذكور فى كتب التواريخ.

و خذل اهل الكوفه زيدا، و تخلف معه ممن تابعه نفر يسير، و ابلى بنفسه بلاء حسنا و جهادا عظيما، حتى اتاه سهم غرب، فاصاب جانب جبهته اليسرى، فثبت فى دماغه فحين نزع منه مات (ع).

عنف محمد بن عمر بن على بن ابى طالب (ع) زيدا لما خرج، و حذره القتل، و قال له: ان اهل العراق خذلوا اباك عليا و حسنا و حسينا (ع)، و انك مقتول، و انهم خاذلوك، فلم يثن ذلك عزمه و تمثل.

بكرت تخوفنى الحتوف كاننى اصبحت عن غرض الحتوف بمعزل فاجبتها ان المنيه منهل لابد ان اسقى بذاك المنهل ان المنيه لو تمثل مثلت مثلى، اذا نزلوا بضيق المنزل فاقنى حياءك لا ابا لك و اعلمى انى امرو ساموت ان لم اقتل العلوى البصرى صاحب الزنج يقول: و اذا تنازعنى اقول لها قرى موت الملوك على صعود المنبر
ما قد قضى سيكون فاصطبرى له و لك الامان من الذى لم يقدر و قال ايضا: انى و قومى فى انساب قومهم كمسجد الخيف فى بحبوحه الخيف ما علق السيف منا بابن عاشره الا و عزمته امضى من السيف بعض الطالبيين: و انا لتصبح اسيافنا اذا ما انتضين ليوم سفوك منابرهن بطون الاكف و اغمادهن رءوس الملوك بعض الخوارج يصف اصحابه: و هم الاسود لدى العرين بساله و من الخشوع كانهم احبار يمضون قد كسروا الجفون الى الدعا متبسمين و فيهم استبشار فكانما اعداوهم احبابهم فرحا اذا خطر القنا الخطار يردون حومات الحمام و انها تالله عند نفوسهم لصغار و لقد مضوا و انا الحبيب اليهم و هم لدى احبه ابرار قدر يخلفنى و يمضيهم به يا لهف كيف يفوتنى المقدار! و فى الحديث المرفوع (خلقان يحبهما الله: الشجاعه و السخاء).

كان بشر بن المعتمر من قدماء شيوخنا رحمه الله تعالى يقول بتفضيل على (ع) و يقول: كان اشجعهم و اسخاهم، و منه سرى القول بالتفضيل الى اصحابنا البغداديين قاطبه، و فى كثير من البصريين.

دخل النضر بن راشد العبدى على امراته فى حرب الترك يخراسان فى ولايه الجنيد ابن عبد الرحمن المرى فى خلافه هشام بن عبدالملك، و الناس يقتتلون،
فقال لها: كيف تكونين اذا اتيت بى فى لبد قتيلا مضرجا بالدماء؟ فشقت جيبها، و دعت بالويل، فقال: حسبك! لو اعولت على كل انثى لعصيتها شوقا الى الجنه.

ثم خرج فقاتل حتى قتل، و حمل الى امراته فى لبد و دمه يقطر من خلاله.

قال ابو الطيب المتنبى: اذا غامرت فى شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم فطعم الموت فى امر حقير كطعم الموت فى امر عظيم يرى الجبناء ان الجبن حزم و تلك خديعه الطبع اللئيم و كل شجاعه فى المرء تغنى و لا مثل الشجاعه فى الحكيم و قال: اذا لم تجد ما يبتر العمر قاعدا فقم و اطلب الشى ء الذى يبتر العمرا و قال: اهم بشى ء و الليالى كانها تطاردنى عن كونه و اطارد وحيدا من الخلان فى كل بلده اذا عظم المطلوب قل المساعد قيل لابى مسلم فى ايام صباه: نراك تنظر الى السماء كثيرا كانك تسترق السمع، او تنتظر نزول الوحى! قال: لا، و لكن لى همه عاليه، و نفس تتطلع الى معالى الامور، مع عيش كعيش الهمج و الرعاع، و حال متناهيه فى الاتضاع.

قيل: فما الذى يشفى علتك، و يروى غلتك؟ قال: الملك، قيل: فاطلب الملك، قال: ان الملك لايطلب هكذا.

قيل: فما تصنع و انت تذوب حسرا، و تموت كمدا؟ قال: ساجعل بعض عقلى جهلا، و اطلب به م
ا لايطلب الا بالجهل، و احرس بالباقى ما لايحرس الا بالعقل، فاعيش بين تدبير ضدين، فان الخمول اخو العدم، و الشهره اخت الكون.

قال ابن حيوس: امواتهم بالذكر كالاحياء و لحيهم فضل على الاحياء نزلوا على حكم المروءه و امتطوا بالباس ظهر العزه القعساء و العز لا يبقى لغير معود ان يكشف الغماء بالغماء لاتحسب الضراء ضراء اذا افضت بصاحبها الى السراء و قال: و هى الرياسه لا تبوح بسرها الا لاروع لا يباح ذماره يحمى حماه قلبه و لسانه و تذود عنه يمينه و يساره لا العذل ناهيه، و لا الحرص الذى امر النفوس بشحها اماره فليعلم الساعى ليبلغ ذا المدى ان الطريق كثيره اخطاره كان ثابت قطنه فى خيل عبدالله بن بسطام فى فتح شكند من بلاد الترك فى ايام هشام بن عبدالملك، فاشتدت شوكه الترك، و انحاز كثير من المسلمين و استوسر منهم.

خلق، فقال ثابت: و الله لاينظر الى بنو اميه غدا مشدودا فى الحديد، اطلب الفداء، اللهم انى كنت ضيف ابن بسطام البارحه، فاجعلنى ضيفك الليله، ثم حمل و حمل معه جماعه، فكسرتهم الترك، فرجع اصحابه و ثبت هو، فرمى برذونه فشب، و ضربه فاقدم، فصرع ثابت و ارتث، فقال: اللهم انك استجبت دعوتى و انا الان ضيفك، فا
جعل قراى الجنه، فنزل تركى فاجهز عليه.

قال يزيد بن المهلب لابنه خالد، و قد امره على جيش فى حرب جرجان: يا بنى، ان غلبت على الحياه فلا تغلبن على الموت، و اياك ان اراك غدا عندى مهزوما! عن النبى (ص): (الخير فى السيف، و الخير مع السيف، و الخير بالسيف) كما يقال: المنيه و لا الدنيه، و النار و لا العار، و السيف و لا الحيف.

قال سيف بن ذى يزن لانوشروان حين اعانه بوهرز الديلمى و من معه: ايها الملك، ابن تقع ثلاثه آلاف من خمسين الفا؟ فقال: يا اعرابى، كثير الحطب يكفيه قليل النار.

لما حبس مروان بن محمد ابراهيم الامام خرج ابوالعباس السفاح، و اخوه ابوجعفر، و عبدالوهاب و محمد ابنا ابراهيم الامام، و عيسى و صالح و اسماعيل و عبدالله و عبدالصمد ابناء على بن عبدالله بن العباس، و عيسى بن موسى بن محمد بن على بن عبدالله ابن العباس، و يحيى بن جعفر بن تمام بن العباس، من الحميمه من ارض السراه، يطلبون الكوفه، و قد كان داود بن على بن عبدالله بن العباس و ابنه موسى بن داود بالعراق، فخرجا يطلبان الشام، فتلقاهما ابوالعباس و اهل بيته بدومه الجندل، فسالهم داود عن خروجهم، فاخبروه انهم يريدون الكوفه ليظهروا بها، و يدعوا الى البيعه لابى العباس.

فقا
ل: يا ابا العباس، يظهر امرك الان بالكوفه، و مروان بن محمد شيخ بنى اميه بحران مطل على العراق فى جيوش اهل الشام و الجزيره، و يزيد بن عمر بن هبيره شيخ العرب! بالعراق فى فرسان العرب فقال: يا عم من احب الحياه ذل، ثم تمثل بقول الاعشى: فما ميته ان متها غير عاجز بعار اذا ما غالت النفس غولها فقال داود لابنه موسى: صدق ابن عمك، ارجع بنا معه، فاما ان نهلك او نموت كراما.

و كان عيسى بن موسى يقول بعد ذلك ان ذكر خروجهم من الحميمه يريدون الكوفه: ان ثلاثه عشر رجلا خرجوا من ديارهم و اهليهم يطلبون ما طلبنا لعظيمه هممهم، كبيره نفوسهم، شديده قلوبهم.

ابوالطيب المتنبى: و اذا كانت النفوس كبارا تعبت فى مرادها الاجسام و له: الى اى حين انت فى زى محرم و حتى متى فى شقوه و الى كم و الا تمت تحت السيوف مكرما تمت و تقاسى الذل غير مكرم فثب واثقا بالله وثبه ماجد يرى الموت فى الهيجا جنى النحل فى الفم و قال آخر: ان تقتلونى فاجال الرجال كما حدثت قتل و ما بالقتل من عار و ان سلمت لوقت بعده فعسى و كل شى ء الى حد و مقدار خطب الحجاج، فشكا سوء ضاعه اهل العراق، فقام اليه جامع المحاربى، فقال: ايها الامير، دع ما يباعدهم منك الى
ما يقربهم اليك، و التمس العافيه ممن دونك تعطها ممن فوقك، فلو احبوك لاطاعوك، انهم ما شنئوك بنسبك و لا لباوك، و لكن لايقاعك بعد وعيدك، و وعيدك بعد وعدك.

فقال الحجاج: ما ارانى ارد بنى اللكيعه الى طاعتى الا بالسيف، فقال جامع: ايها الامير، ان السيف اذا لاقى السيف ذهب الخيار، فقال الحجاج: الخيار يومئذ لله، فقال: اجل، و لكنك لا تدرى لمن يجعله الله، فقال: يا هناه، ايها فانك من محارب، فقال جامع: و للحرب سمينا فكنا محاربا اذا ما القنا امسى من الطعن احمرا و من الشعر الجيد فى تحسين الاباء و الحميه و التحريض على النهوض و الحرب و طلب الملك و الرياسه، قصيده عماره اليمنى شاعر المصريين فى فخر الدين توران شاه بن ايوب، التى يغريه فيها بالنهوض الى اليمن، و الاستيلاء على ملكها، و صادفت هذه القصيده محلا قابلا، و ملك توران شاه اليمن بما هزت هذه القصيده من عطفه، و حركت من عزمه و اولها: العلم مذ كان محتاج الى العلم و شفره السيف تستغنى عن القلم و خير خيلك ان غامرت فى شرف عزم يفرق بين الساق و القدم ان المعالى عروس غير واصله ما لم تخلق رادءيها بنضح دم ترى مسامع فخر الدين تسمع ما املاه خاطر افكارى على قلمى فان اصبت
فلى حظ المصيب و ان اخطات قصدك فاعذرنى و لاتلم كم تترك البيض فى الاجفان ظامئه الى الموارد فى الاعناق و القمم و مقله المجد نحو العزم شاخصه فاترك قعودك عن ادراكها و قم فعمك الملك المنصور سومها من الفرات الى مصر بلا سام و اخلق لنفسك امرا لاتضاف به الى سواك و اور النار فى العلم و انه المشيرين ان لجت نصيحتهم اولا، فانعم على العميان بالصمم و اعزم و صمم فقد طالت و قد سمجت قضيه لفظتها السن الامم فرب امر يهاب الناس غايته و الامر اهون فيه من يد لفم فكيف ان نهضت فيما هممت به اسد تسير من الخطى فى اجم لايدرك المجد الا كل مقتحم فى موج ملتطم او فوج مضطرم لاينقض الخطوه الاولى بثانيه و لايفكر فى العقبى من الندم كانما السيف افتاه بقتلهم فى فتح مكه حل القتل فى الحرم و لم يراعوا لعثمان و لا عمر و لا الحسين ذمام الاشهر الحرم فما تروم سوى فتح صوارمه يضحكن فى كل يوم عابس البهم حتى كان لسان السيف فى يده يروى الشريعه عن عاد و عن ارم هذا ابن تومرت قد كانت بدايته فيما يقول الورى لحما على وضم و قد ترقى الى ان صار طالعه من الكواكب بالانفاس و الكظم و كان اول هذا الدين من
رجل سعى الى ان دعوه سيد الامم كذب، لم يظهر الدين الحنيف المقدس على الاديان بسعى البشر، بل بالتاييد الالهى، و السر الربانى، صلوات الله و سلامه على القائم به، و المتحمل له- و البدر يبدو هلالا ثم يكشف بال انوار ما سترته شمله الظلم و الغيث فهو كما قد قيل اوله قطر و بدء خراب السد بالعرم تنمو قوى الشى ء بالتدريج ان رزقت لطفا و يقوى شرار النار بالضرم حاسب ضميرك عن راى اتاك و قل نصيحه وردت من غير متهم اقسمت ما انت ممن جل همته ما راق من نعم او رق من نعم و انما انت مرجو لواحده بنى بها الدهر مجدا غير منهدم كاننى بالليالى و هى هاتفه قد صم سمع رجال دونها و عمى و بالعلا كلما لاقتك قائله اهلا بمنشر آمالى من الرمم و من اباه الضيم الذين اختاروا القتل على الاسر، و الموت على الدنيه، مصعب بن الزبير، كان امير العراقين من قبل عبدالله بن الزبير، و كان قد كسر جيوش عبدالملك مرارا، و اعياه امره، فخرج اليه من الشام بنفسه، فليم فى ذلك، و قيل له: انك تغرر بنفسك و خلافتك، فقال: انه لايقوم لحرب مصعب غيرى، هذا امر يحتاج الى ان يقوم به شجاع ذو راى، و ربما بعثت شجاعا و لا راى له، او ذا راى و لا شجاعه عنده، و
انا بصير بالحرب، شجاع بالسيف، فلما اجمع على الخروج الى حرب مصعب، جاءته امراته عاتكه بنت يزيد بن معاويه، فالتزمته، و بكت لفراقه، و بكى جواريها حولها، فقال عبدالملك: قاتل الله ابن ابى جمعه! كانه شاهد هذه الصوره حيث يقول: اذا هم بالاعداء لم يثن عزمه حصان عليها نظم در يزينها نهته فلما لم تر النهى عاقه بكت فبكى مما عراها قطينها فسار عبدالملك حتى اذا كان بمسكن من ارض العراق، و قد دنا منه عسكر مصعب، تقاعد بمصعب اصحابه و قواده و خذلوه، فقال لابنه عيسى: الحق بمكه فانج بنفسك، و اخبر عمك عبدالله بما صنع اهل العراق بى، و دعنى فانى مقتول، فقال: لاتتحدث نساء قريش انى فررت عنك، و لكن اقاتل دونك حتى نقتل، فالفرار عار، و لا عار فى القتل، ثم قاتل دونه حتى قتل.

و خف من يحامى عن مصعب من اهل العراق، و ايقن بالقتل، فانفذ عبدالملك اليه اخاه محمد بن مروان، فاعطاه الامان و ولايه العراقين ابدا مادام حيا، و الفى الف درهم صله، فابى و قال: ان مثلى لا ينصرف عن هذا المكان الا غالبا او مقتولا، فشد عليه اهل الشام و رموه بالنبل فاثخنوه، و طعنه زائده بن قيس بن قدامه السعدى، و نادى: يا لثارات المختار! فوقع الى الارض، فنزل اليه عبدالملك
بن زياد بن ظبيان، فاحتز راسه، و حمله الى عبدالملك.

لما حمل راس مصعب الى عبدالملك بكى و قال: لقد كان احب الناس الى و اشدهم موده لى، و لكن الملك عقيم.

كتب مصعب الى سكينه بنت الحسين (ع)، و كانت زوجته لما شخص الى حرب عبدالملك و هى بالكوفه بعد ليال من فراقها: و كان عزيزا ان ابيت و بيننا حجاب فقد اصبحت منى على عشر و ابكاهما و الله للعين فاعلمى اذا ازددت مثليها فصرت على شهر و انكى لقلبى منهما اليوم اننى اخاف بالا نلتقى آخر الدهر ثم ارسل اليها و اشخصها، فشهدت معه حرب عبدالملك، فدخل عليها يوم قتل، و قد نزع ثيابه ثم لبس غلاله، و توشح بثوب واحد، و هو محتضن سيفه، فعلمت انه غير راجع، فصاحت: وا حزناه عليك يا مصعب! فالتفت اليها، و قال: ان كل هذا فى قلبك! قالت: و ما اخفى اكثر.

قال: لو كنت اعلم هذا لكان لى و لك شان، ثم خرج فلم يرجع.

فقال عبدالملك يوما لجلسائه: من اشجع الناس؟ فقالوا: قطرى، شبيب، فلان و فلان، قال عبدالملك: بل رجل جمع بين سكينه بنت الحسين و عائشه بنت طلحه، و امه الحميد بنت عبدالله بن عامر بن كريز، و قلابه ابنه زبان بن انيف الكلبى سيد العرب، و ولى العراقين خمس سنين، فاصاب كذا و كذا الف درهم، و اعطى ا
لامان على ذلك كله و على ولايته و ماله فابى، و مشى بسيفه الى الموت حتى قتل، ذاك مصعب بن الزبير، لا من قطع الجسور مره هاهنا و مره هاهنا! سئل سالم بن عبدالله بن عمر، اى ابنى الزبير اشجع؟ فقال: كلاهما جاءه الموت و هو ينظر اليه.

لما وضع راس مصعب بين يدى عبدالملك انشد: لقد اردى الفوارس يوم حسى غلاما غير مناع المتاع و لا فرح بخير ان اتاه و لا هلع من الحدثان لاع و لا وقافه و الخيل تردى و لا خال كانبوب اليراع كان ابن ظبيان، يقول ما ندمت على شى ء ندمى على الا اكون لما حملت الى عبدالملك راس مصعب فسجد قتلته فى سجدته، فاكون قد قتلت ملكى العرب فى يوم واحد.

قال رجل لعبد الله بن ظبيان: بما ذا تحتج عند الله عز و جل غدا، و قد قتلت مصعبا؟ قال: ان تركت احتج كنت اخطب من صعصعه بن صوحان! كان مصعب لما خرج الى حرب عبدالملك سال عن الحسين بن على (ع)، و كيف كان قتله؟ فجعل عروه بن المغيره يحدث عن ذلك، فقال متمثلا بقول سليمان بن قته: و ان الالى بالطف من آل هاشم تاسوا فسنوا للكرام التاسيا قال عروه فعلمت ان مصعبا لايفر.

لما كان يوم السبخه، و عسكر الحجاج بازاء شبيب، قال له الناس: ايها الامير، لو تنحيت عن هذه السبخه، فانها من
تنه الريح! قال: ما تنحوننى- و الله- اليه انتن، و هل ترك مصعب لكريم مفرا! ثم انشد قول الكلحبه: اذا المرء لم يغش الكريهه اوشكت حبال الهوينى بالفتى ان تقطعا و روى ابوالفرج فى كتاب "الاغانى": خطبه عبدالله بن الزبير فى قتل مصعب بروايه هى اتم مما ذكرناه نحن فيما تقدم، قال: لما اتى خبر المصعب الى مكه، اضرب عبدالله بن الزبير عن ذكره اياما، حتى تحدث به جميع اهل مكه فى الطريق، ثم صعد المنبر فجلس عليه مليا لايتكلم، فنظر الناس اليه، و ان الكابه على وجهه لباديه، و ان جبينه ليرشح عرفا، فقال واحد لاخر: ما له لايتكلم؟ اتراه يهاب النطق! فو الله انه لخطيب فما تراه يهاب؟ قال: اراه يريد ان يذكر قتل المصعب سيد العرب، فهو يقطع بذلك.

فابتدا فقال: الحمد لله الذى له الخلق و الامر، ملك الدنيا و الاخره، يعز من يشاء، و يذل من يشاء، الا انه لا يذل من كان الحق معه و ان كان مفردا ضعيفا، و لايعز من كان الباطل معه، و ان كان ذا عدد و كثره.

ثم قال: اتانا خبر من العراق، بلد الغدر و الشقاق، فساءنا و سرنا، اتانا ان مصعبا قتل رحمه الله، فاما الذى احزننا من ذلك فان لفراق الحميم لذعه و لوعه، يجدها حميمه عند المصيبه، ثم يرعوى ذو الراى و الدين ال
ى جميل الصبر.

و اما الذى سرنا منه، فان قتله كان له شهاده، و ان الله جاعل لنا و له فى ذلك الخيره.

الا ان اهل العراق باعوه باقل الاثمان و اخسرها، و اسلموه اسلام النعم المخطمه فقتل، و ان قتل لقد قتل ابوه و عمه و اخوه، و كانوا الخيار الصالحين، و انا و الله ما نموت حتف آنافنا، ما نموت الا قتلا قتلا، و قعصا قعصا، بين قصد الرماح، و تحت ظلال السيوف، ليس كما تموت بنو مروان، و الله ما قتل منهم رجل فى جاهليه و لا اسلام، و انما الدنيا عاريه من الملك القهار الذى لايزول سلطانه، و لايبيد ملكه، فان تقبل الدنيا على لاآخذها اخذ اللئيم البطر، و ان تدبر عنى لاابكى عليها بكاء الخرف المهتر، ثم نزل.

و قال الطرماح بن حكيم، و كان يرى راى الخوارج: و انى لمقتاد جوادى فقاذف به و بنفسى اليوم احدى المتالف لاكسب مالا او ااوب الى غنى من الله يكفينى عداه الخلائف فيا رب ان حانت وفاتى فلا تكن على شرجع يعلى بخضر المطارف و لكن قبرى بطن نسر مقيله بجو السماء فى نسور عواكف و امسى شهيدا ثاويا فى عصابه يصابون فى فج من الارض خائف فوارس اشتات يولف بينهم هدى الله نزالون عند المواقف قال ابن شبرمه: مررت يوما فى بعض شوارع الكوفه، ف
اذا بنعش حوله رجال، و عليه مطرف خز اخضر، فسالت عنه فقيل: الطرماح، فعلمت ان الله تعالى لم يستحب له.

و قال محمد بن هانى ء: و لم اجد الانسان الا ابن سعيه فمن كان اسعى كان بالمجد اجدرا و بالهمه العلياء ترقى الى العلا فمن كان اعلى همه كان اظهرا و لم يتاخر من اراد تقدما و لم يتقدم من اراد تاخرا الرضى الموسوى رحمه الله تعالى: و من اخرته نفسه مات عاجزا و من قدمته نفسه مات سيدا و له رحمه الله: ما مقامى على الهوان و عندى مقول صارم و انف حمى و اباء محلق بى عن الضيم كما زاغ طائر وحشى ابوالطيب المتنبى: تقولين ما فى الناس مثلك عاشق جدى مثل من احببته تجدى مثلى محب كنى بالبيض عن مرهفاته و بالحسن فى اجسامهن عن الصقل و بالسمر عن سمر القنا غير اننى جناها احبائى و اطرافها رسلى عدمت فوادا لم يبت فيه فضله لغير ثنايا الغر و الحدق النجل تريدين ادراك المعالى رخيصه و لابد دون الشهد من ابر النحل ابن الهباريه: الهمم العليه، و المهج الابيه، تقرب المنيه، منك او الامنيه.

ابوتمام: فتى النكبات من ياوى اذا ما قطفن به الى خلق و ساع يثير عجاجه فى كل فج يهيم بها عدى بن الرقاع يخوض مع السباع ا
لماء حتى لتحسبه السباع من السباع فلب العزم ان حاولت يوما بان تستطيع غير المستطاع فلم تركب كناجيه المهارى و لم تركب همومك كالزماع و له ايضا: ان خيرا مما رايت من الصفح عن النائبات و الاغماض غربه تقتدى بغربه قيس بن زهير و الحارث بن مضاض غرضى نكبتين ما فتلا را رايا فخافا عليه نكث انتقاض من ابن البيوت اصبح فى ثو ب من العيش ليس بالفضفاض صلتان اعداوه حيث حلوا فى حديث من ذكره مستفاض و الفتى من تعرقته الليالى و الفيافى، كالحيه النضناض كل يوم له بصرف الليالى فتكه مثل فتكه البراض و له ايضا: ان ترينى ترى حساما صقيلا مشرفيا من السيوف الحداد ثانى الليل ثالث البيد و السي ر نديم النجوم ترب السهاد اخذ هذا اللفظ ابو عباده البحترى فقال: يا نديمى بالسواجير من شمس بن عمرو و بحتر بن عتود اطلبا ثالثا سواى فانى رابع العيس و الدجى و البيد لست بالعاجز الضعيف و لاالقا ئل يوما ان الغنى بالجدود و اذا استصعبت مقاده امر سهلته ايدى المهارى القود و قال الرضى رحمه الله تعالى: و لم ار كالرجاء اليوم شيئا تذل له الجماجم و الرقاب و بعض العدم ماثره و فخر و بعض المال منقصه و عاب بن
انى و العنان اذا نبت بى ربا ارض، و رجلى و الركاب و قد عرفت توقلى الليالى كما عرفت توقلى العقاب لامنع جانبا و افيد عزا و عز الموت ما عز الجناب اذا هول دعاك فلا تهبه فلم يبق الذين ابوا و هابوا كليب عافصته يد و اودى عتيبه يوم اقعصه ذواب سواء من اقل الترب منا و من وارى معالمه التراب و ان مزايل العيش اعتباطا مساو للذين بقوا و شابوا و اولنا العناء اذا طلعنا الى الدنيا و آخرنا الذهاب الى كم ذا التردد فى الامانى و كم يلوى بناظرى السراب! و لانقع يثار و لاقتام و لاطعن يشب و لاضراب و لا خيل معقده النواصى يموج على شكائمها اللعاب عليها كل ملتهب الحواشى يصيب من العدو و لايصاب ساخطبها بحد السيف فعلا اذا لم يغن قول او خطاب و آخذها و ان رغمت انوف مغالبه و ان ذلت رقاب قعد سليمان بن عبدالملك يعرض و يفرض، فاقبل فتى من بنى عبس و سيم، فاعجبه، فقال: ما اسمك؟ قال: سليمان، قال ابن من؟ قال: ابن عبدالملك، فاعرض عنه، و جعل يفرض لمن دونه، فعلم الفتى انه كره موافقه اسمه و اسم ابيه، فقال: يا اميرالمومنين لاعدمت اسمك! و لا شقى اسم يوافق اسمك! فافرض، فانما انا سيف بيدك، ان ضربت به قطعت،
و ان امرتنى اطعت، و سهم فى كنانتك، اشتد ان ارسلت، و انفذ حيث وجهت.

فقال له سليمان، و هو يروزه و يختبره: ما قولك يا فتى، لو لقيت عدوا؟ قال: اقول: حسبى الله و نعم الوكيل.

قال سليمان: اكنت مكتفيا بهذا لو لقيت عدوك دون ضرب شديد! قال الفتى: انما سالتنى يا اميرالمومنين: ما انت قائل فاخبرتك، و لو سالتنى: ما انت فاعل لانباتك، انه لو كان ذلك لضربت بالسيف حتى يتعقف، و لطعنت بالرمح حتى يتقصف، و لعلمت ان المت فانهم يالمون، و لرجوت من الله ما لايرجون.

فاعجب سليمان به و الحقه فى العطاء بالاشراف، و تمثل: اذا ما اتقى الله الفتى ثم لم يكن على اهله كلا فقد كمل الفتى السر تحت قوله: (ثم لم يكن على اهله كلا)، يقال فى المثل: (لا تكن كلا على اهلك فتهلك).

عدى بن زيد: فهل من خالد اما هلكنا و هل بالموت يا للناس عار الرضى الموسوى رحمه الله تعالى: اذا لم يكن الا الحمام فاننى ساكرم نفسى عن مقال اللوائم و البسهما حمراء تضفو ذيولها من الدم بعدا عن لباس الملاوم فمن قبل ما اختار ابن الاشعث عيشه على شرف عال رفيع الدعائم فطار ذميما قد تقلد عارها بشر جناح يوم دير الجماجم و جاءهم يجرى البريد براسه و لم يغن ايغال به فى
الهزائم و قد حاص من خوف الردى كل حيصه فلم ينج و الافدار ضربه لازم و هذا يزيد بن المهلب نافرت به الذل اعراق الجدود الاكارم فقال و قد عن الفرار او الردى: لحا الله اخزى ذكره فى المواسم و ما غمرات الموت الا انغماسه و لا ذى المنايا غير تهويم نائم راى ان هذا السيف اهون محملا من العار يبقى وسمه فى المخاطم و ما قلد البيض المباتير عنقه سوى الخوف من تقليدها بالاداهم فعاف الدنايا و امتطى الموت شامخا بمارن عز لايذل لخاطم و قد حلقت خوف الهوان بمصعب قوادم آباء كرام المقادم على حين اعطوه الامان فعافه و خير فاختار الردى غير نادم و فى خدره غراء من آل طلحه علاقه قلب للنديم المخالم تحبب ايام الحياه و انها لاعذب من طعم الخلود لطاعم ففارقها و الملك لما رآهما يجران اذلال النفوس الكرائم و لما الاح الحوفزان من الردى حذاه المخازى رمح قيس بن عاصم و غادرها شنعاء ان ذكرت له من العار طاطا راس خزيان واجم كذاك منى بعد الفرار اميه بشقشقه لو ثاء من آل دارم و سل لها سل الحسام ابن معمر فكر على اعقاب ناب بصارم يردد ذكرى كل نجد و غائر و الجم خوفى كل باع و ظالم و هددنى الاعداء
فى المهد لم يحن نهوضى و لم تقطع عقود تمائمى و عندى يوم لو يزيد و مسلم بدا لهما لاستصغرا يوم واقم على العز مت لا ميته مستكينه تزيل عن الدنيا بشم المراغم و خاطر على الجلى خطار ابن حره و ان زاحم الامر العظيم فزاحم و من اباه الضيم و موثرى الموت على الحياه الذليله محمد و ابراهيم، ابنا عبدالله بن الحسن بن الحسن بن على بن ابى طالب (ع).

لما احاطت عساكر عيسى بن موسى بمحمد و هو بالمدينه، قيل له: انج بنفسك، فان لك خيلا مضمره و نجائب سابقه، فاقعد عليها، و التحق بمكه او باليمن.

قال: انى اذا لعبد! و خرج الى الحرب يباشرها بنفسه و بمواليه، فلما امسى تلك الليله و ايقن بالقتل، اشير عليه بالاستتار، فقال: اذن يستعرض عيسى اهل المدينه بالسيف، فيكون لهم (يوم) كيوم الحره، لا و الله لا احفظ نفسى بهلاك اهل المدينه، بل اجعل دمى دون دمائهم.

فبذل له عيسى الامان على نفسه و اهله و امواله، فابى و نهد الى الناس بسيفه، لايقاربه احد الا قتله، لا و الله ما يبقى شيئا، و ان اشبه خلق الله به فيما ذكر هو حمزه بن عبدالمطلب.

و رمى بالسهام، و دهمته الخيل، فوقف الى ناحيه جدار، و تحاماه الناس فوجد الموت، فتحامل على سيفه فكسره، فالزيديه ت
زعم انه كان سيف رسول الله (ص) ذا الفقار.

و روى ابوالفرج الاصفهانى فى كتاب "مقال الطالبيين" ان محمدا (ع)، قال لاخته ذلك اليوم: انى فى هذا اليوم على قتال هولاء، فان زالت الشمس، و امطرت السماء فانى مقتول، و ان زالت الشمس و لم تمطر السماء، و هبت الريح، فانى اظفر بالقوم، فاججى التنانير، و هيئى هذه الكتب- يعنى كتب البيعه الوارده عليه من الافاق- فان زالت الشمس، و مطرت السماء فاطرحى هذه الكتب فى التنانير، فان قدرتم على بدنى فخذوه، و ان لم تقدروا على راسى فخذوا سائر بدنى، فاتوا به ظله بنى بليه على مقدار اربعه اذرع او خمسه منها، فاحفروا لى حفيره، و ادفنونى فيها.

فمطرت السماء وقت الزوال، و قتل محمد (ع)، و كان عندهم مشهورا ان آيه قتل النفس الزكيه ان يسيل دم بالمدينه حتى يدخل بيت عاتكه، فكانوا يعجبون كيف يسيل الدم حتى يدخل ذلك البيت! فامطرت السماء ذلك اليوم، و سال الدم بالمطر حتى دخل بيت عاتكه، و اخذ جسده، فحفر له حفيره فى الموضع الذى حده لهم، فوقعوا على صخره فاخرجوها، فاذا فيها مكتوب: (هذا قبر الحسن بن على بن ابى طالب (ع))، فقالت زينب اخت محمد (ع): رحم الله اخى، كان اعلم حيث اوصى ان يدفن فى هذا الموضع.

و روى ابوالفرج، ق
ال: قدم على المنصور قادم، فقال: هرب محمد! فقال له: كذبت! انا اهل البيت لا نفر.

و اما ابراهيم (ع)، فروى ابوالفرج عن المفضل بن محمد الضبى، قال: كان ابراهيم بن عبدالله بن الحسن متواريا عندى بالبصره، و كنت اخرج و اتركه، فقال لى: اذا خرجت ضاق صدرى، فاخرج الى شيئا من كتبك اتفرج به، فاخرجت اليه كتبا من الشعر، فاختار منها القصائد السبعين التى صدرت بها كتاب "المفضليات"، ثم اتممت عليها باقى الكتاب.

فلما خرج خرجت معه، فلما صار بالمربد، مربد سليمان بن على، وقف عليهم، و امنهم و استسقى ماء، فاتى به فشرب، فاخرج اليه صبيان من صبيانهم فضمهم اليه، و قال: هولاء و الله منا و نحن منهم، لحمنا و دمنا، و لكن آباءهم انتزوا على امرنا، و ابتزوا حقوقنا، و سفكوا دماءنا، ثم تمثل: مهلا بنى عمنا ظلامتنا ان بنا سوره من الغلق لمثلكم نحمل السيوف و لا تغمز احسابنا من الرقق انى لانمى اذا انتميت الى عز عزيز و معشر صدق بيض سباط كان اعينهم تكحل يوم الهياج بالعلق فقلت له: ما اجود هذه الابيات و افحلها! فلمن هى؟ فقال: هذه يقولها ضرار ابن الخطاب الفهرى يوم عبر الخندق على رسول الله (ص)، و تمثل بها على بن ابى طالب يوم صفين، و الحسين يوم
الطف، و زيد بن على يوم السبخه، و يحيى بن زيد يوم الجوزجان، فتطيرت له من تمثله بابيات لم يتمثل بها احد الا قتل.

ثم سرنا الى باخمرى، فلما قرب منها اتاه نعى اخيه محمد، فتغير لونه و جرض بريقه، ثم اجهش باكيا، و قال: اللهم ان كنت تعلم ان محمدا خرج يطلب مرضاتك، و يوثر ان تكون كلمتك العليا، و امرك المتبع المطاع، فاغفر له و ارحمه، و ارض عنه، و اجعل ما نقلته اليه من الاخره خيرا مما نقلته عنه من الدنيا، ثم انفجر باكيا ثم تمثل: ابا المنازل يا خير الفوارس من يفجع بمثلك فى الدنيا فقد فجعا الله يعلم انى لو خشيتهم او آنس القلب من خوف لهم فزعا لم يقتلوك و لم اسلم اخى لهم حتى نعيش جميعا او نموت معا قال المفضل: فجعلت اعزيه و اعاتبه على ما ظهر من جزعه، فقال: انى و الله فى هذا، كما قال دريد بن الصمه: يقول الا تبكى اخاك و قد ارى مكان البكا، لكن بنيت على الصبر لمقتل عبدالله و الهالك الذى على الشرف الاعلى قتيل ابى بكر و عبد يغوث تحجل الطير حوله و جل مصابا جثو قبر على قبر فاما ترينا لاتزال دماونا لدى واتر يسعى بها آخر الدهر فانا للحم السيف غير نكيره و نلحمه طورا، و ليس بذى نكر يغار علينا واترين فيشتف
ى بنا ان اصبنا او نغير على وتر بذاك قسمنا الدهر شطرين بيننا فما ينقضى الا و نحن على شطر قال المفضل: ثم ظهرت لنا جيوش ابى جعفر مثل الجراد، فتمثل ابراهيم (ع) قوله: ان يقتلونى لاتصب ارماحهم ثارى و يسعى القوم سعيا جاهدا نبئت ان بنى جذيمه اجمعت امرا تدبره لتقتل خالدا ارمى الطريق و ان رصدت بضيقه و انازل البطل الكمى الحاردا فقلت له: من يقول هذا الشعر يابن رسول الله؟ فقال: يقوله خالد بن جعفر بن كلاب يوم شعب جبله، و هذا اليوم الذى لقيت فيه قيس تميما.

قال: و اقبلت عساكر ابى جعفر، فطعن رجلا و طعنه آخر، فقلت له: اتباشر القتال بنفسك! و انما العسكر منوط بك، فقال: اليك يا اخا بنى ضبه، فانى لكما قال عويف القوافى: المت سعاد و المامها احاديث نفس و احلامها محجبه من بنى مالك تطاول فى المجد اعلامها و ان لنا اصل جرثومه ترد الحوادث ايامها ترد الكتيبه مفلوله بها افنها و بها ذامها و التحمت الحرب و اشتدت، فقال: يا مفضل، احكنى بشى ء، فذكرت ابياتا لعويف القوافى لما كان ذكره هو من شعره، فانشدته: الا ايها الناهى فزاره بعد ما اجدت لسير، انما انت ظالم ابى كل حر ان يبيت بوتره و تمنع منه النوم اذ انت
نائم اقول لفتيان كرام تروحوا على الجرد فى افواههن الشكائم قفوا وقفه من يحى لايخز بعدها و من يخترم لا تتبعه اللوائم و هل انت ان باعدت نفسك عنهم لتسلم فيما بعد ذلك سالم فقال: اعد، و تبينت من وجهه انه يستقتل، فانتهبت و قلت: او غير ذلك؟ فقال: لا، بل اعد الابيات، فاعدتها، فتمطى فى ركابيه فقطعهما، و حمل فغاب عنى، و اتاه سهم عائر فقتله، و كان آخر عهدى به (ع).

قلت: فى هذا الخبر ما يحتاج الى تفسير، اما قوله: ان بنا سوره من الغلق.

فالغلق: الضجر و ضيق الصدر و الحده، يقال: احتد فلان فنشب فى حدته و غلق، و السوره: الوثوب، يقال: ان لغضبه لسوره، و انه لسوار، اى وثاب معربد و سوره الشراب: وثوبه فى الراس، و كذلك سوره السم، و سوره السلطان: سطوته و اعتداوه.

و اما قوله: (لمثلكم نحمل السيوف) فمعناه ان غيركم ليس بكف ء لنا لنحمل له السيوف و انما نحملها لكم، لانكم اكفاونا، فنحن نحاربكم على الملك و الرياسه، و ان كانت احسابنا واحده، و هى شريفه لا مغمز فيها.

و الرقق، بفتح الراء: الضعف، و منه قول الشاعر: لم تلق فى عظمها وهنا و لا رققا.

و قوله: تكحل يوم الهياج بالعلق.

فالعلق الدم، يريد ان عيونهم حمر لشده الغيظ و الغضب، فكانها
كحلت بالدم.

و قوله: (لكن بنيت على الصبر)، اى خلقت و بنيت بنيه تقتضى الصبر.

و الشرف لاعلى: العالى، و بنو ابى بكر بن كلاب، من قيس عيلان، ثم احد بنى عامر بن صعصعه.

و اما قوله: ان يقتلونى لاتصب ارماحهم.

فمعناه انهم ان قتلونى ثم حاولوا ان يصيبوا رجلا آخر مثلى يصلح ان يكون لى نظيرا، و ان يجعل دمه بواء لدمى، و سعوا فى ذلك سعيا جاهدا، فانهم لم يجدوا و لم يقدروا عليه.

و قوله: (ارمى الطريق...) البيت، يقول: اسلك الطريق الضيق، و لو جعل على فيه الرصد لقتلى.

و الحارد: المنفرد فى شجاعته، الذى لا مثل له.

(غلبه معاويه على الماء بصفين ثم غلبه على عليه بعد ذلك) فاما حديث الماء و غلب اصحاب معاويه على شريعه الفرات بصفين، فنحن نذكره من كتاب "صفين" لنصر بن مزاحم.

قال نصر: كان ابوالاعور السلمى على مقدمه معاويه، و كان قد ناوش مقدمه على (ع) و عليها الاشتر النخعى مناوشه ليست بالعظيمه، و قد ذكرنا ذلك فيما سبق من هذا الكتاب، و انصرف ابوالاعور عن الحرب راجعا، فسبق الى الماء فغلب عليه فى الموضع المعروف بقناصرين الى جانب صفين، و ساق الاشتر يتبعه، فوجده غالبا على الماء، و كان فى اربعه آلاف من مستبصرى اهل العراق، فصدموا اباالاعور و ازالو
ه عن الماء، فاقبل معاويه فى جميع الفيلق بقضه و قضيضه، فلما رآهم الاشتر انحاز الى على (ع)، و غلب معاويه و اهل الشام على الماء، و حالوا بين اهل العراق و بينه، و اقبل على (ع) فى جموعه، فطلب موضعا لعسكره، و امر الناس ان يضعوا اثقالهم، و هم اكثر من مائه الف فارس، فلما نزلوا تسرع فوارس من فوارس على (ع) على خيولهم الى جهه معاويه يتطاعنون و يرمون بالسهام، و معاويه بعد لم ينزل، فناوشهم اهل الشام القتال، فاقتتلوا هويا.

قال نصر: فحدثنى عمر بن سعد، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباته: فكتب معاويه الى على (ع): عافانا الله و اياك.

ما احسن العدل و الانصاف من عمل و اقبح الطيش ثم النفش فى الرجل و كتب بعده: اربط حمارك لاتنزع سويته اذا يرد و قيد العير مكروب ليست ترى السيد زيدا فى نفوسهم كما يراه بنو كوز و مرهوب ان تسالوا الحق نعط الحق سائله و الدرع محقبه و السيف مقروب او تانفون فانا معشر انف لانطعم الضيم ان السم مشروب فامر على (ع) ان يوزع الناس عن القتال، حتى اخذ اهل الشام مصافهم ثم قال: ايها الناس، ان هذا موقف، من نطف فيه نطف يوم القيامه، و من فلج فيه فلج يوم القيامه، ثم قال لما راى نزول معاويه بصفين: لقد
اتانا كاشرا عن نابه يهمط الناس على اعتزابه فلياتينا الدهر بما اتى به قال نصر: و كتب على (ع) الى معاويه جواب كتابه، اما بعد: فان للحرب عراما شررا ان عليها قائدا عشنزرا ينصف من احجر او تنمرا على نواحيها مزجا زمجرا اذا ونين ساعه تغشمرا و كتب بعده.

الم تر قومى ان دعاهم اخوهم اجابوا و ان يغضب على القوم يغضبوا هم حفظوا غيبى كما كنت حافظا لقومى اخرى مثلها ان يغيبوا بنو الحرب لم تقعد بهم امهاتهم و آباوهم آباء صدق فانجبوا قال: قد تراجع الناس كل من الفريقين الى معسكرهم، و ذهب شباب من الناس الى ان يستقوا فمنعهم اهل الشام.

قلت: فى هذه الالفاظ ما ينبغى ان يشرح.

قوله: (فاقتتلوا هويا)، بفتح الهاء، اى قطعه من الزمان، و ذهب هوى من الليل، اى فريق منه.

و النفش: كثره الكلام و الدعاوى، و اصله من نفش الصوف.

و السويه: كساء محشو بثمام و نحوه، كالبرذعه.

و كرب القيد، اذا ضيقه على المقيد، و قيد مكروب، اى ضيق، يقول: لاتنزع برذعه حمارك عنه و اربطه و قيده، و الا اعيد اليك و قيده ضيق.

و هذا مثل ضربه لعلى (ع)، يامره فيه بان يردع جيشه عن التسرع و العجله فى الحرب.

و زيد المذكور فى الشعر، هو زيد بن حصين بن ضرار بن عمر
و بن مالك بن زيد بن كعب بن بجاله بن ذهل بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبه بن اد بن طابخه بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، و هو المعروف بزيد الخيل، و كان فارسهم.

و بنو السيد من ضبه ايضا، و هم بنو السيد بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبه بن اد بن طابخه... الى آخر النسب، و بنو السيد بنو عم زيد الفوارس، لانه من بنى ذهل بن مالك، و هولاء بنو السيد بن مالك، و بينهم عداوه النسب، يقول: ان بنى السيد لايرون زيدا فى نفوسهم كما تراه اهله الادنون منه نسبا، و هم بنو كوز و بنو مرهوب، فاما بنو كوز فانهم بنو كوز بن كعب بن بجاله بن ذهل بن مالك، و اما بنو مرهوب، فانهم بنو مرهوب بن عبيد بن هاجر بن كعب بن بجاله بن ذهل بن مالك، يقول: نحن لانعظم زيدا و لانعتقد فيه من الفضيله ما يعتقده اهله و بنو عمه الادنون، و المثل لعلى (ع)، اى نحن لانرى فى على ما يراه اهل العراق من تعظيمه و تبجيله.

و قوله: و الدرع محقبه و السيف مقروب اى و الدرع بحالها فى حقابها، و هو ما يشد به فى غلافها، و السيف بحاله اى فى قرابه، و هو جفنه، يقال: حقبت الدرع و قربت السيف، كلاهما ثلاثيان، يقول: ان سالتم الحق اعطينا كموه من غير حاجه الى الحرب، بل نجيبكم اليه و الدروع
بحالها لم تلبس، و السيوف فى اجفانها لم تشهر.

و اما اثبات النون فى (تانفون) فان الاصوب حذفها لعطف الكلمه على المجزوم قبلها، و لكنه استانف و لم يعطف، كانه قال: او كنتم تانفون، يقول: و ان انفتم و ابيتم الا الحرب، فانا نانف مثلكم ايضا، لانطعم الضيم و لانقبله.

ثم قال: ان السم مشروب، اى ان السم قد نشربه و لانشرب الضيم، اى نختار الموت على الضيم و الذله.

و يروى: و ان انفتم فانا معشر انف لانطعم الضيم ان الضيم مرهوب و الشعر لعبد الله بن عنمه الضبى، من بنى السيد، و من جملته: و قد اروح امام الحى يقدمنى صافى الاديم كميت اللون منسوب محنب مثل شاه الربل محتفز بالقصريين على اولاه مصبوب يبذ ملجمه هاد له تلع كانه من جذوع العين مشذوب فذاك ذخرى اذا ما خيلهم ركضت الى المثوب او مقاء سرحوب فاما قوله (ع): (هذا موقف من نطف فيه نطف يوم القيامه)، اى من تلطخ فيه بعيب من فرار او نكول عن العدو.

يقال: نطف فلان بالكسر، اذا تدنس بعيب.

و نطف ايضا اذا فسد، يقول: من فسدت حاله اليوم فى هذا الجهاد فسدت حاله غدا عند الله.

قوله: (من فلج فيه) بفتح اللام، اى من ظهر و فاز، و كذلك يكون غدا عند الله، يقال: فلج زيد على خصمه، بالفتح، ي
فلج، بضم اللام، اى ظهرت حجته عليه، و فى المثل: من يات الحكم وحده يفلج.

قوله: (يهمط الناس)، اى يقهرهم و يخبطهم، و اصله الاخذ بغير تقدير.

و قوله: (على اعتزابه) اى على بعده عن الاماره و الولايه على الناس.

و العرام، بالضم: الشراسه و الهوج.

و العشنزر: الشديد القوى.

و احجر: ظلم الناس حتى الجاهم الى ان دخلوا حجرهم او بيوتهم.

و تنمر: اى تنكر حتى صار كالنمر، يقول: هذا القائد الشديد القوى ينصف من يظلم الناس و يتنكر لهم، اى ينصف منه، فحذف حرف الجر كقوله: (و اختار موسى قومه)، اى من قومه.

و المزج، بكسر الميم: السريع النفوذ، و اصله الرمح القصير، كالمزراق.

و رجل زمجر، اى مانع حوزته، و الميم زائده.

و من رواها (زمخرا) بالخاء، عنى به المرتفع العالى الشان، و جعل الميم زائده ايضا، من زخر الوادى، اى علا و ارتفع.

و غشمر السيل: اقبل، و الغشمره: اثبات الامر بغير تثبيت، يقول: اذا ابطان ساقهن سوقا عنيفا.

و الابيات البائيه لربيعه بن مقروم الطائى.

قال نصر: حدثنا عمر بن سعد، عن يوسف بن يزيد، عن عبدالله بن عوف بن الاحمر، قال: لما قدمنا على معاويه و اهل الشام بصفين، وجدناهم قد نزلوا منزلا اختاروه مستويا بساطا واسعا، و اخذوا الشريعه فهى فى
ايديهم، و قد صف عليها ابوالاعور الخيل و الرجاله، و قدم الراميه و معهم اصحاب الرماح و الدرق، و على رءوسهم البيض، و قد اجمعوا ان يمنعونا الماء، ففزعنا الى اميرالمومنين (ع) فاخبرناه بذلك، فدعا صعصعه بن صوحان فقال: ائت معاويه و قل له: انا سرنا اليك مسيرنا هذا و انا كره لقتالكم قبل الاعذار اليكم، و انك قدمت خيلك، فقاتلتنا قبل ان نقاتلك، و بداتنا بالحرب، و نحن ممن راينا الكف حتى ندعوك و نحتج عليك، و هذه اخرى قد فعلتموها، قد حلتم بين الناس و بين الماء، فخل بينهم و بينه حتى ننظر فيما بيننا و بينكم، و فيما قدمنا له، و قدمتم له و ان كان احب اليك، ان ندع ما جئنا له، و ندع الناس يقتتلون حتى يكون الغالب هو الشارب، فعلنا.

فلما مضى صعصعه برسالته الى معاويه، قال معاويه لاصحابه: ما ترون؟ فقال الوليد بن عقبه: امنعهم الماء كما منعوه ابن عفان، حصروه اربعين يوما يمنعونه برد الماء و لين الطعام، اقتلهم عطشا، قتلهم الله! و قال عمرو بن العاص: خل بين القوم و بين الماء، فانهم لن يعطشوا و انت ريان، و لكن لغير الماء فانظر فيما بينك و بينهم.

فاعاد الوليد مقالته.

و قال عبدالله بن سعيد بن ابى سرح- و كان اخا عثمان من الرضاعه-: امنعهم الماء ا
لى الليل، فانهم ان لم يقدروا عليه رجعوا، و كان رجوعهم هزيمتهم، امنعهم الماء، منعهم الله يوم القيامه! فقال صعصعه بن صوحان: انما يمنعه الله يوم القيامه الفجره الكفره، شربه الخمر، ضربك و ضرب هذا الفاسق- يعنى الوليد بن عقبه.

فتواثبوا اليه يشتمونه و يتهددونه، فقال معاويه: كفوا عن الرجل، فانما هو رسول.

قال عبدالله بن عوف بن احمر: ان صعصعه لما رجع الينا حدثنا بما قال معاويه، و ما كان منه و ما رده عليه، قلنا: و ما الذى رده عليك معاويه؟ قال: لما اردت الانصراف من عنده، قلت: ما ترد على؟ قال: سياتيكم رايى، قال: فو الله ما راعنا الا تسويه الرجال و الصفوف و الخيل، فارسل الى ابى الاعور: امنعهم الماء، فازدلفنا و الله اليهم، فارتمينا و اطعنا بالرماح، و اضطربنا بالسيوف، فطال ذلك بيننا و بينهم حتى صار الماء فى ايدينا، فقلنا: لا و الله لانسقيهم.

فارسل الينا على (ع) ان خذوا من الماء حاجتكم، و ارجعوا الى معسكركم، و خلوا بينهم و بين الماء، فان الله قد نصركم عليهم بظلمهم و بغيهم.

و روى نصر بن محمد بن عبدالله، قال: قام ذلك اليوم رجل من اهل الشام من السكون، يعرف بالشليل بن عمر الى معاويه، فقال: اسمع اليوم ما يقول الشليل ان قولى قو
ل له تاويل امنع الماء من صحاب على ان يذوقوه فالذليل ذليل و اقتل القوم مثل ما قتل الشي خ صدى فالقصاص امر جميل اننا و الذى تساق له البد ن هدايا كانهن الفيول (لو على و صحبه وردوا الما ء لما ذقتموه حتى تقولوا) قد رضينا بامركم و علينا بعد ذاك الرضا جلاد ثقيل فامنع القوم ماءكم ليس للقو م بقاء و ان يكن فقليل فقال معاويه: اما انت فندرى ما تقول- و هو الراى- و لكن عمرا لايدرى.

فقال عمرو: خل بينهم و بين الماء، فان عليا لم يكن ليظما و انت ريان، و فى يده اعنه الخيل، و هو ينظر الى الفرات حتى يشرب او يموت، و انت تعلم انه الشجاع المطرق (و معه اهل العراق و اهل الحجاز)، و قد سمعته انا مرارا و هو يقول: لو استمكنت من اربعين رجلا يعنى فى الامر الاول! و روى نصر، قال: لما غلب اهل الشام على الفرات، فرحوا بالغلبه، و قال معاويه: يا اهل الشام، هذا و الله اول الظفر، لاسقانى الله و لا اباسفيان ان شربوا منه ابدا حتى يقتلوا باجمعهم عليه، و تباشر اهل الشام، فقام الى معاويه رجل من اهل الشام همدانى، ناسك يتاله و يكثر العباده، يعرف بمعرى بن اقبل، و كان صديقا لعمرو بن العاص و اخا له، فقال: يا معاويه، سبحان الله! لان سب
قتم القوم الى الفرات فغلبتموهم عليه، تمنعوهم الماء! اما و الله لو سبقوكم اليه لسقوكم منه.

اليس اعظم ما تنالون من القوم ان تمنعوهم الفرات فينزلوا على فرضه اخرى و يجازوكم بما صنعتم! اما تعلمون ان فيهم العبد و الامه و الاجير و الضعيف، و من لا ذنب له.

هذا و الله اول الجور! لقد شجعت الجبان، و نصرت المرتاب، و حملت من لايريد قتالك على كتفيك.

فاغلظ له معاويه، و قال لعمرو: اكفنى صديقك.

فاتاه عمرو فاغلظ له، فقال الهمدانى فى ذلك شعرا: لعمر ابى معاويه بن حرب و عمرو، ما لدائمها دواء سوى طعن يحار العقل فيه و ضرب حين تختلط الدماء و لست بتابع دين ابن هند طوال الدهر ما ارسى حراء لقد ذهب العتاب فلا عتاب و قد ذهب الولاء فلا ولاء و قولى فى حوادث كل خطب: على عمرو و صاحبه العفاء الا لله درك يابن هند لقد برح الخفاء فلا خفاء! اتحمون الفرات على رجال و فى ايديهم الاسل الظماء و فى الاعناق اسياف حداد كان القوم عندهم نساء اترجو ان يجاوركم على بلا ماء و للاحزاب ماء دعاهم دعوه فاجاب قوم كجرب الابل خالطها الهناء قال: ثم سار الهمدانى فى سواد الليل حتى لحق بعلى (ع).

قال: و مكث اصحاب على (ع) بغير ماء، و
اغتم على (ع) بما فيه اهل العراق: قال نصر: و حدثنا محمد بن عبدالله، عن الجرجانى، قال: لما اغتم على بما فيه اهل العراق من العطش، خرج ليلا قبل رايات مذحج، فاذا رجل ينشد شعرا: ايمنعنا القوم ماء الفرات و فينا الرماح و فينا الحجف و فينا الشوازب مثل الوشيج و فينا السيوف و فينا الزغف و فينا على له سوره اذا خوفوه الردى لم يخف و نحن الذين غداه الزبير و طلحه خضنا غمار التلف فما بالنا امس اسد العرين و ما بالنا اليوم شاء النجف فما للعراق و ما للحجاز سوى الشام خصم فصكوا الهدف و ثوروا عليهم كبزل الجمال دوين الذميل و فوق القطف فاما تفوزوا بماء الفرات و منا و منهم عليه جيف و اما تموتوا على طاعه تحل الجنان و تحبو الشرف و الا فانتم عبيد العصا و عبد العصا مستذل نطف قال: فحرك ذلك عليا (ع)، ثم مضى الى رايات كنده، فاذا انسان ينشد الى جانب منزل الاشعث، و هو يقول: لئن لم يجل الاشعث اليوم كربه من الموت فيها للنفوس تعنت فنشرب من ماء الفرات بسيفه فهبنا اناسا قبل ذاك فموتوا فان انت لم تجمع لنا اليوم امرنا و تنض التى فيها عليك المذله فمن ذا الذى تثنى الخناصر باسمه سواك و من هذا اليه
التلفت و هل من بقاء بعد يوم و ليله نظل خفوتا و العدو يصوت هلموا الى ماء الفرات و دونه صدور العوالى و الصفيح المشتت و انت امرو من عصبه ينميه و كل امرى ء من سنخه حين ينبت قال: فلما سمع الاشعث قول الرجل، قام فاتى عليا (ع)، فقال: يا اميرالمومنين، ايمنعنا القوم ماء الفرات، و انت فينا، و السيوف فى ايدينا! خل عنا و عن القوم، فو الله لانرجع حتى نرده او نموت، و مر الاشتر فليعل بخيله، و يقف حيث تامره، فقال على (ع): ذلك اليكم.

فرجع الاشعث فنادى فى الناس: من كان يريد الماء او الموت فميعاده موضع كذا! فانى ناهض.

فاتاه اثنا عشر الفا من كنده و افناء قحطان، واضعى سيوفهم على عواتقهم، فشد عليه سلاحه و نهض بهم، حتى كاد يخالط اهل الشام، و جعل يلقى رمحه، و يقول لاصحابه: بابى و امى انتم! تقدموا اليهم قاب رمحى هذا، فلم يزل ذلك دابه، حتى خالط القوم، و حسر عن راسه، و نادى: انا الاشعث بن قيس! خلوا عن الماء.

فنادى ابوالاعور: اما (و الله) حتى لاتاخذنا و اياكم السيوف.

فقال الاشعث: قد و الله اظنها دنت منا و منكم.

و كان الاشتر قد تعالى بخيله حيث امره على، فبعث اليه الاشعث: اقحم الخيل، فاقحمها حتى وضعت سنابكها فى الفرات، و اخذت
اهل الشام السيوف، فولوا مدبرين.

قال نصر: و حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، عن ابى جعفر و زيد بن الحسن، قال: فنادى الاشعث عمرو بن العاص، فقال: ويحك يابن العاص! خل بيننا و بين الماء، فو الله لئن لم تفعل لتاخذنا و اياكم السيوف، فقال عمرو: و الله لا نخلى عنه حتى تاخذنا السيوف و اياكم، فيعلم ربنا: اينا اصبر اليوم.

فترجل الاشعث و الاشتر، و ذوو البصائر من اصحاب على (ع)، و ترجل معهما اثنا عشر الفا، فحملوا على عمرو و ابى الاعور و من معهما من اهل الشام، فازالوهم عن الماء، حتى غمست خيل على (ع) سنابكها فى الماء.

قال نصر: فروى عمر بن سعد ان عليا (ع) قال ذلك اليوم: هذا يوم نصرتم فيه بالحميه.

قال نصر: و حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، قال: سمعت تميما الناجى يقول: سمعت الاشعث يقول: حال عمرو بن العاص بيننا و بين الفرات، فقلت له: ويحك يا عمرو! اما و الله ان كنت لاظن لك رايا، فاذا انت لا عقل لك.

اترانا نخليك و الماء! تربت يداك! اما علمت انا معشر عرب! ثكلتك امك و هبلتك! لقد رمت امرا عظيما.

فقال لى عمرو: اما و الله لتعلمن اليوم انا سنفى بالعهد، و نحكم العقد، و نلقاكم بصبر و جد.

فنادى به الاشتر: يابن العاص، اما و الله لقد نزلنا هذه الفرض
ه، و انا لنريد القتال على البصائر و الدين، و ما قتالنا سائر اليوم الا حميه.

ثم كبر الاشتر و كبرنا معه و حملنا، فما ثار الغبار حتى انهزم اهل الشام.

قالوا: فلقى عمرو بن العاص بعد انقضاء صفين الاشعث، فقال له: يا اخا كنده، اما و الله لقد ابصرت صواب قولك يوم الماء، و لكن كنت مقهورا على ذلك الراى، فكابرتك بالتهدد و الوعيد، و الحرب خدعه.

قال نصر: و لقد كان من راى عمرو التخليه بين اهل العراق و الماء.

و رجع معاويه باخره الى قوله بعد اختلاط القوم فى الحرب، فان عمرا- فيما روينا- ارسل الى معاويه: ان خل بين القوم و بين الماء، اترى القوم يموتون عطشا و هم ينظرون الى الماء! فارسل معاويه الى يزيد بن اسد القسرى: ان خل بين القوم و بين الماء يا اباعبدالله، فقال يزيد- و كان شديد العثمانيه-: كلا و الله لنقتلنهم عطشا كما قتلوا اميرالمومنين.

قال: فحدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، قال: خطب على (ع) يوم الماء فقال: (اما بعد، فان القوم قد بدءوكم بالظلم، و فاتحوكم بالبغى، و استقبلوكم بالعدوان، و قد استطعموكم القتال حيث منعوكم الماء، فاقروا على مذله و تاخير مهله...)، الفصل الى آخره.

قال نصر: و كان قد بلغ اهل الشام ان عليا (ع) جعل للناس ان فتح
الشام ان يقسم بينهم التبر و الذهب- و هما الاحمران و ان يعطى كلا منهم خمسمائه كما اعطاهم بالبصره، فنادى ذلك اليوم منادى اهل الشام: يا اهل العراق، لماذا نزلتم بعجاج من الارض! نحن ازد شنوءه لاازد عمان، يا اهل العراق: لا خمس الا جندل الاحرين و الخمس قد تجشمك الامرين قال نصر: فحدثنى عمرو بن شمر، عن اسماعيل السدى، عن بكر بن تغلب، قال: حدثنى من سمع الاشعث يوم الفرات- و قد كان له غناء عظيم من اهل العراق، و قتل رجالا من اهل الشام بيده، و هو يقول: و الله ان كنت لكارها قتال اهل الصلاه، و لكن معى من هو اقدم منى فى الاسلام، و اعلم بالكتاب و السنه، فهو الذى يسخى بنفسه.

قال نصر: و حمل ظبيان بن عماره التميمى على اهل الشام، و هو يقول: هل لك يا ظبيان من بقاء فى ساكنى الارض بغير ماء لا و اله الارض و السماء فاضرب وجوه الغدر الاعداء بالسيف عند حمس الهيجاء حتى يجيبوك الى السواء قال: فضربهم و الله حتى خلوا له الماء.

قال نصر: و دعا الاشتر بالحارث بن همام النخعى، ثم الصهبانى، فاعطاه لواءه، و قال له: يا حارث، لولا انى اعلم انك تصبر عند الموت لاخذت لوائى منك، و لم احبك بكرامتى، فقال: و الله يا مالك لاسرنك او لاموتن، ف
اتبعنى.

ثم تقدم باللواء و ارتجز، فقال: يا اخا الخيرات يا خير النخع و صاحب النصر اذا عم الفزع و كاشف الخطب اذا الامر وقع ما انت فى الحرب العوان بالجذع قد جزع القوم و عموا بالجزع و جرعوا الغيظ و غصوا بالجرع ان تسقنا الماء فليست بالبدع او نعطش اليوم فجند مقتطع ما شئت خذ منها و ما شئت فدع فقال الاشتر: ادن منى يا حارث، فدنا منه فقبل راسه، فقال: لايتبع راسه اليوم الا خير، ثم صاح الاشتر فى اصحابه: فدتكم نفسى! شدوا شده المحرج الراجى للفرج، فاذا نالتكم الرماح فالتووا فيها، فاذا عضتكم السيوف فليعض الرجل على نواجذه، فانه اشد لشئون الراس، ثم استقبلوا القوم بهامكم.

قال: و كان الاشتر يومئذ على فرس له محذوف ادهم، كانه حلك الغراب، و قتل بيده من اهل الشام من فرسانهم و صناديدهم سبعه: صالح بن فيروز العكى، و مالك بن ادهم السلمانى، و رياح بن عتيك الغسانى، و الاجلح بن منصور الكندى- و كان فارس اهل الشام- و ابراهيم بن وضاح الجمحى، و زامل بن عبيد الحزامى، و محمد بن روضه الجمحى.

قال نصر: فاول قتيل قتله الاشتر بيده ذلك اليوم صالح بن فيروز، ارتجز على الاشتر و قال له: يا صاحب الطرف الحصان الادهم اقدم اذا شئت علينا ا
قدم انا ابن ذى العز و ذى التكرم سيد عك كل عك فاعلم قال: و كان صالح مشهورا بالشده و الباس، فارتجز عليه الاشتر، فقال له: انا ابن خير مذحج مركبا و خيرها نفسا و اما و ابا آليت لاارجع حتى اضربا بسيفى المصقول ضربا معجبا ثم شد عليه فقتله، فخرج اليه مالك بن ادهم السلمانى- و هو من مشهوريهم ايضا، فحمل على الاشتر بالرمح، فلما رهقه التوى الاشتر على فرسه و مار السنان فاخطاه، ثم استوى على فرسه، و شد على الشامى فقتله طعنا بالرمح، ثم قتل بعده رياح بن عقيل و ابراهيم بن وضاح، ثم برز اليه زامل بن عقيل- و كان فارسا- فطعن الاشتر فى موضع الجوشن فصرعه عن فرسه، و لم يصب مقتلا، و شد عليه الاشتر بالسيف راجلا فكشف قوائم فرسه، و ارتجز عليه فقال: لابد من قتلى او من قتلكا قتلت منكم اربعا من قبلكا كلهم كانوا حماه مثلكا ثم ضربه بالسيف و هما راجلان فقتله، ثم خرج اليه محمد بن روضه، فقال، و هو يضرب فى اهل العراق ضربا منكرا: يا ساكنى الكوفه يا اهل الفتن يا قاتلى عثمان ذاك الموتمن اورث قلبى قتله طول الحزن اضربكم و لاارى اباحسن! فشد عليه الاشتر فقتله، و قال: لايبعد الله سوى عثمانا و انزل الله بكم هوانا و لايسلى عن
كم الاحزانا ثم برز اليه الاجلح بن منصور الكندى- و كان من شجعان العرب و فرسانها- و هو على فرس له اسمه لاحق، فلما استقبله الاشتر، كره لقاءه و استحيا ان يرجع عنه، فتضاربا بسيفيهما، فسبقه الاشتر بالضربه فقتله، فقالت اخته ترثيه: الا فابكى اخا ثقه فقد و الله ابكينا لقتل الماجد القمقا م لا مثل له فينا اتانا اليوم مقتله فقد جزت نواصينا كريم ماجد الجدي ن يشفى من اعادينا شفانا الله من اهل ال عراق فقد ابادونا اما يخشون ربهم و لم يرعوا له دينا! قال: و بلغ شعرها عليا (ع)، فقال: اما انهن ليس بملكهن ما رايتم من الجزع، اما انهم قد اضروا بنسائهم، فتركوهن ايامى حزانى بائسات.

قاتل الله معاويه! اللهم حمله آثامهم و اوزارا و اثقالا مع اثقاله! اللهم لاتعف عنه! قال نصر: و حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، عن الشعبى، عن الحارث بن ادهم، و عن صعصعه، قال: اقبل الاشتر يوم الماء، فضرب بسيفه جمهور اهل الشام حتى كشفهم عن الماء، و هو يقول: لاتذكروا ما قد مضى وفاتا و الله ربى الباعث الامواتا من بعد ما صاروا كذا رفاتا لاوردن خيلى الفراتا شعث النواصى او يقال ماتا قال: و كان لواء الاشعث بن قيس مع معاويه بن الحارث، ف
قال له الاشعث: لله ابوك! ليست النخع بخير من كنده، قدم لواءك فان الحظ لمن سبق.

فتقدم لواء الاشعث، و حملت الرجال بعضها على بعض، و حمل فى ذلك اليوم ابوالاعور السلمى، و حمل الاشتر عليه، فلم ينتصف احدهما من صاحبه، و حمل شرحبيل بن السمط على الاشعث، فكانا كذلك، و حمل حوشب ذو ظليم على الاشعث ايضا، و انفصلا و لم ينل احدهما من صاحبه امرا، فما زالوا كذلك حتى انكشف اهل الشام عن الماء، و ملك اهل العراق المشرعه.

قال نصر: فحدثنا محمد بن عبدالله، عن الجرجانى، قال: قال عمرو بن العاص لمعاويه لما ملك اهل العراق الماء، ما ظنك يا معاويه بالقوم ان منعوك اليوم الماء كما منعتهم امس! اتراك تضاربهم عليه كما ضاربوك عليه! ما اغنى عنك ان تكشف لهم السوءه.

فقال معاويه: دع عنك ما مضى، فما ظنك بعلى؟ قال: ظنى انه لايستحل منك ما استحللت منه، و ان الذى جاء له غير الماء.

قال: فقال له معاويه قولا اغضبه، فقال عمرو: امرتك امرا فسخفته و خالفنى ابن ابى سرحه و اغمضت فى الراى اغماضه و لم تر فى الحرب كالفسحه فكيف رايت كباش العراق الم ينطحوا جمعنا نطحه! فان ينطحونا غدا مثلها نكن كالزبيرى او طلحه اظن لها اليوم ما بعدها و ميعاد ما بيننا
صبحه و ان اخروها لما بعدها فقد قدموا الخبط و النفحه و قد شرب القوم ماء الفرات و قلدك الاشتر الفضحه قال نصر: فقال اصحاب على (ع) له: امنعهم الماء يا اميرالمومنين كما منعوك.

فقال: لا، خلوا بينهم و بينه، لاافعل ما فعله الجاهلون، سنعرض عليهم كتاب الله، و ندعوهم الى الهدى، فان اجابوا، و الا ففى حد السيف ما يغنى ان شاءالله.

قال: فو الله ما امسى الناس حتى راوا سقاتهم و سقاه اهل الشام و رواياهم و روايا اهل الشام يزدحمون على الماء، ما يوذى انسان انسانا.

/ 614