حکمت 424
الشرح:
هذا يصلح ان تجعله الاماميه شرح حال الائمه المعصومين على مذاهبهم، لقوله: فوق ما يرجون، بهم علم الكتاب، و به علموا، و اما نحن فنجعله شرح حال العلماء العارفين و هم اولياء الله الذين ذكرهم (ع) لما نظر الناس الى ظاهر الدنيا و زخرفها من المناكح و الملابس و الشهوات الحسيه، نظروا هم الى باطن الدنيا، فاشتغلوا بالعلوم و المعارف و العباده و الزهد فى الملاذ الجسمانيه، فاماتوا من شهواتهم و قواهم المذمومه كقوه الغضب و قوه الحسد ما خافوا ان يميتهم، و تركوا من الدنيا اقتناء الاموال لعلمهم انها ستتركهم، و انه لا يمكن دوام الصحبه معها، فكان استكثار الناس من تلك الصفات استقلالا عندهم، و بلوغ الناس لها فوتا ايضا عندهم، فهم خصم لما سالمه الناس من الشهوات، و سلم لما عاداه الناس من العلوم و العبادات، و بهم علم الكتاب، لانه لولاهم لما عرف تاويل الايات المتشابهات، و لاخذها الناس على ظواهرها فضلوا و بالكتاب علموا، لان الكتاب دل عليهم، و نبه الناس على مواضعهم، نحو قوله: (انما يخشى الله من عباده العلماء).و قوله: (هل يستوى الذين يعلمون و الذين لايعلمون).و قوله: (و من يوت الحكمه فقد اوتى خيرا كثيرا).و نحو ذلك منالايات التى تنادى عليهم، و تخطب بفضلهم، و بهم قام الكتاب لانهم قرروا البراهين على صدقه و صحه وروده من الله تعالى على لسان جبريل (ع) و لولاهم لم يقم على ذلك دلاله للعوام، و بالكتاب قاموا، اى باتباع اوامر الكتاب و آدابه قاموا، لانه لو لا تادبهم باداب القرآن، و امتثالهم اوامره، لما اغنى عنهم علمهم شيئا، بل كان وباله عليهم، ثم قال: انهم لا يرون مرجوا فوق ما يرجون، و لا مخوفا فوق ما يخافون، و كيف لا يكونون كذلك و مرجوهم مجاوره الله تعالى فى حظائر قدسه، و هل فوق هذا مرجو لراج، و مخوفهم سخط الله عليهم و ابعادهم عن جنابه، و هل فوق هذا مخوف لخائف.
حکمت 425
الشرح:
قد تقدم القول فى نحو هذا مرارا، و قال الشاعر: تفنى اللذاذه ممن نال بغيته من الحرام و يبقى الاثم و العار تبقى عواقب سوء فى مغبتها لا خير فى لذه من بعدها النار و راود رجل امراه عن نفسها، فقالت له: ان امرا يبيع جنه عرضها السموات و الارض بمقدار اصبعين لجاهل بالمساحه، فاستحيا و رجع.حکمت 426
قال الرضى رحمه الله تعالى: و من الناس من يروى هذا لرسول الله (ص)، و مما يقوى انه من كلام اميرالمومنين (ع) ما حكاه ثعلب قال: حدثنا ابن الاعرابى قال: قال المامون: لو لا ان عليا (ع) قال: اخبر تقله، لقلت انا: اقله تخبر.الشرح:
المعنى اختبر الناس و جربهم تبغضهم، فان التجربه تكشف لك مساويهم و سوء اخلاقهم، فضرب مثلا لمن يظن به الخير و ليس هناك، فاما قول المامون: لو لا ان عليا قاله لقلت: اقله تخبر، فليس المراد حقيقه القلى، و هو البغض بل المراد الهجر و القطيعه، يقول: قاطع اخاك مجربا له هل يبقى على عهدك ام ينقضه و يحوله عنك.و من كلام عتبه بن ابى سفيان: طيروا الدم فى وجوه الشباب، فان حلموا و احسنوا الجواب فهم هم، و الا فلاتطمعوا فيهم، يقول: اغضبوهم لان الغضبان يحمر وجهه، فان ثبتوا لذلك الكلام المغضب و حلموا و اجابوا جواب الحليم العاقل، فهم ممن يعقد عليه الخنصر و يرجى فلاحه، و ان سفهوا و شتموا و لم يثبتوا لذلك الكلام فلا رجاء لفلاحهم.و من المعنى الاول قول ابى العلاء: جربت دهرى و اهليه فما تركت لى التجارب فى ود امرى ء غرضا و قال آخر: و كنت ارى ان التجارب عده فخانت ثقات الناس حتى التجارب و قال عبدالله بن معاويه بن عبدالله بن جعفر بن ابى طالب: رايت فضيلا كان شيئا ملففا فابرزه التمحيص حتى بداليا آخر: عتبت على سلم فلما فقدته و جربت اقواما رجعت الى سلم مثله: ذممتك اولا حتى اذا ما بلوت سواك عاد الذم حمدا و لم احمدك من خير و لكن وجدت سواك شرا منك جدا فعدت اليك مضطرا ذليلا لانى لم اجد من ذاك بدا كمجهود تحامى اكل ميت فلما اضطر عاد اليه شدا الذى يتعلق به غرضنا من الابيات هو البيت الاول، و ذكرنا سائرها لحسنها.