خطبه 142-درباره نيكى به نااهل
الشرح:
هذا الكلام يتضمن ذم من يخرج ماله الى الفتيان و الاقران و الشعراء، و نحوهم، و يبتغى به المدح و السمعه، و يعدل عن اخراجه فى وجوه البر و ابتغاء الثواب، قال (ع): ليس له من الحظ الا محمده اللئام و ثناء الاشرار، و قولهم: ما اجود يده! اى ما اسمحه! و هو بخيل بما يرجع الى ذات الله- يعنى الصدقات و ما يجرى مجراها من صله الرحم و الضيافه و فك الاسير و العانى، و هو الاسير بعينه، و انما اختلف اللفظ.و الغارم: من عليه الديون و يقال: صبر فلان نفسه على كذا مخففا، اى حبسها، قال تعالى: (و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم).و قال عنتره يذكر حربا: فصبرت عارفه لذلك حره ترسو اذا نفس الجبان تطلع و فى الحديث النبوى فى رجل امسك رجلا، و قتله آخر فقال (ع): (اقتلوا القاتل و اصبروا الصابر)، اى احبسوا الذى حبسه للقتل الى ان يموت.و قوله: (فان فوزا): افصح من ان يقول: (فان الفوز) او فان فى الفوز كما قال الشاعر: ان شواء و نشوه و خبب البازل الامون من لذه العيش، و الفتى للدهر، والدهر ذو شوون و لم يقل: (ان الشواء و النشوه)، و السر فى هذا انه كانه يجعل هذا الشواء شخصا من جمله اشخاص، داخله تحت نوع واحد، و يقول: ان واحدا منها ايها كان فهو من لذه العيش، و ان لم يحصل له كل اشخاص ذلك النوع، و مراده تقرير فضيله هذه الخصال فى النفوس، اى متى حصل للانسان فوز ما بها، فقد حصل له الشرف، و هذا المعنى و ان اعطاه لفظه (الفوز) بالالف و اللام اذا قصد بها الجنسيه، الا انه قد يسبق الى الذهن منها الاستغراق، لاالجنسيه فاتى بلفظه لاتوهم الاستغراق و هى اللفظه المنكره، و هذا دقيق، و هو من لباب علم البيان.
خطبه 143-در طلب باران
الشرح:
تظلكم: تعلو عليكم، و قد اظلتنى الشجره و استظلت بها.و الزلفه: القربه، يقول ان السماء و الارض اذا جائتا بمنافعكم- اما السماء فبالمطر، و اما الارض فبالنبات- فانهما لم تاتيا بذلك تقربا اليكم، و لا رحمه لكم، و لكنهما امرتا بنفعكم فامتثلتا الامر، لانه امر من تجب طاعته، و لو امرتا بغير ذلك لفعلتاه.و الكلام مجاز و استعاره، لان الجماد لايومر، و المعنى ان الكل مسخر تحت القدره الالهيه، و مراده تمهيد قاعده الاستسقاء، كانه يقول: اذا كانت السماء و الارض ايام الخصب و المطر و النبات لم يكن ما كان منهما محبه لكم، و لا رجاء منفعه منكم، بل طاعه الصانع الحكيم سبحانه فيما سخرهما له، فكذلك السماء و الارض ايام الجدب و انقطاع المطر و عدم الكلا، ليس ما كان منهما بغضا لكم، و لااستدفاع ضرر يخاف منكم، بل طاعه الصانع الحكيم سبحانه فيما سخرهما له، و اذا كان كذلك فبالحرى الا نامل السماء و لا الارض، و ان نجعل آمالنا معلقه بالملك الحق المدبر لهما، و ان نسترحمه و ندعوه و نستغفره، لا كما كانت العرب فى الجاهليه يقولون: مطرنا بنوء كذا، و قد سخط النوء الفلانى على بنى فلان فامحلوا.ثم ذكر (ع) ان الله تعالى يبتلى عباده عندالذنوب بتضييق الارزاق عليهم، و حبس مطر السماء عنهم، و هذا الكلام مطابق للقواعد الكلاميه، لان اصحابنا يذهبون الى ان الغلاء قد يكون عقوبه على ذنب، و قد يكون لطفا للمكلفين فى الواجبات العقليه و هو معنى قوله: (ليتوب تائب...)، الى آخر الكلمات.و يقلع: يكف و يمسك.ثم ذكر ان الله سبحانه جعل الاستغفار سببا فى درور الرزق، و استدل عليه بالايه التى امر نوح (ع) فيها قومه بالاستغفار، يعنى التوبه عن الذنوب، و قدم اليهم الموعد بما هو واقع فى نفوسهم، و احب اليهم من الامور الاجله، فمناهم الفوائد العاجله، ترغيبا فى الايمان و بركاته، و الطاعه و نتائجها، كما قال سبحانه للمسلمين: (و اخرى تحبونها نصر من الله و فتح قريب)، فوعدهم بمحبوب الانفس الذى يرونه فى العاجل عيانا و نقدا لا جزاء و نسيئه.و قال تعالى فى موضع آخر: (و لو ان اهل القرى آمنوا و اتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء و الارض)، و قال سبحانه: (و لو انهم اقاموا التوراه و الانجيل و ما انزل اليهم من ربهم لاكلوا من فوقهم و من تحت الرجلهم).و قال تعالى: (و ان لو استقاموا على الطريقه لاسقيناهم ماء غدقا).(الثواب و العقاب عند المسلمين و اهل الكتاب) و كل ما فى التوراه من الوع
د و الوعيد فهو لمنافع الدنيا و مضارها، اما منافعها فمثل ان يقول: ان اطعتم باركت فيكم، و كثرت من اولادكم و اطلت اعماركم، و اوسعت ارزاقكم، و استبقيت اتصال نسلكم، و نصرتكم على اعدائكم، و ان عصيتم و خالفتم اخترمتكم و نقصت من آجالكم، و شتت شملكم، و رميتكم بالجوع و المحل، و اذللت اولادكم، و اشمت بكم اعدائكم، و نصرت عليكم خصومكم، و شردتكم فى البلاد، و ابتليتكم بالمرض و الذل، و نحو ذلك.و لم يات فى التوراه وعد و وعيد بامر يتعلق بما بعد الموت.