خطبه 122-هنگام نبرد صفين
الشرح:
احسن: علم و وجد، و رباطه جاش اى شده قلب: و الماضى (ربط)، كانه يربط نفسه عن الفرار.و المروى: (رباطه) بالكسر، و لااعرفه نقلا و انما القياس لا ياباه مثل عمر عماره، و خلب خلابه.و الفشل: الجبن.و ذب الرجل عن صاحبه، اى اكثر الذب، و هو الدفع و المنع.و النجده: الشجاعه.و الحثيث: السريع، و فى بعض الروايات: (فليذب عن صاحبه) بالادغام، و فى بعضها (فليذبب) بفك الادغام.و الميته، بالكسر: هيئه الميت كالجلسه: و الركبه هيئه الجالس و الراكب، يقال: مات فلان ميته حسنه، و المروى فى "نهج البلاغه" بالكسر فى اكثر الروايات و قد روى: (من موته) و هو الاليق، يعنى المره الواحده، ليقع فى مقابله الالف.و اعلم انه (ع) اقسم ان القتل اهون من الموت حتف الانف، و ذلك على مقتضى ما منحه الله تعالى من الشجاعه الخارقه لعاده البشر، و هو (ع) يحاول ان يحض اصحابه، و يحرضهم، ليجعل طباعهم مناسبه لطباعه، و اقدامهم على الحرب مماثلا لاقدامه، على عاده الامراء فى تحريض جندهم و عسكرهم، و هيهات! انما هو كما قال ابوالطيب: يكلف سيف الدوله الجيش همه و قد عجزت عنه الجيوش الخضارم و يطلب عند الناس ما عند نفسه و ذلك ما لا تدعيه الضراغمليست النفوس كلها من جوهر واحد، و لا الطباع و الامزجه كلها م واحد و هذه خاصيه توجد لمن يصطفيه الله تعالى من عباده فى الاوقات المتطاوله، و الدهور المتباعده، و ما اتصل بنا نحن من بعد الطوفان، فان التواريخ من قبل الطوفان- مجهوله عندنا- ان احدا اعطى من الشجاعه و الاقدام ما اعطيه هذا الرجل من جميع فرق العالم على اختلافها، من الترك و الفرس و العرب و الروم و غيرهم، و المعلوم من حاله انه كان يوثر الحرب على السلم، و الموت على الحياه، و الموت الذى كان يطلبه و يوثره، انما انما هو القتل بالسيف، لا الموت على الفراش، كما قال الشاعر: لو لم يمت بين اطراف الرماح اذا لمات اذ لم يمت من شده الحزن و كما قال الاخر: يستعذبون مناياهم كانهم لايياسون من الدنيا اذا قتلوا فان قلت: فما قولك فيما اقسم عليه: هل الف ضربه بالسيف اهون الما على المقتول من موته واحده على الفراش بالحقيقه، ام هذا قول قاله على سبيل المبالغه و التجوز، ترغيبا لاصحابه فى الجهاد؟ قلت: الحالف يحلف على احد امرين: احدهما ان يحلف على ظنه و اعتقاده، نحو ان يحلف ان زيدا فى الدار، اى انا حالف و مقسم على انى اظن ان زيدا فى الدار، او انى اعتقد كون زيد فى الدار.و الثا
نى ان يحلف، لا على ظنه، بل يحلف على نفس الامر فى الخارج، فان حملنا قسم اميرالمومنين (ع) على المحمل الاول فقد اندفع السوال، لانه (ع) قد كان يعتقد ذلك، فحلف انه يعتقد و انه يظن ذلك، و هذا لا كلام فيه، و ان حملناه على الثانى فالامر فى الحقيقه يختلف، لان المقتول بسيف صارم معجل للزهوق لايجد من الالم وقت الضربه ما يجده الميت دون النزع من المد و الكف، نعم قد يجد المقتول قبل الضربه الم التوقع لها، و ليس كلامنا فى ذلك، بل فى الم الضربه نفسها، و الف سيف صارم مثل سيف واحد، اذا فرضنا سرعه الزهوق.و اما فى غير هذه الصوره، نحو ان يكون السيف كالا، و تتكرر الضربات به، و الحياه باقيه بعد، و قايسنا بينه و بين ميت يموت حتف انفه موتا سريعا، اما بوقوف القوه الغازيه كما يموت الشيوخ، او باسهال ذريع تسقط معه القوه، و يبقى العقل و الذهن، الى وقت الموت، فان الموت هاهنا اهون و اقل الما، فالواجب ان يحمل كلام اميرالمومنين (ع) اما على جهه التحريض، فيكون قد بالغ كعاده العرب و الخطباء فى المبالغات المجازيه، و اما ان يكون اقسم على انه يعتقد ذلك، و هو صادق فيما اقسم، لانه هكذا كان يعتقد بناء على ما هو مركوز فى طبعه من محبه القتال، و كراهيه ا
لموت على الفراش.و قد روى انه قيل لابى مسلم الخراسانى: ان فى بعض الكتب المنزله: من قتل بالسيف فبالسيف يقتل، فقال: القتل احب الى من اختلاف الاطباء، و النظر فى الماء، و مقاساه الدواء و الداء، فذكر ذلك للمنصور بعد قتل ابى مسلم، فقال: قد ابلغناه محبته!