خطبه 208-گله از قريش - شرح نهج البلاغه نسخه متنی

This is a Digital Library

With over 100,000 free electronic resource in Persian, Arabic and English

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

خطبه 208-گله از قريش

قال الرضى رحمه الله: و قد مضى هذا الكلام فى اثناء خطبه متقدمه، الا انى ذكرته هاهنا لاختلاف الروايتين.

الشرح:

العدوى: طلبك الى وال ليعديك على من ظلمك، اى ينتقم لك منه، يقال: استعديت الامير على فلان فاعدانى، اى استعنت به عليه فاعاننى.

و قطعوا رحمى: و قطعوا قرابتى، اى اجرونى مجرى الاجانب و يجوز ان يريد انهم عدونى كالاجنبى من رسول الله (ص).

و يجوز ان يريد انهم جعلونى كالاجنبى منهم، لاينصرونه، و لايقومون بامره.

و اكفئوا انائى: قلبوه و كبوه، و حذف الهمزه من اول الكلمه افصح و اكثر و قد روى كذلك، و يقال لمن قد اضيعت حقوقه: قد اكفا انائه، تشبيها باضاعه اللبن من الاناء.

و قد اختلفت الروايه فى قوله: (الا ان فى الحق ان تاخذه)، فرواها قوم بالنون، و قوم بالتاء.

و قال الراوندى: انها فى خط الرضى بالتاء.

و معنى ذلك انك ان وليت انت كانت ولايتك حقا، و ان ولى غيرك كانت ولايته حقا، على مذهب اهل الاجتهاد.

و من رواها بالنون، فالمعنى ظاهر.

و الرافد: المعين.

و الذاب: الناصر.

و ضننت بهم: بخلت بهم.

و اغضيت على كذا: صبرت.

و جرعت بالكسر.

و الشجا: ما يعترض فى الحلق.

و الوخز: الطعن الخفيف، و روى (من خز الشفار) و الخز: الق
طع.

و الشفار: جمع شفره، و هى حد السيف و السكين.

و اعلم ان هذا الكلام قد نقل عن اميرالمومنين (ع) ما يناسبه، و يجرى مجراه، و لم يورخ الوقت الذى قاله فيه، و لا الحال التى عناها به، و اصحابنا يحملون ذلك على انه (ع) قاله عقيب الشورى و بيعه عثمان، فانه ليس يرتاب احد من اصحابنا على انه تظلم و تالم حينئذ.

و يكره اكثر اصحابنا حمل امثال هذا الكلام على التالم من يوم السقيفه.

و لقائل ان يقول لهم: اتقولون ان بيعه عثمان لم تكن صحيحه؟ فيقولون: لا، فيقال لهم: فعلى ما ذا تحملون كلامه (ع)، مع تعظيمكم له و تصديقكم لاقواله؟ فيقولون: نحمل ذلك على تالمه و تظلمه منهم اذا تركوا الاولى و الافضل.

فيقال لهم: فلا تكرهوا قول من يقول من الشيعه و غيرهم: ان هذا الكلام و امثاله صدر عنه عقيب السقيفه، و حملوه على انه تالم و تظلم من كونهم تركوا الاولى و الافضل، فانكم لستم تنكرون انه كان الافضل و الاحق بالامر، بل تعترفون بذلك، و تقولون: ساغت امامه غيره، و صحت لمانع كان فيه (ع): و هو ما غلب على ظنون العاقدين للامر من ان العرب لا تطيعه، فانه يخاف من فتنه عظيمه تحدث ان ولى الخلافه لاسباب يذكرونها، و يعدونها، و قد روى كثير من المحدثين انه عقيب يوم
السقيفه تالم و تظلم، و استنجد و استصرخ، حيث ساموه الحضور و البيعه، و انه قال و هو يشير الى القبر: (يا بن ام ان القوم استضعفونى و كادوا يقتلوننى) و انه قال: وا جعفراه! و لا جعفر لى اليوم! وا حمزتاه و لا حمزه لى اليوم! و قد ذكرنا من هذا المعنى جمله صالحه فيما تقدم، و كل ذلك محمول عندنا على انه طلب الامر من جهه الفضل و القرابه، و ليس بدال عندنا على وجود النص، لانه لو كان هناك نص لكان اقل كلفه و اسهل طريقا، و ايسر لما يريد تناولا ان يقول: يا هولاء ان العهد لم يطل، و ان رسول الله (ص) امركم بطاعتى، و استخلفنى عليكم بعده، و لم يقع منه (ع) بعد ما علمتموه و نص ينسخ ذلك، و لايرفعه، فما الموجب لتركى، و العدول عنى! فان قالت الاماميه: كان يخاف القتل لو ذكر ذلك، فقيل لهم: فهلا يخاف القتل و هو يعتل و يدفع ليبايع، و هو يمتنع، و يستصرخ تاره بقبر رسول الله (ص)، و تاره بعمه حمزه و اخيه جعفر- و هما ميتان- و تاره بالانصار، و تاره ببنى عبدمناف، و يجمع الجموع فى داره، و يبث الرسل و الدعاه ليلا و نهارا الى الناس، يذكرهم فضله و قرابته، و يقول للمهاجرين: خصمتم الانصار بكونكم اقرب الى رسول الله (ص)، و انا اخصمكم بما خصمتم به الانصار،
لان القرابه ان كانت هى المعتبره، فانا اقرب منكم.

و هلا خاف من هذا الامتناع، و من هذا الاحتجاج، و من الخلوه فى داره باصحابه، و من تنفير الناس عن البيعه التى عقدت حينئذ لمن عقدت له! و كل هذا اذا تامله المنصف علم ان الشيعه اصابت فى امر، و اخطات فى امر، اما الامر الذى اصابت فيه فقولها: انه امتنع و تلكا، و اراد الامر لنفسه، و اما الامر الذى اخطات فيه، فقولها: انه كان منصوصا عليه نصا جليا بالخلافه، تعلمه الصحابه كلها او اكثرها، و ان ذلك النص خولف طلبا للرئاسه الدنيويه، و ايثارا للعاجله.

و ان حال المخالفين للنص لاتعدو احد امرين: اما الكفر او الفسق، فان قرائن الاحوال و اماراتها لاتدل على ذلك، و انما تدل و تشهد بخلافه، و هذا يقتضى ان اميرالمومنين (ع) كان فى مبدا الامر يظن ان العقد لغيره كان عن غير نظر فى المصلحه، و انه لم يقصد به الا صرف الامر عنه، و الاستئثار عليه، فظهر منه ما ظهر من الامتناع و العقود فى بيته، الى ان صح عنده، و ثبت فى نفسه، انهم اصابوا فيما فعلوه، و انهم لم يميلوا الى هوى، و لا ارادوا الدنيا، و انما فعلوا الاصلح فى ظنونهم، لانه راى من بغض الناس له، و انحرافهم عنه، و ميلهم عليه، و ثوران الاحقاد التى ك
انت فى انفسهم، و احتدام النيران التى كانت فى قلوبهم، و تذكروا التراث التى وتراهم فيما قبل بها، و الدماء التى سفكها منهم، و ارقها.

و تعلل طائفه اخرى منهم للعدول عنه بصغر سنه، و استهجانهم تقديم الشباب على الكهول و الشيوخ.

و تعلل طائفه اخرى منهم بكراهيه الجمع بين النبوه و الخلافه فى بيت واحد، فيجفخون على الناس كما قاله من قاله.

و استصعاب قوم منهم شكيمته و خوفهم تعديه و شدته، و علمهم بانه لا يداجى و لا يحابى، و لايراقب و لا يجامل فى الدين، و ان الخلافه.

تحتاج الى من يجتهد برايه، و يعمل بموجب استصلاحه، و انحراف قوم آخرين عنه، للحسد الذى كان عندهم له فى حياه رسول الله (ص)، لشده اختصاصه له، و تعظيمه اياه، و ما قال فيه فاكثر من النصوص الداله على رفعه شانه و علو مكانه، و ما اختص به من مصاهرته و اخوته، و نحو ذلك من احواله معه، و تنكر قوم آخرين له لنسبتهم اليه العجب و التيه، كما زعموا، و احتقاره العرب، و استصغاره الناس كما عددوه عليه، و ان كانوا عندنا كاذبين و لكنه قول قيل، و امر ذكر، و حال نسبت اليه، و اعانهم عليها ما كان يصدر عنه من اقوال توهم مثل هذا، نحو قوله: (فانا صنائع ربنا، و الناس بعد صنائع لنا)، و ما صح به عن
ده ان الامر لم يكن ليستقيم له يوما واحدا، و لاينتظم و لايستمر، و انه لو ولى الامر لفتقت العرب عليه فتقا يكون فيه استئصال شافه الاسلام و هدم اركانه، فاذعن بالبيعه، و جنح الى الطاعه و امسك عن طلب الامره، و ان كان على مضض و رمض.

و قد روى عنه (ع) ان فاطمه (ع) حرضته يوما على النهوض و الوثوب فسمع صوت الموذن: (اشهد ان محمدا رسول الله)، فقال لها: ايسرك زوال هذا النداء من الارض! قالت: لا، قال: فانه ما اقول لك.

و هذا المذهب هو اقصد المذاهب و اصحها، و اليه يذهب اصحابنا المتاخرون من البغداديين، و به يقول.

و اعلم ان حال على (ع) فى هذا المعنى اشهر من ان يحتاج فى الدلاله عليها الى الاسهاب و الاطناب، فقد رايت انتقاض العرب عليه من اقطارها حين بويع بالخلافه بعد وفاه رسول الله (ص) بخمس و عشرين سنه، و فى دون هذه المده تنسى الاحقاد، و تموت التراث، و تبرد الاكباد الحاميه، و تسلو القلوب الواجده، و يعدم قرن من الناس، و يوجد قرن، و لايبقى من ارباب تلك الشحناء و البغضاء الا الاقل، فكانت حاله بعد هذه المده الطويله مع قريش كانها حاله لو افضت الخلافه اليه يوم وفاه ابن عمه (ص)، من اظهار ما فى النفوس، و هيجان ما فى القلوب، حتى ان الاخلاف
من قريش، و الاحداث و الفتيان الذين لم يشهدوا وقائعه و فتكاته فى اسلافهم و آبائهم، فعلوا به ما لو كانت الاسلاف احياء لقصرت عن فعله، و تقاعست عن بلوغ شاوه، فكيف كانت تكون حاله لو جلس على منبر الخلافه، و سيفه بعد يقطر دما من مهج العرب، لا سيما قريش الذين بهم كان ينبغى- لو دهمه خطب- ان يعتضد، و عليهم كان يجب ان يعتمد! اذن كانت تدرس اعلام المله و تنعفى رسوم الشريعه، و تعود الجاهليه الجهلاء على حالها، و يفسد ما اصلحه رسول الله (ص) فى ثلاث و عشرين سنه فى شهر واحد، فكان من عنايه الله تعالى بهذا الدين ان الهم الصحابه ما فعلوه، و الله متم نوره و لو كره المشركون.

(فصل فى ان جعفرا و حمزه لو كان حيين لبايعا عليا) و سالت النقيب اباجعفر يحيى بن محمد بن ابى يزيد رحمه الله، قلت له: اتقول: ان حمزه و جعفرا لو كانا حيين يوم مات رسول الله (ص)، اكانا يبايعانه بالخلافه؟ فقال: نعم، كانا اسرع الى بيعه من النار فى يبس العرفج.

فقلت له: اظن ان جعفرا كان يبايعه و يتابعه، و ما اظن حمزه كذلك، و اراه جبارا، قوى النفس، شديد الشكيمه، ذاهبا بنفسه، شجاعا بهمه، و هو العم و الاعلى سنا، و آثاره فى الجهاد معروفه، و اظنه كان يطلب الخلافه لنفسه!فقال: الامر فى اخلاقه و سجاياه كما ذكرت، و لكنه كان صاحب دين متين، و تصديق خالص لرسول الله (ص)، و لو عاش لراى من احوال على (ع) مع رسول الله (ص) ما يوجب ان يكسر له نخوته، و ان يقيم له صعره، و ان يقدمه على نفسه، و ان يتوخى رضا الله و رضا رسوله فيه، و ان كان بخلاف ايثاره.

ثم قال: اين خلق حمزه السبعى من خلق على الروحانى اللطيف، الذى جمع بينه و بين خلق حمزه، فانصفت بهما نفس واحده! و اين هيولانيه نفس حمزه، و خلوها من العلوم من نفس على القدسيه التى ادركت بالفطره لا بالقوه التعليميه ما لم تدركه نفوس مدققى الفلاسفه الالهيين! لو ان حمزه حيى حتى راى من على ما رآه غيره، لكان اتبع له من ظله، و اطوع له من ابى ذر و المقداد! و اما قولك: هو و العم و الاعلى سنا، فقد كان العباس العم و الاعلى سنا، و قد عرفت ما بذله له و ندبه اليه، و كان ابوسفيان كالعم، و كان اعلى سنا، و قد عرفت ما عرضه عليه.

ثم قال: ما زالت الاعمام تخدم ابناء الاخوه، و تكون اتباعا لهم، الست ترى داود بن على، و عبدالله بن على، و صالح بن على، و سليمان بن على، و عيسى بن على، و اسماعيل ابن على، و عبدالصمد بن على خدموا ابن اخيهم- و هو عبدالله السفاح بن محمد بن على- و
بايعوه و تابعوه، و كانوا امراء جيوشه و انصاره و اعوانه! الست ترى حمزه و العباس اتبعا ابن اخيهما صلوات الله عليه، و اطاعاه و رضيا برياسته، و صدقا دعوته! الست تعلم ان اباطالب كان رئيس بنى هاشم و شيخهم، و المطاع فيهم، و كان محمد رسول الله (ص) يتيمه و مكفوله، و جاريا مجرى احد اولاده عنده، ثم خضع له، و اعترف بصدقه، و دان لامره، حتى مدحه بالشعر كما يمدح الادنى الاعلى فقال فيه: و ابيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمه للارامل يطيف به الهلاك من آل هاشم فهم عنده فى نعمه و فواضل و ان سرا اختص به محمد (ص)، حتى اقام اباطالب- و حاله معه حاله- مقام المادح له لسر عظيم و خاصيه شريفه، و ان فى هذا لمعتبر عبره ان يكون هذا الانسان الفقير الذى لا انصار له و لا اعوان معه، و لايستطيع الدفاع عن نفسه، فضلا عن ان يقهر غيره، تعمل دعوته و اقواله فى الانفس ما تعمله الخمر فى الابدان المعتدله المزاج، حتى تطيعه اعمامه و يعظمه مربيه و كافله، و من هو الى آخر عمره القيم بنفقته، و غذاء بدنه، و كسوه جسده، حتى يمدحه بالشعر كما يمدح الشعراء الملوك و الروساء! و هذا فى باب المعجزات عند المنصف اعظم من انشقاق القمر، و انقلاب العصا، و من اب
ناء القوم بما ياكلون و ما يدخرون فى بيوتهم.

ثم قال رحمه الله: كيف قلت: اظن ان جعفرا كان يبايعه و يتابعه، و لااظن فى حمزه ذلك! ان كنت قلت ذلك لانه اخوه فانه اعلى منه سنا، هو اكبر من على بعشر سنين، و قد كانت له خصائص و مناقب كثيره، و قال فيه النبى (ص) قولا شريفا اتفق عليه المحدثون، قال له لما افتخر هو و على و زيد بن حارثه، و تحاكموا الى رسول الله (ص): (اشبهت خلقى و خلقى) فخجل فرحا، ثم قال لزيد: انت مولانا و صاحبنا)، فخجل ايضا، ثم قال لعلى: (انت اخى و خالصتى)، قالوا: فلم يخجل، قالوا: كان ترادف التعظيم له و تكرره عليه لم يجعل عنده للقول ذلك الموضع، و كان غيره اذا عظم عظم نادرا، فيحسن موقعه عنده.

و اختلف الناس فى اى المدحتين اعظم.

فقلت له: قد وقفت لابى حيان التوحيدى فى كتاب "البصائر" على فصل عجيب يمازج ما نحن فيه، قال فى الجزء الخامس من هذا الكتاب: سمعت قاضى القضاه اباسعد بشر بن الحسين- و ما رايت رجلا اقوى منه فى الجدل- فى مناظره جرت بينه و بين ابى عبدالله الطبرى و قد جرى حديث جعفر بن ابى طالب، و حديث اسلامه، و التفاضل بينه و بين اخيه على، فقال القاضى ابوسعد: اذا انعم النظر.

علم ان اسلام جعفر كان بعد بلوغ، و اسلا
م البالغ لايكون الا بعد استبصار و تبين و معرفه بقبح ما يخرج منه، و حسن ما يدخل فيه، و ان اسلام على مختلف فى حاله، و ذلك انه قد ظن انه كان عن تلقين لاتبيين الى حين بلوغه، و اوان تعقبه و نظره.

و قد علم ايضا انهما قتلا، و ان قتله جعفر شهاده بالاجمال، و قتله على فيها اشد الاختلاف.

ثم خص الله جعفرا بان قبضه الى الجنه قبل ظهور التباين، و اضطراب الحبل، و كثره الهرج، و على انه لو انعقد الاجماع، و تظاهر جميع الناس على ان القتلتين شهاده، لكانت الحال فى الذى رفع اليها جعفر اغلظ و اعظم، و ذلك انه قتل مقبلا غير مدبر، و اما على فانه اغتيل اغتيالا، و قصد من حيث لايعلم، و شتان ما بين من فوجى ء بالموت و بين من عاين مخايل الموت! و تلقاه بالنحر و الصدر، و عجل الى الله بالايمان و الصدق! الا تعلم ان جعفرا قطعت يمناه، فامسك اللواء بيسراه، و قطعت يسراه فضم اللواء الى حشاه، ثم قاتله ظاهر الشرك بالله و قاتل على ممن صلى الى القبله، و شهد الشهاده، و اقدم عليه بتاويل، و قاتل جعفر كافر بالنص الذى لاخلاف فيه! اما تعلم ان جعفرا ذو الجناحين، و ذو الهجرتين الى الحبشه و المدينه! قال النقيب رحمه الله: اعلم- فداك شيخك- ان اباحيان رجل ملحد زندي
ق، يحب التلاعب بالدين، و يخرج ما فى نفسه فيعزوه الى قوم لم يقولوه.

و اقسم بالله ان القاضى اباسعد لم يقل من هذا الكلام لفظه و احده، و لكنها من موضوعات ابى حيان و اكاذيبه و ترهاته، كما يسند الى القاضى ابى حامد المرورذى كل منكر، و يروى عنه كل فاقره.

ثم قال: يا اباحيان! مقصودك ان تجعلها مساله خلاف تثير بها فتنه بين الطالبيين، لتجعل باسهم بينهم! و كيف تقلبت الاحوال فالفخر لهم لم يخرج عنهم! ثم ضحك رحمه الله حتى استلقى و مد رجليه، و قال: هذا كلام يستغنى عن الاطاله فى ابطاله باجماع المسلمين، فانه لاخلاف بين المسلمين فى ان عليا افضل من جعفر، و انما سرق ابوحيان هذا المعنى الذى اشار اليه من رساله المنصور ابى جعفر الى محمد بن عبدالله، النفس الزكيه، قال له: و كانت بنو اميه يلعنون اباك فى ادبار الصلوات المكتوبات، كما تلعن الكفره، فعنفناهم و كفرناهم، و بينا فضله و اشدنا بذكره، فاتخذت، ذلك علينا حجه، و ظننت انه لما ذكرناه من فضله انا قدمناه على حمزه و العباس و جعفر، اولئك مضوا سالمين مسلمين منهم، و ابتلى ابوك بالدماء! فقلت له رحمه الله: و اذا لا اجماع فى المساله، لان المنصور لم يقل بتفضيله عليهم، و انت ادعيت الاجماع، فقال: ان الاجماع قد سبق هذا القائل، و كل قول قد سبقه الاجماع لايعتد به.

فلما خرجت من عند النقيب ابى جعفر بحثت فى ذلك اليوم فى هذا الموضوع مع احمد بن جعفر الواسطى رحمه الله- و كان ذا فضل و عقل، و كان امامى المذهب- فقال لى: صدق النقيب فيما قال! الست تعلم ان اصحابكم المعتزله على قولين: احدهما ان اكثر المسلمين ثوابا ابوبكر، و الاخر ان اكثرهم ثوابا على، و اصحابنا يقولون: ان اكثر المسلمين ثوابا على، و كذلك الزيديه.

و اما الاشعريه و الكراميه و اهل الحديث، فيقولون: اكثر المسلمين ثوابا ابوبكر، فقد خلص من مجموع هذه الاقوال ان ثواب حمزه و جعفر دون ثواب على (ع)، اما على قول الاماميه و الزيديه و البغداديين كافه، و كثير من البصريين من المعتزله، فالامر ظاهر، و اما الباقون فعندهم ان اكثر المسلمين ثوابا ابوبكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم على، و لم يذهب ذاهب الى ان ثواب حمزه و جعفر اكثر من ثواب على من جميع الفرق.

فقد ثبت الاجماع الذى ذكره النقيب، اذا فسرنا الافضليه بالاكثريه ثوابا، و هو التفسير الذى يقع الحجاج و الجدال فى اثباته لاحد الرجلين.

و اما اذا فسرنا الافضليه بزياده المناقب و الخصائص و كثره النصوص الداله على التعظيم، فمعلوم ان احد
ا من الناس لايقارب عليا (ع) فى ذلك، لا جعفر، و لا حمزه و لا غيرهما.

ثم وقع بيدى بعد ذلك كتاب لشيخنا ابى جعفر الاسكافى، ذكر فيه ان مذهب بشر بن المعتمر، و ابى موسى، و جعفر بن مبشر، و سائر قدماء البغداديين ان افضل المسلمين على بن ابى طالب، ثم ابنه الحسن، ثم ابنه الحسين ثم حمزه بن عبدالمطلب، ثم جعفر بن ابى طالب، ثم ابوبكر بن ابى قحافه، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان ابن عفان.

قال: و المراد بالافضل اكرمهم عندالله، اكثرهم ثوابا، و ارفعهم فى دار الجزاء منزله.

ثم وقفت بعد ذلك على كتاب لشيخنا ابى عبدالله البصرى يذكر فيه هذه المقاله، و ينسبها الى البغداديين، و قال: ان الشيخ اباالقاسم البلخى، كان يقول بها، و قبله الشيخ ابوالحسين الخياط، و هو شيخ المتاخرين من البغداديين، قالوا كلهم بها، فاجبنى هذا المذهب، و سررت بان ذهب الكثير من شيوخنا اليه، و نظمته فى الارجوزه التى شرحت فيها عفيده المعتزله، فقلت: و خير خلق الله بعد المصطفى اعظمهم يوم الفخار شرفا السيد المعظم الوصى بعل البتول المرتضى على و ابناه ثم حمزه و جعفر ثم عتيق بعدهم لاينكر المخلص الصديق ثم عمر فاروق دين الله ذاك القسور و بعده عثمان ذو النورين هذا
هو الحق بغير مين

الشرح:

عضوا على اسيافهم، كنايه عن الصبر فى الحرب و ترك الاستسلام، و هى كنايه فصيحه، شبه قبضهم على السيوف بالعض، و قد قدمنا ذكر ما جرى، و ان عسكر الجمل قتلوا طائفه من شيعه اميرالمومنين (ع) بالبصره بعد ان امنوهم غدرا، و ان بعض الشيعه صبر فى الحرب و لم يستسلم، و قاتل حتى قتل، مثل حكيم بن جبله العبدى و غيره.

و روى: (و طائفه عضوا على اسيافهم) بالرفع، تقديره: و منهم طائفه.

قرات فى كتاب "غريب الحديث" لابى محمد عبدالله بن قتيبه فى حديث حذيفه بن اليمان، انه ذكر خروج عائشه، فقال: (تقاتل معها مضر، مضرها الله فى النار، و ازد عمان سلت الله اقدامها، و ان قيسا لن تنفك تبغى دين الله شرا، حتى يركبها الله بالملائكه، فلا يمنعوا ذنب تلعه).

قلت: هذا الحديث من اعلام نبوه سيدنا محمد (ص)، لانه اخبار عن غيب تلقاه حذيفه عن النبى (ص)، و حذيفه اجمع اهل السيره على انه مات فى الايام التى قتل عثمان فيها اتاه نعيه و هو مريض، فمات و على (ع) لم يتكامل بيعه الناس، و لم يدرك الجمل.

و هذا الحديث يوكد مذهب اصحابنا فى فسق اصحاب الجمل، الا من ثبتت توبته منهم، و هم الثلاثه.

/ 614