خطبه 194-پرداختن به آخرت
الشرح:
ذكر ابوالعباس محمد بن يزيد المبرد فى "الكامل" عن الاصمعى، قال: خطبنا اعرابى بالباديه، فحمد الله و استغفره، و وحده و صلى على نبيه (ص)، فابلغ فى ايجاز، ثم قال: ايها الناس، ان الدنيا دار بلاغ، و الاخره دار قرار، فخذوا لمقركم من ممركم، و لاتهتكوا استاركم، عند من لاتخفى عليه اسراركم.فى الدنيا انتم، و لغيرها خلقتم.اقول قولى هذا و استغفر الله لى و لكم، و المصلى عليه رسول الله، و المدعو له الخليفه، و الامير جعفر بن سليمان.و ذكر غيره الزياده التى فى كلام اميرالمومنين (ع)، و هى: (ان المرء اذا هلك...)، الى آخر الكلام.و اكثر الناس على ان هذا الكلام لاميرالمومنين (ع).و يجوز ان يكون الاعرابى حفظه فاورده كما يورد الناس كلام غيرهم.قوله (ع): (دار مجاز)، اى يجاز فيها الى الاخره، و منه سمى المجاز فى الكلام مجازا، لان المتكلم قد عبر الحقيقه الى غيرها، كما يعبر الانسان من موضع الى موضع.و دار القرار: دار الاستقرار الذى لا آخر له.فخذوا من ممركم، اى من الدنيا.لمقركم، و هو الاخره.قوله (ع): (قال الناس: ما ترك!) يريد ان بنى آدم مشغولون بالعاجله، لايفكرون فى غيرها، و لايتسائلون الا عنها، فاذا هلك احدكم،فانما قولهم بعضهم لبعض: ما الذى ترك فلان من المال؟ ما الذى خلف من الولد؟ و اما الملائكه فانهم يعرفون الاخره، و لاتستهويهم شهوات الدنيا، و انما هم مشغولون بالذكر و التسبيح، فاذا هلك الانسان، قالوا: ما قدم؟ اى اى شى ء قدم من الاعمال؟ انها تبقى لهم و نهاهم ان ثم امرهم (ع)، بان يقدموا من اموالهم بعضها صدقه، فانها يخلفوا اموالهم كلها بعد موتهم، فتكون وبالا عليهم فى الاخره.