خطبه 165-تحريض به الفت با يكديگر
الشرح:
امرهم (ع) ان يتاسى الصغير منهم بالكبير فى اخلاقه و آدابه، فان الكبير لكثره التجربه احزم و اكيس، و ان يراف الكبير بالصغير.و الرافه: الرحمه، لان الصغير مظنه الضعف و الرقه.ثم نهاهم عن خلق الجاهليه فى الجفاء و القسوه، و قال: انهم لايتفقهون فى دين و لايعقلون عن الله ما يامرهم به، و هذا من قول الله سبحانه: (صم بكم عمى فهم لايعقلون).و روى: (تتفقهون) بتاء الخطاب.ثم شبههم ببيض الافاعى فى الاعشاش، يظن بيض القطا فلا يحل لمن رآه ان يكسره لانه يظنه بيض القطا، و حضانه يخرج شرا، لانه يفقص عن افعى.و استعار لفظه (الاداحى) للاعشاش مجازا، لان الاداحى لاتكون الا للنعام تدحوها بارجلها و تبيض فيها، و دحوها: توسيعها، من دحوت الارض.و القيض: الكسر و الفلق، قضت القاروره و البيضه، و انقاضت هى، و انقاض الجدار انقياضا، اى تصدع من غير ان يسقط، فان سقط قيل: تقيض تقيضا، و تقوض تقوضا، و قوضته انا و تقول للبيضه اذا تكسرت فلقا: تقيضت تفيضا، فان تصدعت و لم تنفلق، قلت: انقاضت، فهى مناقضه و القاروره مثله.الشرح:
هو (ع): يذكر حال اصحابه و شيعته بعده، فيقول: افترقوا بعد الفتهم، اى بعد اجتماعهم.و تشتتوا عن اصلهم، اى عنى بعد مفارقتى، فمنهم آخذ بغصن، اى يكون منهم من يتمسك بمن اخلفه بعدى من ذريه الرسول، اينما سلكوا سلكوا معهم، و تقدير الكلام: و منهم من لايكون هذه حاله لكنه لم يذكره (ع)، اكتفاء بذكر القسم الاول لانه دال على القسم الثانى.ثم قال: على ان هولاء القوم: من ثبت منهم على عقيدته فينا و من لم يثبت، لابد ان يجمعهم الله تعالى لشر يوم لبنى اميه، و كذا كان، فان الشيعه الهاشميه اجتمعت على ازاله ملك بنى مروان: من كان منهم ثابتا على ولاء على بن ابى طالب (ع)، و من حاد منهم عن ذلك، و ذلك فى اواخر ايام مروان الحمار، عند ظهور الدعوه الهاشميه.و قزع الخريف: جمع قزعه، و هى سحب صغار تجتمع فتصير ركاما، و هو ما كثف من السحاب.و ركمت الشى ء اركمه، اذا جمعته و القيت بعضه على بعض.و مستثارهم: موضع ثورتهم.و الجنتان: هما اللتان قال الله تعالى فيهما: (لقد كان لسبا فى مسكنهم آيه جنتان عن يمين و شمال).و سلط الله عليهما السيل، قال الله تعالى: (فاعرضوا فارسلنا عليهم سيل العرم).فشبه (ع) سيلان الجيوش الى بنى اميه بالسيل المسلط على تينك الجنتين.فانه لم تسلم عليه قاره، و هى الجبيل الصغير.و لم تثبت له اكمه، و هى التلعه من الارض.و لم يرد سننه، اى طريقه.طود مرصوص، اى جبل شديد التصاق الاجزاء بعضها ببعض.و لا حداب ارض.جمع حدبه و هى الروابى و النجاد.ثم قال: (يذعذعهم الله، الذعذعه بالذال المعجمه مرتين: التفريق، و ذعذعه الشر: اذاعته.ثم يسلكهم ينابيع فى الارض، من الفاظ القرآن، و المراد انه كما ان الله تعالى ينزل من السماء ماء فيستكن فى اعماق الارض، ثم يظهر منها ينابيع الى ظاهرها، كذلك هولاء القوم، يفرقهم الله تعالى فى بطون الاوديه و غوامض الاغوار، ثم يظهرهم بعد الاختفاء فياخذ بهم من قوم حقوق آخرين، و يمكن منهم قوما من ملك قوم و ديارهم.ثم اقسم ليذوبن ما فى ايدى بنى اميه بعد علوهم و تمكينهم، كما تذوب الاليه على النار، و همزه (الاليه) مفتوحه، و جمعها اليات، بالتحريك، و التثنيه اليان بغير تاء قال الراجز: ترتج الياه ارتجاج الوطب و جمع الاليه الاء على (فعال) و كبش آلى على (افعل) و نعجه (الياء) و الجمع الى على (فعل)، و يقال ايضا: كبش اليان بالتحريك، و كباش اليانات، و رجل اليا، اى عظيم الاليه، و امراه عجزاء و لاتقل: (الياء) و ق
د قاله بعضهم.و قد الى الرجل بالكسر يالى: عظمت اليته.ثم قال: لو لاتخاذلكم لم يطمع فيكم من هو دونكم.و تهنوا، مضارع وهن، اى ضعف، و هو من الفاظ القرآن ايضا.و تهتم متاه بنى اسرائيل: حرتم و ضللتم الطريق، و قد جاء فى المسانيد الصحيحه ان رسول الله (ص)، قال: (لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل، و القذه بالقذه، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)، فقيل: يا رسول الله، اليهود و النصارى؟ قال: فمن اذا! و من الاخبار الصحيحه ايضا: (امتهوكون انتم كما تهوكت اليهود و النصارى!).و فى صحيحى البخارى و مسلم رحمهما الله انه سيجاء يوم القيامه باناس من امتى، فيوخذ بهم ذات الشمال، فاذا رايتهم اختلجوا دونى، قلت: اى رب، اصحابى! فيقال لى: انك لاتدرى ما عملوا بعدك؟ فاقول ما قال العبد الصالح: (و كنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت انت الرقيب عليهم و انت على كل شى ء شهيد): الاسناد فى هذا الحديث عن ابن عباس رضى الله عنه.و فى الصحيحين ايضا، عن زينب بنت جحش قالت: استيقظ رسول الله (ص) يوما من نومه محمرا وجهه، و هو يقول: (لا اله الا الله.ويل للعرب من شر قد اقترب!) فقلت: يا رسول الله، انهلك، و فينا الصالحون! فقال: (نعم، اذا كثر الخبث).و فى الصحيحين ايضا: (يهلك امتى هذا ا
لحى من قريش)، قالوا: يا رسول الله، فما تامرنا؟ قال: (لو ان الناس اعتزلوهم)، رواه ابوهريره عنه (ص).ثم قال (ع): (ليضعفن لكم التيه من بعدى).يعنى الضلال، يضعفه لكم الشيطان و انفسكم بما خلفتم الحق وراء ظهوركم، اى لاجل ترككم الحق.و قطعكم الادنى- يعنى نفسه.و وصلكم الابعد، يعنى معاويه.و يروى: (ان اتبعتم الراعى لكم)، بالراء.و الاعتساف: سلوك غير الطريق.و الفادح: الثقل، فدحه الدين: اثقله.