نامه 011-به گروهى از سپاهيان - شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

و الثائر: طالب الثار.

و قوله: (قد علمت حيث وقع دم عثمان فاطلبه من هناك)، يريد به ان كنت تطلب ثارك من عند من اجلب و حاصر، فالذى فعل ذلك طلحه و الزبير، فاطلب ثارك من بنى تميم و من بنى اسد بن عبد العزى، و ان كنت تطلبه ممن خذل، فاطلبه من نفسك فانك خذلته، و كنت قادرا على ان ترفده و تمده بالرجال، فخذلته و قعدت عنه بعد ان استنجدك و استغاث بك.

و تضج: تصوت.

و الجاحده: المنكره، و الحائده: العادله عن الحق.

و اعلم ان قوله: (و كانى بجماعتك يدعوننى جزعا من السيف الى كتاب الله تعالى)، اما ان يكون فراسه نبويه صادقه، و هذا عظيم، و اما ان يكون اخبارا عن غيب مفصل، و هو اعظم و اعجب، و على كلا الامرين فهو غايه العجب.

و قد رايت له ذكر هذا، المعنى فى كتاب غير هذا، و هو: اما بعد فما اعجب ما ياتينى منك، و ما اعلمنى بمنزلتك التى انت اليها صائر، و نحوها سائر، و ليس ابطائى عنك الا لوقت انا به مصدق، و انت به مكذب، و كانى اراك و انت تضج من الحرب، و اخوانك يدعوننى خوفا من السيف، الى كتاب هم به كافرون، و له جاحدون.

و وقفت له (ع) على كتاب آخر الى معاويه يذكر فيه هذا المعنى، اوله: اما بعد، فطالما دعوت انت و اولياوك اولياء الشيطان
الحق اساطير، و نبذتموه وراء ظهوركم، و حاولتم اطفائه بافواهكم، (و يابى الله الا ان يتم نوره و لو كره الكافرون).

و لعمرى لينفذن العلم فيك، و ليتمن النور بصغرك و قمائتك، و لتخسان طريدا مدحورا، او قتيلا مثبورا، و لتجزين بعملك حيث لا ناصر لك، و لامصرخ عندك.

و قد اسهبت فى ذكر عثمان، و لعمرى ما قتله غيرك، و لاخذله سواك، و لقد تربصت به الدوائر، و تمنيت له الامانى، طمعا فيما ظهر منك، و دل عليه فعلك، و انى لارجو ان الحقك به على اعظم من ذنبه، و اكبر من خطيئته.

فانا ابن عبد المطلب صاحب السيف، و ان قائمه لفى يدى، و قد علمت من قتلت به من صناديد بنى عبد شمس، و فراعنه بنى سهم و جمح و بنى مخزوم، و ايتمت ابنائهم، و ايمت نسائهم.

و اذكرك ما لست له ناسيا، يوم قتلت اخاك حنظله، و جررت برجله الى القليب، و اسرت اخاك عمرا، فجعلت عنقه بين ساقيه رباطا، و طلبتك ففررت و لك حصاص، فلولا انى لااتبع فارا، لجعلتك ثالثهما، و انا اولى لك بالله اليه بره غير فاجره، لئن جمعتنى و اياك جوامع الاقدار، لاتركنك مثلا يتمثل به الناس ابدا، و لاجعجعن بك فى مناخك حتى يحكم الله بينى و بينك، و هو خير الحاكمين.

و لئن انسا الله فى اجلى قليلا لاغزينك سرايا المسل
مين، و لانهدن اليك فى جحفل من المهاجرين و الانصار، ثم لااقبل لك معذره و لاشفاعه، و لااجيبك الى طلب و سوال، و لترجعن الى تحيرك و ترددك و تلددك، فقد شاهدت و ابصرت و رايت سحب الموت كيف هطلت عليك بصيبها حتى اعتصمت بكتاب انت و ابوك اول من كفر و كذب بنزوله.

و لقد كنت تفرستها، و آذنتك انك فاعلها، و قد مضى منها مامضى، و انقضى من كيدك فيها ما انقضى، و انا سائر نحوك على اثر هذا الكتاب، فاختر لنفسك، و انظر لها، و تداركها، فانك ان فطرت و استمررت على غيك و غلوائك حتى ينهد اليك عبادالله، ارتجت عليك الامور، و منعت امرا هو اليوم منك مقبول.

يابن حرب، ان لجاجك فى منازعه الامر اهله من سفاه الراى، فلا يطمعنك اهل الضلال، و لايوبقنك سفه راى الجهال، فو الذى نفس على بيده لئن برقت فى وجهك بارقه من ذى الفقار لتصعقن صعقه لاتفيق منها حتى ينفخ فى الصور النفخه التى يئست منها (كما يئس الكفار من اصحاب القبور).

و اعلم ان هذه الخطبه قد ذكرها نصر بن مزاحم فى كتاب "صفين" على وجه يقتضى ان ما ذكره الرضى- رحمه الله- منها قد ضم اليه بعض خطبه اخرى، و هذه عادته، لان غرضه التقاط الفصيح و البليغ من كلامه، و الذى ذكره نصر بن مزاحم هذه صورته: من عبدالل
ه على اميرالمومنين الى معاويه بن ابى سفيان، سلام على من اتبع الهدى فانى احمد اليك الله الذى لا اله الا هو، اما بعد، فانك قد رايت مرور الدنيا و انقضائها و تصرمها و تصرفها باهلها، و خير ما اكتسب من الدنيا ما اصابه العباد الصالحون منها من التقوى، و من يقس الدنيا بالاخره يجد بينهما بعيدا.

و اعلم يا معاويه انك قد ادعيت امرا لست من اهله لا فى القديم و لا فى الحديث، و لست تقول فيه بامر بين يعرف له اثر، و لا عليك منه شاهد (من كتاب الله)، و لست متعلقا بايه من كتاب الله، و لا عهد من رسول الله (ص)، فكيف انت صانع اذا تقشعت عنك غيابه ما انت فيه من دنيا قد فتنت بزينتها، و ركنت الى لذاتها، و خلى بينك و بين عدوك فيها، و هو عدو و كلب مضل جاهد مليح، ملح، مع ما قد ثبت فى نفسك من جهتها، دعتك فاحبتها، و قادتك فاتبعتها، و امرتك فاطعتها، فاقعس عن هذا الامر، و خذ اهبه الحساب، فانه يوشك ان يقفك واقف على ما لايجنك مجن.

و متى كنتم يا معاويه ساسه الرعيه، او ولاه لامر هذه الامه، بلا قدم حسن، و لا شرف تليد على قومكم، فاستيقظ من سنتك، و ارجع الى خالقك، و شمر لما سينزل بك، و لاتمكن عدوك الشيطان من بغيته فيك، مع انى اعرف ان الله و رسوله صاد
قان، نعوذ بالله من لزوم سابق الشقاء و الا تفعل فانى اعلمك ما اغفلت من نفسك، انك مترف، قد اخذ منك الشيطان ماخذه، فجرى منك مجرى الدم فى العروق، و لست من ائمه هذه الامه و لا من رعاتها.

و اعلم ان هذا الامر لو كان الى الناس او بايديهم لحسدوناه، و لامتنوا علينا به، و لكنه قضاء ممن منحناه و اختصنا به، على لسان نبيه الصادق المصدق، لاافلح من شك بعد العرفان و البينه! رب احكم بيننا و بين عدونا بالحق و انت خير الحاكمين.

قال نصر: فكتب معاويه اليه الجواب: من معاويه بن ابى سفيان الى على بن ابى طالب، اما بعد، فدع الحسد، فانك طالما لم تنتفع به، و لاتفسد سابقه جهادك بشره نخوتك، فان الاعمال بخواتيمها، و لاتمحص سابقتك بقتال من لا حق لك فى حقه، فانك ان تفعل لاتضر بذلك الا نفسك، و لاتمحق الا عملك، و لاتبطل الا حجتك، و لعمرى ان ما مضى لك من السابقات لشبيه ان يكون ممحوقا، لما اجترات عليه من سفك الدماء، و خلاف اهل الحق، فاقرا السوره التى يذكر فيها الفلق و تعوذ من نفسك فانك الحاسد اذا حسد.

نامه 011-به گروهى از سپاهيان

الشرح:

المعسكر، بفتح الكاف: موضع العسكر، و حيث ينزل.

الاشراف: الاماكن العاليه، و قبلها: ما استقبلك منها، و ضده الدبر.

و سفاح الجبال: اسافلها حيث يسفح منها الماء.

و اثناء الانهار: ما انعطف منها، واحدها ثنى.

و المعنى انه امرهم ان ينزلوا مسندين ظهورهم الى مكان عال كالهضاب العظيمه، او الجبال، او منعطف الانهار التى تجرى مجرى الخنادق على العسكر ليامنوا بذلك من البيات، و ليامنوا ايضا من اتيان العدو لهم من خلفهم، و قد فسر ذلك بقوله: كيما يكون لكم ردئا، و الردء: العون، قال الله تعالى: (فارسله معى ردئا يصدقنى).

و دونكم مردا، اى حاجزا بينكم و بين العدو.

ثم امرهم بان يكون مقاتلتهم- بفتح التاء، و هى مصدر (قاتل)- من وجه واحد او اثنين.

اى لاتتفرقوا، و لايكن قتالكم العدو فى جهات متشعبه، فان ذلك ادعى الى الوهن، و اجتماعكم ادعى الى الظفر، ثم امرهم ان يجعلوا رقباء فى صياصى الجبال.

و صياصى الجبال: اعاليها و ما جرى مجرى الحصون منها، و اصل الصياصى القرون، ثم استعير ذلك للحصون لانه يمتنع بها كما يمتنع ذو القرن بقرنه.

و مناكب الهضاب: اعاليها، لئلا ياتيكم العدو اما من حيث تامنون، او من حيث تخافون.

قوله (ع): (مقدمه الق
وم عيونهم)، المقدمه، بكسر الدال، و هم الذين يتقدمون الجيش، اصله مقدمه القوم، اى الفرقه المتقدمه.

و الطلائع: طائفه من الجيش تبعث ليعلم منها احوال العدو.

و قال (ع): المقدمه عيون الجيش.

و الطلائع عيون المقدمه، فالطلائع اذا عيون الجيش.

ثم نهاهم عن التفرق، و امرهم ان ينزلوا جميعا و يرحلوا جميعا، لئلا يفجاهم العدو بغته على غير تعبيه و اجتماع، فيستاصلهم، ثم امرهم ان يجعلوا الرماح كفه اذا غشيهم الليل، و الكاف مكسوره، اى اجعلوها مستديره حولكم كالدائره، و كل ما استدار كفه بالكسر، نحو كفه الميزان، و كل ما استطال كفه بالضم نحو: كفه الثوب و هى حاشيته، و كفه الرمل، و هو ما كان منه كالحبل.

ثم نهاهم عن النوم الا غرارا او مضمضه، و كلا اللفظتين ما قل من النوم.

و قال شبيب الخارجى: الليل يكفيك الجبان، و يصف الشجاع.

و كان اذا امسى قال لاصحابه: اتاكم المدد، يعنى الليل.

قيل لبعض الملوك بيت عدوك.

قال: اكره ان اجعل غلبتى سرقه.

و لما فصل قحطبه من خراسان و فى جملته خالد بن برمك، بينا هو على سطح بيت فى قريه نزلاها و هم يتغدون نظر الى الصحراء فراى اقاطيع ظباء قد اقبلت من جهه الصحارى حتى كادت تخالط العسكر، فقال خالد لقحطبه: ايها الامير،
ناد فى الناس: يا خيل الله اركبى، فان العدو قد قرب منك، و عامه اصحابك لن يسرجوا و يلجموا حتى يروا سرعان الخيل.

فقام قحطبه مذعورا فلم ير شيئا يروعه، و لم يعاين غبارا، فقال لخالد: ما هذا الراى؟ فقال: ايها الامير! لاتتشاغل بى، و ناد فى الناس، اما ترى اقاطيع الوحوش قد اقبلت و فارقت مواضعها حتى خالطت الناس! و ان ورائها لجمعا كثيفا.

قال: فو الله ما اسرجوا و لاالجموا حتى راوا النقع و ساطع الغبار، فسلموا، و لولا ذلك لكان الجيش قد اصطلم.

نامه 012-به معقل بن قيس الرياحى

الشرح:

معقل بن قيس، كان من رجال الكوفه و ابطالها، و له رياسه و قدم، اوفده عمار بن ياسر الى عمر بن الخطاب مع الهرمزان لفتح تستر و كان من شيعه على (ع)، وجهه الى بنى ساقه فقتل منهم و سبى، و حارب المستورد بن علفه الخارجى من تميم الرباب، فقتل كل واحد منهما صاحبه بدجله، و قد ذكرنا خبرهما فيما سبق، و معقل بن قيس رياحى من ولد رياح بن يربوع بن حنظله بن مالك بن زيد مناه بن تميم.

قوله (ع): (و لاتقاتلن الا من قاتلك)، نهى عن البغى.

و سر البردين: هما الغداه و العشى، و هما الابردان ايضا.

و وصاه ان يرفق بالناس و لايكلفهم السير فى الحر.

قوله (ع): (و غور بالناس): انزل بهم القائله، و المصدر التغوير، و يقال للقائله: الغائره.

قوله (ع): (ورفه فى السير)، اى دع الابل ترد رفها، و هو ان ترد الماء كل يوم متى شائت و لاترهقها و تجشمها السير.

و يجوز ان يكون قوله: (و رفه فى السير)، من قولك: رفهت عن الغريم، اى نفست عنه.

قوله (ع): (و لاتسر اول الليل)، قد ورد فى ذلك خبر مرفوع، و فى الخبر انه حين تنشر الشياطين.

و قد علل اميرالمومنين (ع) النهى بقوله: (فان الله تعالى جعله سكنا، و قدره مقامالا ظعنا)، يقول: لما امتن الله تعالى على عب
اده بان جعل لهم الليل ليسكنوا فيه كره ان يخالفوا ذلك.

و لكن لقائل ان يقول: فكيف لم يكره السير و الحركه فى آخره و هو من جمله الليل ايضا! و يمكن ان يكون فهم من رسول الله (ص) ان الليل الذى جعل سكنا للبشر انما هو من اوله الى وقت السحر.

ثم امره (ع) بان يريح فى الليل بدنه و ظهره، و هى الابل، و بنو فلان مظهرون، اى لهم ظهر ينقلون عليه، كما تقول: منجبون، اى لهم نجائب.

قال الراوندى: الظهر.

الخيول، و ليس بصحيح، و الصحيح ما ذكرناه.

قوله (ع): (فاذا وقفت) اى فاذا وقفت ثقلك و رحلك لتسير، فليكن ذلك حين ينبطح السحر.

قال الراوندى: (فاذا وقفت) ثم قال و قد روى: (فاذا واقفت)، قال: يعنى اذا وقفت تحارب العدو و اذا واقفته، و ما ذكره ليس بصحيح و لا روى، و انما هو تصحيف، الا تراه كيف قال بعده يقليل: (فاذا لقيت العدو)! و انما مراده هاهنا الوصاه بان يكون السير وقت السحر و وقت الفجر.

قوله (ع): (حين ينبطح السحر)، اى حين يتسع و يمتد، اى لايكون السحر الاول، اى ما بين السحر الاول و بين الفجر الاول، و اصل الانبطاح السعه، و منه الابطح بمكه، و منه البطيحه، و تبطح السيل، اى اتسع فى البطحاء، و الفجر انفجر انشق.

ثم امره (ع) اذا لقى العدو ان يقف ب
ين اصحابه وسطا لانه الرئيس، و الواجب ان يكون الرئيس فى قلب الجيش، كما ان قلب الانسان فى وسط جسده، و لانه اذا كان وسطا كانت نسبته الى كل الجوانب واحده، و اذا كان فى احد الطرفين بعد من الطرف الاخر، فربما يختل نظامه و يضطرب.

ثم نهاه (ع) ان يدنو من العدو دنو من يريد ان ينشب الحرب، و نهاه ان يبعد منهم بعد من يهاب الحرب، و هى الباس، قال الله تعالى: (و حين الباس)، اى حين الحرب، بل يكون على حال متوسطه بين هذين حتى ياتيه الامر من امير المومنين (ع) لانه اعرف بما تقتضيه المصلحه.

ثم قال له: لايحملنكم بغضكم لهم على ان تبدووهم بالقتال قبل ان تدعوهم الى الطاعه و تعذروا اليهم اى تصيروا ذوى عذر فى حربهم.

و الشنان: البغض، بسكون النون و تحريكها.

نبذ من الاقوال الحكيمه فى الحروب و فى الحديث المرفوع: (لاتتمنوا العدو فعسى ان تبتلوا بهم، و لكن قولوا: اللهم اكفنا شرهم، و كف عنا باسهم، و اذا جاووك يعرفون ان يضجون فعليكم الارض جلوسا، و قولوا: اللهم انت ربنا و ربهم، و بيدك نواصينا و نواصيهم، فاذا غشوكم فثوروا فى وجوههم).

و كان ابوالدرداء يقول: ايها الناس، اعملوا عملا صالحا قبل الغزو، فانما تقاتلون باعمالكم.

و اوصى ابوبكر يزيد بن ا
بى سفيان حين استعمله فقال: سر على بركه الله، فاذا دخلت بلاد العدو فكن بعيدا من الحمله، فانى لا آمن عليك الجوله، و استظهر بالزاد، و سر بالادلاء و لاتقاتل بمجروح، فان بعضه ليس منه، و احترس من البيات، فان فى العرب غره، و اقلل من الكلام، فان ما وعى عنك هو عليك، و اذا اتاك كتابى فامضه، فانما اعمل على حسب انفاذه، و اذا قدم عليك وفود العجم فانزلهم معظم عسكرك، و اسبغ عليهم من النفقه، و امنع الناس من محادثتهم ليخرجوا جاهلين كما دخلوا جاهلين، و لا تلحن فى عقوبه فان ادناها وجيعه، و لاتسرعن اليها و انت تكتفى بغيرها، و اقبل من الناس علانيتهم، و كلهم الى الله فى سريرتهم، و لاتعرض عسكرك فتفضحه، و استودعك الله الذى لاتضيع ودائعه.

و اوصى ابوبكر ايضا عكرمه بن ابى جهل حين وجهه الى عمان فقال: سر على اسم الله، و لاتنزلن على مستامن، و قدم النذير بين يديك، و مهما قلت: انى فاعل فافعله، و لاتجعلن قولك لغوا فى عقوبه و لا عفو، فلا ترجى اذا امنت، و لاتخاف اذا خوفت.

و انظر متى تقول و متى تفعل، و ما تقول و ما تفعل، و لاتتوعدن فى معصيه باكثر من عقوبتها، فانك ان فعلت اثمت، و ان تركت كذبت، و اتق الله، و اذا لقيت فاصبر.

و لما ولى يزيد بن معا
ويه سلم بن زياد خراسان قال له: ان اباك كفى اخاه عظيما، و قد استكفيتك صغيرا، فلا تتكلن على عذر منى، فقد اتكلت على كفايه منك، و اياك منى من قبل ان اقول: اياك منك، و اعلم ان الظن اذا اخلف منك اخلف فيك، و انت فى ادنى حظك، فاطلب اقصاه، و قد تبعك ابوك، فلا تريحن نفسك، و اذكر فى يومك احاديث غدك.

و قال بعض الحكماء: ينبغى للامير ان يكون له سته اشياء: وزير يثق به، و يفشى اليه سره، و حصن اذا لجا اليه عصمه- يعنى فرسا- و سيف اذا نزل به الاقران لم يخف نبوته، و ذخيره خفيفه المحمل اذا نابته نائبه وجدها- يعنى جوهرا- و طباخ اذا اقرى من الطعام.

صنع له ما يهيج شهوته، و امراه جميله اذا دخل اذهبت همه.

فى الحديث المرفوع: خير الصحابه اربعه، و خير السرايا اربعمائه، و خير الجيوش اربعه آلاف، و لن يغلب اثنا عشر الفا من قله اذا اجتمعت كلمتهم.

كان يقال: ثلاثه من كن فيه لم يفلح فى الحرب، البغى، قال الله تعالى:(انما بغيكم على انفسكم)، و المكر السيى ء، قال سبحانه: (و لايحيق المكر السيى ء الا باهله) و النكث، قال تعالى: (فمن نكث فانما ينكث على نفسه).

يقال: خرجت خارجه بخراسان على قتيبه بن مسلم، فاهمه ذلك، فقيل: ما يهمك منهم! وجه اليهم وكيع بن
ابى اسود يكفيك امرهم، فقال: لااوجهه، و ان وكيعا رجل فيه كبر، و عنده بغى، يحقر اعدائه، و من كان هكذا قلت مبالاته بخصمه فلم يحترس، فوجد عدوه فيه غره، فاوقع به.

و فى بعض كتب الفرس: ان بعض ملوكهم سال: اى مكايد الحرب احزم؟ فقال: اذكاء العيون، و استطلاع الاخبار، و اظهار القوه و السرور و الغلبه، و اماته الفرق، و الاحتراس من البطانه من غير اقصاء لمن ينصح، و لاانتصاح لمن يغش، و كتمان السر، و اعطاء المبلغين على الصدق، و معاقبه المتوصلين بالكذب، و الا تخرج هاربا فتحوجه الى القتال، و لاتضيق امانا على مستامن، و لاتدهشنك الغنيمه عن المجاوزه.

و فى بعض كتب الهند: ينبغى للعاقل ان يحذر عدوه المحارب له على كل حال، يرهب منه المواثبه ان قرب، و الغاره ان بعد، و الكمين ان انكشف، و الاستطراد ان ولى، و المكر ان رآه وحيدا.

و ينبغى ان يوخر القتال ما وجد بدا، فان النفقه عليه من الانفس، و على غيره من المال.

نامه 013-به دو نفر از اميران لشگر

(فصل فى نسب الاشتر و ذكر بعض فضائله)

الشرح:

هو مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمه بن ربيعه بن خزيمه بن سعد بن مالك بن النخع بن عمرو بن عله بن خالد بن مالك بن ادد.

و كان فارسا شجاعا رئيسا من اكابر الشيعه و عظمائها، شديد التحقق بولاء اميرالمومنين (ع) و نصره، و قال فيه بعد موته: رحم الله مالكا، فلقد كان لى كما كنت لرسول الله (ص)! و لما قنت على (ع) على خمسه و لعنهم و هم: معاويه، و عمرو بن العاص، و ابوالاعور السلمى، و حبيب بن مسلمه، و بسر بن ارطاه، قنت معاويه على خمسه، و هم: على، و الحسن، و الحسين- (ع)- و عبدالله بن العباس، و الاشتر، و لعنهم.

و قد روى انه قال لما ولى على (ع) بنى العباس على الحجاز و اليمن و العراق: فلما ذا قتلنا الشيخ بالامس! و ان عليا (ع) لما بلغته هذه الكلمه احضره و لاطفه و اعتذر اليه و قال له: فهل وليت حسنا او حسينا او احدا من ولد جعفر اخى، او عقيلا او واحدا من ولده! و انما وليت ولد عمى العباس، لانى سمعت العباس يط من رسول الله (ص) الاماره مرارا، فقال له رسول الله (ص): يا عم، ان الاماره ان طلبتها وكلت اليها، و ان طلبتك اعنت عليها.

و رايت بنيه فى ايام عمرو و عثمان يجدون فى انفس
هم اذ ولى غيرهم من ابناء الطلقاء و لم يول احدا منهم، فاحببت ان اصل رحمهم، و ازيل ما كان فى انفسهم، و بعد فان علمت احدا من ابناء الطلقاء هو خير منهم فاتنى به.

فخرج الاشتر و قد زال ما فى نفسه.

و قد روى المحدثون حديثا يدل على فضيله عظيمه للاشتر رحمه الله، و هى شهاده قاطعه من النبى (ص) بانه مومن، روى هذا الحديث ابوعمر بن عبد البر فى كتاب "الاستيعاب" فى حرف الجيم، فى باب (جندب) قال ابوعمر: لما حضرت اباذر الوفاه و هو بالربذه بكت زوجته ام ذر، فقال لها: ما يبكيك؟ فقالت مالى لا ابكى و انت تموت بفلاه من الارض، و ليس عندى ثوب يسعك كفنا، و لابد لى من القيام بجهازك فقال ابشرى و لا تبكى، فانى سمعت رسول الله (ص) يقول: (لا يموت بين امراين مسلمين ولدان او ثلاثه، فيصبران و يحتسبان فيريان النار ابدا)، و قد مات لنا ثلاثه من الولد.

و سمعت ايضا رسول الله (ص) يقول لنفر انا فيهم: (ليموتن احدكم بفلاه من الارض يشهده عصابه من المومنين)، و ليس من اولئك النفر احد الا و قد مات فى قريه و جماعه فانا- لا اشك- ذلك الرجل و الله ما كذبت و لا كذبت فانظرى الطريق.

قالت ام ذر: فقلت: انى و قد ذهب الحاج و تقطعت الطرق! فقال: اذهبى فتبصرى.

قالت فكنت ا
شتد الى الكثيب، فاصعد فانظر، ثم ارجع اليه فامرضه، فبينا انا و هو على هذه الحال اذ انا برجال على ركابهم كانهم الرخم تخب بهم رواحلهم، فاسرعوا الى حتى وقفوا على و قالوا: يا امه الله، ما لك؟ فقلت: امرو من المسلمين يموت، تكفنونه؟ قالوا: و من هو؟ قلت: ابوذر، قالوا: صاحب رسول الله (ص)؟ قلت: نعم ففدوه بابائهم و امهاتهم، و اسرعوا اليه حتى دخلوا عليه، فقال لهم: ابشروا فانى سمعت رسول الله (ص) يقول لنفر انا فيهم: (ليموتن رجل منكم بفلاه من الارض تشهده عصابه من المومنين)، و ليس من اولئك النفر الا و قد هلك فى قريه و جماعه، و الله ما كذبت، و لاكذبت و لو كان عندى ثوب يسعنى كفنا لى او لامراتى لم اكفن الا فى ثوب لى او لها، و انى انشدكم الله الا يكفننى رجل منكم كان اميرا او عريفا او بريدا او نقيبا! قالت: و ليس فى اولئك النفر احد الا و قد قارف بعض ما قال، الا فتى من الانصار قال له: انا اكفنك يا عم فى ردائى هذا، و فى ثوبين معى فى عيبتى من غزل امى، فقال ابوذر: انت تكفننى، فمات فكفنه الانصارى و غسله النفر الذين حضروه و قاموا عليه و دفنوه، فى نفر كلهم يمان.

روى ابوعمر بن عبد البر قبل ان يروى هذا الحديث فى اول باب جندب: كان النفر الذي
ن حضروا موت ابى ذر بالربذه مصادفه جماعه، منهم حجر بن الادبر، و مالك بن الحارث الاشتر.

قلت: حجر بن الادبر هو حجر بن عدى الذى قتله معاويه، و هو من اعلام الشيعه و عظمائها، و اما الاشتر فهو اشهر فى الشيعه من ابى الهذيل فى المعتزله.

قرى ء كتاب "الاستيعاب" على شيخنا عبدالوهاب بن سكنيه المحدث و انا حاضر، فلما انتهى القارى ء الى هذا الخبر قال استاذى عمر بن عبدالله الدباس- و كنت احضر معه سماع الحديث-: لتقل الشيعه بعد هذا ما شائت، فما قال المرتضى و المفيد الا بعض ما كان حجر و الاشتر يعتقدانه فى عثمان و من تقدمه، فاشار الشيخ اليه بالسكوت، فسكت.

و ذكرنا آثار الاشتر و مقاماته بصفين فيما سبق.

و الاشتر هو الذى عانق عبدالله بن الزبير يوم الجمل فاصطرعا على ظهر فرسيهما حتى وقعا فى الارض، فجعل عبدالله يصرخ من تحته: اقتلونى و مالكا! فلم يعلم من الذى يعنيه لشده الاختلاط و ثوران النقع، فلو قال: اقتلونى و الاشتر لقتلا جميعا: فلما افترقا قال الاشتر: اعائش لولا اننى كنت طاويا ثلاثا لالفيت ابن اختك هالكا غداه ينادى و الرماح تنوشه كوقع الصياصى اقتلونى و مالكا فنجاه منى شبعه و شبابه و انى شيخ لم اكن متماسكا و يقال: ان عائشه
فقدت عبدالله فسالت عنه، فقيل لها: عهدنا به و هو معانق للاشتر، فقالت: واثكل اسماء! و مات الاشتر فى سنه تسع و ثلاثين متوجها الى مصر واليا عليها لعلى (ع) قيل: سقى سما، و قيل: انه لم يصح ذلك، و انما مات حتف انفه.

فاما ثناء اميرالمومنين (ع) عليه فى هذا الفصل فقد بلغ مع اختصاره ما لا يبلغ بالكلام الطويل، و لعمرى لقد كان الاشتر اهلا لذلك، كان شديد الباس، جوادا رئيسا حليما فصيحا شاعرا، و كان يجمع بين اللين و العنف، فيسطو فى موضع السطوه، و يرفق فى موضع الرفق.

نبذ من الاقوال الحكيمه و من كلام عمر: ان هذا الامر لا يصلح الا لقوى فى غير عنف، و لين فى غير ضعف.

و كان انوشروان اذا ولى رجلا امر الكاتب ان يدع فى العهد موضع ثلاثه اسطر ليوقع فيها بخطه، فاذا اتى بالعهد وقع فيه: سس خيار الناس بالموده، و سفلتهم بالاخافه، و امزج العامه رهبه برغبه.

و قال عمر بن عبدالعزيز: انى لاهم ان اخرج للناس امرا من العدل، فاخاف الا تحتمله قلوبهم، فاخرج معه طمعا من طمع الدنيا، فان نفرت القلوب من ذاك سكنت الى هذا.

و قال معاويه: انى لا اضع سيفى حيث يكفينى سوطى، و لا اضع سوطى حيث يكفينى لسانى، و لو ان بينى و بين الناس شعره ما انقطعت.

فقيل له كيف؟
قال اذا مدوها خليتها، و اذا خلوها مددتها.

و قال الشعبى فى معاويه: كان كالجمل الطب.

اذا سكت عنه تقدم، و اذا رد تاخر.

و قال ليزيد ابنه: قد تبلغ بالوعيد ما لا تبلغ بالايقاع، و اياك و القتل، فان الله قاتل القتالين.

و اغلظ له رجل فحلم عنه، فقيل له: اتحلم عن هذا؟ قال: انا لانحول بين الناس و السنتهم ما لم يحولوا بيننا و بين سلطاننا.

و فخر سليم مولى زياد، عند معاويه: بن زياد فقال معاويه اسكت ويحك فما ادرك صاحبك بسيفه شيئا قط الا و قد ادركت اكثر منه بلسانى.

و قال الوليد بن عبد الملك لابيه: ما السياسه يا ابت؟ قال: هيبه الخاصه لك مع صدق مودتها، و اقتيادك قلوب العامه بالانصاف لها، و احتمال هفوات الصنائع.

و قد جمع اميرالمومنين (ع) من اصناف الثناء و المدح ما فرقه هولاء فى كلماتهم بكلمه واحده قالها فى الاشتر، و هى قوله: لا يخاف بطئه عما الاسراع اليه احزم، و لااسراعه الى ما البطء عنه امثل.

قوله (ع): (و على من فى حيزكما) اى فى ناحيتكما.

و المجن: الترس.

و الوهن: الضعف.

و السقطه: الغلطه و الخطا.

و هذا الراى احزم من هذا، اى ادخل فى باب الحزم و الاحتياط، و هذا امثل من هذا اى افضل.

نامه 014-به سپاهيانش

الشرح:

نهى اصحابه عن البغى و الابتداء بالحرب، و قد روى عنه انه قال: ما نصرت على الاقران الذين قتلتهم الا لانى ما ابتدات بالمبارزه.

و نهى- اذا وقعت الهزيمه- عن قتل المدبر، و الاجهاز على الجريح، و هو اتمام قتله.

قوله (ع): (و لاتصيبوا معورا) هو من يعتصم منك فى الحرب باظهار عورته لتكف عنه، و يجوز ان يكون المعور هاهنا المريب الذى يظن انه من القوم و انه حضر للحرب و ليس منهم، لانه حضر لامر آخر.

قوله (ع): (و لاتهيجوا النساء باذى) اى لاتحر كوهن.

و الفهر: الحجر و الهراوه: العصا.

و عطف (و عقبه) على الضمير المستكن المرفوع فى (فيعير) و لم يوكد للفصل بقوله: بها، كقوله تعالى: (ما اشركنا و لا آباونا) لما فصل بلا عطف و لم يحتج الى تاكيد.

(نبذ من الاقوال الحكيمه) و مما ورد فى الشعر فى هذا المعنى قول الشاعر ان من اعظم الكبائر عندى قتل بيضاء حره عطبول كتب القتل و القتال علينا و على المحصنات جر الذيول و قالت امراه عبدالله بن خلف الخزاعى بالبصره لعلى (ع) بعد ظفره- و قد مر ببابها: يا على، يا قاتل الاحبه، لا مرحبا بك! ايتم الله منك ولدك كما ايتمت بنى عبدالله بن خلف! فلم يرد عليها، ولكنه وقف و اشار الى نا
حيه من دارها، ففهمت اشارته، فسكتت و انصرفت.

و كانت قد سترت عندها عبدالله بن الزبير و مروان بن الحكم، فاشار الى الموضع الذى كانا فيه، اى لو شئت اخرجتهما! فلما فهمت انصرفت، و كان (ع) حليما كريما.

و كان عمر بن الخطاب اذا بعث امراء الجيوش يقول: بسم الله، و على عون الله، و بركته، فامضوا بتاييد الله و نصره.

اوصيكم بتقوى الله، و لزوم الحق و الصبر، فقاتلوا فى سبيل الله من كفر بالله، و لاتعتدوا ان الله لايحب المعتدين.

و لاتجبنوا عند اللقاء، و لاتمثلوا عند الغاره، و لاتسرفوا عند الظهور، و لاتقتلوا هرما و لاامراه، و لا وليدا، و توقوا ان تطئوا هولاء عند التقاء الزحفين و عند حمه النهضات و فى شن الغارات، و لاتغلوا عند الغنائم، و نزهو الجهاد عن غرض الدنيا، و ابشروا بالارباح فى البيع الذى بايعتم به، و ذلك هو الفوز العظيم.

و استشار قوم اكثم بن صيفى فى حرب قوم ارادوهم و سالوه ان يوصيهم، فقال: اقلوا الخلاف على امرائكم، و اثبتوا، فان احزم الفريقين الركين، و رب عجله تهب ريثا.

و كان قيس بن عاصم المنقرى اذا غزا شهد معه الحرب ثلاثون من ولده يقول لهم: اياكم و البغى، فانه ما بغى قوم قط الا ذلوا، قالوا: فكان الرجل من ولده يظلم فلا ينت
صف مخافه الذل.

قال ابوبكر يوم حنين: لن نغلب اليوم من قله- و كانوا اثنى عشر الفا- فهزموا يومئذ هزيمه قبيحه، و انزل الله تعالى قوله: (و يوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا).

و كان يقال: لا ظفر مع بغى و لا صحه مع نهم، و لا ثناء مع كبر، و لا سودد مع شح.

(قصه فيروز بن يزدجرد حين غزا ملك الهياطله) و من الكلمات المستحسنه فى سوء عاقبه البغى ما ذكره ابن قتيبه فى كتاب "عيون الاخبار" ان فيروز بن يزدجرد بن بهرام لما ملك سار بجنوده نحو بلاد الهياطله، فلما انتهى اليهم اشتد رعب ملكهم اخشنوار منه و حذره، فناظر اصحابه و وزرائه فى امره فقال رجل منهم: اعطنى موثقا من الله و عهدا تطمئن اليه نفسى ان تكفينى الغم بامر اهلى و ولدى، و ان تحسن اليهم، و تخلفنى فيهم، ثم اقطع يدى و رجلى و القنى فى طريق فيروز حتى يمر بى هو و اصحابه، و انا اكفيك امرهم، و اورطهم مورطا تكون فيه هلكتهم.

فقال له اخشنوار: و ما الذى تنتفع به من سلامتنا و صلاح حالنا اذا انت هلكت و لم تشركنا فى ذلك! فقال: انى قد بلغت ما كنت: احب ان ابلغ من الدنيا، و انا موقن ان الموت لا بد منه، و ان تاخر اياما قليله، فاحب ان اختم عملى بافضل ما يختم به الاعمال من النصي
حه بسلطانى، و النكايه فى عدوى، فيشرف بذلك عقبى و اصيب سعاده و حظوه فيما امامى.

ففعل اخشنوار به ذلك و حمله فالقاه فى الموضع الذى اشار اليه، فمر به فيروز فى جنوده، فساله عن حاله، فاخبره ان اخشنوار فعل به ما يراه و انه شديد الاسف، كيف لايستطيع ان يكون امام الجيش فى غزو بلاده و تخريب مدينته، و لكنه سيدل الملك على طريق هو اقرب من هذا الطريق الذى يريدون سلوكه و اخفى، فلا يشعر اخشنوار حتى يهجم عليه فينتقم الله منه بكم، و ليس فى هذا الطريق من المكروه الا تغور يومين، ثم تفضون الى كل ما تحبون.

فقبل فيروز قوله بعد ان اشار اليه وزراوه بالاتهام له، و الحذر منه، (و بغير ذلك).

فخالفهم و سلك تلك الطريق، فانتهوا بعد يومين الى موضع من المفازه لا صدر لهم عنه، و لا ماء معهم، و لا بين ايديهم، و تبين لهم انهم قد خدعوا، فتفرقوا فى تلك المفازه يمينا و شمالا يلتمسون الماء، فقتل العطش اكثرهم و لم يسلم مع فيروز الا عده يسيره، فانتهى اليهم اخشنوار بجيشه، فواقعهم فى تلك الحال التى هم فيها من القله و الضر و الجهد، فاستمكنوا منهم، بعد ان اعظموا الكنايه فيهم.

و اسر فيروز، فرغب اخشنوار ان يمن عليه و على من بقى من اصحابه على ان يجعل له عهد ا
لله و ميثاقه، الا يغزوهم ابدا ما بقى، و على ان يحد فيما بينه و بين مملكتهم حدا لايتجاوزه جنوده.

فرضى اخشنوار بذلك، فخلى سبيله و جعلا بين المملكتين حجرا لايتجاوزه كل واحد منهما.

فمكث فيروز برهه من دهره، ثم حمله الانف على ان يعود لغزو الهياطله، و دعا اصحابه الى ذلك، فنهوه عنه، و قالوا: انك قد عاهدته، و نحن نتخوف عليك عاقبه البغى و الغدر، مع ما فى ذلك من العار و سوء القاله.

فقال لهم: انما اشترطت له الا اجوز الحجر الذى جعلناه بيننا، و انا آمر بالحجر فيحمل امامنا على عجل.

فقالوا: ايها الملك، ان العهود و المواثيق التى يتعاطاها الناس بينهم لاتحمل على ما يسره المعطى لها، و لكن على ما يعلن به المعطى اياها، و انما جعلت عهد الله و ميثاقه على الامر الذى عرفه، لا على الامر الذى لم يخطر له ببال.

فابى فيروز و مضى فى غزوته حتى انتهى الى الهياطله، و تصاف الفريقان للقتال.

فارسل اخشنوار الى فيروز يساله ان يبرز فيما بين صفيهم، فخرج اليه، فقال له اخشنوار: انى قد ظننت انه لم يدعك الى مقامك هذا الا الانف مما اصابك، و لعمرى ان كنا قد احتلنا لك بما رايت لقد كنت التمست منا اعظم منه، و ما ابتداناك ببغى و لاظلم، و ما اردنا الا دفعك عن
انفسنا و حريمنا، و لقد كنت جديرا ان تكون من سوء مكافاتنا بمننا عليك و على من معك، و من نقض العهد و الميثاق الذى اكدته على نفسك اعظم انفا، و اشد امتعاضا مما نالك منا، فانا اطلقناكم و انتم اسارى، و مننا عليكم و انتم على الهلكه مشرفون، و حقنا دمائكم و لنا على سفكها قدره.

و انا لم نجبرك على ما شرطت لنا، بل كنت انت الراغب الينا فيه، و المريد لنا عليه، ففكر فى ذلك، و ميز بين هذين الامرين فانظر ايهما اشد عارا، و اقبح سماعا، ان طلب رجل امرا فلم يقدر له و لم ينجح فى طلبته و سلك سبيلا فلم يظفر فيه ببغيته، و استمكن منه عدوه على حال جهد و ضيعه منه و ممن هم معه.

فمن عليهم و اطلقهم على شرط، شرطوه و امر اصطلحوا عليه، فاصطبر بمكروه القضاء، و استحيا من الغدر و النكث، ان يقال: نقض العهد و اخفر الميثاق، مع انى قد ظننت انه يزيدك لجاجه ما تثق به من كثره جنودك، و ما ترى من حسن عدتهم، و ما اجدنى اشك انهم او اكثرهم كارهون لما كان من شخوصك بهم، عارفون بانك قد حملتهم على غير الحق، و دعوتهم الى ما يسخط الله، و انهم فى حربنا غير مستبصرين، و نياتهم على مناصحتك مدخوله.

فانظر ما قدر غناء من يقاتل على هذه الحال، و ما عسى ان يبلغ نكايته فى ع
دوه، اذا كان عارفا بانه ان ظفر فمع عار، و ان قتل فالى النار! و انا اذكرك الله الذى جعلته على نفسك كفيلا، و اذكرك نعمتى عليك و على من معك، بعد ياسكم من الحياه، و اشفائكم على الممات، و ادعوك الى ما فيه حظك و رشدك من الوفاء بالعهد، و الاقتداء بابائك و اسلافك الذين مضوا على ذلك فى كل ما احبوه و كرهوه، فاحمدوا عواقبه و حسن عليهم اثره.

و مع ذلك فانك لست على ثقه من الظفر بنا، و بلوغ نهمتك فينا، و انما تلتمس امرا يلتمس منك مثله، و تنادى عدوا لعله يمنح النصر عليك، فاقبل هذه النصيحه فقد بالغت فى الاحتجاج عليك، و تقدمت بالاعذار اليك، و نحن نستظهر بالله الذى اعتذرنا اليه، و وثقنا بما جعلت لنا من عهده، اذا استظهرت بكثره جنودك، و ازدهتك عده اضحابك، فدونك هذه النصيحه، فبالله ما كان احد من اصحابك يبالغ لك اكثر منها، و لايزيدك عليها، و لايحرمنك منفعتها مخرجها منى، فانه ليس يزرى بالمنافع و المصالح عند ذوى الاراء صدورها عن الاعداء، كما لاتحسن المضار ان تكون على ايدى الاصدقاء.

و اعلم انه ليس يدعونى الى ما تسمع من مخاطبتى اياك ضعف من نفسى، و لا من قله جنودى، ولكنى احببت ان ازداد بذلك حجه و استظهارا، فازداد به للنصر و المعونه من
الله استيجابا، و لااوثر على العافيه و السلامه شيئا ما وجدت اليهما سبيلا.

فقال فيروز: لست ممن يردعه عن الامر يهم به الوعيد، و لايصده التهدد و الترهيب، و لو كنت ارى ما اطلب غدرا منى، اذا ما كان احد انظر و لااشد ابقاء منى على نفسى، و قد يعلم الله انى لم اجعل لك العهد و الميثاق الا بما اضمرت فى نفسى، فلا يغرنك الحال التى كنت صادفتنا عليها من القله و الجهد و الضعف.

فقال اخشنوار: لايغرنك ما تخدع به نفسك من حملك الحجر امامك، فان الناس لو كانوا يعطون العهود على ما تصف من اسرار امر و اعلان آخر، اذا ما كان ينبغى لاحد ان يغتر بامان، او يثق بعهد! و اذا ما قبل الناس شيئا مما كانوا يعطون من ذلك، و لكنه وضع على العلانيه، و على نيه من تعقد له العهود و الشروط.

ثم انصرف.

فقال فيروز لاصحابه: لقد كان اخشنوار حسن المحاوره، و ما رايت للفرس الذى كان تحته نظيرا فى الدواب، فانه لم يزل قوائمه، و لم يرفع حوافره عن مواضعها، و لاصهل، و لااحدث شيئا يقطع به المحاوره فى طول ما تواقفنا.

و قال اخشنوار لاصحابه: لقد وافقت فيروز كما رايتم و عليه السلاح كله، فلم يتحرك، و لم ينزع رجله من ركابه و لا حنى ظهره، و لا التفت يمينا و لا شمالا، و لقد تور
كت انا مرارا، و تمطيت على فرسى، و التفت الى من خلفى، و مددت بصرى فيما امامى، و هو منتصب ساكن على حاله، و لولا محاورته اياى لظننت انه لا يبصرنى.

و انما اراد بما وصفا من ذلك ان ينشر هذان الحديثان فى اهل عسكرهما فيشتغلوا بالافاضه فيهما، عن النظر فيما تذاكرا.

فلما كان فى اليوم الثانى اخرج اخشنوار الصحيفه التى كتبها لهم فيروز، و نصبها على رمح ليراها اهل عسكر فيروز فيعرفوا غدره و بغيه، و يخرجوا من متابعته على هواه، فما هو الا ان راوها، حتى انتقض عسكرهم و اختلفوا، و ما تلبثوا الا يسيرا حتى انهزموا، و قتل منهم خلق كثير، و هلك فيروز، فقال اخشنوار لقد صدق الذى قال: لا مرد لما قدر و لا شى ء اشد احاله لمنافع الراى من الهوى و اللجاج، و لااضيع من نصيحه يمنحها من لايوطن نفسه على قبولها، و الصبر على مكروهها و لااسرع عقوبه و اسوا عاقبه من البغى و الغدر، و لااجلب لعظيم العار و الفضوح من الانف و افراط العجب.

نامه 015-راز و نياز با خدا

الشرح:

افضت القلوب: اى دنت و قربت، و منه افضى الرجل الى امراته اى غشيها، و يجوز ان يكون (افضت) اى بسرها، فحذف المفعول.

و انضيت الابدان، هزلت، و منه النضو، و هو البعير المهزول.

و صرح: انكشف.

و الشنان: البغضه.

و جاشت: تحركت و اضطربت.

و المراجل: جمع مرجل، و هى القدر.

و الاضغان: الاحقاد، واحدها ضغن.

و اخذ سديف مولى المنصور هذه اللفظه فكان يقول فى دعائه: اللهم انا نشكو اليك غيبه نبينا و تشتت اهوائنا، و ما شملنا من زيغ الفتن، و استولى علينا من غشوه الحيره حتى عاد فينا دوله بعد القسمه.

و امارتنا غلبه بعد المشوره، و عدنا ميراثا بعد الاختيار للامه، و اشتريت الملاهى و المعازف بمال اليتيم و الارمله، و رعى فى مال الله من لايرعى له حرمه، و حكم فى ابشار المومنين اهل الذمه، و تولى القيام بامورهم فاسق كل محله، فلا ذائد يذودهم عن هلكه، و لا راع ينظر اليهم بعين رحمه، و لا ذو شفقه يشبع الكبد الحرى من مسغبه، فهم اولو ضرع و فاقه، و اسراء فقر و مسكنه، و حلفاء كابه و ذله.

اللهم و قد استحصد زرع الباطل و بلغ نهايته، و استحكم عموده، و استجمع طريده، و حذف وليده، و ضرب بجرانه، فاتح له من الحق يدا حاصده، تجذ سنامه، و تهش
م سوقه، و تصرع قائمه، ليستخفى الباطل بقبح حليته، و يظهر الحق بحسن صورته.

و وجدت هذه الالفاظ فى دعاء منسوب الى على بن الحسين زين العابدين (ع)، و لعله من كلامه، و قد كان سديف يدعوبه.

نامه 016-به يارانش وقت جنگ

الشرح:

قال: لاتستصعبوا فره تفرونها بعدها كره، تجبرون بها ما تكسر من حالكم، و انما الذى ينبغى لكم ان تستصعبوه فره لا كره بعدها، و هذا حض لهم على ان يكروا و يعودوا الى الحرب ان وقعت عليهم كسره.

و مثله قوله: (و لا جوله بعدها حمله)، و الجوله: هزيمه قريبه ليست بالممعنه.

و اذمروا انفسكم، من ذمره على كذا اى حضه عليه.

و الطعن الدعسى: الذى يحشى به اجواف الاعداء، و اصل الدعس الحشو، دعست الوعاء: حشوته.

و ضرب طلحفى، بكسر الطاء و فتح اللام، اى شديد، و اللام زائده.

ثم امرهم باماته الاصوات، لان شده الضوضاء فى الحرب اماره الخوف و الوجل.

ثم اقسم ان معاويه و عمرا و من والاهما من قريش ما اسلموا و لكن استسلموا خوفا من السيف و نافقوا: فلما قدروا على اظهار ما فى انفسهم اظهروه، و هذا يدل على انه (ع) جعل محاربتهم له كفرا.

و قد تقدم فى شرح حال معاويه و ما يذكره كثير من اصحابنا من فساد عقيدته ما فيه كفايه.

(نبذ من الاقوال المتشابهه فى الحرب) و اوصى اكثم بن صيفى قوما نهضوا الى الحرب فقال: ابرزوا للحرب، و ادرعوا الليل، فانه اخفى للويل، و لا جماعه لمن اختلف، و اعلموا ان كثره الصياح من الفشل، و المرء يعجز لا محاله.

و
سمعت عائشه يوم الجمل اصحابها يكبرون، فقالت: لاتكبروا هاهنا، فان كثره التكبير عند القتال من الفشل.

و قال بعض السلف: قد جمع الله ادب الحرب فى قوله تعالى: (يا ايها الذين آمنوا اذا لقيتم فئه فاثبتوا...) الايتين.

و قال عتبه بن ربيعه لقريش يوم بدر: الا ترونهم- يعنى اصحاب النبى (ص)- جثيا على الركب، يتلمظون تلمظ الحيات! و اوصى عبدالملك بن صالح امير سريه بعثها، فقال: انت تاجر الله لعباده، فكن كالمضارب الكيس الذى ان وجد ربحا تجر، و الا احتفظ براس المال، و لاتطلب الغنيمه حتى تحوز السلامه، و كن من احتيالك على عدوك اشد حذرا من احتيال عدوك عليك.

و فى الحديث المرفوع انه (ص) قال لزيد بن حارثه: لاتشق جيشك: فان الله تعالى ينصر القوم باضعفهم.

و قال ابن عباس- و ذكر عليا (ع): ما رايت رئيسايوزن به، لقد رايته يوم صفين و كان عينيه سراجا سليط و هو يحمس اصحابه الى ان انتهى الى و انا فى كنف فقال: يا معشر المسلمين، استشعروا الخشيه، و تجلببوا السكينه، و اكملوا اللامه... الفصل المذكور فيما تقدم.

نامه 017-در پاسخ نامه معاويه

الشرح:

يقال: طلبت الى فلان كذا، و التقدير طلبت كذا راغبا الى فلان، كما قال تعالى: (فى تسع آيات الى فرعون) اى مرسلا.

و يروى (الا حشاشه نفس) بالافراد، و هو بقيه الروح فى بدن المريض.

و روى (الا و من اكله الحق فالى النار)، و هذه الروايه اليق من الروايه المذكوره فى اكثر الكتب، لان الحق ياكل اهل الباطل، و من روى تلك الروايه اضمر مضافا تقديره (اعداء الحق) و مضافا آخر تقديره (اعداء الباطل).

و يجوز ان يكون من اكله الحق فالى الجنه، اى من افضى به الحق و نصرته و القيام دونه الى القتل، فان مصيره الى الجنه، فيسمى الحق لما كانت نصرته كالسبب الى القتل اكلا لذلك المقتول، و كذلك القول فى الجانب الاخر.

و كان الترتيب يقتضى ان يجعل هاشما بازاء عبد شمس، لانه اخوه فى قعدد، و كلاهما ولد عبد مناف لصلبه، و ان يكون اميه بازاء عبدالمطلب، و ان يكون حرب بازاء ابى طالب، و ان يكون ابوسفيان بازاء اميرالمومنين (ع)، لان كل واحد من هولاء فى قعدد صاحبه، الا ان اميرالمومنين (ع) لما كان فى صفين بازاء معاويه اضطر الى ان جعل هاشما بازاء اميه بن عبد شمس.

فان قلت: فهلا قال: (و لا انا كانت)؟ قلت: قبيح ان يقال ذلك، كما لايقال: السيف امضى
.

من العصا، بل قبيح به ان يقولها مع احد من المسلمين كافه، نعم قد يقولها لاتصريحا، بل تعريضا، لانه يرفع نفسه على ان يقيسها باحد.

و هاهنا قد عرض بذلك فى قوله: (و لا المهاجر كالطليق).

فان قلت: فهل معاويه من الطلقائ؟ قلت: نعم، كل من دخل عليه رسول الله (ص) مكه عنوه بالسيف فملكه ثم من عليه عن اسلام او غير اسلام فهو من الطلقاء ممن لم يسلم كصفوان ابن اميه، و من اسلم كمعاويه بن ابى سفيان، و كذلك كل من اسر فى حرب رسول الله (ص) ثم امتن عليه بفداء او بغير فداء فهو طليق فممن امتن عليه بفداء كسهيل بن عمرو و ممن امتن عليه بغير فداء ابوعزه الجمحى و ممن امتن عليه معاوضه اى اطلق لانه بازاء اسير من المسلمين عمرو بن ابى سفيان بن حرب، كل هولاء معدودون من الطلقاء.

فان قلت: فما معنى قوله: (و لا الصريح كاللصيق)، و هل كان فى نسب معاويه شبهه ليقول له هذا؟ قلت: كلا انه لم يقصد ذلك، و انما اراد الصريح بالاسلام و اللصيق فى الاسلام، فالصريح فيه هو من اسلم اعتقادا و اخلاصا، و اللصيق فيه من اسلم تحت السيف او رغبه فى الدنيا و قد صرح بذلك فقال: (كنتم ممن دخل فى هذا الدين اما رغبه و اما رهبه).

فان قلت: فما معنى قوله: (و لبئس الخلف خلفا يتبع س
لفا هوى فى نار جهنم)؟ و هل يعاب المسلم بان سلفه كانوا كفارا! قلت: نعم، اذا تبع آثار سلفه و احتذى حذوهم، و اميرالمومنين (ع) ما عاب معاويه بان سلفه كفار فقط، بل بكونه متبعا لهم.

قوله (ع): (و فى ايدينا بعد فضل النبوه) اى اذا فرضنا تساوى الاقدام فى ماثر اسلافكم كان فى ايدينا بعد الفضل عليكم بالنبوه التى نعشنا بها الخامل، و اخملنا بها النبيه.

قوله (ع):، (على حين فاز اهل السبق)، قال قوم من النحاه: (حين) مبنى هاهنا على الفتح.

و قال قوم: بل منصوب لاضافته الى الفعل.

قوله (ع): (فلا تجعلن للشيطان فيك نصيبا)، اى لاتستلزم من افعالك ما يدوم به كون الشيطان ضاربا فيك بنصيب، لانه ما كتب اليه هذه الرساله الا بعد ان صار للشيطان فيه اوفر نصيب، و انما المراد نهيه عن دوام ذلك و استمراره.

(ذكر بعض ما كان بين على و معاويه يوم صفين) و ذكو نصر بن مزاحم بن بشار العقيلى فى كتاب "صفين" ان هذا الكتاب كتبه على (ع) الى معاويه قبل ليله الهرير بيومين او ثلاثه.

قال نصر: اظهر على (ع) انه مصبح معاويه و مناجز له و شاع ذلك من قوله.

ففزع اهل الشام لذلك، و انكسروا لقوله و كان معاويه بن الضحاك بن سفيان صاحب رايه بنى سليم مع معاويه مبغضا لمعاويه
و اهل الشام، و له هوى مع اهل العراق و على بن ابى طالب (ع)، و كان يكتب باخبار معاويه الى عبدالله بن الطفيل العامرى، و هو مع اهل العراق، فيخبر بها عليا (ع) فلما شاعت كلمه على (ع) وجل لها اهل الشام، و بعث ابن الضحاك الى عبدالله بن الطفيل: انى قائل شعرا اذعر به اهل الشام و ارغم به معاويه و كان معاويه لايتهمه و كان له فضل و نجده و لسان، فقال ليلا ليستمع اصحابه.

الا ليت هذا الليل اطبق سرمدا علينا و انا لا نرى بعده غدا و يا ليته ان جائنا بصباحه وجدنا الى مجرى الكواكب مصعدا حذار على انه غير مخلف مدى الدهر ما لب الملبون موعدا و اما قرارى فى البلاد فليس لى مقام و ان جاوزت جابلق مصعدا كانى به فى الناس كاشف راسه على ظهر خوار الرحاله اجردا يخوض غمار الموت فى مرجحنه ينادون فى نقع العجاج محمدا فوارس بدر و النضير و خيبر و احد يهزون الصفيح المهندا و يوم حنين جالدوا عن نبيهم فريقا من الاحزاب حتى تبددا هنالك لاتلوى عجوز على ابنها و ان اكثرت من قول نفسى لك الفدا فقل لابن حرب ما الذى انت صانع اتثبت ام ندعوك فى الحرب قعددا فلا راى الا تركنا الشام جهره و ان ابرق الفجفاج فيها و ارعدا فلما
سمع اهل الشام شعره اتوا به معاويه، فهم بقتله، ثم راقب فيه قومه، فطرده من الشام، فلحق بمصر و ندم معاويه على تسييره اياه.

و قال معاويه: لشعر السلمى اشد على اهل الشام من لقاء على، ما له قاتله الله، لو صار خلف جابلق مصعدا لم يامن عليا! الا تعلمون ما جابلق؟ يقوله لاهل الشام قالوا: لا، قال: مدينه فى اقصى المشرق ليس بعدها شى ء.

قال نصر: و تناقل الناس كلمه على (ع): (لاناجزنهم مصبحا)، فقال الاشتر: قد دنا الفضل فى الصباح و للسلم رجال و للحروب رجال فرجال الحروب كل خدب مقحم لاتهده الاهوال يضرب الفارس المدجج بالسي ف اذا فر فى الوغا الاكفال يابن هند شد الحيازيم للمو ت و لاتذهبن بك الامال ان فى الصبح ان بقيت لامرا تتفادى من هوله الابطال فيه عز العراق او ظفر الشام باهل العراق و الزلزال فاصبروا للطعان بالاسل السم ر و ضرب تجرى به الامثال ان تكونوا قتلتم النفر البي ض و غالت اولئك الاجال فلنا مثلهم غداه التلاقى و قليل من مثلهم ابدال يخضبون الوشيج طعنا اذا جرت من الموت بينهم اذيال طلب الفوز فى المعاد و فيه تستهان النفوس و الاموال قال: فلما انتهى الى معاويه شعر الاشتر قال: شعر منكر، من
شاعر منكر، راس اهل العراق و عظيمهم، و مسعر حربهم، و اول الفتنه و آخرها، قد رايت ان اعاود عليا و اساله اقرارى على الشام، فقد كنت كتبت اليه ذلك فلم يجب اليه، و لاكتبن ثانيه فالقى فى نفسه الشك و الرقه.

فقال له عمرو بن العاص و ضحك: اين انت يا معاويه من خدعه على! قال: السنا بنى عبدمناف! قال: بلى، و لكن لهم النبوه دونك و ان شئت ان تكتب فاكتب، فكتب معاويه الى على (ع) مع رجل من السكاسك يقال له عبدالله بن عقبه، و كان من نافله اهل العراق: اما بعد فانك لو علمت ان الحرب تبلغ بنا و بك ما بلغت لم يجنها بعضنا على بعض، و لئن كنا قد غلبنا على عقولنا لقد بقى لنا منها ما نندم به على ما مضى، و نصلح به ما بقى، و قد كنت سالتك الشام على ان تلزمنى لك بيعه و طاعه، فابيت ذلك على، فاعطانى الله ما منعت، و انا ادعوك اليوم الى ما دعوتك اليه امس فانى لاارجو من البقاء الا ما ترجو، و لااخاف من الموت الا ما تخاف، و قد و الله فارقت الاجناد، و ذهبت الرجال، و نحن بنو عبد مناف، ليس لبعضنا على بعض فضل الا فضل لايستذل به عزيز، و لايسترق به حر و السلام.

فلما انتهى كتاب معاويه الى على (ع) قراه، ثم قال: العجب لمعاويه و كتابه! و دعا عبيد بن ابى رافع ك
اتبه، فقال: اكتب جوابه.

اما بعد فقد جائنى كتابك تذكر انك لو علمت و علمنا ان الحرب تبلغ بنا و بك ما بلغت لم يجنها بعضنا على بعض، فانى لو قتلت فى ذات الله، و حييت، ثم قتلت ثم حييت سبعين مره لم ارجع عن الشده فى ذات الله، و الجهاد لاعداء الله و اما قولك: انه قد بقى من عقولنا ما نندم به على ما مضى، فانى ما نقصت عقلى، و لاندمت على فعلى.

و اما طلبك الشام فانى لم اكن اعطيك اليوم ما منعتك امس، و اما استواونا فى الخوف و الرجاء فلست امضى على الشك منى على اليقين، و ليس اهل الشام باحرص على الدنيا من اهل العراق على الاخره.

و اما قولك: انا بنوعبدمناف ليس لبعضنا فضل على بعض! فلعمرى انا بنو اب واحد و لكن ليس اميه كهاشم، و لا حرب كعبد المطلب، و لا المهاجر كالطليق، و لا المحق كالمبطل و فى ايدينا بعد فضل النبوه التى اذللنا بها العزيز و اعززنا بها الذليل.

والسلام.

فلما اتى معاويه كتاب على (ع) كتمه عن عمرو بن العاص اياما، ثم دعاه فاقراه اياه، فشمت به عمرو- و لم يكن احد من قريش اشد اعظاما لعلى من عمرو بن العاص منذ يوم لقيه و صفح عنه- فقال عمرو فيما كان اشار به على معاويه: الا لله درك يابن هند و در الامرين لك الشهود اتطمع لا ا
با لك فى على و قد قرع الحديد على الحديد و ترجو ان تحيره بشك و تامل ان يهابك بالوعيد و قد كشف القناع و جر حربا يشيب لهولها راس الوليد له جاواء مظلمه طحون فوارسها تلهب كالاسود يقول لها اذا رجعت اليه و قد ملت طعان القوم عودى فان وردت فاولها ورودا و ان صدت فليس بذى صدود و ما هى من ابى حسن بنكر و لا هو من مسائك بالبعيد و قلت له مقاله مستكين ضعيف الركن منقطع الوريد دعن لى الشام حسبك يابن هند من السوآت و الراى الزهيد و لو اعطاكها ما ازددت عزا و لا لك لو اجابك من مزيد فلم تكسر بذاك الراى عودا لركته و لا ما دون عود فلما بلغ معاويه شعر عمرو دعاه فقال له: العجب لك! تفيل رايى، و تعظم عليا و قد فضحك! فقال: اما تفييلى رايك فقد كان، و اما اعظامى عليا فانك باعظامه اشد معرفه منى، و لكنك تطويه و انا انشره و اما فضيحتى فلم يفتضح امرو لقى اباحسن.

نامه 018-به عبدالله بن عباس

الشرح:

قوله (ع): مهبط ابليس: موضع هبوطه.

و مغرس الفتن: موضع غرسها، و يروى (و مغرس الفتن)، و هو الموضع الذى ينزل فيه القوم آخر الليل للاستراحه، يقال غرسوا و اغرسوا.

و قوله (ع): (فحادث اهلها)، اى تعهدهم بالاحسان، من قولك: حادثت السيف بالصقال.

و التنمر للقوم: الغلظه عليهم، و المعامله لهم باخلاق النمر، من الجراه و الوثوب، و سنذكر تصديق قوله (ع): (لم يغب لهم نجم الا طلع لهم آخر).

و الوغم: التره، و الاوغام: الترات، اى لم يهدر لهم دم فى جاهليه و لا اسلام، يصفهم بالشجاعه و الحميه.

و مازورون، كان اصله (موزورون)، و لكنه جاء بالالف ليحاذى به الف (ماجورون) و قد قال النبى (ص) مثل ذلك.

قوله (ع): (فاربع اباالعباس)، اى قف و تثبت فى جميع ما تعتمده فعلا و قولا من خير و شر، و لاتعجل به فانى شريكك فيه اذ انت عاملى و النائب عنى.

و يعنى بالشر هاهنا الضرر فقط، لا الظلم و الفعل القبيح.

قوله (ع): (و كن عند صالح ظنى فيك)، اى كن واقفا عنده كانك تشاهده فتمنعك مشاهدته عن فعل ما لايجوز.

فال الراى يفيل اى ضعف و اخطا.

(فصل فى بنى تميم و ذكر بعض فضائلهم) و قد ذكر ابوعبيده معمر بن المثنى فى كتاب "التاج" ان لبنى تميم ماثر
لم يشركهم فيها غيرهم.

اما بنوسعد بن زيد مناه فلها ثلاث خصال يعرفها العرب: احداها: كثره العدد فانه اضعف عددها على بنى تميم حتى ملات السهل و الجبل عدلت مضر كثره، و عامه العدد منها فى كعب بن سعد بن زيد مناه، و لذلك قال اوس ابن مغراء: كعبى من خير الكعاب كعبا من خيرها فوارسا و عقبا تعدل جنبا و تميم جنبا و قال الفرزدق ايضا فيهم هذه الابيات: لو كنت تعلم ما برمل مويسل فقرى عمان الى ذوات حجور لعلمت ان قبائلا و قبائلا من آل سعد لم تدن لامير و قال ايضا: تبكى على سعد و سعد مقيمه بيبرين قد كادت على الناس تضعف و لذلك كانت تسمى سعد الاكثرين.

و فى المثل: (فى كل واد بنو سعد).

و الثانيه: الافاضه فى الجاهليه، كان ذلك فى بنى عطارد، و هم يتوارثون ذلك كابرا عن كابر، حتى قام الاسلام، و كانوا اذا اجتمع الناس ايام الحج بمنى لم يبرح احد من الناس دينا و سنه حتى يجوز القائم بذلك من آل كرب بن صفوان، و قال اوس ابن مغراء: و لايريمون فى التعريف موقفهم حتى يقال اجيزوا آل صفوانا و قال الفرزدق: اذا ما التقينا بالمحصب من منى صبيحه يوم النحر من حيث عرفوا ترى الناس ما سرنا يسيرون حولنا و ان نحن اومانا الى الناس وقفوا
و الثالثه: ان منهم اشرف بيت فى العرب الذى شرفته ملوك لخم.

قال المنذر بن المنذر بن ماء السماء ذات يوم و عنده وفود العرب و دعا ببردى ابيه محرق بن المنذر فقال: ليلبس هذين اعز العرب و اكرمهم حسبا.

فاحجم الناس، فقال احيمر بن خلف بن بهدله بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناه بن تميم: انا لهما، قال الملك: بماذا؟ قال: بان مضر اكرم العرب و اعزها و اكثرها عديدا، و ان تميما كاهلها و اكثرها، و ان بيتها و عددها فى بنى بهدله بن عوف، و هو جدى.

فقال: هذا انت فى اصلك و عشيرتك، فكيف انت فى عترتك و ادانيك! قال: انا ابوعشره، و اخو عشره، و عم عشره.

فدفعهما اليه، و الى هذا اشار الزبرقان بن بدر فى قوله: و بردا ابن ماء المزن عمى اكتساهما بفضل معد حيث عدت محاصله قال ابوعبيده: و لهم فى الاسلام خصله، قدم قيس بن عاصم المنقرى على رسول الله (ص) فى نفر من بنى سعد، فقال له رسول الله (ص): (هذا سيد اهل الوبر)، فجعله سيد خندف و قيس ممن يسكن الوبر.

قال: و اما بنوحنظله بن مالك بن زيد مناه بن تميم فلهم خصال كثيره.

قال: فى بنى دارم بن مالك بن حنظله، و هو بيت مضر، فمن ذلك زراره بن عدس بن زيد بن دارم يقال: انه اشرف البيوت فى بنى تميم، و من ذلك قوس
حاجب بن زراره المرهونه عند كسرى عن مضر كلها، و فى ذلك قيل: و اقسم كسرى لايصالح واحدا من الناس حتى يرهن القوس حاجب و من ذلك فى بنى مجاشع بن دارم صعصعه بن ناجيه بن عقال بن محمد بن سفيان ابن مجاشع، و هو اول من احيا الوئيد، قام الاسلام و قد اشترى ثلاثمائه موءوده فاعتقهن و رباهن، و كانت العرب تئد البنات خوف الاملاق.

و من ذلك غالب بن صعصعه، و هو ابوالفرزدق، و غالب هو الذى قرى مائه ضيف، و احتمل عشر ديات لقوم لايعرفهم، و كان من حديث ذلك ان بنى كلب ابن وبره افتخرت بينها فى اندبتها، فقالت: نحن لباب العرب و قلبها، و نحن الذين لاننازع حسبا و كرما.

فقال شيخ منهم: ان العرب غير مقره لكم بذلك، ان لها احسابا، و ان منها لبابا، و ان لها فعالا، و لكن ابعثوا مائه منكم فى احسن هيئه و بزه ينفرون من مروا به فى العرب و يسالونه عشر ديات، و لاينتسبون له، فمن قراهم و بذل لهم الديات فهو الكريم الذى لاينازع فضلا، فخرجوا حتى قدموا على ارض بنى تميم و اسد، فنفروا الاحياء حيا فحيا، و ماء فماء لايجدون احدا على ما يريدون، حتى مروا على اكثم بن صيفى، فسالوه ذلك، فقال: من هولاء القتلى: و من انتم؟ و ما قصتكم؟ فان لكم لشانا باختلافكم فى كلامكم!فعدلوا عنه، ثم مروا بقتيبه بن الحارث بن شهاب اليربوعى فسالوه عن ذلك، فقال: من انتم؟ قالوا: من كلب بن وبره.

فقال: انى لابغى كلبا بدم، فان انسلخ الاشهر الحرم و انتم بهذه الارض و ادرككم الخيل نكلت بكم و اثكلتكم امهاتكم.

فخرجوا من عنده مرعوبين، فمروا بعطارد بن حاجب بن زراره، فسالوه ذلك، فقال: قولوا بيانا و خذوها، فقالوا: اما هذا فقد سالكم قبل ان يعطيكم فتركوه، و مروا ببنى مجاشع بن دارم فاتوا على واد قد امتلا ابلا فيها غالب بن صعصعه يهنا منها ابلا، فسالوه القرى و الديات، فقال: هاكم البزل قبل النزول فابتزوها من البرك و حوزوا دياتكم، ثم انزلوا، فتنزلوا و اخبروه بالحال، و قالوا: ارشدك الله من سيد! قوم لقد ارحتنا من طول النصب، و لو علمنا لقصدنا اليك فذلك قول الفرزدق: فلله علينا من راى مثل غالب قرى مائه ضيفا و لم يتكلم و اذ نبحت كلب على الناس انهم احق بتاج الماجد المتكرم فلم يجل عن احسابها غير غالب جرى بعنانى كل ابلج خضرم قال: فاما بنو يربوع بن حنظله، فمنهم.

ثم من بنى رباح بن يربوع عتاب بن هرمى بن رياح، كانت له ردافه الملوك، ملوك آل المنذر، و ردافه الملك ان يثنى به فى الشرب، و اذا غاب الملك خلفه فى مجلسه،
و ورث ذلك بنوه كابرا عن كابر، حتى قام الاسلام قال لبيد بن ربيعه: و شهدت انجبه الاكارم غالبا كعبى و ارداف الملوك شهود و يربوع اول من قتل قتيلا من المشركين، و هو واقد بن عبدالله بن ثعلبه بن يربوع، حليف عمر بن الخطاب، قتل عمرو بن الحضرمى فى سريه نخله، فقال عمر بن الخطاب يفتخر بذلك: سقينا من ابن الحضرمى رماحنا بنخله لما اوقد الحرب واقد و ظل ابن عبدالله عثمان بيننا ينازعه غل من القد عاند و لها جواد العرب كلها فى الاسلام، بدا العرب كلها جودا، خالد بن عتاب بن ورقاء الرياحى.

دخل الفرزدق على سليمان بن عبدالملك، و كان يشنوه لكثره باوه و فخره، فتهجمه و تنكر له، و اغلظ فى خطابه حتى قال: من انت لا ام لك! قال: ا و ما تعرفنى يا اميرالمومنين؟ انا من حى هم من اوفى العرب، و احلم العرب، و اسود العرب، و اجود العرب، و اشجع العرب، و اشعر العرب.

فقال سليمان: و الله لتحتجن لما ذكرت او لاوجعن ظهرك، و لابعدن دارك.

قال اما اوفى.

العرب فحاجب بن زراره رهن قوسه عن العرب كلها و اوفى.

و اما احلم العرب فالاحنف بن قيس يضرب به المثل حلما، و اما اسود العرب فقيس بن عاصم، قال له رسول الله (ص): (هذا سيد اهل الوبر)، و اما اشجع العرب فا
لحريش بن هلال السعدى، و اما اجود العرب فخالد بن عتاب بن ورقاء الرياحى، و اما اشعر العرب فها انا ذا عندك! قال سليمان: فما جاء بك؟ لا شى ء لك عندنا، فارجع على عقبك، و غمه ما سمع من عزه، و لم يستطع له ردا، فقال الفرزدق فى ابيات: اتيناك لا من حاجه عرضت لنا اليك و لا من قله فى مجاشع قلت: و لو ذكر عتيبه بن الحارث بن شهاب اليربوعى و قال: انه اشجع العرب لكان غير مدافع.

قالوا: كانت العرب تقول: لو وقع القمر الى الارض لما التقفه الا عتيبه بن الحارث لثقافته بالرمح.

و كان يقال له: صياد الفوارس، و سم الفوارس، و هو الذى اسر بسطام بن قيس، و هو فارس ربيعه و شجاعها، و مكث عنده فى القيد مده حتى استوفى فدائه و جز ناصيته و خلى سبيله على الا يغزو بنى يربوع.

و عتيبه هذا هو المقدم على فرسان، العرب كلها فى كتاب طبقات الشجعان و مقاتل الفرسان و لكن الفرزدق لم يذكره و ان كان تميميا، لان جريرا يفتخر به، لانه من بنى يربوع، فحملته عداوه جرير على ان عدل عن ذكره.

قال ابوعبيده: و لبنى عمرو بن تميم خصال تعرفها لهم العرب و لاينازعهم فيها احد، فمنها اكرم الناس عما و عمه، و جدا وجده، و هو هند بن ابى هاله، و اسم ابى هاله نباش بن زراره احد بنى
عمرو بن تميم، كانت خديجه بنت خويلد قبل النبى (ص) تحت ابى هاله، فولدت له هندا، ثم تزوجها رسول الله (ص) و هند بن ابى هاله غلام صغير، فتبناه النبى (ص)، ثم ولدت خديجه من رسول الله (ص) القاسم و الطاهر و زينب و رقيه و ام كلثوم و فاطمه، فكان هند بن ابى هاله اخاهم لامهم، ثم اولد هند بن ابى هاله هند بن هند، فهند الثانى اكرم الناس جدا وجده، يعنى رسول الله (ص) و خديجه، و اكرم الناس عما و عمه- يعنى بنى النبى (ص) و بناته.

و منها ان لهم احكم العرب فى زمانه اكثم بن صيفى، احد بنى اسد بن عمرو بن تميم، كان اكثر اهل الجاهليه حكما و مثلا و موعظه سائره.

و منها ذو الاعواز، كان له خراج على مضر كافه توديه اليه، فشاخ حتى كان يحمل على سرير يطاف به على مياه العرب، فيودى اليه الخراج، و قال الاسود بن يعفر النهشلى و كان ضريرا: و لقد علمت خلاف ما تناشى ان السبيل سبيل ذى الاعواز و منها هلال بن احوز المازنى الذى ساد تميما كلها فى الاسلام، و لم يسدها غيره.

قال: و دخل خالد بن عبد الرحمن بن الوليد بن المغيره المخزومى مسجد الكوفه، فانتهى الى حلقه فيها ابوالصقعب التيمى، من تيم الرباب، و المخزومى لايعرفه، و كان ابوالصقعب من اعلم الناس، فلما س
مع علمه و حديثه حسده، فقال له: ممن الرجل؟ قال: من تيم الرباب، فظن المخزومى انه وجد فرصه، فقال: و الله ما انت من سعد الاكثرين و لا من حنظله الاكرمين، و لا من عمرو الاشدين! فقال ابوالصقعب: فممن انت؟ قال من بنى مخزوم.

قال: و الله ما انت من هاشم المنتخبين، و لا من اميه المستخلفين، و لا من عبد الدار المستحجبين، فبم تفخر؟ قال: نحن ريحانه قريش، قال ابوالصقعب: قبحا لما جئت به! و هل تدرى لم سميت مخزوم ريحانه قريش؟ سميت لحظوه نسائها عند الرجال فافحمه.

روى ابوالعباس المبرد فى كتاب "الكامل" ان معاويه قال للاحنف بن قيس و جاريه بن قدامه و رجال من بنى سعد معهما كلاما احفظهم، فردوا عليه جوابا مقذعا، و امراته فاخته بنت قرظه فى بيت يقرب منهم، و هى ام عبدالله بن معاويه، فسمعت ذلك، فلما خرجوا قالت: يا اميرالمومنين، لقد سمعت من هولاء الاجلاف كلاما تلقوك به فلم تنكر، فكدت ان اخرج اليهم فاسطو بهم! فقال معاويه: ان مضر كاهل العرب، و تميما كاهل مضر، و سعدا كاهل تميم، و هولاء كاهل سعد.

و روى ابوالعباس ايضا ان عبدالملك ذكر يوما بنى دارم فقال احد جلسائه: يا اميرالمومنين، هولاء قوم محظوظون- يعنى فى كثره النسل و نماء الذريه- فلذلك انتشر ص
يتهم.

فقال عبدالملك: ما تقول! هذا و قد مضى منهم لقيط بن زراره و لم يخلف عقبا، و مضى قعقاع بن معبد بن زراره و لم يخلف عقبا، و مضى محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زراره و لم يخلف عقبا! و الله لاتنسى العرب هذه الثلاثه ابدا.

قال ابوالعباس ان الاصمعى قال: ان حربا كانت بالباديه ثم اتصلت بالبصره فتفاقم الامر فيها، ثم مشى بين الناس بالصلح، فاجتمعوا فى المسجد الجامع.

قال: فبعثت و انا غلام الى ضرار بن القعقاع من بنى دارم، فاستاذنت عليه، فاذن لى، فدخلت، فاذا به فى شمله يخلط بزرا لعنز له حلوب، فخبرته بمجتمع القوم، فامهل حتى اكلت العنز، ثم غسل الصحفه و صاح يا جاريه، غدينا، فاتته بزيت و تمر، فدعانى، فقذرته ان آكل معه حتى اذا قضى من اكله و حاجته وطرا وثب الى طين ملقى فى الدار، فغسل به يده، ثم صاح يا جاريه، اسقينى ماء، فاتته بماء، فشربه و مسح فضله على وجهه ثم قال: الحمد لله، ماء الفرات بتمر البصره بزيت الشام، متى نودى شكر هذه النعم! ثم قال: على بردائى، فاتته برداء عدنى فارتدى به على تلك الشمله.

قال الاصمعى: فتجافيت عنه استقباحا لزيه، فلما دخل المسجد صلى ركعتين، ثم مشى الى القوم، فلم تبق حبوه الا حلت اعظاما له، ثم جلس فتحمل
جميع ما كان بين الاحياء فى ماله ثم انصرف.

قال ابوالعباس: و حدثنى ابوعثمان المازنى، عن ابى عبيده، قال: لما اتى زياد بن عمرو المربد فى عقب قتل مسعود بن عمرو العتكى، و جاء زياد بن عمرو بن الاشرف العتكى ليثار به من بنى تميم صف اصحابه، فجعل فى الميمنه بكر بن وائل، و فى الميسره عبد القيس، و هم لكيز بن افصى بن دعمى بن جديله بن اسد بن ربيعه، و كان زياد بن عمرو العتكى فى القلب، فبلغ ذلك الاحنف بن قيس، فقال: هذا غلام حدث، شانه الشهره، و ليس يبالى اين قذف بنفسه! فندب اصحابه، فجائه حارثه بن بدر الغدانى، و قد اجتمعت بنوتميم، فلما اتى قال: قوموا الى سيدكم، ثم اجلسه فناظره، فجعلوا سعدا و الرباب فى القلب و رئيسهم عبس بن طلق الطعان المعروف باخى كهمس، و هو احد بنى صريم بن يربوع، فكانوا بحذاء زياد بن عمرو و من معه من الازد، و جعل حارثه بن بدر الغدانى فى بنى حنظله بحذاء بكر بن وائل و جعل عمرو بن تميم بحذاء عبدالقيس، فذلك حيث يقول حارثه بن بدر للاحنف: سيكفيك عبس اخو كهمس مقارعه الازد فى المربد و يكفيك عمرو على رسلها لكيز بن افصى و ما عددوا و نكفيك بكرا اذا اقبلت بضرب يشيب له الامرد و لكيز بن افصى تعم عبدالقيس.

قال: ف
لما تواقفوا بعث اليهم الاحنف: يا معشر الازد من اليمن و ربيعه من اهل البصره، انتم و الله احب الينا من تميم الكوفه، و انتم جيراننا فى الدار، و يدنا على العدو، و انتم بداتمونا بالامس، و وطئتم حريمنا، و حرقتم علينا، فدفعنا عن انفسنا، و لا حاجه لنا فى الشر ما طلبنا فى الخير مسلكا، فتيمموا بنا طريقه مستقيمه.

فوجه اليه زياد بن عمرو، تخير خله من ثلاث: ان شئت فانزل انت و قومك على حكمنا، و ان شئت فخل لنا عن البصره، و ارحل انت و قومك الى حيث شئتم، و الا فدوا قتلانا، و اهدروا دمائكم، و ليود مسعود ديه المشعره.

- قال ابوالعباس: و تاويل قوله: (ديه المشعره) يريد امر الملوك فى الجاهليه و كان الرجل اذا قتل و هو من اهل بيت المملكه ودى عشر ديات- فبعث اليه الاحنف: سنختار.

فانصرفوا فى يومكم، فهز القوم راياتهم و انصرفوا، فلما كان الغد بعث الاحنف اليهم: انكم خيرتمونا خلالا ليس لنا فيها خيار، اما النزول على حكمكم فكيف يكون و الكلم يقطر، و اما ترك ديارنا فهو اخو القتل.

قال الله عز و جل: (و لو انا كتبنا عليهم ان اقتلوا انفسكم او اخرجوا من دياركم ما فعلوه الا قليل) و لكن الثالثه انما هى حمل على المال، فنحن نبطل دمائنا، و ندى قتلاكم، و ا
نما مسعود رجل من المسلمين، و قد اذهب الله عز و جل امر الجاهليه.

فاجتمع القوم على ان يقفوا امر مسعود، و يغمدوا السيف، و تودى سائر القتلى من الازد و ربيعه، فضمن ذلك الاحنف، و دفع اليهم اياس بن قتاده المجاشعى رهينه حتى يودى هذا المال، فرضى به القوم، ففخر بذلك الفرزدق، فقال لجرير: و منا الذى اعطى يديه رهينه لغارى معد يوم ضرب الجماجم عشيه سال المربدان كلاهما عجاجه موت بالسيوف الصوارم هنالك لو تبغى كليبا وجدتها اذل من القردان تحت المناسم و يقال: ان تميما فى ذلك الوقت مع باديتها و حلفائها من الاساوره و الزط و السبابجه و غيرهم كانوا زهاء سبعين الفا، و فى ذلك يقول جرير: سائل ذوى يمن و رهط محرق و الازد اذ ندبوا لنا مسعودا فاتاهم سبعون الف مدجج متسربلين يلامقا و حديدا قال الاحنف بن قيس: فكثرت على الديات فلم اجدها فى حاضره تميم، فخرجت نحو يبرين الى باديه تميم، فسالت عن المقصود هناك، فارشدت الى قبه، فاذا شيخ جالس بفنائها موتزر بشمله، محتب بحبل، فسلمت عليه و انتسبت له، فقال لى: ما فعل رسول الله (ص)؟ قلت توفى.

قال: فما فعل عمر بن الخطاب الذى كان يحفظ العرب و يحوطها؟ قلت: توفى.

قال: فاى خير فى حاضرتكم بع
دهما؟ قال: فذكرت له الديات التى لزمتنا للازد و ربيعه، قال: فقال لى: اقم فاذا راع قد اراح عليه الف بعير، فقال: خذها، ثم اراح علينا آخر مثلها، فقال: خذها، فقلت لااحتاج اليها.

قال: فانصرفت بالالف عنه و والله ما ادرى من هو الى الساعه!

نامه 019-به يكى از فرماندهان

الشرح:

الدهاقين: الزعماء ارباب الاملاك بالسواد، واحدهم هقان بكسر الدال، و لفظه معرب.

و داول بينهم، اى مره هكذا و مره هكذا، امره ان يسلك معهم منهجا متوسطا لايدنيهم كل الدنو لانهم مشركون، و لايقصيهم كل الاقصاء لانهم معاهدون، فوجب ان يعاملهم معامله آخذه من كل واحد من القسمين بنصيب.

/ 614