حکمت 007
الشرح:
هذا كلام محمول بعضه على ظاهره، لما تدعو اليه الضروره من مخاطبه العامه بما يفهمونه و العدول عما لاتقبله عقولهم، و لاتعيه قلوبهم.اما الابصار، فقد اختلف فيه، فقيل: انه بخروج شعاع من العين يتصل بالمرئى.و قيل: ان القوه المبصره التى فى العين تلاقى بذاتها المرئيات فتبصرها.و قال قوم: بل بتكيف الهواء بالشعاع البصرى من غير خروج، فيصير الهواء باعتبار تكيفه بالشعاع به آله العين فى الادراك.و قال المحققون من الحكماء: ان الادراك البصرى هو بانطباع اشباح المرئيات فى الرطوبه الجلديه من العين عند توسط الهواء الشفاف المضى ء، كما تنطبع الصوره فى المرآه.قالوا: و لو كانت المرآه ذات قوه مبصره لادركت الصور المنطبعه فيها، و على جميع الاقوال فلابد من اثبات القوه المبصره فى الرطوبه الجلديه، و الى الرطوبه الجلديه وقعت اشارته (ع) بقوله: (ينظر بشحم).و اما الكلام فمحله اللسان عند قوم.و قال قوم: ليس اللسان آله ضروريه فى الكلام لان من يقطع لسانه من اصله يتكلم، و اما اذا قطع راسه لم يتكلم قالوا: و انما الكلام باللهوات، و على كلا القولين فلابد ان تكون آله الكلام لحما، و اليه وقعت اشاره اميرالمومنين (ع)، و ليس هذهالبنيه المخصوصه شرطا فى الكلام على الاطلاق لجواز وجوده فى الشجر و الجماد عند اصحابنا، و انما هى شرط فى كلام الانسان، و لذا قال اميرالمومنين: (اعجبوا لهذا الانسان).فاما السمع للصوت فليس بعظم عند التحقيق، و انما هو بالقوه المودعه فى العصب المفروش فى الصماخ كالغشاء، فاذا حمل الهواء الصوت و دخل فى ثقب الاذن المنتهى الى الصماخ بعد تعويجات فيه جعلت لتجرى مجرى اليراعه المصوته، و افضى ذلك الصوت الى ذلك العصب الحامل للقوه السامعه حصل الادراك.و بالجمله فلابد من عظم، لان الحامل اللحم و العصب انما هو العظم.و اما التنفس فلا ريب انه من خرم، لانه من الانف، و ان كان قد يمكن لو سد الانف ان يتنفس الانسان من الفم و هو خرم ايضا، و الحاجه الى التنفس اخراج الهواء الحار عن القلب و ادخال النسيم البارد اليه، فجعلت الرئه كالمروحه تنبسط و تنقبض، فيدخل الهواء بها و يخرج من قصبتها النافذه الى المنخرين.
حکمت 008
الشرح:
كان الرشيد ايام كان حسن الراى فى جعفر بن يحيى يحلف بالله ان جعفرا افصح من قس بن ساعده، و اشجع من عامر بن الطفيل، و اكتب من عبدالحميد بن يحيى، و اسوس من عمر بن الخطاب، و احسن من مصعب بن الزبير- و كان جعفر ليس بحسن الصوره، و كان طويل الوجه جدا- و انصح له من الحجاج لعبدالملك، و اسمح من عبدالله بن جعفر، و اعف من يوسف بن يعقوب، فلما تغير رايه فيه انكر محاسنه الحقيقيه التى لايختلف اثنان انها فيه، نحو كياسته و سماحته.و لم يكن احد يجسر ان يرد على جعفر قولا و لارايا، فيقال: ان اول ما ظهر من تغير الرشيد له انه كلم الفضل بن الربيع بشى ء فرده عليه الفضل، و لم تجر عادته من قبل ان يفتح فاه فى وجهه، فانكر سليمان بن ابى جعفر ذلك على الفضل، فغضب الرشيد لانكار سليمان، و قال: ما دخولك بين اخى و مولاى؟ كالراضى بما كان من الفضل، ثم تكلم جعفر بشى ء قاله للفضل، فقال الفضل: اشهد عليه يا اميرالمومنين، فقال جعفر: فض الله فاك يا جاهل! اذا كان اميرالمومنين الشاهد، فمن الحاكم المشهود عنده؟ فضحك الرشيد، و قال: يا فضل، لاتمار جعفرا، فانك لاتقع منه موقعا.و اعلم انا قد وجدنا تصديق ما قاله (ع) فى العلوم و الفضائل و الخصائص النفسانيه، دع حديث الدنيا و السلطان و الرياسه، فان المحظوظ من علم او من فضيله تضاف اليه شوارد تلك الفضيله و شوارد ذلك الفن، مثاله حظ على (ع) من الشجاعه، و من الامثال الحكميه قل ان ترى مثلا شاردا او كلمه حكميه الا و تضيفها الناس اليه، و كذلك ما يدعى العامه له من الشجاعه و قتل الابطال حتى يقال: انه حمل على سبعين الفا فهزمهم، و قتل الجن فى البئر، و فتل الطوق الحديد فى عنق خالد بن الوليد.و كذلك حظ عنتره بن شداد فى الشجاعه، يذكر له من الاخبار ما لم يكن، و كذلك ما اشتهر به ابونواس فى وصف الخمر، يضاف اليه من الشعر فى هذا الفن ما لم يكن قاله، و كذلك جود حاتم و عبدالله بن جعفر و نحو ذلك، و بالعكس من لاحظ له ينفى عنه ما هو حقيقه له، فقد راينا كثيرا من الشعر الجيد ينفى عن قائله استحقارا له، لانه خامل الذكر، و ينسب الى غيره، بل راينا كتبا مصنفه فى فنون من العلوم خمل ذكر مصنفيها و نسبت الى غيرهم من ذوى النباهه و الصيت، و كل ذلك منسوب الى الجد و الاقبال.
حکمت 009
الشرح:
و قد روى: (خنوا) بالخاء المعجمه، من الخنين، و هو صوت يخرج من الانف عند البكاء و الى تتعلق بمحذوف، اى حنوا شوقا اليكم.و قد ورد فى الامر باحسان العشره مع الناس الكثير الواسع، و قد ذكرنا طرفا من ذلك فيما تقدم.و فى الخبر المرفوع: (اذا وسعتم الناس ببسط الوجوه، و حسن الخلق، و حسن الجوار، فكانما وسعتموهم بالمال).و قال ابوالدرداء: انا لنهش فى وجوه اقوام و ان قلوبنا لتقليهم.و قال محمد بن الفضل الهاشمى لابيه: لم تجلس الى فلان و قد عرفت عداوته؟ قال: اخبى ء نارا، و اقدح عن ود.و قال المهاجر بن عبدالله: و انى لاقصى المرء من غير بغضه و ادنى اخا البغضاء منى على عمد ليحدث ودا بعد بغضاء او ارى له مصرعا يردى به الله من يردى و قال عقال بن شبه التميمى: كنت ردف ابى، فلقيه جرير بن الخطفى على بغله، فحياه ابى و الطفه، فلما مضى قلت له: ابعد ان قال لنا ما قال! قال: يا بنى افاوسع جرحى!.و قال محمد بن الحنفيه (ع): قد يدفع باحتمال المكروه ما هو اعظم منه.و قال الحسن (ع): حسن السوال نصف العلم، و مداراه الناس نصف العقل، و القصد فى المعيشه نصف الموونه.و مدح ابن شهاب شاعرا فاعطاه، و قال: ان من ابتغاء الخير اتقاء الشر.و قال الشاعر: و انزلنى طول النوى دار غربه متى شئت لاقيت امرا لااشاكله اخا ثقه حتى يقال سجيه و لو كان ذا عقل لكنت اعاقله و فى الحديث المرفوع: (للمسلم على المسلم ست: يسلم عليه اذا لقيه، و يجيبه اذا دعاه، و يشمته اذا عطس، و يعوده اذا مرض، و يحب له ما يحب لنفسه، و يشيع جنازته اذا مات).و وقف (ص) على عجوز، فجعل يسالها و يتحفاها، و قال: (ان حسن العهد من الايمان، انها كانت تاتينا ايام خديجه).
حکمت 010
الشرح:
قد اخذت انا هذا المعنى، فقلت فى قطعه لى: ان الامانى اكساب الجهول فلا تقنع بها و اركب الاهوال و الخطرا و اجعل من العقل جهلا و اطرح نظرا فى الموبقات و لاتستشعر الحذرا و ان قدرت على الاعداء منتصرا فاشكر بعفوك عن اعدائك الظفرا و قد تقدم لنا كلام طويل فى الحلم و الصفح و العفو.و نحن نذكر هاهنا زياده على ذلك: شجر بين ابى مسلم و بين صاحب مرو كلام اربى فيه صاحب مرو عليه، و اغلظ له فى القول، فاحتمله ابومسلم، و ندم صاحب مرو، و قام بين يدى ابى مسلم معتذرا، و كان قال له فى جمله ما قال: يا لقيط! فقال ابومسلم: مه! لسان سبق، و وهم اخطا، و الغضب شيطان و انا جراتك على باحتمالك قديما، فان كنت للذنب معتذرا، فقد شاركتك فيه، و ان كنت مغلوبا فالعفو يسعك.فقال صاحب مرو: ايها الامير، ان عظم ذنبى يمنعنى من الهدوء.فقال ابومسلم: يا عجبا! اقابلك باحسان، و انت مسى ء، ثم اقابلك باسائه و انت محسن! فقال: الان وثقت بعفوك.و اذنب بعض كتاب المامون ذنبا، و تقدم اليه ليحتج لنفسه، فقال: يا هذا، قف مكانك فانما هو عذر او يمين، فقد وهبتهما لك، و قد تكرر منك ذلك، فلا تزال تسى ء و نحسن، و تذنب و نغفر، حتى يكون العفو هو الذى يصلحك!.و كان يقال: احسن افعال القادر العفو، و اقبحها الانتقام.و كان يقال: ظفر الكريم عفو، و عفو اللئيم عقوبه.و كان يقال: رب ذنب مقدار العقوبه عليه اعلام المذنب به، و لايجاوز به حد الارتفاع الى الايقاع.و كان يقال: ما عفا عن الذنب من قرع به.و من الحلم الذى يتضمن كبرا مستحسنا، ما روى ان مصعب بن الزبير لما ولى العراق عرض الناس ليدفع اليهم ارزاقهم، فنادى مناديه: اين عمرو بن جرموز؟ فقيل له: ايها الامير، انه ابعد فى الارض، قال: او ظن الاحمق انى اقتله بابى عبدالله! قولوا له: فليظهر آمنا، و لياخذ عطائه مسلما.و اكثر رجل من سب الاحنف و هو لايجيبه، فقال الرجل: ويلى عليه! و الله ما منعه من جوابى الا هوانى عنده!.و قال لقيط بن زراره: فقل لبنى سعد و ما لى و ما لكم ترقون منى ما استطعتم و اعتق اغركم انى باحسن شيمه بصير و انى بالفواحش اخرق! و انك قد ساببتنى فقهرتنى هنيئا مريئا انت بالفحش احذق و قال المامون لابراهيم بن المهدى لما ظفر به: انى قد شاورت فى امرك، فاشير على بقتلك، الا انى وجدت قدرك فوق ذنبك، فكرهت قتلك للازم حرمتك.فقال ابراهيم: يا اميرالمومنين، ان المشير اشار بما تقتضيه السياسه، و توجيه
العاده، الا انك ابيت ان تطلب النصر الا من حيث عودته من العفو، فان قتلت فلك نظراء، و ان عفوت فلا نظير لك.قال: قد عفوت، فاذهب آمنا.ضل الاعشى فى طريقه، فاصبح بابيات علقمه بن علاثه، فقال قائده، و قد نظر الى قباب الادم: و اسوء صباحاه يا ابابصير! هذه و الله ابيات علقمه، فخرج فتيان الحى، فقبضوا على الاعشى، فاتوا به علقمه، فمثل بين يديه، فقال: الحمد لله الذى اظفرنى بك من غير ذمه و لا عقد، قال الاعشى: او تدرى لم ذلك جعلت فداك!.قال: نعم، لانتقم اليوم منك بتقوالك على الباطل مع احسانى اليك، قال: لا و الله، و لكن اظفرك الله بى ليبلو قدر حلمك فى.فاطرق علقمه، فاندفع الاعشى فقال: اعلقم قد صيرتنى الامور اليك و ما كان بى منكص كساكم علاثه اثوابه و ورثكم حلمه الاحوص فهب لى نفسى فدتك النفوس فلا زلت تنمى و لاتنقص فقال: قد فعلت، اما و الله لو قلت فى بعض ما قلته فى عامر بن عمر، لاغنيتك طول حياتك، و لو قلت فى عامر بعض ما قتله فى ما اذاقك برد الحياه.قال معاويه لخالد بن معمر السدوسى: على ماذا احببت عليا؟ قال: على ثلاث: حلمه اذا غضب، و صدقه اذا قال، و وفاوه اذا وعد.
حکمت 011
الشرح:
قد ذكرنا قطعه صالحه من الاخوانيات فيما تقدم.و فى الحديث المرفوع ان النبى (ص) بكى لما قتل جعفر بموته، و قال: (المرء كثير باخيه).و قال جعفر بن محمد (ع): لكل شى ء حليه و حليه الرجل اوداوه.و انشد ابن الاعرابى: لعمرك ما مال الفتى بذخيره و لكن اخوان الصفاء الذخائر و كان ابوايوب السختيانى يقول: اذا بلغنى موت اخ كان لى، فكانما سقط عضو منى.و كان يقال: الاخوان ثلاث طبقات: طبقه كالغذاء لايستغنى عنه، و طبقه كالدواء يحتاج اليه عند المرض، و طبقه كالداء لايحتاج اليه ابدا.و كان يقال: صاحبك كرقعه فى قميصك، فانظر بما ترقع قميصك!.و كان يونس بن عبيد يقول: اثنان ما فى الارض اقل منهما، و لايزدادان الا قله: درهم يوضع فى حق و اخ يسكن اليه فى الله.و قال الشاعر: اخاك اخاك ان من لا اخا له كساع الى الهيجا بغير سلاح و ان ابن عم المرء فاعلم جناحه و هل ينهض البازى بغير جناح؟ و قال آخر: و لن تنفك تحسد او تعادى فاكثر ما استطعت من الصديق و بغضك للتقى اقل ضرا و اسلم من موده ذى الفسوق و اوصى بعضهم ابنه، فقال: يا بنى، اذا نازعتك نفسك الى مصاحبه الرجال فاصحب من اذا صحبته زانك، و اذا خدمته صانك، واذا عرضت لك مونه اعانك، و ان قلت صدق قولك، و ان صلت شد صولك، و ان مددت يدك لامر مدها، و ان بدت لك عوره سدها، و ان راى منك حسنه عدها، و ان سالته اعطاك، و ان سكت ابتداك، و ان نزلت بك ملمه و اساك، من لاتاتيك منه البوائق، و لاتحتار عليك منه الطرائق، و لايخذلك عند الحقائق.و من الشعر المنسوب الى على (ع): ان اخاك الحق من كان معك و من يضر نفسه لينفعك و من اذا ريب الزمان صدعك شتت فيك شمله ليجمعك و من الشعر المنسوب اليه (ع) ايضا: اخوك الذى ان اجرضتك ملمه من الدهر لم يبرح لها الدهر واجما و ليس اخوك بالذى ان تشعبت عليك امور ظل يلحاك لائما و قال بعض الحكماء: ينبغى للانسان ان يوكل بنفسه كالئين: احدهما يكلوه من امامه، و الاخر يكلوه من ورائه، و هما عقله الصحيح، و اخوه النصيح، فان عقله و ان صح فلن يبصره من عيبه الا بمقدار ما يرى الرجل من وجهه فى المرآه، و يخفى عليه ما خلفه، و اما اخوه النصيح فيبصره ما خلفه و ما امامه ايضا.و كتب ظريف الى صديق له: انى غير محمود على الانقياد اليك، لانى صادقتك من جوهر نفسى، و النفس يتبع بعضها بعضا.و فى الحديث المرفوع: (اذا احب احدكم اخاه فليعلمه).و قال الاحنف: خير الاخوان من
اذا استغنيت عنه لم يزدك ودا، و ان احتجت اليه لم ينقصك.و قال اعشى باهله يرثى المنتشر بن وهب: اما سلكت سبيلا كنت سالكها فاذهب فلا يبعدنك الله منتشر من ليس فى خيره شر ينكده على الصديق و لا فى صفوه كدر و قال آخر يرثى صديقا له: اخ طالما سرنى ذكره و اصبحت اشجى لدى ذكره و قد كنت اغدو الى قصره فاصبحت اغدو الى قبره و كنت ارانى غنيا به عن الناس لو مد فى عمره اذا جئته طالبا حاجه فامرى يجوز على امره راى بعض الحكماء مصطحبين لايفترقان، فسال عنهما، فقيل: صديقان، قال: فما بال احدهما غنيا و الاخر فقيرا!.
حکمت 012
الشرح:
قد سبق ذكر هولاء فيما تقدم، و هم عبدالله بن عمر بن الخطاب، و سعد بن ابى وقاص، و سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، و اسامه بن زيد، و محمد بن مسلمه، و انس بن مالك، و جماعه غيرهم.و قد ذكر شيخنا ابوالحسين فى "الغرر" ان اميرالمومنين (ع) لما دعاهم الى القتال معه، و اعتذروا بما اعتذروا به، قال لهم: اتنكرون هذه البيعه؟ قالوا: لا، لكنا لانقاتل، فقال: اذا بايعتم فقد قاتلتم: قال: فسلموا بذلك من الذم، لان امامهم رضى عنهم.و معنى قوله: (خذلوا الحق و لم ينصروا الباطل)، اى خذلونى و لم يحاربوا معى معاويه، و بعض اصحابنا البغداديين يتوقف فى هولاء، و الى هذا القول يميل شيخنا ابوجعفر الاسكافى.حکمت 013
الشرح:
قد سبق القول فى الشكر، و نحن نذكر هاهنا زياده على ذلك.قال بعضهم: ما شيبتنى السنون، بل شكرى من احتاج ان اشكره.و قالوا: العفاف زينه الفقر، و الشكر زينه الغنى.و قالوا: من سعاده المرء ان يضع معروفه عند من يشكره.و من جيد ما قيل فى الشكر قول ابى نواس: قد قلت للعباس معتذرا من ضعف شكريه و معترفا انت امرو حملتنى نعما اوهت قوى شكرى فقد ضعفا فاليك منى اليوم معذره جائتك بالتصريح منكشفا لاتسدين الى عارفه حتى اقوم بشكر ما سلفا و قال البحترى: فان انا لم اشكر لنعماك جاهدا فلا نلت نعمى بعدها توجب الشكرا و قال ايضا: ساجهد فى شكرى لنعماك اننى ارى الكفر للنعماء ضربا من الكفر و قال ابن ابى طاهر: شكرت عليا بره و بلائه فقصر بى شكرى و انى لجاهد و ما انا من شكرى عليا بواحد و لكنه فى الفضل و الجود واحد و قال ابوالفتح البستى: لاتظنن بى و برك حى ان شكرى و شكر غيرى موات انا ارض و راحتاك سحاب و الايادى وبل و شكرى نبات و قال ايضا: و خر لما اوليت شكرى ساجدا و مثل الذى اوليت يعبده الشكر البحترى: اراك بعين المكتسى ورق الغنى بالائك اللاتى يعددها الشكر و يعجبنى فقرى اليك و لم يكن ليعجبنى لولا محبتك الفقر آخر: بدات بمعروف و ثنيت بالرضا و ثلثت بالحسنى و ربعت بالكرم و باشرت امرى و اعتنيت بحاجتى و اخرت (لا) عنى و قدمت لى (نعم) و صدقت لى ظنى، و انجزت موعدى و طبت به نفسا و لم تتبع الندم فان نحن كافانا بشكر فواجب و ان نحن قصرنا فما الود متهم
حکمت 014
الشرح:
ان الانسان قد ينصره من لايرجو نصره و ان اهمله اقربوه و خذلوه، فقد تقوم به الاجانب من الناس، و قد وجدنا ذلك فى حق رسول الله (ص)، ضيعه اهله و رهطه من قريش و خذلوه، و تمالئوا عليه، فقام بنصره الاوس و الخزرج، و هم ابعد الناس نسبا منه، لانه من عدنان و هم من قحطان، و كل واحد من الفريقين لايحب الاخر حتى تحب الارض الدم.و قامت ربيعه بنصر على (ع) فى صفين، و هم اعداء مضر الذين هم اهله و رهطه، و قامت اليمن بنصر معاويه فى صفين، و هم اعداء مضر، و قامت الخراسانيه و هم عجم بنصر الدوله العباسيه، و هى دوله العرب.و اذا تاملت السير وجدت هذا كثيرا شائعا.حکمت 015
الشرح:
هذه الكلمه قالها على (ع) لسعد بن ابى وقاص و محمد بن مسلمه و عبدالله بن عمر لما امتنعوا من الخروج معه لحرب اصحاب الجمل، و نظيرها او قريب منها قول ابى الطيب: فما كل فعال يجازى بفعله و لا كل قوال لدى يجاب و رب كلام مر فوق مسامعى كما طن فى لفح الهجير ذبابحکمت 016
الشرح:
اذا تاملت احوال العالم وجدت صدق هذه الكلمه ظاهرا، و لو شئنا ان نذكر الكثير من ذلك لذكرنا ما يحتاج فى تقييده بالكتابه الى مثل حجم كتابنا هذا، و لكنا نذكر لمحا و نكتا و اطرافا و دررا من القول.فرش مروان بن محمد- و قد لقى عبدالله بن على- انطاعا و بسط عليها المال، و قال: من جائنى براس فله مائه درهم، فعجزت الحفظه و الحراس عن حمايته، و اشتغلت طائفه من الجند بنهبه، و تهافت الجيش عليه لينتهبوه، فغشيهم عبدالله بن على بعساكره، فقتل منهم ما لايحصى، و هزم الباقون.و كسر ابراهيم بن عبدالله بن الحسن بن الحسن جيش ابى جعفر المنصور بباخمرى و امر اصحابه باتباعهم، فحال بينهم و بين اصحاب ابى جعفر ماء ضحضاح، فكره ابراهيم و جيشه خوض ذلك الماء، و كان واسعا، فامر صاحب لوائه ان يتعرج باللواء على مسناه كانت على ذلك الماء يابسه، فسلكها صاحب اللواء و هى تفضى بانعراج و انعكاس الى الارض اليبس، فلما راى عسكر ابى جعفر ان لواء القوم قد تراجع القهقرى ظنوهم منهزمين، فعطفوا عليهم، فقتلوا منهم مقتله عظيمه، و جاء سهم غرب فاصاب ابراهيم فقتله.و قد دبرت من قبل قريش فى حمايه العير بان نفرت على الصعب و الذلول لتدفع رسول الله (ص) عن اللطيمه، فكان هلاكها فى تدبيرها.و كسرت الانصار يوم احد بان اخرجت النبى (ص) عن المدينه ظنا منها ان الظفر و النصره كانت بذلك، و كان سبب عطبها و ظفر قريش بها، و لو اقامت بين جدران المدينه لم تظفر قريش منها بشى ء.و دبر ابومسلم الدوله الهاشميه، و قام بها حتى كان حتفه فى تدبيره.و كذلك جرى لابى عبدالله المحتسب مع عبدالله المهدى بالمغرب.و دبر ابوالقاسم بن المسلمه رئيس الروساء فى اخراج البساسيرى عن العراق حتى كان هلاكه على يده، و كذلك ايضا انعكس عليه تدبيره فى ازاله الدوله البويهيه من الدوله السلجوقيه ظنا منه انه يدفع الشر، بغير الشر فدفع الشر بما هو شر منه.و امثال هذا و نظائره اكثر من ان تحصى.