خطبه 071-درود بر پيامبر
الشرح:
دحوت الرغيف دحوا: بسطته، و المدحوات هنا: الارضون.فان قلت: قد ثبت ان الارض كريه، فكيف تكون بسيطه، و البسيط هو المسطح، و الكرى لايكون مسطحا؟ قلت: الارض بجملتها شكل كره، و ذلك لايمنع ان تكون كل قطعه منها مبسوطه تصلح لان تكون مستقرا و مجالا للبشر و غيرهم من الحيوان، فان المراد بانبساطها هاهنا ليس هو السطح الحقيقى الذى لايوجد فى الكره، بل كون كل قطعه منها صالحه لان يتصرف عليها الحيوان لا يعنى به غير ذلك.و داحى المدحوات، ينتصب لانه منادى مضاف، تقديره: يا باسط الارضين المبسوطات.قوله: (و داعم المسموكات)، اى حافظ السموات المرفوعات، دعمت الشى ء اذا حفظته من الهوى بدعامه، و المسموك: المرفوع، قال: ان الذى سمك السماء بنى لنا بيتا دعائمه اعز و اطول و يجوز ان يكون عنى بكونها مسموكه كونها ثخينه و سمك الجسم هو البعد الذى يعبر عنه المتكلمون بالعمق و هو قسيم الطول و العرض، و لا شى ء اعظم ثخنا من الافلاك.فان قلت: كيف قال: انه تعالى دعم السموات و هى بغير عمد؟ قلت: اذا كان حافظا لها من الهوى بقدرته و قوته فقد صدق عليه كونه داعما لها، لان قوته الحافظه تجرى مجرى الدعامه.قوله: (و جابل القلوب) اى خالقها، و الجبل الخلق، و جبله الانسان: خلقته، و فطراتها: بكسر الفاء و فتح الطاء: جمع فطره، و يجوز كسر الطاء، كما قالوا فى سدره: سدرات و سدرات، و الفطره: الحاله التى يفطر الله عليها الانسان، اى يخلقه عليها خاليا من الاراء و الديانات و العقائد و الاهويه، و هى ما يقتضيه محض العقل، و انما يختار الانسان بسوء نظره ما يفضى به الى الشقوه، و هذا معنى قول النبى (ص): (كل مولود يولد على الفطره، فانما ابواه يهودانه او ينصرانه).قوله: (شقيها و سعيدها) بدل من القلوب، و تقدير الكلام: و جابل الشقى من القلوب و السعيد على ما فطرت عليه.و النوامى: الزوائد.و الخاتم لما سبق، اى لما سبق من الملل.و الفاتح لما انغلق من امر الجاهليه.و المعلن الحق بالحق، اى المظهر للحق الذى هو خلاف الباطل بالحق، اى بالحرب و الخصومه، يقال: حاق فلان فلانا فحقه، اى خاصمه فخصمه.و يقال: ما فيه حق اى خصومه.قوله: (و الدافع جيشات الاباطيل)، جمع جيشه، من جاشت القدر اذا ارتفع غليانها.و الاباطيل: جمع باطل على غير قياس: و المراد انه قامع ما نجم من الباطل.و الدامغ: المهلك، من دمغه اى شجه حتى بلغ الدماغ، و مع ذلك يكون الهلاك.و الصولات: جمع صوله و هى السطوه.و الا
ضاليل: جمع ضلال على غير قياس.قوله.(كما حمل)، اى لاجل انه يحمل، و العرب تستعمل هذه الكاف بمعنى التعليل، قال الشاعر: فقلت له ابا الملحاء خذها كما اوسعتنا بغيا و عدوا اى هذه الضربه لبغيك علينا، و تعديك.و قوله: (كما حمل) يعنى حمل اعباء الرساله.فاضطلع، اى نهض بها قويا، فرس ضليع اى قوى، و هى الضلاعه، اى القوه.مستوفزا، اى غبر بطى ء، بل يحث نفسه و يجهدها فى رضا الله سبحانه، و الوفز: العجله، و المستوفز: المستعجل.غير ناكل عن قدم، اى غير جبان ولا متاخر عن اقدام، و المقدام: المتقدم، يقال مضى قدما اى تقدم و سار و لم يعرج.قوله: (و لا واه فى عزم)، و هى، اى ضعف، و الواهى: الضعيف.واعيا لوحيك، اى فاهما، وعيت الحديث، اى فهمته و عقلته.ماضيا على نفاذ امرك، فى الكلام حذف تقديره: ماضيا مصرا على نفاذ امرك، كقوله تعالى: (فى تسع آيات الى فرعون)، و لم يقل: (مرسلا) لان الكلام يدل بعضه على بعض.و قوله: (حتى اورى قبس القابس)، يقال: ورى الزند، يرى، اى خرج ناره، و اوريته انا و القبس: شعله من النار، و المراد بالقبس هاهنا نور الحق، و القابس: الذى يطلب النار، يقال: قبست منه نارا، و اقبسنى نارا، اى اعطانيها.و قال الراوندى: اقبست
الرجل علما، و قبسته نارا، اعطيته، فان كنت طلبتها له قلت: اقبسته نارا.و قال الكسائى: اقبسته نارا و علما سواء، قال: و يجوز (قبسته) بغير همزه فيهما.قوله: (و اضاء الطريق للخابط)، اى جعل الطريق للخابط مضيئه، و الخابط: الذى يسير ليلا على غير جاده واضحه.و هذه الالفاظ كلها استعارات و مجازات.و خوضات الفتن: جمع خوضه، و هى المره الواحده، من خضت الماء و الوحل، اخوضهما، و تقدير الكلام: و هديت به القلوب الى الاعلام الموضحه بعد ان خاضت فى الفتن اطوارا.و الاعلام.جمع علم، و هو ما يستدل به على الطريق، كالمناره و نحوها.و الموضحه: التى توضح للناس الامور و تكشفها.(و النيرات): ذوات النور.قوله: (فهو امينك المامون) اى امينك على وحيك، و المامون من القاب رسول الله (ص)، قال كعب بن زهير: سقاك ابوبكر بكاس رويه و انهلك المامون منها و علكا و خازن علمك، المخزون بالجر صفه (علمك) و العلم الالهى المخزون: هو ما اطلع الله تعالى عليه و رسوله من الامور الخفيه التى لاتتعلق بالاحكام الشرعيه كالملاحم و احكام الاخره و غير ذلك، لان الامور الشرعيه لايجوز ان تكون مخزونه عن المكلفين.و قوله: (و شهيدك يوم الدين)، اى شاهدك، قال سبحانه: (فكيف ا
ذا جئنا من كل امه بشهيد و جئنا بك على هولاء شهيدا).و البعيث: المبعوث (فعيل) بمعنى (مفعول) كقتيل و جريح و صريع.و مفسحا مصدر، اى وسع له مفسحا.و قوله: (فى ظلك) يمكن ان يكون مجازا، كقولهم: فلان يشملنى بظله، اى باحسانه و بره، و يمكن ان يكون حقيقه، و يعنى به الظل الممدود الذى ذكره الله تعالى، فقال: (و ظل ممدود، و ماء مسكوب).و قوله: (و اعل على بناء البانين بناءه)، اى اجعل منزلته فى دار الثواب اعلى المنازل.و اتمم له نوره، من قوله تعالى: (ربنا اتمم لنا نورنا).و قد روى انه تطفا سائر الانوار الا نور محمد (ص)، ثم يعطى المخلصون من اصحابه انوارا يسيره يبصرون بها مواطى ء الاقدام فيدعون الى الله تعالى بزياده تلك الانوار و اتمامها.ثم ان الله تعالى يتم نور محمد (ص)، فيستطيل حتى يملا الافاق، فذلك هو اتمام نوره (ص).قوله: (من ابتعاثك له)، اى فى الاخره.مقبول الشهاده، اى مصدقا فيما يشهد به على امته و على غيرها من الامم.و قوله: (ذا منطق عدل)، اى عادل، و هو مصدر اقيم مقام اسم الفاعل، كقولك: رجل فطر و صوم اى مفطر و صائم.و قوله: (و خطبه فصل) اى يخطب خطبه فاصله يوم القيامه، كقوله تعالى: (انه لقول فصل و ما هو بالهزل)، اى فاصل
يفصل بين الحق و الباطل، و هذا هو المقام المحمود الذى ذكره الله تعالى فى الكتاب، فقال: (عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا)، و هو الذى يشار اليه فى الدعوات فى قولهم: (اللهم آت محمدا الوسيله و الفضيله، و الدرجه الرفيعه، و ابعثه المقام المحمود).قوله: (فى برد العيش)، تقول العرب: عيش بارد و معيشه بارده، اى لاحرب فيها و لانزاع، لان البرد و السكون متلازمان كتلازم الحر و الحركه.و قرار النعمه، اى مستقرها، يقال: هذا قرار السيل، اى مستقره و من امثالهم: (لكل سائله قرار).و منى الشهوات: ما تتعلق به الشهوات من الامانى.و اهواء اللذات: ما تهواه النفوس و تستلذه.و الرخاء، المصدر من قولك: رجل رخى البال فهو بين الرخاء، اى واسع الحال.و الدعه: السكون و الطمانينه، و اصلها الواو.و منتهى الطمانينه.غايتها التى ليس بعدها غايه.و التحف: جمع تحفه، و هى ما يكرم به الانسان من البر و اللطف، و يجوز فتح الحاء.(معنى الصلاه على النبى و الخلاف فى جواز الصلاه على غيره) فان قلت: ما معنى الصلاه على الرسول (ص)، التى قال الله تعالى فيها: (ان الله و ملائكته يصلون على النبى يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما).قلت: الصلاه من الله تعال
ى هى الاكرام و التبجيل و رفع المنزله، و الصلاه منا على النبى (ص) هى الدعاء له بذلك، فقوله سبحانه: (هو الذى يصلى عليكم) اى هو الذى يرفع منازلكم فى الاخره، و قوله: (و ملائكته) اى يدعون لكم بذلك.و قيل: جعلوا لكونهم مستجابى الدعوه كانهم فاعلون التعظيم للمومن و رفع المنزله، و نظيره قوله: (حياك الله) اى احياك الله و ابقاك، و حييتك اى دعوت لك بان يحييك، لانك لاعتمادك على اجابه دعوتك و وثوقك بذلك، كانك تحييه و تبقيه على الحقيقه، و هكذا القول فى قوله سبحانه: (ان الله و ملائكته يصلون على النبى).و قد اختلف فى الصلاه على النبى (ص): هل هى واجبه ام لا؟ فمن الناس من لم يقل بوجوبها، و جعل الامر فى هذه الايه للندب و منهم من قال: انها واجبه.و اختلفوا فى حال وجوبها، فمنهم من اوجبها كلما جرى ذكره، و فى الحديث: (من ذكرت عنده فلم يصل على دخل النار و ابعده الله)، و منهم من قال: تجب فى كل مجلس مره واحده، و ان تكرر ذكره.و منهم من اوجبها فى العمر مره واحده، و كذلك قال فى اظهار الشهادتين.و اختلف ايضا فى وجوبها فى الصلاه المفروضه، فابو حنيفه و اصحابه لايوجبونها فيها.و روى عن ابراهيم النخعى انهم كانوا يكتفون- يعنى الصحابه- عنها بال
تشهد، و هو: (السلام عليك ايها النبى و رحمه الله و بركاته)، و اوجبها الشافعى و اصحابه.و اختلف اصحابه فى وجوب الصلاه على آل محمد (ص)، فالاكثرون على انها واجبه، و انها شرط فى صحه الصلاه.فان قلت: فما تقول فى الصلاه على الصحابه و الصالحين من المسلمين؟ قلت: القياس جواز الصلاه على كل مومن، لقوله تعالى: (هو الذى يصلى عليكم و ملائكته)، و قوله: (و صل عليهم ان صلاتك سكن لهم)، و قوله: (اولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمه)، و لكن العلماء قالوا: اذا ذكر احد من المسلمين تبعا للنبى (ع) فلا كلام فى جواز ذلك، و اما اذا افردوا او ذكر احد منهم، فاكثر الناس كرهوا الصلاه عليه، لان ذلك شعار رسول الله فلا يشركه فيه غيره.و اما اصحابنا من البغداديين فلهم اصطلاح آخر، و هو انهم يكرهون اذا ذكروا عليا (ع) ان يقولوا: (صلى الله عليه) و لايكرهون ان يقولوا: (صلوات الله عليه)، و جعلوا اللفظه الاولى مختصه بالرسول (ص)، و جعلوا اللفظه الثانيه مشتركه فيها بينهما (ع)، و لم يطلقوا لفظ الصلاه على احد من المسلمين الا على على وحده.