خطبه 153-در فضائل اهل بيت
الشرح:
يقول: ان قلب اللبيب له عين يبصر بها غايته التى يجرى اليها، و يعرف من احواله المستقبله ما كان مرتفعا او منخفضا ساقطا.و النجد: المرتفع من الارض، و منه قولهم للعالم بالامور (طلاع انجد).ثم قال: (داع دعا)، موضع (داع) رفع، لانه مبتدا محذوف الخبر، تقديره: (فى الوجود داع دعا، وراع رعى)، و يعنى بالداعى رسول الله (ص)، و بالراعى نفسه (ع).الشرح:
هذا كلام متصل بكلام لم يحكه الرضى رحمه الله، و هو ذكر قوم من اهل الضلال قد كان اخذ فى ذمهم، و نعى عليهم عيوبهم.و ارز المومنون: اى انقبضوا، و المضارع (يارز) بالكسر ارزا و اروزا، و رجل اروز اى منقبض، و فى الحديث: (ان الاسلام ليارز الى المدينه كما تارز الحيه الى جحرها)، اى ينضم اليها و يجتمع.ثم قال: (نحن الشعار و الاصحاب)، يشير الى نفسه، و هو ابدا ياتى بلفظ الجمع و مراده الواحد.و الشعار: ما يلى الجسد من الثياب، فهو اقرب من سائرها اليه، و مراده الاختصاص برسول الله (ص).و الخزنه و الابواب، يمكن ان يعنى به خزنه العلم، و ابواب العلم لقول رسول الله (ص): (انا مدينه العلم و على بابها، فمن اراد الحكمه فليات الباب).و قوله فيه: (خازن علمى) و قال تاره اخرى: (عيبه علمى).و يمكن ان يريد خزنه الجنه و ابواب الجنه، اى لايدخل الجنه الا من وافى بولايتنا، فقد جاء فى حقه الخبر الشائع المستفيض: انه قسيم النار و الجنه، و ذكر ابوعبيد الهروى فى "الجمع بين الغريبين"، ان قوما من ائمه العربيه فسروه فقالوا: لانه لما كان محبه من اهل الجنه، و مبغضه من اهل النار، كانه بهذا الاعتبار قسيم النار و الجنه.قال ابوعبيد: و قال غير هولاء: بل هو قسيمها بنفسه فى الحقيقه، يدخل قوما الى الجنه، و قوما الى النار، و هذا الذى ذكره ابوعبيد اخيرا هو ما يطابق الاخبار الوارده فيه، يقول للنار: هذا لى فدعيه، و هذا لك فخذيه.ثم ذكر ان البيوت لاتوتى الا من ابوابها، قال الله تعالى: (و ليس البر بان تاتوا البيوت من ظهورها و لكن البر من اتقى و اتوا البيوت من ابوابها).ثم قال: من اتاها من غير ابوابها سمى سارقا، و هذا حق ظاهرا و باطنا، اما الظاهر فلان من يتسور البيوت من غير ابوابها هو السارق، و اما الباطن فلان من طلب العلم من غير استاذ محقق فلم ياته من بابه، فهو اشبه شى ء بالسارق.(ذكر الاحاديث و الاخبار الوارده فى فضائل على) و اعم ان اميرالمومنين (ع) لو فخر بنفسه، و بالغ فى تعديد مناقبه و فضائله بفصاحته،التى آتاه الله تعالى اياها، و اختصه بها، و ساعده على ذلك فصحاء العرب كافه، لم يبلغوا الى معشار ما نطق به الرسول الصادق (ص) فى امره، و لست اعنى بذلك الاخبار العامه الشائعه التى يحتج بها الاماميه على امامته، كخبر الغدير، و المنزله، و قصه برائه، و خبر المناجاه، و قصه خيبر، و خبر الدار بمكه فى ابتداء الدعوه، و نحو ذلك، بل الاخبار الخاصه التى رواها فيه ائمه الحديث، التى لم يحصل اقل القليل منها لغيره، و انا اذكر من ذلك شيئا يسيرا مما رواه علماء الحديث الذين لايتهمون فيه، و جلهم قائلون بتفضيل غيره عليه، فروايتهم فضائله توجب من سكون النفس ما لايوجبه روايه غيرهم.الخبر الاول: (يا على، ان الله قد زينك بزينه لم يزين العباد بزينه احب اليه منها، هى زينه الابرار عند الله تعالى، الزهد فى الدنيا، جعلك لاترزا من الدنيا شيئا، و لاترزا الدنيا منك شيئا، و وهب لك حب المساكين، فجعلك ترضى بهم اتباعا، و يرضون بك اماما).رواه ابونعيم الحافظ فى كتابه المعروف ب "حليه الاولياء" و زاد فيه ابوعبدالله احمد بن حنبل فى "المسند": (فطوبى لمن احبك و صدق فيك، و ويل لمن ابغضك و كذب فيك!).الخبر الثانى: قال لوفد ثقيف: (لتسلمن، او لابعثن اليكم رجل
ا منى- او قال: عديل نفسى- فليضربن اعناقكم، و ليسبين ذراريكم، و لياخذن اموالكم).قال عمر: فما تمنيت الاماره الا يومئذ، و جعلت انصب له صدرى رجاء ان يقول: هو هذا.فالتفت فاخذ بيد على و قال: (هو هذا!)، مرتين.رواه احمد فى "المسند"، و رواه فى كتاب فضائل على (ع)، انه قال: (لتنتهن يا بنى وليعه، او لابعثن اليكم رجلا كنفسى، يمضى فيكم امرى.