خطبه 201-در باب حديثهاى مجعول - شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

خطبه 201-در باب حديثهاى مجعول

الشرح:

الكلام فى تفسير الالفاظ الاصوليه، و هى العام و الخاص، و الناسخ و المنسوخ، و الصدق و الكذب، و المحكم و المتشابه، موكول الى فن اصول الفقه، و قد ذكرناه فيما امليناه من الكتب الاصوليه، و الاطاله بشرح ذلك فى هذا الموضع مستهجنه.

قوله (ع): (و حفظا و وهما) الهاء مفتوحه، و هى مصدر و همت، بالكسر، اوهم، اى غلطت و سهوت، و قد روى: (و هما) بالتسكين، و هو مصدر وهمت بالفتح اوهم، اذا ذهب وهمك الى شى ء و انت تريد غيره، و المعنى متقارب.

و قول النبى (ص): (فليتبوا مقعده من النار) كلام صيغته الامر، و معناه الخبر، كقوله تعالى: (قل من كان فى الضلاله فليمدد له الرحمن مدا)، و تبوات المنزل: نزلته، و بواته منزلا: انزلته فيه.

و التاثم: الكف عن موجب الاثم، و التحرج مثله، و اصله الضيق، كانه يضيق على نفسه.

و لقف عنه: تناول عنه.

و جنب عنه: اخذ عنه جانبا.

و (ان) فى قوله: (حتى ان كانوا ليحبون) مخففه من الثقيله، و لذلك جائت اللام فى الخبر.

و الطارى ء، بالهمز: الطالع عليهم، طرا اى طلع، و قد روى: (عللهم)، بالرفع عطفا على (وجوه)، و روى بالجر عطفا على (اختلافهم).

(ذكر بعض احوال المنافقين بعد وفاه محمد (ع)) و اعلم ان هذا ا
لتقسيم صحيح، و قد كان فى ايام الرسول (ص) منافقون، و بقوا بعده، و ليس يمكن ان يقال: ان النفاق مات بموته، و السبب فى استتار حالهم بعده انه (ص) كان لايزال بذكرهم بما ينزل عليه من القرآن، فانه مشحون بذكرهم، الا ترى ان اكثر ما نزل بالمدينه من القرآن مملوء بذكر المنافقين، فكان السبب فى انتشار ذكرهم و احوالهم و حركاتهم هو القرآن، فلما انقطع الوحى بموته (ص) لم يبق من ينعى عليهم سقطاتهم و يوبخهم على اعمالهم، و يامر بالحذر منهم، و يجاهرهم تاره، و يجاملهم تاره، و صار المتولى للامر بعده يحمل الناس كلهم على كاهل المجامله، و يعاملهم بالظاهر، و هو الواجب فى حكم الشرع و السياسه الدنيويه، بخلاف حال الرسول (ص) فانه كان تكليفه معهم غير هذا التكليف، الا ترى انه قيل له: (و لاتصل على احد منهم مات ابدا)! فهذا يدل على انه كان يعرفهم باعيانهم، و الا كان النهى له عن الصلاه عليهم تكليف ما لايطاق، و الوالى بعده لا يعرفهم باعيانهم، فليس مخاطبا بما خوطب به (ص) فى امرهم، و لسكوت الخلفاء عنهم بعده خمل ذكرهم، فكان قصارى امر المنافق ان يسر ما فى قلبه، و يعامل المسلمين بظاهره، و يعاملونه بحسب ذلك.

ثم فتحت عليهم البلاد، و كثرت الغنائم، فاشتغلوا
بها عن الحركات التى كانوا يعتمدونها ايام رسول الله، و بعثهم الخلفاء مع الامراء الى بلاد فارس و الروم، فالهتهم الدنيا عن الامور التى كانت تنقم منهم فى حياه رسول الله (ص)، و منهم من استقام اعتقاده، و خلصت نيته، لما راوا الفتوح و القاء الدنيا افلاذ كبدها من الاموال العظيمه، و الكنوز الجليله اليهم، فقالوا: لو لم يكن هذا الدين حقا لما وصلنا الى ما وصلنا اليه.

و بالجمله لما تركوا تركوا، و حيث سكت عنهم سكتوا عن الاسلام و اهله، الا فى دسيسه خفيه يعملونها، نحو الكذب، الذى اشار اليه اميرالمومنين (ع)، فانه خالط الحديث كذب كثير، صدر عن قوم غير صحيحى العقيده، قصدوا به الاضلال و تخبيط القلوب و العقائد، و قصد به بعضهم التنويه بذكر قوم كان لهم فى التنويه بذكرهم غرض دنيوى.

و قد قيل: انه افتعل فى ايام معاويه خاصه حديث كثير على هذا الوجه، و لم يسكت المحدثون الراسخون فى علم الحديث عن هذا، بل ذكروا كثيرا من هذه الاحاديث الموضوعه، و بينوا وضعها، و ان رواتها غير موثوق بهم، الا ان المحدثين انما يطعنون فيما دون طبقه الصحابه، و لايتجاسرون فى الطعن على احد من الصحابه، لان عليه لفظ (الصحبه)، على انهم قد طعنوا فى قوم لهم صحبه كبسر بن ار
طاه و غيره.

فان قلت: من هم ائمه الضلاله، الذين يتقرب اليهم المنافقون الذين راوا رسول الله (ص)، و صحبوه للزور و البهتان؟ و هل هذا الا تصريح بما تذكره الاماميه، و تعتقده! قلت: ليس الامر كما ظننت و ظنوا، و انما يعنى معاويه و عمرو بن العاص و من شايعهما على الضلال، كالخبر الذى الذى رواه من فى حق معاويه: (اللهم قه العذاب و الحساب، و علمه الكتاب)، و كروايه عمرو بن العاص تقربا الى قلب معاويه: (ان آل ابى طالب ليسوا لى باولياء، انما وليى الله و صالح المومنين) و كروايه قوم فى ايام معاويه اخبارا كثيره من فضائل عثمان، تقربا الى معاويه به،ا و لسنا نجحد فضل عثمان و سابقته، و لكنا نعلم ان بعض الاخبار الوارده فيه موضوع، كخبر عمرو بن مره فيه و هو مشهور، و عمر بن مره ممن له صحبه، و هو شامى.

(ذكر بعض ما منى به آل البيت من الاذى و الاضطهاد) و ليس يجب من قولنا: ان بعض الاخبار الوارده فى حق شخص فاضل مفتعله ان تكون قادحه فى فضل ذلك الفاضل، فانا مع اعتقادنا ان عليا افضل الناس، نعتقد ان بعض الاخبار الوارده فى فضائله مفتعل و مختلق.

و قد روى ان اباجعفر محمد بن على الباقر (ع)، قال لبعض اصحابه: يا فلان، ما لقينا من ظلم قريش ايانا، و ت
ظاهرهم علينا، و ما لقى شيعتنا و محبونا من الناس! ان رسول الله (ص) قبض و قد اخبر انا اولى الناس بالناس، فتمالات علينا قريش حتى اخرجت الامر عن معدنه، و احتجت على الانصار بحقنا و حجتنا.

ثم تداولتها قريش، واحد بعد واحد، حتى رجعت الينا، فنكثت بيعتنا، و نصبت الحرب لنا، و لم يزل صاحب الامر فى صعود كئود، حتى قتل، فبويع الحسن ابنه و عوهد ثم غدر به، و اسلم، و وثب عليه اهل العراق حتى طعن بخنجر فى جنبه، و نهبت عسكره، و عولجت خلاليل امهات اولاده، فوادع معاويه و حقن دمه و دماء اهل بيته، و هم قليل حق قليل.

ثم بايع الحسين (ع) من اهل العراق عشرون الفا، ثم غدروا به، و خرجوا عليه، و بيعته فى اعناقهم و قتلوه، ثم لم نزل- اهل البيت- نستذل و نستضام، و نقصى و نمتهن، و نحرم و نقتل، و نخاف و لانامن على دمائنا و دماء اوليائنا، و وجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم و جحودهم موضعا يتقربون به الى اوليائهم و قضاه السوء و عمال السوء فى كل بلده فحدثوهم بالاحاديث الموضوعه المكذوبه، و رووا عنا ما لم نقله و ما لم نفعله، ليبغضونا الى الناس، و كان عظم ذلك و كبره زمن معاويه بعد موت الحسن (ع)، فقتلت شيعتنا بكل بلده، و قطعت الايدى و الارجل على الظنه، و كان
من يذكر بحبنا و الانقطاع الينا سجن او نهب ماله، او هدمت داره، ثم لم يزل البلاء يشتد و يزداد، الى زمان عبيدالله بن زياد قاتل الحسين (ع)، ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتله، و اخذهم بكل ظنه و تهمه، حتى ان الرجل ليقال له: زنديق او كافر، احب اليه من ان يقال: شيعه على، و حتى صار الرجل الذى يذكر بالخير- و لعله يكون ورعا صدوقا- يحدث باحاديث عظيمه عجيبه، من تفضيل بعض من قد سلف من الولاه، و لم يخلق الله تعالى شيئا منها، و لاكانت و لاوقعت و هو يحسب انها حق لكثره من قد رواها ممن لم يعرف بكذب و لا بقله ورع.

و روى ابوالحسن على بن محمد بن ابى سيف المداينى فى كتاب (الاحداث) قال: كتب معاويه نسخه واحده الى عماله بعد عام الجماعه: ان برئت الذمه ممن روى شيئا من فضل ابى تراب و اهل بيته، فقامت الخطباء فى كل كوره، و على كل منبر، يلعنون عليا و يبرئون منه و يقعون فيه و فى اهل بيته، و كان اشد الناس بلاء حينئذ اهل الكوفه، لكثره من بها من شيعه على (ع)، فاستعمل عليهم زياد بن سميه، و ضم اليه البصره، فكان يتتبع الشيعه و هو بهم عارف، لانه كان منهم ايام على (ع)، فقتلهم تحت كل حجر و مدر، و اخافهم و قطع الايدى و الارجل، و سمل العيون، و صلبهم على جذ
وع النخل، و طرفهم و شردهم عن العراق، فلم يبق بها معروف منهم.

و كتب معاويه الى عماله فى جميع الافاق: الا يجيزوا لاحد من شيعه على و اهل بيته شهاده.

و كتب اليهم: ان انظروا من قبلكم من شيعه عثمان و محبيه و اهل ولايته، و الذين يروون فضائله و مناقبه، فادنوا مجالسهم و قربوهم و اكرموهم، و اكتبوا لى بكل ما يروى كل رجل منهم، و اسمه و اسم ابيه و عشيرته.

ففعلوا ذلك، حتى اكثروا فى فضائل عثمان و مناقبه، لما كان يبعثه اليهم معاويه من الصلات و الكساء و الحباء و الفطائع، و يفيضه فى العرب منهم و الموالى، فكثر ذلك فى كل مصر، و تنافسوا فى المنازل و الدنيا، فليس يجى ء احد مردود من الناس عاملا من عمال معاويه، فيروى فى عثمان فضيله او منقبه الا كتب اسمه و قربه و شفعه.

فلبثوا بذلك حينا.

ثم كتب الى عماله ان الحديث فى عثمان قد كثر و فشا فى كل مصر و فى كل وجه و ناحيه، فاذا جائكم كتابى هذا فادعوا الناس الى الروايه فى فضائل الصحابه و الخلفاء الاولين، و لاتتركوا خبرا يرويه احد من المسلمين فى ابى تراب الا و تاتونى بمناقض له فى الصحابه، فان هذا احب الى و اقر لعينى، و ادحض لحجه ابى تراب و شيعته، و اشد عليهم من مناقب عثمان و فضله.

فقرئت كتبه
على الناس، فرويت اخبار كثيره فى مناقب الصحابه مفتعله لا حقيقه لها، وجد الناس فى روايه ما يجرى هذا المجرى حتى اشادوا بذكر ذلك على المنابر، و القى الى معلمى الكتاتيب، فعلموا صبيانهم و غلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتى رووه و تعلموه كما يتعلمون القرآن، و حتى علموه بناتهم و نسائهم و خدمهم و حشمهم، فلبثوا بذلك ماشاءالله.

ثم كتب الى عماله نسخه واحده الى جميع البلدان: انظروا من قامت عليه البينه انه يحب عليا و اهل بيته، فامحوه من الديوان، و اسقطوا عطائه و رزقه، و شفع ذلك بنسخه اخرى: من اتهمتوه بمولاه هولاء القوم، فنكلوا به و اهدموا داره.

فلم يكن البلاء اشد و لا اكثر منه بالعراق، و لا سيما بالكوفه، حتى ان الرجل من شيعه على (ع) لياتيه من يثق به، فيدخل بيته، فيلقى اليه سره، و يخاف من خادمه و مملوكه، و لايحدثه حتى ياخذ عليه الايمان الغليظه، ليكتمن عليه، فظهر حديث كثير موضوع، و بهتان منتشر، و مضى على ذلك الفقهاء و القضاه و الولاه، و كان اعظم الناس فى ذلك بليه القراء المرائون، و المستضعفون، الذين يظهرون الخشوع و النسك فيفتعلون الاحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم، و يقربوا مجالسهم، و يصيبوا به الاموال و الضياع و المنازل، حتى ان
تقلت تلك الاخبار و الاحاديث الى ايدى الديانين الذين لايستحلون الكذب و البهتان، فقبلوها و رووها و هم يظنون انها حق، و لو علموا انها باطله لما رووها، و لاتدينوا بها.

فلم يزل الامر كذلك حتى مات الحسن بن على (ع)، فازداد البلاء و الفتنه، فلم يبق احد من هذا القبيل الا و هو خائف على دمه، او طريد فى الارض.

ثم تفاقم الامر بعد قتل الحسين (ع)، و ولى عبدالملك بن مروان، فاشتد على الشيعه، و ولى عليهم الحجاج بن يوسف، فتقرب اليه اهل النسك و الصلاح و الدين ببغض على و موالاه اعدائه، و موالاه من يدعى من الناس انهم ايضا اعداوه، فاكثروا فى الروايه فى فضلهم و سوابقهم و مناقبهم، و اكثروا من الغض من على (ع) و عيبه، و الطعن فيه، و الشنان له، حتى ان انسانا وقف للحجاج- و يقال انه جد الاصمعى عبدالملك بن قريب- فصاح به: ايها الامير ان اهلى عقونى فسمونى عليا، و انى فقير بائس، و انا الى صله الامير محتاج.

فتضاحك له الحجاج، و قال: للطف ما توسلت به قد وليتك موضع كذا.

و قد روى ابن عرفه المعروف بنفطويه- و هو من اكابر المحدثين و اعلامهم- فى تاريخه ما يناسب هذا الخبر، و قال: ان اكثر الاحاديث الموضوعه فى فضائل الصحابه افتعلت فى ايام بنى اميه، تقربا
اليهم بما يظنون انهم يرغمون به انوف بنى هاشم.

قلت: و لايلزم من هذا ان يكون على (ع) يسوئه ان يذكر الصحابه و المتقدمون عليه بالخير و الفضل، الا ان معاويه و بنى اميه كانوا يبنون الامر من هذا على ما يظنونه فى على (ع) من انه عدو من تقدم عليه، و لم يكن الامر فى الحقيقه كما يظنونه، و لكنه كان يرى انه افضل منهم، و انهم استاثروا عليه بالخلافه من غير تفسيق منه لهم، و لا برائه منهم.

فاما قوله (ع): (و رجل سمع من رسول الله شيئا و لم يحفظه على وجهه فوهم فيه)، فقد وقع ذلك.

و قال اصحابنا فى الخبر الذى رواه عبدالله بن عمر: (ان الميت ليعذب ببكاء اهله عليه): ان ابن عباس لما روى له هذا الخبر، قال: ذهل ابن عمر، انما مر رسول الله (ص) على قبر يهودى، فقال: ان اهله ليبكون عليه، و انه ليعذب.

و قالوا ايضا: ان عائشه انكرت ذلك، و قالت: ذهل ابوعبدالرحمن، كما ذهل فى خبر قليب بدر، انما قال (ع): (انهم ليبكون عليه، و انه ليعذب بجرمه).

قالوا: و موضع غلطه فى خبر القليب انه روى ان النبى (ص) وقف على قليب بدر، فقال: (هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا)؟ ثم قال: (انهم يسمعون ما اقول لهم)، فانكرت عائشه ذلك، و قالت: انما قال: (انهم يعلمون ان الذى كنت اقوله
لهم هو الحق)، و استشهد بقوله تعالى: (انك لاتسمع الموتى).

فاما الرجل الثالث، و هو الذى يسمع المنسوخ و لم يسمع الناسخ، فقد وقع كثيرا، و كتب الحديث و الفقه مشحونه بذلك، كالذين اباحوا لحوم الحمر الاهليه لخبر رووه فى ذلك، و لم يرووا الخبر الناسخ.

و اما الرجل الرابع فهم العلماء الراسخون فى العلم.

و اما قوله (ع): (و قد كان يكون من رسول الله (ص) الكلام له و جهان)، فهذا داخل فى القسم الثانى و غير خارج عنه، و لكنه كالنو (ع) من الجنس، لان الوهم و الغلط جنس تحته انواع.

و اعلم ان اميرالمومنين (ع) كان مخصوصا من دون الصحابه رضوان الله عليهم بخلوات كان يخلو بها مع رسول الله (ص)، لايطلع احد من الناس على ما يدور بينهما، و كان كثير السوال للنبى (ص) عن معانى القرآن و عن معانى كلامه (ص)، و اذا لم يسال ابتداه النبى (ص) بالتعليم و التثقيف و لم يكن احد من اصحاب النبى (ص) كذلك، بل كانوا اقساما: فمنهم من يهابه ان يساله، و هم الذين يحبون ان يجى ء الاعرابى او الطارى ء فيساله و هم يسمعون، و منهم من كان بليدا بعيد الفهم قليل الهمه فى النظر و البحث، و منهم من كان مشغولا عن طلب العلم و فهم المعانى، اما بعباده او دنيا، و منهم المقلد يرى ان
فرضه السكوت و ترك السوال، و منهم المبغض الشانى ء الذى ليس للدين عنده من الموقع ما يضيع وقته و زمانه بالسوال عن دقائقه و غوامضه، و انضاف الى الامر الخاص بعلى (ع) ذكاوه و فطنته، و طهاره طينته، و اشراق نفسه و ضوئها، و اذا كان المحل قابلا متهيئا، كان الفاعل الموثر موجودا، و الموانع مرتفعه، حصل الاثر على اتم ما يمكن، فلذلك كان على (ع)- كما قال الحسن البصرى- ربانى هذه الامه و ذا فضلها و لذا تسميه الفلاسفه: امام الائمه و حكيم العرب.

(فصل فيما وضع الشيعه و البكريه من الاحاديث) و اعلم ان اصل الاكاذيب فى احاديث الفضائل كان من جهه الشعيه، فانهم وضعوا فى مبدا الامر احاديث مختلفه فى صاحبهم، حملهم على وضعها عداوه خصومهم، نحو حديث (السطل) و حديث (الرمانه) و حديث غزوه البئر التى كان فيها الشياطين، و تعرف كما زعموا (بذات العلم)، و حديث غسل سلمان الفارسى، و طى الارض، و حديث الجمجمه، و نحو ذلك.

فلما رات البكريه ما صنعت الشيعه، وضعت لصاحبها احاديث فى مقابله هذه الاحاديث، نحو (لو كنت متخذا خليلا)، فانهم وضعوه فى مقابله حديث الاخاء، و نحو سد الابواب، فانه كان لعلى (ع) فقلبته البكريه الى ابى بكر، و نحو (ائتونى بدواه و بياض اكت
ب فيه لابى بكر كتابا لايختلف عليه اثنان).

ثم قال: (يابى الله تعالى و المسلمون الا ابابكر)، فانهم وضعوه فى مقابله الحديث المروى عنه فى مرضه: (ائتونى بدواه و بياض اكتب لكم ما لاتضلون بعده ابدا)، فاختلفوا عنده.

و قال قوم منهم: لقد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله و نحو حديث: (انا راض عنك فهل انت عنى راض!) و نحو ذلك.

فلما رات الشيعه ما قد وضعت البكريه اوسعوا فى وضع الاحاديث، فوضعوا حديث الطوق الحديد الذى زعموا انه فتله فى عنق خالد، و حديث اللوح الذى زعموا انه كان فى غدائر الحنفيه ام محمد، و حديث: (لايفعلن خالد ما آمر به)، و حديث الصحيفه التى علقت عام الفتح بالكعبه، و حديث الشيخ الذى صعد المنبر يوم بويع ابوبكر، فسبق الناس الى بيعته، و احاديث مكذوبه كثيره تقتضى نفاق قوم من اكابر الصحابه و التابعين الاولين و كفرهم، و على ادون الطبقات فيهم، فقابلتهم البكريه بمطاعن كثيره فى على و فى ولديه، و نسبوه تاره الى ضعف العقل، و تاره الى ضعف السياسه، و تاره الى حب الدنيا و الحرص عليها.

و لقد كان الفريقان فى غنيه عما اكتسباه و اجترحاه، و لقد كان فى فضائل على (ع) الثابته الصحيحه، و فضائل ابى بكر المحققه المعلومه ما يغنى عن تكلف العصب
يه لهما، فان العصبيه لهما اخرجت الفريقين من ذكر الفضائل الى ذكر الرذائل، و من تعديد المحاسن الى تعديد المساوى و المقابح.

و نسال الله تعالى ان يعصمنا من الميل الى الهوى و حب العصبيه، و ان يجرينا على ما عودنا من حب الحق اين وجد و حيث كان، سخط ذلك من سخط، و رضى به من رضى، بمنه و لطفه!

/ 614