خطبه 163-اندرز او به عثمان
الشرح:
نقمت على زيد بالفتح، انقم فانا ناقم، اذا عتبت عليه.و قال الكسائى: نقمت بالكسر ايضا، انقم لغه، و هذه اللفظه تجى ء لازمه و متعديه، قالوا: نقمت الامر اى كرهته.و استعتبت فلانا، طلبت منه العتبى و هى الرضا، و استعتابهم عثمان: طلبهم منه ما يرضيهم عنه.و استسفرونى: جعلونى سفيرا و وسيطا بينك و بينهم.ثم قال له و اقسم على ذلك: انه لايعلم ماذا يقول له! لانه لايعرف امرا يجهله اى من هذه الاحداث خاصه.و هذا حق، لان عليا (ع) لم يكن يعلم منها ما يجهله عثمان، بل كان احداث الصبيان فضلا عن العقلاء المميزين، يعلمون وجهى الصواب و الخطا فيها.ثم شرع معه فى مسلك الملاطفه و القول اللين، فقال: ما سبقنا الى الصحبه، و لا انفردنا بالرسول دونك، و انت مثلنا و نحن مثلك.ثم خرج الى ذكر الشيخين، فقال قولا معناه انهما ليسا خيرا منك، فانك مخصوص دونهما بقرب النسب، يعنى المنافيه و بالصهر، و هذا كلام هو موضع المثل: (يسر حسوا فى ارتغاء)، و مراده تفضيل نفسه (ع) عليهما، لان العله التى باعتبارها فضل عثمان عليهما محققه فيه و زياده، لان له مع المنافيه الهاشميه، فهو اقرب.و الوشيجه: عروق الشجره.ثم حذره جانب الله تعالى و نبهه على ان الطريق واضحه، و اعلام الهدى قائمه، و ان الامام العادل افضل الناس عند الله، و ان الامام الجائر شر الناس عند الله.ثم روى له الخبر المذكور، و روى: (ثم يرتبك فى قعرها)، اى ينشب.و خوفه ان يكون الامام المقتول الذى يفتح الفتن بقتله، و قد كان رسول الله (ص) قال كلاما هو هذا، او يشبه هذا.و مرج الدين، اى فسد.و السيقه: ما استاقه العدو من الدواب، مثل الوسيقه، قال الشاعر: فما انا الا مثل سيقه العدا ان استقدمت بحر و ان جبات عقر و الجلال، بالضم: الجليل، كالطوال و الطويل، اى بعد السن الجليل، اى العمر الطويل.و قوله: (ما كان بالمدينه فلا اجل فيه، و ما غاب فاجله وصول امرك اليه)، كلام شريف فصيح، لان الحاضر اى معنى لتاجيله! و الغائب فلا عذر بعد وصول الامر فى تاخيره، لان السلطان لايوخر امره.و قد ذكرنا من الاحداث التى نقمت على عثمان فيما تقدم ما فيه كفايه و قد ذكر ابوجعفر محمد بن جرير الطبرى رحمه الله فى "التاريخ الكبير" هذا الكلام، فقال: ان نفرا من اصحاب رسول الله (ص) تكاتبوا، فكتب بعضهم الى بعض: ان اقدموا، فان الجهاد بالمدينه لا بالروم، و استطال الناس على عثمان، و نالوا منه، و ذلك فى سنه اربع و ثلاثين، و لم يكن اح
د من الصحابه يذب عنه و لاينهى الا نفر، منهم زيد بن ثابت، و ابواسيد الساعدى و كعب بن مالك، و حسان بن ثابت، فاجتمع الناس فكلموا على بن ابى طالب (ع)، و سالوه ان يكلم عثمان، فدخل عليه، و قال له ان الناس... و روى الكلام الى آخره بالفاظه فقال عثمان: و قد علمت انك لتقولن ما قلت! اما و الله لو كنت مكانى ما عنفتك، و لاعتبت عليك.و لم آت منكرا انما وصلت رحما، و سددت خله و آويت ضائعا، و وليت شبيها بمن كان عمر يوليه انشدك الله يا على الاتعلم ان المغيره بن شعبه ليس هناك! قال: بلى، قال: افلا تعلم ان عمر ولاه! قال: بلى، قال: فلم تلومنى ان وليت ابن عامر فى رحمه و قرابته! فقال على (ع) ان عمر كان يطا على صماخ من يوليه، ثم يبلغ منه ان انكر منه امرا اقصى العقوبه، و انت فلا تفعل، ضعفت و رققت على اقربائك.(قال عثمان: هم اقرباوك ايضا، فقال على: لعمرى ان رحمهم منى لقريبه: و لكن الفضل فى غيرهم).فقال عثمان: افلا تعلم ان عمر ولى معاويه! فقد وليته.قال على: انشدك الله الا تعلم ان معاويه كان اخوف لعمر من يرفا غلامه له؟ قال: بلى، قال: فان معاويه يقطع الامور دونك و يقول للناس: هذا بامر عثمان، و انت تعلم ذلك فلا تغير عليه! ثم قام على، فخر
ج عثمان على اثره، فجلس على المنبر، فخطب الناس و قال: اما بعد فان لكل شى ء آفه و لكل امر عاهه، و ان آفه هذه الامه، و عاهه هذه النعمه عيابون طعانون يرونكم ما تحبون، و يسرون عنكم ما تكرهون، يقولون لكم و تقولون امثال النعام يتبع اول ناعق احب مواردها اليها البعيد لايشربون الا نغصا و لايردون الا عكرا.اما و الله لقد عبتم على ما اقررتم لابن الخطاب بمثله، و لكنه وطئكم برجله و ضربكم بيده، و قمعكم بلسانه، فدنتم له على ما احببتم و كرهتم و لنت لكم و اوطاتكم كتفى، و كففت يدى و لسانى عنكم، فاجتراتم على.اما و الله لانا اقرب ناصرا، و اعز نفرا، و اكثر عددا و احرى ان قلت: هلم ان يجاب صوتى.و لقد اعددت لكم اقرانا، و كشرت لكم عن نابى، و اخرجتم منى خلقا لم اكن احسنه، و منطقا لم اكن انطق به.فكفوا عنى السنتكم و طعنكم و عيبكم على ولاتكم، فما الذى تفقدون من حقكم! و الله ما قصرت عن بلوغ من كان قبلى (يبلغ)، و ما وجدتكم تختلفون عليه، فما بالكم! فقام مروان بن الحكم، فقال: و ان شئتم حكمنا بيننا و بينكم السيف.فقال عثمان: اسكت لاسكت! دعنى و اصحابى، ما منطقك فى هذا! الم اتقدم اليك الا تنطق! فسكت مروان، و نزل عثمان.