خطبه 033-در راه جنگ اهل بصره
الشرح:
ذوقار: موضع قريب من البصره، و هو المكان الذى كانت فيه الحرب بين العرب و الفرس، و نصرت العرب على الفرس قبل الاسلام.و يخصف نعله اى يخرزها.و بواهم محلتهم: اسكنهم منزلهم، اى ضرب الناس بسيفه على الاسلام حتى اوصلهم اليه، و مثله (و بلغهم منجاتهم) الا ان فى هذه الفاصله ذكر النجاه مصرحا به.فاستقامت قناتهم: استقاموا على الاسلام، اى كانت قناتهم معوجه فاستقامت.و اطمانت صفاتهم، كانت متقلقله متزلزله، فاطمانت و استقرت.و هذه كلها استعارات.ثم اقسم انه كان فى ساقتها حتى تولت بحذافيرها، الاصل فى (ساقتها) ان يكون جمع سائق كحائض و حاضه، و حائك و حاكه، ثم استعملت لفظه (الساقه) للاخير، لان السائق انما يكون فى آخر الركب او الجيش.و شبه (ع) امر الجاهليه، اما بعجاجه ثاثره، او بكتيبه مقبله للحرب، فقال: انى طردتها فولت بين يدى، و لم ازل فى ساقتها انا اطردها و هى تنطرد امامى، حتى تولت باسرها و لم يبق منها شى ء، ما عجزت عنها و لاجبنت منها.ثم قال: و ان مسيرى هذا لمثلها فلانقبن الباطل، كانه جعل الباطل كشى ء قد اشتمل على الحق، و احتوى عليه، و صار الحق فى طيه، كالشى ء الكامن المستتر فيه، فاقسم لينقبن ذلك الباطل الى ان يخرج الحق من جنبه.و هذا من باب الاستعاره ايضا.ثم قال: (لقد قاتلت قريشا كافرين، و لاقاتلنهم مفتونين) لان الباغى على الامام مفتون فاسق.و هذا الكلام يوكد قول اصحابنا: ان اصحاب صفين و الجمل ليسوا بكفار، خلافا للاماميه، فانهم يزعمون انهم كفار.خبر يوم ذى قار روى ابومخنف عن الكلبى، عن ابى صالح، عن زيد بن على، عن ابن عباس، قال: لما نزلنا مع على (ع) ذاقار قلت: يا اميرالمومنين، ما اقل من ياتيك من اهل الكوفه فيما اظن! فقال: و الله لياتينى منهم سته آلاف و خمسمائه و ستون رجلا، لايزيدون و لاينقصون.قال ابن عباس: فدخلنى و الله من ذلك شك شديد فى قوله، و قلت فى نفسى: و الله ان قدموا لاعدنهم.قال ابومخنف: فحدث ابن اسحاق، عن عمه عبدالرحمن بن يسار، قال: نفر الى على (ع) الى ذى قار من الكوفه فى البحر و البر سته آلاف و خمسمائه و ستون رجلا، اقام على بذى قار خمسه عشر يوما، حتى سمع صهيل الخيل و شحيح البغال حوله.قال: فلما سار بهم منقله، قال ابن عباس: و الله لاعدنهم، فان كانوا كما قال، و الا اتممتهم من غيرهم، فان الناس قد كانوا سمعوا قوله.قال: فعرضتهم فو الله ما وجدتهم يزيدون رجلا و لاينقصون رجلا فقلت: الله اكبر! صدق ال
له و رسوله! ثم سرنا.قال ابومخنف: و لما بلغ حذيفه بن اليمان ان عليا قد قدم ذاقار، و استنفر الناس دعا اصحابه فوعظهم و ذكرهم الله و زهدهم فى الدنيا، و رغبهم فى الاخره، و قال لهم: الحقوا باميرالمومنين و وصى سيد المرسلين، فان من الحق ان تنصروه، و هذا الحسن ابنه و عمار قد قدما الكوفه يستنفران الناس فانفروا.قال: فنفر اصحاب حذيفه الى اميرالمومنين، و مكث حذيفه بعد ذلك خمس عشره ليله و توفى رحمه الله تعالى.قال ابومخنف: و قال هاشم بن عتبه المرقال، يذكر نفورهم الى على (ع): و سرنا الى خير البريه كلها على علمنا انا الى الله نرجع نوقره فى فضله و نجله و فى الله ما نرجو و ما نتوقع و نخصف اخفاف المطى على الوجا و فى الله ما نرجى و فى الله نوضع دلفنا بجمع آثروا الحق و الهدى الى ذى تقى فى نصره نتسرع نكافح عنه و السيوف شهيره تصافح اعناق الرجال فتقطع قال ابومخنف: فلما قدم اهل الكوفه على على (ع) سلموا عليه، و قالوا: الحمدلله يا اميرالمومنين الذى اختصنا بموازرتك، و اكرمنا بنصرتك، قد اجبناك طائعين غير مكرهين، فمرنا بامرك.قال: فقام فحمد الله و اثنى عليه و صلى على رسوله و قال: مرحبا باهل الكوفه، بيوتات العرب و وج
وهها، و اهل الفضل و فرسانها، و اشد العرب موده لرسول الله (ص) و لاهل بيته، و لذلك بعثت اليكم و استصرختكم عند نقض طلحه و الزبير بيعتى، عن غير جور منى و لاحدث، و لعمرى لو لم تنصرونى باهل الكوفه، لرجوت ان يكفينى الله غوغاء الناس و طغام اهل البصره، مع ان عامه من بها و وجوهها و اهل الفضل و الدين قد اعتزلوها، و رغبوا عنها.فقام رءوس القبائل فخطبوا و بذلوا له النصر، فامرهم بالرحيل الى البصره.