حکمت 136 - شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

حکمت 136

الشرح:

قد مضى لنا كلام شاف فى الصبر، و كان الحسن يقول فى قصصه: الحمد لله الذى كلفنا ما لو كلفنا غيره لصرنا فيه الى معصيته، و آجرنا على ما لابد لنا منه، يقول: كلفنا الصبر، و لو كلفنا الجزع لم يمكنا ان نقيم عليه، و آجرنا على الصبر و لابد لنا من الرجوع اليه.

و من كلام اميرالمومنين (ع)، كان يقول عند التعزيه: عليكم بالصبر، فان به ياخذ الحازم، و يعود اليه الجازع.

و قال ابوخراش الهذلى يذكر اخاه عروه: تقول اراه بعد عروه لاهيا و ذلك رزء لو علمت جليل فلا تحسبى انى تناسيت عهده و لكن صبرى يا اميم جميل و قال عمرو بن معديكرب: كم من اخ لى صالح بواته بيدى لحدا البسته اكفانه و خلقت يوم خلقت جلدا و كان يقال: من حدث نفسه بالبقاء، و لم يوطنها على المصائب، فهو عاجز الراى.

و كان يقال: كفى بالياس معزيا، و بانقطاع الطمع زاجرا!.

و قال الشاعر: ايا عمرو لم اصبر و لى فيك حيله و لكن دعانى الياس منك الى الصبر تصبرت مغلوبا و انى لموجع كما صبر القطان فى البلد القفر

حکمت 137

الشرح:

الاكياس هاهنا العلماء العارفون، و ذلك لان عباداتهم تقع مطابقه لعقائدهم الصحيحه، فتكون فروعا راجعه الى اصل ثابت، و ليس كذلك الجاهلون بالله تعالى، لانهم اذا لم يعرفوه و لم تكن عباداتهم متوجهه اليه فلم تكن مقبوله، و لذلك فسدت عباده النصارى و اليهود.

و فيهم ورد قوله تعالى: (عامله ناصبه، تصلى نارا حاميه)

حکمت 138

الشرح:

قد تقدم الكلام فى الصدقه و الزكاه و الدعاء، فلا معنى لاعاده القول فى ذلك.

حکمت 139

الشرح:

الجبان و الجبانه: الصحراء.

و تنفس الصعداء، اى تنفس تنفسا ممدودا طويلا.

قوله (ع): (ثلاثه) قسمه صحيحه، و ذلك لان البشر باعتبار الامور الالهيه: اما عالم على الحقيقه يعرف الله تعالى، و اما شارع فى ذلك فهو بعد فى السفر الى الله يطلبه بالتعلم و الاستفاده من العالم، و اما لا ذا و لا ذاك، و هو العامى الساقط الذى لايعبا الله.

و صدق (ع) فى انهم همج رعاع اتباع كل ناعق، الا تراهم ينتقلون من التقليد لشخص الى تقليد الاخر، لادنى خيال و اضعف وهم!.

ثم شرع (ع) فى ذكر العلم و تفضيله على المال فقال: (العلم يحرسك، و انت تحرس المال)، و هذا احد وجوه التفضيل.

ثم ابتدا فذكر وجها ثانيا، فقال: المال ينقص بالانفاق منه، و العلم لاينقص بالانفاق بل يزكو، و ذلك لان افاضه العلم على التلامذه تفيد المعلم زياده استعداد، و تقرر فى نفسه تلك العلوم التى افاضها على تلامذته و تثبتها و تزيدها رسوخا.

فاما قوله: (و صنيع المال يزول بزواله)، فتحته سر دقيق حكمى، و ذلك لان المال انما يظهر اثره و نفعه فى الامور الجسمانيه، و الملاذ الشهوانيه، كالنساء و الخيل و الابنيه و الماكل و المشرب و الملابس و نحو ذلك، و هذه الاثار كلها تزول بزوال ا
لمال او بزوال رب المال، الا ترى انه اذا زال المال اضطر صاحبه الى بيع الابنيه و الخيل و الاماء، و رفض تلك العاده من الماكل الشهيه و الملابس البهيه! و كذلك اذا زال رب المال بالموت، فانه تزول آثار المال عنده: فانه لايبقى بعد الموت آكلا شاربا لابسا، و اما آثار العلم فلا يمكن ان تزول ابدا و الانسان فى الدنيا، و لا بعد خروجه عن الدنيا، اما فى الدنيا فلان العالم بالله تعالى لايعود جاهلا به، لان انتفاء العلوم البديهيه عن الذهن و ما يلزمها من اللوازم بعد حصولها محال، فاذا قد صدق قوله (ع) فى الفرق بين المال و العلم: (ان صنيع المال يزول بزواله)، اى و صنيع المال لايزول و لايحتاج الى ان يقول (بزواله) لان تقدير الكلام: و صنيع المال يزول، لان المال يزول، و اما بعد خروج الانسان من الدنيا فان صنيع العلم لايزول، و ذلك لان صنيع العلم فى النفس الناطقه اللذه العقليه الدائمه لدوام سببها، و هو حصول العلم فى جوهر النفس الذى هو ممشوق النفس مع انتفاء ما يشغلها عن التمتع به، و التلذذ بمصاحبته، و الذى كان يشغلها عنه فى الدنيا استغراقها فى تدبير البدن، و ما تورده عليها الحواس من الامور الخارجيه، و لاريب ان العاشق اذا خلا بمعشوقه، و انتف
ت عنه اسباب الكدر، كان فى لذه عظيمه، فهذا هو سر قوله: (و صنيع المال يزول بزواله).

فان قلت: ما معنى قوله (ع): (معرفه العلم دين يدان به)، و هل هذا الا بمنزله قولك: معرفه المعرفه او علم العلم! و هذا كلام مضطرب.

قلت: تقديره: معرفه فضل العلم او شرف العلم، او وجوب العلم دين يدان به، اى المعرفه بذلك من امر الدين، اى ركن من اركان الدين واجب مفروض.

ثم شرح (ع) حال العلم الذى ذكر ان معرفه وجوبه او شرفه دين يدان به، فقال: (العلم يكسب الانسان الطاعه فى حياته)، اى من كان عالما كان لله تعالى مطيعا، كما قال سبحانه: (انما يخشى الله من عباده العلماء).

ثم قال: (و جميل الاحدوثه بعد وفاته)، اى الذكر الجميل بعد موته.

ثم شرع فى تفضيل العلم على المال من وجه آخر، فقال: (العلم حاكم، و المال محكوم عليه)، و ذلك لعلمك ان مصلحتك فى انفاق هذا المال تنفقه، و لعلمك بان المصلحه فى امساكه تمسكه، فالعلم بالمصلحه داع، و بالمضره صارف، و هما الامران الحاكمان بالحركات و التصرفات اقداما، و احجاما، و لايكون القادر قادرا مختارا الا باعتبارهما، و ليسا الا عباره عن العلم او ما يجرى مجرى العلم من الاعتقاد و الظن، فاذن قد بان و ظهر ان العلم من حيث هو علم
حاكم، و ان المال ليس بحاكم، بل محكوم عليه.

ثم قال (ع): (هلك خزان المال و هم احياء)، و ذلك لان المال المخزون لا فرق بينه و بين الصخره المدفونه تحت الارض، فخازنه هالك لا محاله، لانه لم يلتذ بانفاقه، و لم يصرفه فى الوجوه التى ندب الله تعالى اليها، و هذا هو الهلاك المعنوى، و هو اعظم من الهلاك الحسى.

ثم قال: (و العلماء باقون ما بقى الدهر)، هذا الكلام له ظاهر و باطن، فظاهره قوله: (اعيانهم مفقوده، و امثالهم فى القلوب موجوده)، اى آثارهم و ما دونوه من العلوم، فكانهم موجودون، و باطنه انهم موجودون حقيقه لا مجازا، على قول من قال ببقاء الانفس، و امثالهم فى القلوب كنايه و لغز، و معناه ذواتهم فى حظيره القدوس، و المشاركه بينها و بين القلوب ظاهره، لان الامر العام الذى يشملها هو الشرف، فكما ان تلك اشرف عالمها، كذا القلب اشرف عالمه، فاستعير لفظ احدهما و عبر به عن الاخر.

قوله (ع): (ها ان هاهنا لعلما جما، و اشار بيده الى صدره)، هذا عندى اشاره الى العرفان و الوصول الى المقام الاشرف الذى لايصل اليه الا الواحد الفذ من العالم ممن لله تعالى فيه سر، و له به اتصال.

ثم قال: (لو اصبت له حمله!) و من الذى يطيق حمله! بل من الذى يطيق فهمه فض
لا عن حمله!.

ثم قال: (بلى اصيب).

ثم قسم الذى يصيبهم خمسه اقسام.

احدهم: اهل الرياء و السمعه، الذين يظهرون الدين و العلم و مقصودهم الدنيا، فيجعلون الناموس الدينى شبكه لاقتناص الدنيا.

و ثانيها: قوم من اهل الخير و الصلاح ليسوا بذوى بصيره فى الامور الالهيه الغامضه، فيخاف من افشاء السر اليهم ان تنقدح فى قلوبهم شبهه بادنى خاطر، فان مقام المعرفه مقام خطر صعب لايثبت تحته الا الافراد من الرجال، الذين ايدوا بالتوفيق و العصمه.

و ثالثها: رجل صاحب لذات و طرب مشتهر بقضاء الشهوه، فليس من رجال هذا الباب.

و رابعها: رجل عرف بجمع المال و ادخاره، لاينفقه فى شهواته و لا فى غير شهواته، فحكمه حكم القسم الثالث.

ثم قال (ع): (كذلك يموت العلم بموت حامليه)، اى اذا مت مات العلم الذى فى صدرى، لانى لم اجد احدا ادفعه اليه، و اورثه اياه.

ثم استدرك فقال: (اللهم بلى، لاتخلو الارض من قائم بحجه الله تعالى) كيلا يخلو الزمان ممن هو مهيمن لله تعالى على عباده، و مسيطر عليهم، و هذا يكاد يكون تصريحا بمذهب الاماميه، الا ان اصحابنا يحملونه على ان المراد به الابدال الذين وردت الاخبار النبويه عنهم انهم فى الارض سائحون، فمنهم من يعرف، و منهم من لايعرف، و ا
نهم لايموتون حتى يودعوا الس، ر و هو العرفان عند قوم آخرين يقومون مقامهم.

ثم استنزر عددهم فقال: (و كم ذا!) اى كم ذا القبيل! و كم ذا الفريق!.

ثم قال: (و اين اولئك!) استبهم مكانهم و محلهم.

ثم قال: (هم الاقلون عددا، الاعظمون قددا).

ثم ذكر ان العلم هجم بهم على حقيقه الامر، و انكشف لهم المستور المغطى، و باشروا راحه اليقين و برد القلب و ثلج العلم، و استلانوا ما شق على المترفين من الناس، و وعر عليهم نحو التوحد و رفض الشهوات و خشونه العيشه.

قال: (و انسوا بما استوحش منه الجاهلون)، يعنى العزله و مجانبه الناس، و طول الصمت، و ملازمه الخلوه، و نحو ذلك مما هو شعار القوم.

قال: (و صحبوا الدنيا بارواح ابدانها معلقه بالمحل الاعلى)، هذا مما يقوله اصحاب الحكمه من تعلق النفوس المجرده بمبادئها من العقول المفارقه، فمن كان ازكى كان تعلقه بها اتم.

ثم قال: (اولئك خلفاء الله فى ارضه، و الدعاه الى دينه)، لا شبهه ان بالوصول يستحق الانسان ان يسمى خليفه الله فى ارضه، و هو المعنى بقوله سبحانه للملائكه (انى جاعل فى الارض خليفه)، و بقوله: (هو الذى جعلكم خلائف فى الارض).

ثم قال: (آه آه شوقا الى رويتهم؟)، هو (ع) احق الناس بان يشتاق الى رويتهم، لان الجنسيه عله الضم، و الشى ء يشتاق الى ما هو من سنخه وسوست
ه و طبيعته، و لما كان هو (ع) شيخ العارفين و سيدهم، لاجرم.

اشتاقت نفسه الشريفه الى مشاهده ابناء جنسه، و ان كان كل واحد من الناس دون طبقته.

ثم قال لكميل: (انصرف اذا شئت)، و هذه الكلمه من محاسن الاداب، و من لطائف الكلم، لانه لم يقتصر على ان قال: (انصرف) كيلا يكون امرا و حكما بالانصراف لامحاله، فيكون فيه نوع علو عليه، فاتبع ذلك بقوله: (اذا شئت) ليخرجه من ذل الحكم و قهر الامر الى عزه المشيئه و الاختيار.

حکمت 140

الشرح:

قد تكرر هذا المعنى مرارا، فاما هذه اللفظه فلا نظير لها فى الايجاز و الدلاله على المعنى و هى من الفاظه (ع) المعدوده.

و قال الشاعر: و كائن ترى من صامت لك معجب زيادته او نقصه فى التكلم لسان الفتى نصف و نصف فواده فلم يبق الا صوره اللحم و الدم و تكلم عبدالملك بن عمير و اعرابى حاضر، فقيل له: كيف ترى هذا؟ فقال: لو كان كلام يوتدم به لكان هذا الكلام مما يوتدم به.

و تكلم جماعه من الخطباء عند مسلمه بن عبدالملك فاسهبوا فى القول، و لم يصنعوا شيئا، ثم افرغ النطق رجل من اخرياتهم، فجعل لايخرج من فن الا الى احسن منه، فقال مسلمه: ما شبهت كلام هذا بعقب كلام هولاء الا بسحابه لبدت عجاجه.

و سمع رجل منشدا ينشد: و كان اخلائى يقولون مرحبا فلما راونى مقترا مات مرحب فقال: اخطا الشاعر، ان مرحبا لم يمت، و انما قتله على بن ابى طالب (ع)! و قال رجل لاعرابى: كيف اهلك؟ قال: صلبا ان شاءالله.

و كان مسلمه بن عبدالملك يعرض الجند، فقال لرجل: ما اسمك؟ فقال: (عبد) الله، و خفض، فقال: ابن من؟ فقال: ابن (عبد) الله، و فتح، فامر بضربه، فجعل يقول: (سبحان) الله، و يضم، فقال مسلمه: و يحكم! دعوه فانه مجبول على اللحن و الخط
ا، لو كان تاركا للحن فى وقت لتركه و هو تحت السياط.

حکمت 141

الشرح:

هذه الكلمه من كلماته المعدوده.

و كتب النعمان بن عبدالله الى القاسم بن عبيدالله كتابا يدل فيه بخدمته، و يستزيد فى رزقه، فوقع على ظهره: رحم الله امرا عرف قدره! انت رجل قد اعجبتك نفسك فلست تعرفها، فان احببت ان اعرفكها عرفتك.

فكتب اليه النعمان: كنت كتبت الى الوزير اعزه الله كتابا استزيده فى رزقى، فوقع على ظهره توقيع ضجر لم يخرج فيه مع ضجره عما الفته من حياطته و حسن نظره، فقال: انه قد حدث لعبده عجب بنفسه، و قد صدق- اعلى الله قدره- لقد شرفنى الوزير بخدمته، و اعلى ذكرى بجميل ذكره، و نبه على كفايتى باستكفائه، و رفعنى و كثرنى عند نفسى، فان اعجبت فبنعمته عندى، و جميل تطوله على، و لا عجب، و هل خلا الوزير من قوم يصطنعهم بعد مله و يرفعهم بعد خمول، و يحدث لهم همما رفيعه و انفسا عليه، و فيهم شاكر و كفور، و ارجو ان اكون اشكرهم للنعمه، و اقومهم بحقها.

و قد اطال الله بقائه: ان عرف نفسه و الا عرفناه اياها، فما انكرها، و هى نفس انشاتها نعمه الوزير و احدثت فيها ما لم تزل تحدثه فى نظرائها من سائر عبيده و خدمه، و الله يعلم ما ياخذ به نفسه من خدمه مولاه و ولى نعمته، اما عاده و دربه و اما تادبا و هيبه، و اما شك
را و استدامه للنعمه.

فلما قرا القاسم بن عبيدالله كتابه استحسنه، و زاد فى رزقه.

حکمت 142

قال الرضى رحمه الله تعالى: و لو لم يكن فى هذا الكتاب الا هذا الكلام لكفى به موعظه ناجعه، و حكمه بالغه، و بصيره لمبصر، و عبره لناظر مفكر.

الشرح:

كثير من الناس يرجون الاخره بغير عمل، و يقولون: رحمه الله واسعه، و منهم من يظن ان التلفظ بكلمتى الشهاده كاف فى دخول الجنه، و منهم من يسوف نفسه بالتوبه، و يرجى ء الاوقات من اليوم الى غد، و قد يخترم على غره فيفوته ما كان امله، و اكثر هذا الفصل للنهى عن ان يقول الانسان واعظا لغيره ما لم يعلم هو من نفسه، كقوله تعالى: (اتامرون الناس بالبر و تنسون انفسكم).

فاول كلمه قالها (ع) فى هذا المعنى من هذا الفصل قوله: (يقول فى الدنيا بقول الزاهدين، و يعمل فيها بعمل الراغبين).

ثم وصف صاحب هذا المذهب و هذه الطريقه فقال: (انه ان اعطى من الدنيا لم يشبع)، لان الطبيعه البشريه مجبوله على حب الازدياد، و انما يقهرها اهل التوفيق و ارباب العزم القوى.

قال: (و ان منع منها لم يقنع) بما كان وصل اليه قبل المنع.

ثم قال: يعجز عن شكر ما كان انعم به عليه، ليس يعنى العجز الحقيقى، بل المراد ترك الشكر، فسمى ترك الشكر عجزا.

و يجوز ان يحمل على حقيقته، اى ان الشكر على ما اولى من النعم لاتنتهى
قدرته اليه، اى نعم الله عليه اجل و اعظم من ان يقام بواجب شكرها.

قال: (و يبتغى الزياده فيما بقى)، هذا راجع الى النحو الاول.

قال: (ينهى و لاينتهى و يامر الناس بما لاياتى)، هذا كما تقدم.

قال: (يحب الصالحين و لايعمل عملهم)، الى قوله: (و هو احدهم)، و هو المعنى الاول بعينه.

قال: يكره الموت لكثره ذنوبه، و يقيم على الذنوب، و هذا من العجائب ان يكره انسان شيئا ثم يقيم عليه، و لكنه الغرور و تسويف النفس بالامانى.

ثم قال: (ان سقم ظل نادما، و ان صح امن لاهيا)، (فاذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين)... الايات.

قال: (يعجب بنفسه اذا عوفى، و يقنط اذا ابتلى) (فاما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فاكرمه و نعمه فيقول ربى اكرمن، و اما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربى اهانن)، و مثل الكلمه الاخرى: (ان اصابه بلاء)، و (ان ناله رخاء).

ثم قال: (تغلبه نفسه على ما يظن، و لايغلبها على ما يستيقن)، هذه كلمه جليله عظيمه يقول: هو يستيقن الحساب و الثواب و العقاب، و لايغلب نفسه على مجانبه و متاركه ما يفضى به الى ذلك الخطر العظيم، و تغلبه نفسه على السعى الى ما يظن ان فيه لذه عاجله، فوا عجبا ممن يترجح عنده جانب الظن على جانب العلم! و ما
ذاك الا لضعف يقين الناس و حب العاجل.

ثم قال: (يخاف على غيره بادنى من ذنبه، و يرجو لنفسه اكثر من عمله)، ما يزال يرى الواحد منا كذلك يقول: انى لخائف على فلان من الذنب الفلانى و هو مقيم على افحش من ذلك الذنب، و يرجو لنفسه النجاه بما لاتقوم اعماله الصالحه بالمصير الى النجاه به، نحو ان يكون يصلى ركعات فى الليل او يصوم اياما يسيره فى الشهر، و نحو ذلك.

قال: (ان استغنى بطر و فتن، و ان افتقر قنط و وهن) قنط بالفتح يقنط بالكسر، قنوطا مثل جلس يجلس جلوسا، و يجوز قنط يقنط بالضم مثل قعد يقعد، و فيه لغه ثالثه: قنط يقنط قنطا، مثل تعب يتعب تعبا و قناطه فهو قنط، و به قرى ء: (فلا تكن من القانطين)، و القنوط الياس.

و وهن الرجل يهن، اى ضعف و هذا المعنى قد تكرر.

قال: (يقصر اذا عمل، و يبالغ اذا سئل)، هذا مثل ما مدح به النبى (ص) الانصار: (انكم لتكثرون عند الفزع، و تقلون عند الطمع).

قال: (ان عرضت له شهوه اسلف المعصيه، و سوف التوبه، و ان عرته محنه انفرج عن شرائط المله)، هذا كما قيل: امدحه نقدا و يثيبنى نسيئه، و انفرج عن شرائط المله، قال: او فعل ما يقتضى الخروج عن الدين، و هذا موجود فى كثير من الناس اذا عرته المحن كفروا او قال: ما يقارب
الكفر من التسخط و التبرم و التافف.

قال: (يصف العبره و لايعتبر، و يبالغ فى الموعظه و لايتعظ)، هذا هو المعنى الاول.

قال: (فهو بالقول مدل، و من العمل مقل)، هذا هو المعنى ايضا.

قال: (ينافس فيما يفنى)، اى فى شهوات الدنيا و لذاتها، و (يسامح فيما يبقى) اى فى الثواب.

قال: (يرى الغنم مغرما، و الغرم مغنما)، هذا هو المعنى الذى ذكرناه آنفا.

قال: (يخشى الموت، و لايبادر الفوت)، قد تكرر هذا المعنى فى هذا الفصل، و كذلك قوله: (يستعظم من معصيه غيره ما يستقل اكثر منه من نفسه...)، و الى آخر الفصل كل مكرر المعنى و ان اختلفت الالفاظ، و ذلك لاقتداره (ع) على العباره، و سعه ماده النطق عنده.

حکمت 143

الشرح:

هكذا قراناه و وجدناه فى كثير من النسخ، و وجدناه فى كثير منها (لكل امر عاقبه)، و هو الاليق، و مثل هذا المعنى قولهم فى المثل: لكل سائل قرار، و قد اخذه الطائى فقال: فكانت لوعه ثم استقرت كذلك لكل سائله قرار و قال الكميت فى مثل هذا: فالان صرت الى امي ه و الامور الى مصاير فاما الروايه الاولى و هى: (لكل امرى ء) فنظائرها فى القرآن كثيره، نحو قوله تعالى: (يوم يات لاتكلم نفس الا باذنه فمنهم شقى و سعيد)، و قوله: (يوم يتذكر الانسان ما سعى، و برزت الجحيم لمن يرى، فاما من طغى، و آثر الحياه الدنيا فان الجحيم هى الماوى، و اما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى، فان الجنه هى الماوى)، و غير ذلك من الايات.

حکمت 144

الشرح:

هذا معنى قد استعمل كثيرا جدا، فمنه المثل: ما طار طير و ارتفع الا كما طار وقع و قول الشاعر: بقدر العلو يكون الهبوط و اياك و الرتب العاليه و قال بعض الحكماء: حركه الاقبال بطيئه، و حركه الادبار سريعه، لان المقبل كالصاعد الى مرقاه، و مرقاه المدبر كالمقذوف به من علو الى اسفل، قال الشاعر: فى هذه الدار فى هذا الرواق على هذى الوساده كان العز فانقرضا آخر: ان الامور اذا دنت لزوالها فعلامه الادبار فيها تظهر و فى الخبر المرفوع: كانت ناقه رسول الله (ص) العضباء لاتسبق، فجاء اعرابى على قعود له فسبقها، فاشتد على الصحابه ذلك، فقال رسول الله (ص): (ان حقا على الله الا يرفع شيئا من هذه الدنيا الا وضعه).

و قال شيخ من همدان: بعثنى اهلى فى الجاهليه الى ذى الكلاع بهدايا، فمكثت تحت قصره حولا لااصل اليه، ثم اشرف اشرافه من كوه له فخر له من حول العرش سجدا، ثم رايته بعد ذلك بحمص فقيرا يشترى اللحم و يسمطه خلف دابته، و هو القائل: اف لدنيا اذا كانت كذا انا منها فى هموم و اذى ان صفا عيش امرى ء فى صبحها جرعته ممسيا كاس القذى و لقد كنت اذا ما قيل من انعم العالم عيشا؟ قيل: ذا و قال بعض الادباء
فى كلام له: بينا هذه الدنيا ترضع بدرتها و تصرح بزبدتها، و تلحف فضل جناحها، و تغر بركود رياحها، اذ عطفت عطف الضروس، و صرخت صراخ الشموس، و شنت غاره الهموم، و اراقت ما حلبت من النعيم، فالسعيد من لم يغتر بنكاحها، و استعد لو شك طلاقها.

شاعر- هو اهاب بن همام بن صعصعه المجاشعى، و كان عثمانيا: لعمر ابيك فلا تكذبن لقد ذهب الخير الا قليلا و قد فتن الناس فى دينهم و خلى ابن عفان شرا طويلا و قال ابوالعتاهيه: يعمر بيت بخراب بيت يعيش حى بتراث ميت و قال انس بن مالك: ما من يوم و لا ليله و لا شهر و لا سنه الا و الذى قبله خير منه، سمعت ذلك من نبيكم (ع)، فقال شاعر: رب يوم بكيت منه فلما صرت فى غيره بكيت عليه قيل لبعض عظماء الكتاب بعد ما صودر: ما تفكر فى زوال نعمتك؟ فقال: لابد من الزوال، فلان تزول و ابقى خير من ان ازول و تبقى.

و من كلام الجاهليه الاولى: كل مقيم شاخص، و كل زائد ناقص.

شاعر: انما الدنيا دول فراحل قيل نزل اذ نازل قيل رحل لما فتح خالد بن الوليد عين التمر سال عن الحرقه بنت النعمان بن المنذر، فاتاها و سالها عن حالها، فقالت: لقد طلعت علينا الشمس و ما من شى ء يدب تحت الخورنق الا و هو تحت ايدينا، ثم غ
ربت و قد رحمنا كل من نلم به، و ما بيت دخلته حبره، الا ستدخله عبره، ثم قالت: فبينا نسوس الناس و الامر امرنا اذا نحن فيهم سوقه نتنصف فاف لدنيا لايدوم نعيمها تقلب تارات بنا و تصرف و جائها سعد بن ابى وقاص مره، فلما رآها، قال: قاتل الله عدى بن زيد، كانه كان ينظر اليها حيث قال لابيها: ان للدهر صرعه فاحذرنها لاتبيتن قد امنت الدهورا قد يبيت الفتى معافى فيردى و لقد كان آمنا مسرورا و قال مطرف بن الشخير: لاتنظروا الى خفض عيش الملوك و لين رياشهم، و لكن انظروا الى سرعه ظعنهم و سوء منقلبهم، و ان عمرا قصيرا يستوجب به صاحبه النار لعمر مشئوم على صاحبه.

لما قتل عامر بن اسماعيل مروان بن محمد و قعد على فراشه، قالت ابنه مروان له: يا عامر، ان دهرا انزل مروان عن فرشه و اقعدك عليها لمبلغ فى عظتك ان عقلت.

/ 614