خطبه 087-در بيان هلاكت مردم
الشرح:
القصم، بالقاف و الصاد المهمله: الكسر، قصمته فانقصم، و قصمته فتقصم، و رجل اقصم الثنيه، اى مكسورها، بين القصم، بفتح الصاد.و التمهيل: التاخير.و يروى (رجاء) و هو التاخير ايضا، و الروايه المشهوره (و رخاء)، اى بعد اعطائهم من سعه العيش و خصب الحال ما اقتضته المصلحه.و الازل، بفتح الهمزه: الضيق.و يقتصون: يتبعون، قال سبحانه و تعالى: (و قالت لاخته قصيه).و يعفون، بكسر العين، عففت عن كذا، اعف عفا و عفه و عفافه، اى كففت، فانا عف و عفيف، و امراه عفه و عفيفه، و قد اعفه الله، و استعف عن المساله اى عف.و تعفف الرجل، اى تكلف العفه، و يروى: (و لايعفون عن عيب)، اى لايصفحون.و مفزعهم: ملجوهم.و فيما يرى، اى فيما يظن، و يرى بفتح الياء، اى فيما يراه هو.و روى: (بعرا وثيقات).يقول ان عاده الله تعالى الا يقصم الجبابره الا بعد الامهال و الاستدراج، باضافه النعم عليهم، و الا يجير اولياءه و ينصرهم الا بعد بوس و بلاء يمتحنهم به، ثم قال لاصحابه: ان فى دون ما استقبلتم من عتب لمعتبر، اى من مشقه، يعنى بما استقبلوه ما لا قوه فى مستقبل زمانهم من الشيب، و ولاه السوء، و تنكر الوقت، و سمى المشقه عتبا، لان العتب مصدر عتبعليه، اى وجد عليه فجعل الزمان كالواجد عليهم، القائم فى انزال مشاقه بهم مقام الانسان ذى الموجده يعتب على صاحبه.و روى (من عتب)، بفتح التاء جمع عتبه، يقال: لقد حمل فلان على عتبه، اى امر كريه من البلاء، و فى المثل: (ما فى هذا الامر رتب و لاعتب)، اى شده.و روى ايضا (من عنت) و هو الامر الشاق و ما استدبروه من خطب، يعنى به ما تصرم عنهم من الحروب و الوقائع التى قضوها و نضوها و استدبروها.و يروى: (و استدبرتم من خصب)، و هو رخاء العيش، و هذا يقتضى المعنى الاول، اى و ما خلفتم وراءكم من الشباب و الصحه و صفو العيشه.ثم قال: ما كل ذى قلب بلبيب... الكلام الى آخره، و هو ماخوذ من قول الله تعالى: (لهم قلوب لايفقهون بها و لهم اعين لايبصرون بها و لهم آذان لايسمعون بها).ثم تعجب من اختلاف حجج الفرق فى الدين و خطئهم و كونهم لايتبعون اقوال الانبياء و لااقوال الاوصياء، ثم نعى عليهم احوالهم القبيحه، فقال: انهم لايومنون بالغيب، اى لايصدقون بما لم يشاهدوه، و لايكفون عن الامور القبيحه، لكنهم يعملون فى الشبهات، اى يعملون اعمالا داخله فى الشبهات متوسطه لها.و يسيرون فى الشهوات، جعل الشهوات كالطريق التى يسير فيها الانسان.ثم قال: المعروف ف
يهم ما عرفوه، اى ليس المعروف عندهم ما دل الدليل على كونه معروفا و صوابا و حقا، بل المعروف عندهم ما ذهبوا الى انه حق، سواء كان حقا فى نفس الامر او لم يكن، و المنكر عندهم ما انكروه كما شرحناه فى المعروف.ثم قال: انهم لايستشيرون بعالم، و لايستفتون فقيها فاضلا، بل مفزعهم فى الامور المشكله الى انفسهم و آرائهم، و لقد صدق (ع)، فان هذه صفات من يدعى العلم و الفضل فى زماننا و قبله بدهر طويل، و ذلك انهم يانفون من التعلم و الاسترشاد، فالبادى ء منهم يعتقد فى نفسه انه افضل من البارع المنتهى، و متى ظفر الواحد منهم بمبادى ء علم و حمله، شرع فى التدريس و التصنيف، فمنعه التزامه بذلك من التردد الى ابواب العلماء، و انف من سوالهم عن الامور المشكله، فدام جهله الى ان يموت.ثم قال: (كان كل واحد منهم امام نفسه)، و يروى بحذف (كان) و اسقاطها، و هو احسن.