حکمت 106
الشرح:
النمرق و النمرقه بالضم فيهما: وساده صغيره، و يجوز النمرقه بالكسر فيهما، و يقال للطنفسه فوق الرحل نمرقه.و المعنى ان كل فضيله فانها مجنحه بطرفين معدودين من الرذائل كما اوضحناه آنفا، و المراد ان آل محمد (ع) هم الامر المتوسط بين الطرفين المذمومين، فكل من جاوزهم فالواجب ان يرجع اليهم، و كل من قصر عنهم فالواجب ان يلحق بهم.فان قلت: فلم استعار لفظ النمرقه لهذا المعنى؟ قلت: لما كانوا يقولون: قد ركب فلان من الامر منكرا و قد ارتكب الراى الفلانى، و كانت الطنفسه فوق الرحل مما يركب، استعار لفظ النمرقه لما يراه الانسان مذهبا يرجع اليه و يكون كالراكب له، و الجالس عليه، و المتورك فوقه.و يجوز ايضا ان تكون لفظه (الوسطى) يراد بها الفضلى، يقال: هذه هى الطريقه الوسطى، و الخليقه الوسطى، اى الفضلى، و منه قوله تعالى: (قال اوسطهم) اى افضلهم، و منه: (جعلناكم امه وسطا).حکمت 107
الشرح:
قد سبق من كلام عمر شى ء يناسب هذا ان لم يكن هو بعينه، و المصانعه: بذل الرشوه.و فى المثل: من صانع بالمال، لم يحتشم من طلب الحاجه.فان قلت: كان ينبغى ان يقول: (من لايصانع) بالفتح.قلت: المفاعله تدل على كون الفعل بين الاثنين كالمضاربه و المقاتله.و يضارع: يتعرض لطلب الحاجه، و يجوز ان يكون من الضراعه و هى الخضوع اى يخضع لزيد ليخضع زيد له، و يجوز ان يكون من المضارعه بمعنى المشابهه، اى لايتشبه بائمه الحق او ولاه الحق، و ليس منهم.و اما اتباع المطامع فمعروف.حکمت 108
الشرح:
قد ثبت ان النبى (ص) قال له: (لايحبك الا مومن، و لايبغضك الا منافق).و قد ثبت ان النبى (ص) قال: (ان البلوى اسرع الى المومن من الماء الى الحدور).و فى حديث آخر: (المومن ملقى، و الكافى موقى).و فى حديث آخر: (خيركم عند الله اعظمكم مصائب فى نفسه و ماله و ولده).و هاتان المقدمتان يلزمهما نتيجه صادقه، و هى انه (ع) لو احبه جبل لتهافت.و لعل هذا هو مراد الرضى بقوله: (و قد يوول ذلك على معنى آخر ليس هذا موضع ذكره).حکمت 109
الشرح:
قد تقدم الكلام فى جميع هذه الحكم.اما المال فان العقل اعود منه، لان الاحمق ذا المال طالما ذهب ماله بحمقه، فعاد احمق فقيرا، و العاقل الذى لا مال له طالما اكتسب المال بعقله، و بقى عقله عليه.و اما العجب فيوجب المقت، و من مقت افرد عن المخالطه و استوحش منه، و لاريب ان التدبير هو افضل العقل، لان العيش كله فى التدبير.و اما التقوى فقد قال الله: (ان اكرمكم عند الله اتقاكم).و اما الادب فقالت الحكماء: ما ورثت الاباء ابنائها كالادب.و اما التوفيق فمن لم يكن قائده ضل.و اما العمل الصالح، فانه اشرف التجارات، فقد قال الله تعالى: (هل ادلكم على تجاره تنجيكم من عذاب اليم).ثم عد الاعمال الصالحه.و اما الثواب فهو الربح الحقيقى، و اما ربح الدنيا فشبيه بحلم النائم.و اما الوقوف عند الشبهات فهو حقيقه الورع، و لاريب ان من يزهد فى الحرام افضل ممن يزهد فى المباحات، كالماكل اللذيذه، و الملابس الناعمه، و قد وصف الله تعالى ارباب التفكر فقال: (و يتفكرون فى خلق السموات و الارض).و قال: (او لم ينظروا) و لاريب ان العباده باداء الفرائض فوق العباده بالنوافل.و الحياء مخ الايمان، و كذلك الصبر و التواضع مصيده الشرف، وذلك هو الحسب، و اشرف الاشياء العلم، لانه خاصه الانسان، و به يقع الفضل بينه و بين سائر الحيوان.و المشوره من الحزم فان عقل غيرك تستضيفه الى عقلك.و من كلام بعض الحكماء: اذا استشارك عدوك فى الامر فامحضه النصيحه فى الراى، فانه ان عمل برايك و انتفع ندم على افراطه فى مناواتك، و افضت عداوته الى الموده، و ان خالفك و استضر عرف قدر امانتك بنصحه، و بلغت مناك فى مكروهه.
حکمت 110
الشرح:
يريد ان يتعين على العاقل سوء الظن حيث الزمان فاسد، و لاينبغى له سوء الظن حيث الزمان صالح، و قد جاء فى الخبر المرفوع النهى عن ان يظن المسلم بالمسلم ظن السوء، و ذلك محمول على المسلم الذى لم تظهر منه حوبه، كما اشار اليه على (ع)، و الحوبه: المعصيه، و الخبر هو ما رواه جابر قال: نظر رسول الله (ص) الى الكعبه فقال: (مرحبا بك من بيت! ما اعظمك و اعظم حرمتك! و الله ان المومن اعظم حرمه منك عند الله عز و جل، لان الله حرم منك واحده، و من المومن ثلاثه: دمه و ماله و ان يظن به ظن السوء).و من كلام عمر، ضع امر اخيك على احسنه حتى يجى ء ما يغلبك منه، و لاتظنن بكلمه خرجت من فى اخيك المسلم سوئا و انت تجد لها فى الخير محملا، و من عرض نفسه للتهم فلا يلومن من اساء به الظن.شاعر: اسات اذ احسنت ظنى بكم و الحزم سوء الظن بالناس قيل لعالم: من اسوا الناس حالا؟ قال: من لايثق باحد لسوء ظنه، و لايثق به احد لسوء فعله.شاعر: و قد كان حسن الظن بعض مذاهبى فادبنى هذا الزمان و اهله قيل لصوفى: ما صناعتك؟ قال: حسن الظن بالله، و سوء الظن بالناس.و كان يقال: ما احسن حسن الظن الا ان فيه العجز، و ما اقبح سوء الظن الا ان فيه الحزم.ابن المعتز: تفقد مساقط لحظ المريب فان العيون وجوه القلوب و طالع بوادره فى الكلام فانك تجنى ثمار العيوب