مسئلة الاكراه على التفرق وبيان ان الافتراق من المعانى المتضايفة
لاعتباره يصح منه رفعه بعروض الاكراه و انما الفرق بين كون الافتراق غاية شرعية أو غاية عقلية فان كان الخيار الثابت للبيعين ممتدا إلى حصول الافتراق شرعا صح رفعه كما صح وضعه و ان كان الخيار معلقا شرعا على الهيئة الاجتماعية الحاصلة للمتبايعين المستفادة من جعل الافتراق حدا فلا شأن للافتراق الا كونه حدا عقلا لزوال تلك الهيئة المرتب عليها حدوثا و بقاء اثر شرعي فالإِكراه على الافتراق اكراه على ما يساوق زوال تلك الهيئة لا على نفس الهيئة المعتبرة حدوثا و بقاء في حدوث الخيار و بقائه و يمكن ان يقال كما قلنا سابقا ان مقام السبب و الغاية مقتض للاختيارية المقابلة للاضطرار كما في التكاليف حتى يرفع بالاضطرار بقوله ص ما اضطروا اليه و لا مقتض لاعتبار الطيب و الرضا كالمعاملات حتى يناسب رفع اثارها بعروض الاكراه و حمله على ما لا يطيب به نفسه و لذا لا تجد احدا من القدماء يستند في رفع الاثر عند الاكراه إلى حديث الرفع ثالثها صحيحة الفضيل التي استند إليها المصنف قده حيث قال ع فإذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما و تقريب الدلالة بأحد وجهين الاول ان يكون الافتراق المجعول غاية ينبعث عن الرضا بالعقد بمعنى انه بعد الفراغ عن امر العقد و الرضا به افترقا و الا فالرضاء بالعقد ليس من مبادي وجود الافتراق و لا من غاياته المترتبة عليها لتكون باعثة على إيجاده وكلا الامرين في غاية الوضوح فلا معنى لكون الافتراق عن الرضا الا انه حيث تم امرهما و فرغا عما اجتمعا عليه افترقا و من البين ان الافتراق الاكراهى مع المنع من التخاير منبعث عن الرضا بالنحو المزبور الثاني ان يكون الافتراق من حيث كشفه النوعى عن الرضا بالعقد جعل غاية و الافتراق المكره عليه في فرض عدم التمكن من التخاير لا هو كاشف نوعا عن الرضا و لا المفروض كاشف اخر كما في صورة التمكن من التخاير و الفرق بين الوجهين كالفرق بين مقامي الثبوت و الاثبات فعلى الاول يكون الافتراق المتعقب للرضا غاية مجعولة و على الثاني يكون الافتراق بما هو كاشف طبعي عن الرضا غاية و ان احتمل عدم الرضا فعلا لا ما قيل من ان الرضا على الاول جزء السبب و الافتراق جزئه الاخر دون الثاني اذ من البديهي انه مع فرض الرضا لا يتوقف سقوط الخيار على لحوق الافتراق فلا معنى لكونه جزء السبب و يمكن تأييد الاستدلال بالصحيحة بتقريب ان قوله ع بعد الرضا منهما اما ان يراد ببعد الرضا بالبيع بذلك المعنى المعتبر في نفوذه و اما ان يراد بعد الرضا بالبيع بالوجه الذي يعتبر في لزومه و اما ان يراد بعد الرضا بالافتراق اى صدوره عن طيب و رضا قبال الكرة و الاكراه فان أريد الثالث فالأَمر في عدم العبرة بالافتراق الاكراهى واضح و لذا قيل بانه نص في المطلوب على هذا التقدير و ان أريد الثاني فهو المطلوب هنا اى كون الغاية هو الافتراق عن رضا بالعقد و الافتراق الاكراهى في فرض المنع من التخاير ليس كك و ان أريد الاول فهو أجنبي عن المطلوب كما هو واضح الا ان ارادته بعيدة لعدم ارتباطه بسقوط الخيار بالافتراق لان بقاء الخيار و سقوطه في فرض صحة البيع المتقوم بالرضا و ما يجامع بقاء الخيار و سقوطه كيف يعقل ان يجعل كالافتراق علة لسقوطه فلا محالة يتعين الثاني أو الثالث فيتم المطلوب على كلا التقديرين و الجواب أولا انه مبنى على عدم ورود التقييد مورد الغالب حيث ان الغالب كون الافتراق عن الرضا و يؤكد ورود مورد الغالب كون التقييد به فيما هو كالمفهوم للاطلاقات الكثيرة لا انه كلام مستقل إبتدائي حتى يتعين حمل التقييد على حقيقة و ثانيا انه انما يتعين التقييد إذا قيل ان افترقا بعد الرضا منهما فلا خيار فان نفى الخيار مرتب على الافتراق الخاص مع ان الصحيحة هكذا فإذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما و ظهره ان عدم الخيار مرتب على الافتراق حيث انه التزام عملي منهما فقوله ع بعد الرضا بيان للافتراق فهو في قوة انه لا خيار بعد الافتراق الذي هو رضا و التزام منهما عملا و الفرق بين الافتراق عن رضا و الافتراق الذي هو رضا منهما عملا واضح حيث انه لا تقييد للافتراق بامر ورائه بل بيان للافتراق المجعول غاية و لا موجب لجعل الافتراق كاشفا عن الرضا و لو نوعا فان ظاهره عدم الخيار بعد الرضا لا بعد الدال عليه و كونه بيانا له كونه مكشوفا به ليؤل الامر إلى تقيد الافتراق بكشفه عن الرضا و كونه التزاما بالبيع عملا يجامع كراهة البيع فعلا فانه مع كراهة البيع يلتزم عملا بافتراقه الملزم للبيع لمانع في نفسه عن الاخذ بالخيار بل يجامع الاكراه على الافتراق فانه في الحقيقة اكراه على الالتزام العملي لا انه اكراه على الالتزام الانشائي و لا انه اكراه على الافتراق الذي لا بد من انبعاثه عن الرضا حتى يقال بانه لا يجامع حدا لالتزام و انه لا يجامع حقيقة الرضا بالعقد بقاء و ثالثا ان الرضا بالبيع يقابل الكراهة لا الاكراه فلو كره العقد و افتراق من دون اكراه من الغير بل لزاجر نفسانى من أعمال الخيار لم يقل احد ببقاء الخيار مع انه افتراق لا عن رضا بالعقد و رابعا لو افترق لا عن التفات بل غفلة عن العقد أو حكمه لم يكن الافتراق عن رضا بالبيع مع انه لا ريب عندهم في سقوط الخيار و خامسا ان تقييد الغاية بالرضا مع سبق حصول الغاية بالرضا الذي هو سبب تام للزوم العقد و سقوط الخيار لغو فلا يعقل الالتزام بتقيد الافتراق المجعول غاية بالرضا بنفسه نعم تقييده بالكشف النوعى عن الرضا معقول لكنه خلاف الظاهر من الصحيحة فتدبر مضافا إلى ان المفترقين إذا كانا ممنوعين من التخاير فلا يكون افتراقهما كاشفا عن رضاهما بالعقد و إذا لم يكونا ممنوعين عن التخاير كان ذلك كاشفا عن الرضا لا الافتراق فلا يستند سقوط الخيار اليه أصلا اما لعدم الكاشفية أو لسبق الكاشف فتدبر جيدا رابعها ما في كلام واحد من الاعلام من ان تشريع الخيار للارفاق بالمتعاقدين و هو ملائم لسقوطه بالافتراق الاكراهى و يندفع بان أصل الخيار السلطنة على فسخ العقد للارفاق و اما امتداده إلى غاية اختيارية أو قهرية فمرجعه إلى سقوطه بمسقط اختياري و قهرى و لا موجب لكون الغاية التي يمتد إليها الخيار المجعول للارفاق ملائمة للارفاق إذا الخيار للارفاق لا ان كل ما يلائم الارفاق لا بد من جعله للمتعاقدين كيف و خيار الحيوان للمشتري ايضا للارفاق به مع امتداده إلى ثلاثة أيام و ليست الغاية تحت اختياره مع انه منقوض بسقوطه بالتفرق الاضطرارى فانه ايضا قهرى لا يلائم الارفاق قوله قده لو أكره أحدهما على التفرق و منع من التخاير الخ توضيح المقام برسم امور منها ان افتراق كلا المتعاقدين هل هما غاية واحدة للخيارين أو افتراق كل منهما غاية لخيار نفسه ظاهر الاخبار تحليل التثنية الواقعة فيها صدرا و ذيلا من دون موجب لفظي لاختصاص التحليل بصدرها فظاهرها ان البايع بالخيار ما لم يفترق عن المشترى و ان المشترى بالخيار ما لم يفترق عن البايع نعم ربما يتخيل المانع من تحليل الغاية عقلا بتوهم ان الافتراق امر واحد فلا يتبعض بل ربما يدعى انه لا قيام للافتراق الا بالمتحرك و ان الباقي ينسب اليه الافتراق من حيث انه له ان يوجد المانع من تحققه بحركته مع فبقائه بمنزلة رفع المانع فبهذه الملاحظة ينسب اليه الافتراق لكنك قد عرفت فيما مر ان الافتراق من المعاني المتضائفة كالاجتماع فهما من الاضافات المتشابهة الاطراف فكل منهما مفترق عن الاخر حقيقة من دون دخل للحركة كما تقدم وجهه و الذي ينبغى ان يقال هو ان الخيار و ان كان متعددا الا ان جعل الغاية متحدا أو متعددا يدور مدار اللغوية و عدمها فإذا أمكن انفكاك احدى الغايتين عن الاخرى صح جعلها متعددة و الا فمع عدم الانفكاك لا موجب لجعل كل واحد من الافتراقين غاية مستقلة و من الواضح ان المتضائفين متكافئان لا ينفك أحدهما عن الاخر نعم إذا لحق كلا منهما خصوصية قابله لانفكاك احديهما عن الاخرى كالرضا و الاكراه صح جعل الغاية متعددة فنقول تلك الخصوصية ان كانت خصوصية صدور الافتراق عن الرضا فتارة يعتبر في كل من الافتراقين و أخرى في أحدهما