ما لا يكون عرضا في الشيء كان جوهرا فيهلكنه بالنسبة إلى القابل له عرض فالشيءالواحد يكون جوهرا و عرضا.
و الجواب أن هذه شبهة نشأت من الخلط بينمفهومي الجوهر و الجوهري و كذا بين مفهوميالعرض و العرضي فإن الأخيرين أعني الجوهريو العرضي أمران نسبيان و الأولان أمرانحقيقيان فكما أن الجوهر دائما في ذاته لايتغير جوهريته بالقياس إلى شيء بل لأنهفي نفسه غير مفتقر إلى موضوع أصلا فكذاالعرض في نفسه لا بالقياس إلى شيء.
و أما العرضية أو الجوهرية بمعنى كونالشيء عرضيا أي خارجا محمولا أو جوهرياأي ذاتيا فذلك مما يكون بناؤه على أحد هذينالاعتبارين و إحدى هاتين النسبتين أعنيالدخول في شيء و الخروج عنه فهاهنااحتمالات فإن شيئا واحدا يجوز أن يكونعرضا في نفسه و عرضيا لشيء و يجوز أن يكونعرضا في نفسه و جوهريا لشيء و أن يكونجوهرا في نفسه و جوهريا لشيء أو جوهرا فينفسه و عرضيا لآخر كالإنسان بالقياس إلىالضاحك و يحتمل أيضا أن يكون شيء واحدعرضا في نفسه و جوهريا و عرضيا لشيئينآخرين كالبياض فإنه عرض في نفسه و عرضيبالقياس إلى الجسم القابل و جوهري بالقياسإلى المركب منهما و أن يكون شيء واحدجوهرا في نفسه و جوهريا و عرضيا بالقياسإلى آخرين كالحيوان فإنه جوهر في نفسه وجوهري للإنسان و عرضي للماشي.
فقد انكشف أن مجرد كون الشيء في المركبجزء له لا يوجب كونه جوهرا إلا إذا لم يكنماهيته محتاجة إلى الموضوع فإن كانتماهيته مفتقرة إلى الموضوع فهو عرض سواءكان جزأ للمركب أم لا و ما وجد في كلامالقوم أن جزء المركب الجوهري جوهر فهومشروط بأن يكون المركب ذا طبيعة واحدة