تفسیر القمی جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
ينظرون اليه لا يجسرون أن يبرحوا فبينا هو كذلك إذ حان منه التفاته فإذا هو برجل معه في القبة ففزع منه سليمان فقال له : من أنت ؟ فقال له : أنا الذي لا اقبل الرشى و لا اهاب الملوك فقبضه و هو متكئ على عصاه سنة و الجن يعملون له و لا يعلمون بموته حتى بعث الله الارضة فأكلت منسأته ( فلما خر - على وجهه - تبينت الانس ان لو كانوا أي الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ) ( 1 ) فكذا نزلت هذه الآية و ذلك لان الانس كانوا يقولون ان ان الجن يعلمون الغيب فلما سقط سليمان على وجهه علم الانس ان لو يعلم الجن الغيب لم يعملوا سنة لسليمان و هو ميت و يتوهمونه حيا ، قال : فالجن تشكر الارضة بما عملت بعصا سليمان ، قال : فلما هلك سليمان وضع إبليس السحر و كتبه في كتاب ثم طواه و كتب على ظهره هذا ما وضعه آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز الملك و العلم من أراد كذا و كذا فليعمل كذا و كذا ثم دفنه تحت السرير ثم استثاره لهم فقال الكافرون ما كان يغلبنا سليمان إلا بهذا و قال المؤمنون ما هو إلا عبد الله و نبيه و قوله : ( لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين و شمال ) قال : فان بحرا كان من اليمن و كان سليمان أمر جنوده أن يجروا لهم خليجا من البحر العذب إلى بلاد الهند ففعلوا ذلك و عقدوا له عقدة عظيمة من الصخر و الكلس حتى يفيض على بلادهم ، و جعلوا للخليج مجاري فكانوا إذا أرادوا ان يرسلوا منه الماء أرسلوه بقدر ما يحتاجون اليه و كانت لهم جنتان عن يمين و شمال عن مسيرة عشرة أيام فيها يمر المار لا يقع عليه الشمس من التفافهما فلما عملوا بالمعاصي و عتوا عن أمر ربهم و نهاههم الصالحون فلم ينتهوا بعث الله على ذلك السد الجرذ و هي الفأرة الكبيرة فكانت تقلع الصخرة التي لا يستقيلها الرجل و يرمي بها ، فلما رأى ذلك