و أقنومين: و هذا الرأي الّذي أظهرهنسطوريوس كان رأي تاودوس و ديودوسالأسقفين، و كان من مقالتهما أنّ المولودمن مريم هو المسيح و المولود من الأب هوالابن الأزلي و الابن الأزلي حلّ فيالمسيح المحدث فسمي المسيح ابن اللهبالموهبة و الكرامة، و إنّما الاتحادبالمشيئة و الارادة. فأثبتوا للَّه ولدينأحدهما بالجوهر و الثاني بالنعمة. و بلغتمقالة نسطوريوس إلى كرلس بطرك اسكندرية،فكتب الى بطرك رومة و هو أكليمس، و إلىيوحنا و هو بطرك أنطاكية، و إلى يونالوسأسقف بيت المقدس. فكتبوا إلى نسطوريوسليدفعوه عن ذلك بالحجة فلم يرجع و لا التفتإلى قولهم. فاجتمعوا في مدينة أفسيس (1) فيمائتين أسقفا للنظر في مقالته، فقرّرواإبطالها و لعنوه و أشاروا بكفره، و وجدعليهم يوحنّا بطرك أنطاكية حيث لم ينتظرواحضوره فخالفهم و وافق نسطوريوس، ثم أصلحبينهم باوداسوس من بعد مدّة و اتفقوا علىنسطوريوس. و كتب أساقفة المشارقة أمانتهمو بعثوا بها إلى كرلّس فقبلها و نفىنسطوريوس إلى صعيد مصر، فنزل أخميم و ماتبها لسبع سنين من نزولها، و ظهرت مقالته فينصارى المشرق و بفارس و العراق و الجزيرة والموصل الى الفرات.
و كان بعد ذلك بإحدى و عشرين سنة المجمعالرابع بمدينة خلقدونية، اجتمع فيهستمائة و أربعة و ثلاثون أسقفا من فتيانقيصر للنظر في مقالة ديسقورس بطركالاسكندرية لأنه كان يقول: المسيح جوهر منجوهرين و أقنوم من أقنومين و طبيعة منطبيعتين و مشيئة من مشيئتين. و كانتالأساقفة و البطاركة لذلك العهد يقولونبجوهرين و طبيعتين و مشيئتين و أقنومواحد، فخالفهم ديسقورس في بعض الأساقفة وكتب خطه بذلك و لعن من يخالفه. فأرادمرقيان قيصر قتله، فأشارت البطارقةبإحضاره و جمع الأساقفة لمناظرته، فحضربمجلس مرقيان قيصر و افتضح في مخاطبتهم ومناظرتهم. و خاطبته زوج الملك فأساء الردّفلطمته بيدها، و تناوله الحاضرون بالضرب،و كتب مرقيان قيصر إلى أهل مملكته في جميعالنواحي بأنّ مجمع خلقدونية هو الحق و منلا يقبله يقتل. و مرّ ديسقورس بالقدس و أرضفلسطين و هو مضروب منفي فاتبعوا رأيه، وكذلك اتبعه أهل مصر و الإسكندرية، و ولّى وهو في النفي أساقفة كثيرة كلهم يعقوبية.
قال ابن العميد: و إنما سمي أهل مذهبديسقورس يعقوبية لأنّ اسمه كان فيالغلمانية
(1) و هي مدينة أفسس كما في الإنجيل.