و اليهود و الصابئة و المجوس، و منهم أهلالوبر و هم أصحاب الخيام و الحلل و أهلالمدر و هم أصحاب المجاشر و القرى و الأطم،و منهم البدو الظواهر و الحضر الأهلون. ومنهم العرب أهل البيان و الفصاحة و العجم وأهل الرطانة بالعبرانية و الفارسية والإغريقية و اللطينية و البربرية. خالفأجناسهم و أحوالهم و ألسنتهم و ألوانهمليتم أمر الله في اعتمار أرضه بمايتوزعونه من وظائف الرزق و حاجات المعاشبحسب خصوصياتهم و نحلهم فتظهر آثار القدرةو عجائب الصنعة و آيات الوحدانية إنّ فيذلك لآيات للعالمين.و اعلم أنّ الامتياز بالنسب أضعفالمميزات لهذه الأجيال و الأمم لخفائه واندراسه بدروس الزمان و ذهابه. و لهذا كانالاختلاف كثيرا ما يقع في نسب الجيلالواحد أو الأمّة الواحدة إذا اتصلت معالأيام و تشعّبت بطونها على الأحقاب كماوقع في نسب كثير من أهل العالم مثلاليونانيين و الفرس و البربر و قحطان منالعرب.اختلفت الأنساب و اختلفت فيها المذاهب وتباينت الدعاوي استظهر كل ناسب على صحّةما ادّعاه بشواهد الأحوال و المتعارف منالمقارنات في الزمان و المكان و ما يرجعالى ذلك من خصائص القبائل و سمات الشعوب والفرق التي تكون فيهم منتقلة متعاقبة فيبنيهم.و سئل مالك رحمه الله تعالى عن الرجل يرفعنسبه الى آدم فكره ذلك و قال من أين يعلمذلك؟ فقيل له فإلى إسماعيل فأنكر ذلك و قالمن يخبره به؟ و على هذا درج كثير من علماءالسلف و كره أيضا أن يرفع في أنسابالأنبياء مثل أن يقال إبراهيم بن فلان بنفلان و قال من يخبره به. و كان بعضهم إذاتلا قوله تعالى: «وَ الَّذِينَ منبَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا الله14: 9» قال: كذب النسابون. و احتجوا أيضابحديث ابن عباس أنّه صلّى الله عليه وسلّملما بلغ نسبه الكريم الى عدنان قال منهاهنا كذب النسابون. و احتجوا أيضا بما ثبتفيه أنه علم لا ينفع و جهالة لا تضرّ إلىغير ذلك من الاستدلالات.و ذهب كثير من أئمة المحدّثين و الفقهاءمثل ابن إسحاق و الطبري و البخاري الى جوازالرفع في الأنساب و لم يكرهوه، محتجينبعمل السلف فقد كان أبو بكر رضي الله عنهأنسب قريش لقريش و مضر بل و لسائر العرب وكذا ابن عباس و جبير بن مطعم و عقيل بن أبيطالب و كان من بعدهم ابن شهاب و الزهري وابن سيرين و كثير من