و على ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل. و أعطىعليه السلام سيفه بحقه إلى أبي دجانة سماكبن خرشة من بني ساعدة و كان شجاعا بطلايختال عند الحرب. و كان مع قريش ذلك اليوموالد حنظلة غسيل الملائكة أبو عامر عبدعمرو بن صيفي بن مالك ابن النعمان في طليعة(1) و كان في الجاهلية قد ترهّب و تنسّك،فلما جاء الإسلام غلب عليه الشقاء و فرّإلى مكة في رجال من الأوس و شهد أحد معالكفّار، و كان يعد قريش في انحراف الأوسإليه لما أنه سيدهم، فلم يصدق ظنه، و لماناداهم و عرفوه، قالوا: لا أنعم الله لكعلينا يا فاسق. فقاتل المسلمين قتالاشديدا.و أبلى يومئذ حمزة و طلحة و شيبة و أبودجانة و النضر بن أنس (2) بلاء شديدا، و أصيبجماعة من الأنصار مقبلين غير مدبرين واشتدّ القتال و انهزم قريش أوّلا، فخلتالرماة عن مراكزهم، و كرّ المشركون كرّة وقد فقدوا متابعة الرماة فانكشف المسلمون واستشهد منهم من أكرمه الله، و وصل العدوّإلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقاتل مصعب بن عمير صاحب اللواء دونه حتىقتل، و جرح رسول الله صلّى الله عليه وسلّمفي وجهه و كسرت رباعيته اليمنى السفلىبحجر، و هشمت البيضة في رأسه، يقال إنالّذي تولى ذلك عتبة بن أبي وقاص و عمرو بنقميئة الليثي. و شدّ حنظلة الغسيل على أبيسفيان ليقتله فاعترضه شدّاد بن الأسودالليثي من شعوب فقتله و كان جنبا، فأخبررسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنالملائكة غسلته.و أكبت الحجارة على رسول الله صلّى اللهعليه وسلّم حتى سقط من بعض حفر هناك، فأخذعلي بيده و احتضنه طلحة حتى قام، و مصّالدم من جرحه مالك بن سنان الخدريّ والدأبي سعيد، و نشبت حلقتان من حلق المغفر فيوجهه صلّى الله عليه وسلّم فانتزعهما أبوعبيدة بن الجراح فندرت ثنيتاه فصار اهتم(3). و لحق المشركون رسول الله صلّى اللهعليه وسلّم و كرّ دونه نفر من المسلمينفقتلوا كلهم، و كان آخرهم عمّار بن يزيد بنالسكن. ثم قاتل طلحة حتى أجهض (4) المشركون وأبو دجانة يلي النبيّ صلّى الله عليهوسلّم بظهره و تقع فيه النبل فلا يتحرك (5)،و أصيبت عين قتادة(1) و في نسخة ثانية: من ضبيعة.(2) و في النسخة الباريسية: النضر بن شميل.(3) و يقال: اثرم بدل اهتم أ ه.(4) اجهض: بمعنى أبعد المشركين.(5) و في نسخة ثانية: فلا يترك.