النجاشي لما كلمه في ذلك، فوفقه الله ورئي (1) الحق فأسلم و كتم إسلامه، و رجع إلىقريش و لقي خالد بن الوليد فأخبرهفتفاوضا، ثم هاجرا إلى النبيّ صلّى اللهعليه وسلّم فأسلما.و بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّمخالدا مع بعث الشام و أمّر على الجيش مولاهزيد بن حارثة و كانوا نحوا من ثلاثة آلاف،و قال إن أصابه قدر فالأمير جعفر بن أبيطالب، فإن أصابه قدر فالأمير عبد الله بنرواحة، فإن أصيب فليرتض المسلمون برجل منبينهم يجعلونه أميرا عليهم. و شيعهم صلّىالله عليه وسلّم و ودّعهم، و نهضوا حتىانتهوا إلى معان من أرض الشام، فأتاهمالخبر بأن هرقل ملك الروم قد نزل مؤاب منأرض البلقاء في مائة ألف من الروم و مائةألف من نصارى العرب البادين هنالك من لخم وجذام و قبائل قضاعة من بهرا و بلي و القيس وعليهم مالك بن زاحلة من بني أراشة. فأقامالمسلمون في معان ليلتين يتشاورون فيالكتب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّمو انتظار أمره و مدده، ثم قال لهم عبد اللهبن رواحة أنتم إنما خرجتم تطلبون الشهادةو ما نقاتل الناس بعدد و لا قوّة إلّا بهذاالدين الّذي أكرمنا الله به، فانطلقوا إلى(2) جموع هرقل عند قرية مؤتة و رتبواالميمنة و الميسرة، و اقتتلوا فقتل زيد بنحارثة ملاقيا بصدره الرماح و الراية فييده، فأخذها جعفر بن أبي طالب و عقر فرسهثم قاتل حتى قطعت يمينه فأخذها بيسارهفقطعت فقتل كذلك و كان ابن ثلاث و ثلاثينسنة، فأخذها عبد الله بن رواحة و تردّد عنالنزول بعض الشيء ثم صمم إلى العدوّفقاتل حتى قتل.فأخذ الراية ثابت بن أفرم (3) من بنيالعجلان و ناولها لخالد بن الوليد فانحازبالمسلمين، و أنذر النبيّ صلّى الله عليهوسلّم بقتل هؤلاء الأمراء قبل ورود الخبرو في يوم قتلهم، و استشهد مع الأمراء جماعةمن المسلمين يزيدون على الشعرة أكرمهمالله بالشهادة، و رجعوا إلى النبيّ صلّىالله عليه وسلّم، فأحزنه موت جعفر و لقيهمخارج المدينة و حمل عبد الله بن جعفر بينيديه على دابته و هو صبي و بكى عليه واستغفر له و قال: أبدله الله بيديه جناحينيطير بهما في الجنة، فسمي ذا الجناحين.(1) و في نسخة اخرى: رأى.(2) و في احدى النسخ: فانطلقوا فهي احدىالحسنيين إمّا ظهوره و إما شهادتناموافقوه و نهضوا الى تخوم البلقاء فلقواجموع هرقل.(3) و في النسخة الباريسية: ثابت بن أرقم وفي نسخة اخرى: ثابت بن أقرن.