و كان على فلسطين فضم عثمان عمله الىمعاوية فاجتمع الشام كله لمعاوية لسنتينمن إمارة عثمان. و كان يلحّ على عمر في غزوالبحر و كان و هو بحمص كتب إليه في شأن قبرصأنّ قرية من قرى حمص يسمع أهلها نباح كلابقبرص و صياح دجاجهم، فكتب عمر إلى عمرو بنالعاص: صف لي البحر و راكبه! فكتب إليه: «هوخلق كبير يركبه خلق صغير ليس إلا السماء والماء إن ركد فلق (1) القلوب و إن تحرك أزاغالعقول يزداد فيه اليقين قلّة و الشك كثرةو راكبه دود على عود إن مال غرق و إن نجابرق». فكتب عمر إلى معاوية و الّذي بعثمحمدا بالحق لا أحمل فيه مسلما أبدا، و قدبلغني أنّ بحر الشام يشرف على أطول شيءمن الأرض فيستأذن الله كل يوم و ليلة في أنيغرق الأرض فكيف أحمل الجنود على هذاالكافر، و باللَّه لمسلم واحد أحب إليّمما حوت الروم، فإياك أن تعرض لي في ذلكفقد علمت ما لقي العلاء مني.ثم كاتب ملك الروم عمرو قاربه و أقصر عنالغزو، ثم ألحّ معاوية على عثمان بعده فيغزو البحر فأجابه على خيار الناس و طوعهم،فاختار الغزو جماعة من الصحابة فيهم، أبوذرّ و أبو الدرداء و شدّاد بن أوس و عبادةبن الصامت و زوجه أمّ حرام بنت ملحان، واستعمل عليهم عبد الله بن قيس حليف بنيفزارة، و ساروا إلى قبرص و جاء عبد الله بنأبي سرح من مصر فاجتمعوا عليها و صالحهمأهلها على سبعة آلاف دينار لكل سنة، ويؤدّون مثلها للروم، و لا منعة لهم علىالمسلمين ممن أرادهم من سواهم و على أنيكونوا عينا للمسلمين على عدوّهم، و يكونطريق الغزو للمسلمين عليهم.و كانت هذه الغزاة سنة ثمان و عشرين و قيلتسع و عشرين و قيل ثلاث و ثلاثين، و ماتتفيها أم حرام سقطت عن دابتها حين خرجت منالبحر، و كان النبي صلّى الله عليه وسلّمأخبرها بذلك. و أقام عبد الله بن قيسالجاسي على البحر فغزا خمسين غزاة لم ينكبفيها أحد، إلى أن نزل في بعض أيام في ساحلالمرقي من أرض الروم فثاروا إليه فقتلوه،و نجا الملّاح و كان استخلف سفيان بن عوفالأزدي على السفن فجاء إلى أهل المرقي وقاتلهم حتى قتل و قتل معه جماعة.(1) و في النسخة الباريسية: خرق