عتب أبو ذر معاوية فاستعتب له و قال سأقولمال المسلمين (1)، و أتى ابن سبإ إلى أبيالدرداء و عبادة بن الصامت بمثل ذلكفدفعوه، و جاء به عبادة الى معاوية و قالهذا الّذي بعث (2) عليك أبا ذرّ. و لما كثرذلك على معاوية شكاه إلى عثمان فاستقدمه وقال له ما لأهل الشام يشكون منك فأخبره،فقال: يا أبا ذرّ لا يمكن حمل الناس علىالزهد و إنما عليّ أن أقضي (3) بينهم بحكمالله و أرغبهم في الاقتصاد، فقال أبو ذرّ:لا نرضى من الأغنياء حتى يبذلوا المعروف ويحسنوا للجيران و الاخوان و يصلواالقرابة، فقال له كعب الأحبار: من أدّىالفريضة فقد قضى ما عليه. فضربه أبو ذرّفشجّه و قال: يا ابن اليهودية ما أنت و هذا.فاستوهب عثمان من كعب شجّته فوهبه. ثماستأذن أبو ذرّ عثمان في الخروج منالمدينة و قال:إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمرنيبالخروج منها إذا بلغ البناء سلعا، فأذنله، و نزل الرَّبَذَة و بنى بها مسجدا وأقطعه عثمان صرمة من الإبل و أعطاهمملوكين و أجرى عليه رزقا، و كان يتعاهدالمدينة فعدّ أولئك الرهط خروج أبي ذرّفيما ينقمونه على عثمان مع ما كان من إعطاءمروان خمس مغانم إفريقية و الصحيح أنهاشتراه بخمسمائة ألف فوضعها عنه.و مما عدوّا عليه أيضا زيادة النداءالثالث على الزوراء يوم الجمعة، و إتمامهالصلاة في منى و عرفة مع أن الأمر في حياةرسول الله صلّى الله عليه وسلّم و الشيخينبعده كان على القصر. و لما سأله عبد الرحمنو احتج عليه بذلك قال له: بلغني أن بعض حاجاليمن و الجفاة جعل صلاة المقيم ركعتين منأجل صلاتي و قد اتخذت بمكة أهلا وليبالطائف مال. فلم يقبل ذلك عبد الرحمنفقال: زوجتك بمكّة إنما تسكن بسكناك و لوخرجت و مالك بالطائف على أكثر من مسافةالقصر. و أما حاج اليمن فقد شهدوا ذلك منرسول الله صلّى الله عليه وسلّم و الشيخينبعده و قد كان الإسلام ضرب بجرانه. فقالعثمان: هذا رأي رأيته. فمن الصحابة من تبعهعلى ذلك و منهم من خالفه. و مما عدّوا عليهسقوط خاتم النبي صلّى الله عليه وسلّم منيده في بئر أريس على ميلين من المدينة فلميوجد.(1) و في نسخة اخرى: ما للمسلمين.(2) و في النسخة الباريسية: الّذي خيّر.(3) و في النسخة الباريسية: ان اقصد