سألت في البيت الّذي هو دينك و دين آبائك وتركت البعير. فقال عبد المطلب: أنا ربّالإبل و للبيت ربّ سيمنعه. فردّ عليه إبله.قال الطبريّ: و كان فيما زعموا قد ذهب مععبد المطلب عمرو بن لعابة بن عدي بن الرملسيّد كنانة، و خويلد بن واثلة سيّد هذيل، وعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة و يرجع عنهدم البيت، فأبى عليهم، فانصرفوا. و جاءعبد المطلب و أمر قريشا بالخروج من مكة إلىالجبال و الشعاب للتحرّز فيها، ثم قام عندالكعبة ممسكا بحلقة الباب و معه نفر منقريش يدعون الله و يستنصرونه، و عبدالمطلب ينشد و يقول:
لا همّ إنّ العبد لا يغلبنّ صليبهم و انصر على آل الصليب و عابديه اليومآلك
يمنع رحله فامنعرحالك و محالهم أبدا محالك و عابديه اليومآلك و عابديه اليومآلك
في أبيات معروفة.ثم أرسل الله عليهم الطير الأبابيل منالبحر، ترميهم بالحجارة فلا تصيب أحدامنهم إلّا هلك مكانه، و أصابه في موضعالحجر من جسده كالجدري و الحصبة فهلك، وأصيب أبرهة في جسده بمثل ذلك، و سقطتأعضاؤه عضوا عضوا، و بعثوا بالفيل ليقدمعلى مكة فربض و لم يتحرك فنجا. و أقدم فيلآخر فحصب (1) و بعث الله سيلا مجحفا فذهببهم، و ألقاهم في البحر. و رجع أبرهة إلىصنعاء و هو مثل فرخ الطائر، فانصدع صدره عنقلبه و مات.و لمّا هلك أبرهة ملك مكانه ابنه يكسوم وبه كان يكنى و استفحل ملكه و أذل حمير وقبائل اليمن و وطئتهم الحبشة، فقتلوارجالهم و نكحوا نساءهم و استخدمواأبناءهم.ثم هلك يكسوم بن أبرهة فملك مكانه أخوهمسروق، و ساءت سيرته و كثر عسف الحبشةباليمن، فخرج ابن ذي يزن و استجاش عليهمبكسرى، و قدم اليمن بعساكر الفرس، و قتلمسروقا و ذهب أمر الحبشة بعد أن توارث ملكاليمن منهم أربعة في اثنتين و سبعين سنةأوّلهم أرباط، ثم أبرهة، ثم ابنه يكسوم،ثم أخوه مسروق بن أبرهة.(1) أي ضرب بالحصباء.