ساحل عدن. فلما نزلوا بأرض اليمن، قال وهزر لسيف: ما عندك؟ قال: ما شئت من قوس عربيو رجلي مع رجلك حتى نظفر أو نموت. قالأنصفت. و جمع ابن ذي يزن من استطاع من قومه،و سار إليه مسروق بن أبرهة في مائة ألف منالحبشة و أوباش اليمن، فتواقفوا للحرب، وأمر و هزر ابنه أن يناوشهم القتال فقتلوه،و أحفظه ذلك. و قال: أروني ملكهم. فأروهإياه على الفيل عليه تاجه و بين عينيهياقوتة حمراء ثم نزل عن الفيل إلى الفرس،ثم إلى البغلة. فقال و هزر، ركب بنتالحمار، ذلّ و ذلّ ملكه. ثم رماه بسهم فصكّالياقوتة بين عينيه، و تغلغل في دماغه، وتنكّس عن دابته و داروا به، فحمل القومعليهم و انهزم الحبشة في كل وجه، و أقبل وهزر إلى صنعاء، و لما أتى بابها قال: لاتدخل رايتي منكوسة. فهدم الباب، و دخلناصبا رايته فملك اليمن و نفى عنها الحبشةو كتب بذلك إلى كسرى و بعث إليه بالأموال.فكتب إليه أن يملك سيف بن ذي يزن على اليمنعلى فريضة يؤدّيها كل عام ففعل، و انصرف وهزر إلى كسرى.و ملك سيف اليمن و كان أبوه من ملوكها وخلف و هزر نائبا على اليمن في جماعة منالفرس ضمهم إليه و جعله لنظر ابن ذي يزن وأنزله بصنعاء. و انفرد ابن ذي يزن بسلطانه،و نزل قصر الملك و هو رأس غمدان، يقال إنّالضحّاك بناه على اسم الزهرة و هو أحدالبيوت السبعة الموضوعة على أسماءالكواكب و روحانيتها، خرب في خلافة عثمانقاله المسعودي.و قال السهيليّ: كانت صنعاء تسمى أوال، وصنعاء اسم بانيها صنعاء بن أوال بن عمير بنعابر بن شالخ. و لمّا استقل ابن ذي يزن بملكاليمن وفدت العرب عليه يهنوه (1) بالملك، ولما رجع من سلطان قومه و أباد من عدوّهم، وكان فيمن وفد عليه مشيخة قريش و عظماءالعرب لعهدهم من أبناء إسماعيل و أهلبيتهم المنصوب لحجهم، فوفدوا في عشرة منرؤسائهم فيهم عبد المطلب، فأعظمهم سيف وأجلهم و أوجب لهم حقهم و وفر من ذلك قسم عبدالمطلب من بينهم. و سأله عن بنيه حتى ذكر لهشأن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم و كفالتهإياه بعد موت عبد الله أبيه عاشر ولد عبدالمطلب، فأوصاه به و حضه على الإبلاغ فيالقيام عليه، و التحفظ به.(1) الصحيح ان يقول: «وفدت العرب عليهيهنونه أو «تهنيه» لان الفعل من الأفعالالخمسة و لم يتقدم عليه ما يوجب حذفالنون.»