عطيته بخلاف الثلث فما دون .و لنا انه إقرار متهم فيه فقبل كالاقرار في الصحة يحققه ان حالة المرض اقرب إلى الاحتياط لنفسه و إبراء ذمته و تحري الصدق فكان أولى بالقبول ، و فارق الاقرار للوارث لانه متهم فيه على ما سنذكره ( فصل ) فان اقر لاجنبي بدين في مرضه و عليه دين ثبت ببينة أو قرار في صحته و في المال سعة لهما فهما سواء و ان ضاق عن قضائهما فظاهر كلام الخرقي انهما سواء و هو اختيار التميمي و به قال مالك و الشافعي و أبو ثور و ذكر أبو عبيد أنه قول أكثر أهل المدينة لانهما حقان يجب قضاؤهما من رأس المال لم يختص أحدهما برهن فاستويا كما لو ثبتا ببينة ، و قال أبو الخطاب لا يحاص غرماء الصحة و قال القاضي هو قياس المذهب لنص احمد في المفلس انه إذا اقر و عليه دين ببينة يبدأ بالدين الذي بالبينة و بهذا قال النخعي و الثوري و أصحاب الرأي لانه اقر بعد تعلق الحق بتركته فوجب ان لا يشارك المقر له من ثبت دينه ببينة كغريم المفلس الذي اقر له بعد الحجر عليه ، و الدليل على تعلق الحق بماله منعه من التبرع و من الاقرار لوارث و لانه محجور عليه و لهذا لا تنفذ هباته و تبرعاته فلم يشارك من أقر له قبل الحجر و من ثبت دينه ببينة كالذي أقر له المفلس ، و إن أقرلهما جميعا في المرض تساويا و لم يقدم السابق منهما لانهما استويا في الحال فأشبها غريمي الصحة
(344)
( مسألة ) ( قال و إن أقر لوارث لم يلزم باقى الورثة قبوله إلا ببينة ) و بهذا قال شريح و أبو هاشم و ابن أذينة و النخعي و يحيى الانصاري و أبو حنيفة و أصحابه و روي ذلك عن القاسم و سالم و قال عطاء و الحسن و إسحاق و أبو ثور يقبل لان من صح الاقرار له في الصحة صح في المرض كالأَجنبي و للشافعي قولان كالمذهبين و قال مالك يصح إلا إذا لم يتهم و يبطل إن اتهم كمن له بنت و ابن عم فأقر لابنته لم يقبل و إن أقر لا بن عمه قبل لانه لا يتهم في أنه يزوي ابنته و يوصل المال إلى ابن عمه و علة منع الاقرار التهمة فاختص المنع بموضعها ، و لنا أنه إيصال ماله إلى وارثه بقوله في مرض موته فلم يصح بغير رضى بقية ورثته كهبته و لانه محجور عليه في حقه فلم يصح إقراره له كالصبي في حق جميع الناس و فارق الاجنبي فان هبته له تصح و ما ذكره مالك لا يصح فان التهمة لا يمكن اعتبارها بنفسها فوجب اعتبارها بمظنتها و هو الارث و كذلك اعتبر في الوصية و التبرع و غيرهما ( فصل ) و ان أقر لامرأته بمهر مثلها أو دونه صح في قولهم جميعا لا نعلم فيه مخالفا إلا الشعبي قال لا يجوز إقراره لها لانه إقرار لوارث ، و لنا أنه إقرار بما تحقق سببه و علم وجوده و لم تعلم البراءة منه فأشبه ما لو كان عليه دين ببينة فأقر بأنه لم يوفه و كذلك ان اشترى من وارثه شيئا فأقر له بثمن مثله لان القول قول المقر له في أنه لم يقبض ثمنه ، و إن أقر لامرأته بدين سوى الصداق لم يقبل و إن أقر لها
(345)
ثم أبانها ثم رجع تزوجها و مات في مرضه لم يقبل إقراره لها و قال محمد بن الحسن يقبل لانها صارت إلى حال لا يتهم فيها فأشبه ما لو أقر المريض ثم برأ ، و لنا أنه إقرار لوارث في مرض الموت أشبه ما لو لم يبنها ، و فارق ما إذا صح من مرضه لانه لا يكون مرض الموت ( فصل ) و إن أقر لوارث فصار وارث كرجل أقر لاخيه و لا ولد له ثم ولد له ابن لم يصح إقراره له و إن أقر لغير وارث ثم صار وارثا صح إقراره له نص عليه أحمد في رواية ابن منصور إذا أقر لامرأة بدين في المرض ثم تزوجها جاز إقراره لانه متهم و حكي له قول سفيان في رجل له ابنان فأقر لاحدهما بدين في مرضه ثم مات الابن و ترك ابنا و الاب حي ثم مات بعد ذلك جاز إقراره فقال أحمد لا يجوز و بهذا قال عثمان البتي و ذكر أبو الخطاب رواية أخرى في الصورتين مخالفة لما قلنا و هو قول سفيان الثوري و الشافعي لانه معنى يعتبر فيه عدم الميراث فكان الاعتبار فيه بحالة الموت كالوصية ، و لنا أنه قول تعتبر فيه التهمة فاعتبرت حال وجوده دون غيره كالشهادة و لانه إذا أقر لغير
(346)
وارث ثبت الاقرار و صح لوجوده من أهله خاليا عن تهمة فيثبت الحق به و لم يوجد مسقط له فلا يسقط و إذا أقر لوارث وقع باطلا لا قتر ان التهمة به فلا يصح بعد ذلك و لانه اقرار لوارث فلم يصح كما لو استمر الميراث و ان أقر لغير وارث صح و استمر كما لو استمر عدم الارث أما الوصية فانها عطية بعد الموت فاعتبرت فيها حالة الموت بخلاف مسئلتنا ( فصل ) و ان أقر لوارث و أجنبي بطل في حق الوارث و صح في حق الاجنبي و يحتمل أن لا يصح في حق الاجنبي كما لو شهد بشهادة يجر إلى نفسه بعضها بطلت شهادته في الكل و كما لو شهد لابنه و أجنبي ، و قال أبو حنيفة ان اقر لهما بدين من الشركة فاعترف الاجنبي بالشركة صح الاقرار لهما و ان جحدها صح له دون الوارث ، و لنا أنه إقر لوارث و أجنبي فيصح للاجنبي دون الوارث كما لو أقر بلفظين أو كما لو جحد الاجنبي الشركة ، و يفارق الاقرار الشهادة لقوة الا قرار و لذلك لا تعتبر فيه العدالة ، و لو أقر بشيء له فيه نفع كالاقرار بنسب موسر قبل و لو إقر بشيء يتضمن دعوى على غيره
(347)
قبل فيما عليه دون ماله كما لو قال لامرأته خلعتك على ألف بانت بإقراره و القول قولها في نفي العوض و إن قال لعبده اشتريت نفسك مني بألف فكذلك .( فصل ) و يصح إقرار المريض بوارث في إحدى الروايتين و الاخرى لا يصح لانه إقرار لوارث فأشبه الاقرار له بمال و الاول أصح لانه عند الاقرار وارث فصح كما لو لم يصر وارثا و يمكن بناء هذه المسألة على ما إذا أقر لغير وارث ثم صار وارثا فمن صحح الاقرار ثم صححه ههنا و من أبطله أبطله ، و إن ملك ابن عمه فأقر في مرضه أنه كان أعتقه في صحته و هو أقرب عصبته عتق و لم يرثه لان توريثه يوجب إبطال الاقرار بحريته و إذا بطلت الحرية سقط الارث فصار توريثه سببا إلى إسقاط توريثه فأسقطنا التوريث وحده ، و يحتمل أن يرث لانه حين الاقرار غير وارث فصح إقراره له كالمسألة قبلها .( فصل ) و يصح الاقرار من المريض باحبال الامة لانه يملك ذلك فملك الاقرار به و كذلك كل ما ملكه ملك الاقرار به فإذا أقر بذلك ثم مات فان بين انه استولدها في ملكه فولده حرالاصل و أمه
(348)
أم ولد تعتق من رأس المال و ان قال من نكاح أو وطء شبهة لم تصر الامة أم ولد و عتق الولد فان كان من نكاح فعليه الولاء لانه مسه رق و ان قال من وطء شبهة لم تصر الامة أم ولد و ان لم يتبين السبب فالأَمة مملوكة لان الاصل الرق و لم يثبت سبب الحرية و يحتمل ان تصير أم ولد لان الظاهر استيلادها في ملكه من قبل انها مملوكته و الولادة موجودة و لا ولاء على الولد لان الاصل عدمه فلا يثبت الا بدليل .( فصل ) في الالفاظ التي يثبت بها الاقرار إذا قال : له علي ألف ، أو قال : له لي عليك ألف ، فقال نعم أو أجل أو صدقت أو لعمري أو أنا مقر به أو بما ادعيت أو بدعواك ، كان مقرا في جميع ذلك لان هذه الالفاظ وضعت للتصديق قال الله تعالى ( هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ قالوا نعم ) و ان قال أ ليس لي عندك ألف ؟ قال بلى ، كان اقرارا صحيحا ، لان بلى جواب للسؤال بحرف النفي قال الله تعالى ( ألست بربكم قالوا بلى ) و ان قال لك علي ألف في علمي أو فيما أعلم كان مقرا به لان ما في علمه لا يحتمل الا الوجوب و ان قال اقضني الالف الذي لي عليك قال نعم ، كان مقرا به لانه تصديق
(349)
لما ادعاه ، و ان قال اشتر عبدي هذا أو أعطني عبدي هذا فقال نعم كان اقرارا لما ذكرنا ، و إن قال لك علي ألف إن شاء الله تعالى كان مقرا به نص عليه احمد و قال أصحاب الشافعي ليس بإقرار لانه علق إقراره على شرط فلم يصح كما لو علقه على مشيئة زيد و لان ما علق مشيئة الله تعالى لا سبيل إلى معرفته .و لنا انه وصل إقراره بما يرفعه كله و لا يصرفه إلى الاقرار فلزمه ما أقربه و بطل ما وصله به كما لو قال له علي ألف إلا الفا و لانه عقب الاقرار بما لا يفيد حكما آخر و لا يقتضي رفع الحكم أشبه ما لو قال : له علي ألف في مشيئة الله تعالى ، و إن قال : له علي ألف إلا أن يشاء الله صح الاقرار لانه أقر ثم علق رفع الاقرار على أمر لا يعلم فلم يرتفع و إن قال : لك علي ألف ان شئت أو ان شاء زيد لم يصح الاقرار ، و قال القاضي يصح لانه عقبه بما يرفعه فصح الاقرار دون ما يرفعه كاستثناء الكل و كما لو قال ان شاء الله .و لنا انه علقه على شرط يمكن علمه فلم يصح كما لو قال : له علي ألف ان شهد بها فلان و ذلك لان