( فصل ) إذا أكلت بهيمة حشيش قوم و يد صاحبها عليها لكونه معها ضمن و ان لم يكن معها لم يضمن ما أكلته ، و إذا استعار من رجل بهيمته فأتلفت شيئا و هي في يد المستعير فضمانه على المستعير سواء أتلفت شيئا لمالكها أو لغيره لان ضمانه يجب باليد و اليد للمستعير و ان كانت البهيمة في يد الراعي
(456)
فأتلفت زرعا فالضمان على الراعي دون صاحبها لان إتلافها للزرع في النهار لا يضمن الا بثبوت اليد عليها و اليد للراعي دون المالك فكان الضمان عليه كالمستعير ، و ان كان الزرع للمالك فان كان ليلا ضمن أيضا لان ضمان اليد أقوى بدليل أنه يضمن به في الليل و النهار جميعا
(457)
( فصل ) إذا شهد بالغصب شاهدان فشهد احداهما انه غصبه يوم الخميس و شهد آخر أنه غصبه يوم الجمعة لم تتم البينة و له أن يحلف مع أحدهما ، و ان شهد احدهما انه اقر بالغصب يوم الخميس و شهد
(458)
الآخر انه اقر ببعضه يوم الجمعة ثبتت البينة لان الاقرار و ان اختلف رجع إلى امر واحد ، و ان شهد انه اقر انه غصبه يوم الخميس و شهد الآخر انه غصبه يوم الجمعة لم تثبت البينة ايضا ، و ان شهد له واحد
(459)
و حلف معه ثبت الغصب فلو كان الغاصب حلف بالطلاق انه لم يغصبه لم نوقع طلاقه لان الشاهد و اليمين بينة في المال لا في الطلاق و الله أعلم كتاب الشفعة و هي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه المنتقلة عنه من يد من انتقلت اليه ، و هي ثابتة بالسنة و الاجماع اما السنة فما روي عن جابر رضي الله عنه قال قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت
(460)
الحدود و صرفت الطرق فلا شفعة .متفق عليه و لمسلم قال : قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالشفعة في كل شرك يقسم ربعة أو حائط لا يحل له ان يبيع حتى يستأذن شريكه فان شاء أخذ و ان شاء ترك فان باع و لم يستأذنه فهو احق به .و للبخاري : انما جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود و صرفت الطرق فلا شفعة .و اما الاجماع فقال ابن المنذر اجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من ارض أو دار أو حائط .و المعنى في ذلك ان احد الشريكين إذا أراد ان يبيع نصيبه و تمكن من بيعه لشريكه و تخليصه مما كان بصدده من توقع الخلاص و الاستخلاص فالذي يقتضيه حسن العشرة ان يبيعه منه ليصل إلى غرضه من بيع نصيبه و تخليص شريكه من الضرر فإذا لم يفعل ذلك و باعه لاجنبي سلط الشرع الشريك على صرف ذلك إلى نفسه و لا نعلم احدا خالف هذا الا الاصم فانه قال لا تثبت الشفعة لان في ذلك اضرار بأرباب الاملاك فان المشتري إذا علم انه يؤخذ منه إذا ابتاعه لم يبتعة و يتقاعد الشريك عن الشراء فيستضر المالك و هذا ليس بشيء لمخالفته الآثار الثاتبة و الاجماع المنعقد قبله ، و الجواب عما ذكره من وجهين ( أحدهما ) انا نشاهد الشركاء يبيعون و لا يعدم من يشتري منهم شركائهم و لم يمنعهم استحقاق الشفعة من الشراء ( الثاني ) انه يمكنه إذا لحقته بذلك مشقة ان يقاسم فيسقط استحقاق الشفعة ، و اشتقاق الشفعة من الشفع و هو الزوج فان الشفيع كان نصيبه منفردا في ملكه فبالشفعة يضم المبيع إلى ملكه فيشفعه به و قيل اشتقاقها من الزيادة لان الشفيع يزيد المبيع في ملكه
(461)
( مسألة ) قال أبو القاسم ( و لا يجب الشفعة الاللشريك المقاسم فإذا وقعت الحدود و صرفت الطرق فلا شفعة ) و جملة ذلك ان الشفعة تثبت على خلاف الاصل اذ هي انتزاع ملك المشتري بغير رضاء منه و إجبار له على المعاوضة مع ما ذكره الاصم لكن أثبتها الشرع لمصلحة راجحة فلا تثبت الا بشروط أربعة ( أحدها ) ان يكون الملك مشاعا مقسوم فاما الجار فلا شفعة له و به قال عمر و عثمان و عمر بن عبد العزيز و سعيد بن المسيب و سليمان بن يسار و الزهري و يحيي الانصاري و أبو الزناد و ربيعة و المغيرة بن عبد الرحمن و مالك و الاوزاعي و الشافعي و إسحاق و أبو ثور و ابن المنذر و قال ابن شبرمة و الثوري و ابن ابي ليلي و أصحاب الرأي الشفعة بالشركة ثم بالشركة في الطريق ثم بالجوار ، و قال أبو حنيفة يقدم الشريك فان لم يكن و كان الطريق مشتركا كدرب لا ينفذ تثبت الشفعة لجميع أهل الدرب الاقرب فالأَقرب فان لم يأخذوا ثبتت للملاصق من درب آخر خاصة ، و قال العنبري و سوار تثبت بالشركة في المال و بالشركة في الطريق ، و احتجوا بما روى أبو رافع قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الجار أحق بصقبه ( 1 ) ) رواه البخاري و أبو داود و روى الحسن عن سمرة ان النبي صلى الله عليه و سلم 1 - كذا في الاصل بالصاد و في صحيح البخارى بالسين و معناه القرب يعنى ان الجار بسبب قربه أحق بالشفعة