رجل من الزيدية ـ أراد الفتنةـ: بأي شيء استجزت إنكار إمامة زيد؟ فقال: ظننت عليّ باطلاً وقولي في زيد لا يخالفني فيه أحد من الزيدية. فقال: وما مذهبك فيه؟ قال: إنّي أُثبت من إمامة زيد ما تثبته، وأُنفي ما تنفيه وأقول كان إماماً في العلم والزهد والاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنفي عنه الاِمامة الموجبة لصاحبها العصمة والنصَّ والمعجزة، وهذا ما لا يخالفني عليه أحد من الزيدية، فلم يتمالك من حضر من الزيدية أن شكروه ودعوا له وبطلت حيلة الرجل (1). ولعل الجوّ السائد على مجلس المناظرة ـ كما يظهر من كلام تلميذه الجليل السيد المرتضى ـ لم يسمح للشيخ المفيد، أن ينفي حتى الشق الثاني وهو كونه إماماً مفترضة طاعتـه باختيار الاَُمّة. نعم تضافرت الروايات على بيعة جماعة كثيرة معه لكن متعلق البيعة، هو الجهاد والنضال، وكونه أميره ورائده لا على الاِمامة بعد النجاح واكتساح الاَشواك. نعم أنّ الطائفة الزيدية المتشكلة بعد رحيل الاِمام الثائر زعموا أنّه ادّعى الاِمامة لنفسه وكان الجهاد، لرفع الموانع عن طريق إمامته وحاكميته وقد اغترّوا بظواهر الاَمر، ولم يتدبروا في القرائن الحافة به. وبذلك الزعم ـ صارت الاِمامة عند الاِمامية غيرها عند الزيدية وذلك: إنّ مفهوم الاِمامة لدى الشيعة الاِمامية غيرها لدى الزيدية، فالطائفة الاَُولى تشترط في الاِمام النص والعصمة والمعجزة وكونه أعلم الاَُمّة وأفضلها سواء أقام بالسيف أم لا، وإنّمـا يتبع في القيام والجهاد مصالح الاَُمّة الاِسلامية فهي بين ما يفرض عليه القيام والجهاد أو يفرض عليه إرشاد الاَُمّة عن طريق آخر.