ما عهد ولم يبق إلاّ شيء واحد وهو أن لا يعهد إلى أحد وكان ولده يزيد أُمنيته وقرة عينه، ولما مات الحسن رأى الجو صافياً، فمهد الطريق لتنصيبه والياً من بعده، وقد بذل في طريق أُمنيته أموالاً طائلة لاَصحاب الدنيا من الصحابة والتابعين حتى أرضى طائفة بترغيبه ونقوده، وطائفة أُخرى بتخويفه وترهيبه. نعم بقى هناك لفيف قليل اشتروا سخط المخلوق برضا الخالق فلم يبايعوه بل ثاروا عليه ووبخوا معاوية على نقض عهده، منهم: أبو الشهداء الحسين بن علي فقد جاهر وطرد بيعته وذلك عندما أراد معاوية أخذ البيعة ليزيد فقام وحمد اللّه وصلى على الرسول، فقال بعد كلام: «وفهمت ما ذكرته عن يزيد من اكتماله وسياسته لاَُمّة محمد، تريد أن توهم الناس في يزيد، كأنّك تصف محجوباً، أو تنعت غائباً أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص. وقد دلّ يزيد من نفسه على موقع رأيه، فخذ ليزيد فيما أخذ به ومن استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش، والحمام السبق لاَترابهن، والقينات ذوات المعازف، وضروب الملاهي، تجده ناصراً، ودع عنك لما تحاول فما أغناك أن تلقى اللّه بوزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه»(1)
تسنم معاوية منصة الحكومة فكان يحكم كالقياصرة والاَكاسرة إلى ان أدركته المنية عام ستين وجلس مكانه وليده وربيبه، ونظيره في الخَلق والخُلق، واهتز العالم الاِسلامي حينذاك حيث أحسّوا أنّ إنساناً خمِّيراً وسكّيراً لاعباً بالكلاب والقردة، تصدى للاِمارة وفي الحقيقة للقضاء على الاِسلام والمسلمين باسم الخلافة عن النبي الاَكرم، فعند ذاك تمت الحجّة على الحسين بن علي ـ عليه السلام ـ فجاهر بالخلاف والصمود أمامه حيث تجسد في الزمان قول جده رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _: «إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه وإلاّ فعليه لعنة اللّه» (2)