ثم بين سبحانه الحكم في المشركين بعدانقضاء المدة فقال «فَإِذَا انْسَلَخَالْأَشْهُرُ الْحُرُمُ» قيل هي الأشهرالحرم المعروفة ذو القعدة و ذو الحجة والمحرم و رجب ثلاثة سرد و واحد فرد عنجماعة و قيل هي الأشهر الأربعة التي حرمالقتال فيها و جعل الله للمشركين أنيسيحوا في الأرض آمنين على ما ذكرناه مناختلاف المفسرين فيها و على هذا فمنهم منقال معناه فإذا انسلخ الأشهر بانسلاخالمحرم لأن المشركين من كان منهم لهم عهدأمهلوا أربعة أشهر من حين نزلت براءة ونزلت في شوال و من لا عهد لهم فأجلهم من يومنزول النداء و هو يوم عرفة أو يوم النحرإلى تمام الأشهر الحرم و هي بقية ذي الحجةو المحرم كله فيكون ذلك خمسين يوما فإذاانقضت هذه الخمسون يوما انقضى الأجلان وحل قتالهم سواء كان لهم عهد خاص أو عام ومنهم من قال معناه إذا انسلخ الأشهرالأربعة التي هي عشرون من ذي الحجة والمحرم و صفر و شهر ربيع الأول و عشر من شهرربيع الآخر إذ حرمنا فيها دماء المشركين وجعلنا لهم أن يسيحوا فيها آمنين«فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُوَجَدْتُمُوهُمْ» أي فضعوا السيف فيهمحيث كانوا في الأشهر الحرم و غيرها في الحلأو في الحرم و هذا ناسخ لكل آية وردت فيالصلح و الإعراض عنهم «وَ خُذُوهُمْ» قيلفيه تقديم و تأخير و تقديره فخذواالمشركين حيث وجدتموهم و اقتلوهم و قيلليس فيه تقديم و تأخير و تقديره فاقتلواالمشركين حيث وجدتموهم أو خذوهم و احصروهمعلى وجه التخيير في اعتبار الأصلح منالأمرين و قوله «وَ احْصُرُوهُمْ» معناه واحبسوهم و استرقوهم أو فادوهم بمال و قيل وامنعوهم دخول مكة و التصرف في بلادالإسلام «وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّمَرْصَدٍ» أي بكل طريق و بكل مكان تظنونأنهم يمرون فيه و ضيقوا المسالك عليهملتمكنوا من أخذهم و قوله «لَهُمْ» معناهلقتلهم و أسرهم «فَإِنْ تابُوا» أي رجعوامن الكفر و انقادوا للشرع «وَ أَقامُواالصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ» أي قبلواإقامة الصلاة و إيتاء الزكاة لأن عصمةالدم لا تقف على إقامة الصلاة و أداءالزكاة فثبت أن المراد به القبول«فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ» أي دعوهميتصرفون في بلاد الإسلام لهم ما للمسلمينو عليهم ما عليهم و قيل معناه فخلوا سبيلهمإلى البيت أي دعوهم يحجوا معكم «إِنَّاللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» و استدلوا بهذهالآية على أن من ترك الصلاة متعمدا يجبقتله لأن الله تعالى أوجب الامتناع من قتلالمشركين بشرط أن يتوبوا و يقيموا