مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 5
لطفا منتظر باشید ...
إلى نور الإيمان و قيل معناه و لا يرضوالأنفسهم بالخفض و الدعة و رسول الله فيالحر و المشقة يقال رغبت بنفسي عن هذاالأمر أي ترفعت عنه بل عليهم أن يجعلواأنفسهم وقاية للنبي (ص) «ذلِكَ» أي ذلكالنهي لهم و الزجر عن التخلف «بِأَنَّهُمْلا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ» أي عطش «وَ لانَصَبٌ» أي و لا تعب في أبدانهم «وَ لامَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» أي و لامجاعة و هي شدة الجوع في طاعة الله «وَ لايَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُالْكُفَّارَ» أي لا يضعون أقدامهم موضعايغيظ الكفار وطؤهم إياه يعني دار الحربفإن الإنسان يغيظه و يغضبه إن يطأ غيرهموضعه «وَ لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّنَيْلًا» أي و لا يصيبون من المشركين أمرامن قتل أو جراحة أو مال أو أمر يغمهم ويغيظهم «إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِعَمَلٌ صالِحٌ» و طاعة رفيعة «إِنَّاللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَالْمُحْسِنِينَ» أي الذين يفعلون الأفعالالحسنة التي يستحق بها المدح و الثواب و فيهذا تحريض على الجهاد و أعمال الخير «وَ لايُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَ لاكَبِيرَةً» أي و لا ينفقون في الجهاد و لافي غيره من سبل الخير و المعروف نفقة قليلةو لا كثيرة يريدون بذلك إعزاز دين الله ونفع المسلمين و التقرب بذلك إلى اللهتعالى «وَ لا يَقْطَعُونَ وادِياً» أي ولا يجاوزون واديا «إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ»ثواب ذلك «لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُأَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» أي يكتبطاعاتهم ليجزيهم عليها بقدر استحقاقهم ويزيدهم من فضله حتى يصير الثواب أحسن وأكثر من عملهم و قيل إن الأحسن من صفةفعلهم لأن الأعمال على وجوه واجب و مندوب ومباح و إنما يجازي على الواجب و المندوبدون المباح فيقع الجزاء على أحسن الأعمالو قيل معناه ليجزيهم الله أحسن ما كانوايعملون قال ابن عباس يرضيهم بالثواب ويدخلهم الجنة بغير حساب و الآيتان تدلانعلى وجوب الجهاد مع رسول الله (ص) و حظرالتخلف عنه و قد اختلف في ذلك فقيل المرادبذلك جميع من دعاه النبي (ص) إلى الجهاد وهو الصحيح و قيل المراد به أهل المدينة ومن حولها من الأعراب ثم اختلف فيه من وجهآخر فقيل إنه خاص في النبي (ص) ليس لأحد أنيتخلف عنه في الجهاد إلا لعذر فأما غيره منالأئمة فيجوز التخلف عنه عن قتادة و قيل إنذلك لأول هذه الأمة و آخرها من المجاهدينفي سبيل الله عن الأوزاعي و ابن المبارك وقيل إن هذا كان في ابتداء الإسلام و فيأهله قلة فأما الآن و قد كثر الإسلام وأهله فإنه منسوخ بقوله «وَ ما كانَالْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً»الآية عن ابن زيد و هذا هو الأقوى لأنه لاخلاف أن الجهاد من فروض الكفايات فلو لزمكل أحد لصار من فروض الأعيان.