مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 5
لطفا منتظر باشید ...
ذلك نفرا لما فيه من مجاهدة أعداء الدينقال القاضي أبو عاصم و في هذا دليل علىاختصاص الغربة بالتفقه و أن الإنسان يتفقهفي الغربة ما لا يمكنه ذلك في الوطن ثم بينسبحانه ما يجب تقديمه فقال «يا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَيَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ» أي قاتلوامن قرب منكم من الكفار الأقرب منهمفالأقرب في النسب و الدار و قال الحسن كانهذا قبل الأمر بقتال المشركين كافة و قالغيره هذا الحكم قائم الآن لأنه لا ينبغيلأهل كل بلد أن يخرجوا إلى قتال الأبعد ويدعوا الأقرب و الأدنى لأن ذلك يؤدي إلىالضرر و ربما يمنعهم ذلك عن المضي فيوجهتهم إلا أن يكون بينهم و بين الأقربموادعة فلا بأس حينئذ بمجاوزة الأقرب إلىالأبعد على ما يراه المتولي لأمورالمسلمين و لو قال سبحانه قاتلوا الأبعدفالأبعد لكان لا يصح لأنه لا حد للأبعديبتدئ منه كما للأقرب و في هذا دلالة علىأنه يجب على أهل كل ثغر الدفاع عن أنفسهمإذا خافوا على بيضة الإسلام و إن لم يكنهناك إمام عادل و قال ابن عباس أمروا أنيقاتلوا الأدنى فالأدنى من عدوهم مثلقريظة و النضير و خيبر و فدك و قال ابن عمرأنهم الروم لأنهم سكان الشام و الشام أقربإلى المدينة من العراق و كان الحسن إذا سئلعن قتال الروم و الترك و الديلم تلا هذهالآية «وَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً»أي شجاعة عن ابن عباس و قيل شدة عن مجاهد وقيل صبرا على الجهاد عن الحسن و المعنى وليحسوا منكم بضد اللين و خلاف الرقة و هوالعنف و الشدة ليكون زجرا لهم «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَالْمُتَّقِينَ» عن الشرك أي معينهم وناصرهم و من كان الله ناصره لم يغلبه أحدفأما إذا نصره سبحانه بالحجة فإنه يجوز أنيغلب بالحرب لضرب من المحنة و شدة التكليفثم عاد الكلام إلى ذكر المنافقين فقالسبحانه «وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ»في القرآن «فَمِنْهُمْ» أي من المنافقين«مَنْ يَقُولُ» على وجه الإنكار أي يقولبعضهم لبعض «أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ»السورة «إِيماناً» و قيل معناه يقولالمنافقون للمؤمنين الذين في إيمانهم ضعفأيكم زادته هذه السورة إيمانا أي يقينا وبصيرة «فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوافَزادَتْهُمْ إِيماناً» معناه فأماالمؤمنون المخلصون فزادتهم تصديقابالفرائض مع إيمانهم بالله عن ابن عباس ووجه زيادة الإيمان أنهم كانوا مؤمنين بماقد نزل من قبل و آمنوا بما أنزل الآن «وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ» أي يسرون و يبشربعضهم بعضا قد تهللت وجوههم و فرحوابنزولها «وَ أَمَّا الَّذِينَ فِيقُلُوبِهِمْ مَرَضٌ» أي شك و نفاق«فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىرِجْسِهِمْ» أي نفاقا و كفرا إلى نفاقهم وكفرهم لأنهم يشكون في هذه السورة كما شكوافيما تقدمها من السورة فذلك هو الزيادة وسمي الكفر رجسا على وجه الذم له و أنه يجبتجنبه كما يجب تجنب الأرجاس و أضافالزيادة إلى السورة لأنهم يزدادون عندهارجسا و مثله كفى بالسلامة داء و قولالشاعر: " و حسبك داء أن تصح و تسلما" «وَ ماتُوا