«أَ وَ لا يَرَوْنَ» الواو للعطف دخلتعليها همزة الاستفهام و يحتمل الرؤية أنتكون المتعدية إلى مفعولين و أن تكون منرؤية العين فإذا كانت المتعدية إلىالمفعولين يسدان مسدهما و إن كانت من رؤيةالعين يكون أبلغ «ما عَنِتُّمْ» ما مصدريةو تقديره عزيز عليه عنتكم فهو في موضع رفعبعزيز و قوله «لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» جملةفي موضع الحال و تقديره حسبي الله مستحقالإخلاص العبادة و الإقرار بالوحدانية و جرالقراء كلهم العظيم على أنه صفة العرش و لوقرئ بالرفع على أن يكون صفة لرب العرشلجاز.
المعنى
ثم نبه سبحانه على إعراض المنافقين عنالنظر و التدبر لما ينبغي أن ينظروا ويتدبروا فيه فقال «أَ وَ لا يَرَوْنَ» أي أو لا يعلم هؤلاء المنافقون و قيل معناه أ ولا يبصرون «أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ» أييمتحنون «فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْمَرَّتَيْنِ» أي دفعة أو دفعتين بالأمراضو الأوجاع و هو رائد الموت «ثُمَّ لايَتُوبُونَ» أي لا يرجعون عن كفرهم «وَ لاهُمْ يَذَّكَّرُونَ» أي لا يتذكرون نعمالله عليهم و قيل يمتحنون بالجهاد مع رسولالله (ص) و ما يرون من نصرة الله رسوله و ماينال أعداؤه من القتل و السبي عن ابن عباسو الحسن و قيل بالقحط و الجوع عن مجاهد وقيل بهتك أستارهم و ما يظهر من خبث سرائرهمعن مقاتل و قيل بالبلاء و الجلاء و منعالقطر و ذهاب الثمار عن الضحاك «وَ إِذا ماأُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْإِلى بَعْضٍ» معناه و إذا أنزلت سورة منالقرآن و هم حضور عند النبي (ص) كرهوا مايسمعونه و نظر بعضهم إلى بعض نظرا يؤمنونبه «هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ» و إنمايفعلون ذلك لأنهم منافقون يحذرون أن يعلمبهم فكأنهم يقول بعضهم لبعض «هَلْيَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ» ثم يقومونفينصرفون و إنما يفعلون ذلك مخافة أن تنزلآية تفضحهم و كانوا لا يقولون ذلكبألسنتهم و لكن ينظرون نظر من يقول لغيرهذلك القول فكأنه يقول ذلك و قيل معناه أنالمنافقين كان ينظر بعضهم إلى بعض نظرتعنت و طعن في القرآن ثم يقولون هل يراناأحد من المسلمين فإذا تحقق لهم أنه لايراهم أحد من المسلمين بالغوا فيه و إنعلموا أنهم يراهم واحد منهم كفوا عنه«ثُمَّ انْصَرَفُوا» أي انصرفوا عنالمجلس و قيل انصرفوا عن الإيمان به«صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ» عن الفوائدالتي يستفيدها المؤمنون و السرور بها وحرموا الاستبشار بتلك الحال و قيل معناهصرف الله قلوبهم عن رحمته و ثوابه عقوبةلهم على انصرافهم عن الإيمان بالقرآن و عنمجلس