مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 5
لطفا منتظر باشید ...
و لا اختلاف و قيل تلك أي هذه السور آياتالكتاب الحكيم أي اللوح المحفوظ و سماهمحكما لأنه ناطق بالحكمة و قيل لأنه جمعالعلوم و الحكمة و قيل إنما وصف الكتاببالحكيم لأنه دليل على الحق كالناطقبالحكمة و لأنه يؤدي إلى المعرفة التيتميز بها طريق الهلاك من طريق النجاة «أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْناإِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِالنَّاسَ» هذه ألف استفهام المراد بهالإنكار و قيل إن المراد بالناس هنا أهلمكة قالوا نعجب أن الله سبحانه لم يجدرسولا يرسله إلى الناس إلا يتيم أبي طالب والتقدير أ كان إيحاؤنا إلى رجل من الناسبأن ينذرهم عجبا و معناه لما ذا تعجبون أنأوحينا إلى رجل منهم و ليس هذا موضع التعجببل هو الذي كان يجب فعله عند كل العقلاءفإن الله تعالى لما أكمل لعباده عقولهم وكلفهم معرفته و أداء شكره و علم أنهم لايصلحون و لا يقومون بذلك الإبداع يدعوهمإليه و منبه ينبههم عليه وجب في الحكمة أنيفعل ذلك ثم بين سبحانه الوجه الذي لأجلهبعث و ما الذي أوحى إليه فقال «أَنْأَنْذِرِ النَّاسَ» أي أخبرهم بالعذاب وخوفهم به «وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواأَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَرَبِّهِمْ» أي عرفهم ما فيه الشرف والخلود في نعيم الجنة على وجه الإكرام والإجلال لصالح الأعمال و قيل «أَنَّلَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ» أي أجرا حسنا ومنزلة رفيعة بما قدموا من أعمالهم عن ابنعباس و روي عنه أيضا أن المعنى سبقت لهمالسعادة في الذكر الأول و يؤيده قولهإِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّاالْحُسْنى الآية و قيل هو تقديم اللهتعالى إياهم في البعث يوم القيامة بيانه قوله (ع) نحن الآخرون السابقون يومالقيامة و قيل أن القدم اسم للحسنى من العبد و اليداسم للحسنى من السيد للفرق بين السيد والعبد و قيل إن معنى قدم صدق شفاعة محمد (ص) لهم يومالقيامة عن أبي سعيد الخدري و هو المروي عنأبي عبد الله (ع) «قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌمُبِينٌ» يعنون النبي أي قالوا هذا ساحرمظهر للسحر و ما أتى به سحر بين على اختلافالقراءتين و السحر فعل يخفى وجه الحيلةفيه حتى يتوهم أنه معجز و هذا يدل علىعجزهم عن معارضة القرآن و لذلك عدلوا إلىوصفه بالسحر.