مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 5
لطفا منتظر باشید ...
المنزلة في القرآن «بَيِّناتٍ» أي واضحاتفي الحلال و الحرام و سائر الشرائع و هينصب على الحال «قالَ الَّذِينَ لايَرْجُونَ لِقاءَنَا» أي لا يؤمنونبالبعث و النشور فلا يخشون عقابنا و لايطمعون في ثوابنا «ائْتِ بِقُرْآنٍغَيْرِ هذا» الذي تتلوه علينا «أَوْبَدِّلْهُ» فاجعله على خلاف ما تقرؤه والفرق بينهما أن الإتيان بغيره قد يكونمعه و تبديله لا يكون إلا برفعه و قيل معنىقوله «بَدِّلْهُ» غير أحكامه من الحلال أوالحرام أرادوا بذلك زوال الخطر عنهم وسقوط الأمر منهم و أن يخلى بينهم و بين مايريدونه «قُلْ» يا محمد «ما يَكُونُ لِيأَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي»أي من جهة نفسي و ناحية نفسي و لأنه معجزفلا أقدر على الإتيان بمثله «إِنْأَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ» أيما أتبع إلا الذي أوحي إلى «إِنِّي أَخافُإِنْ عَصَيْتُ رَبِّي» في اتباع غيره«عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» أي يوم القيامة ومن استدل بهذه الآية على أن نسخ القرآنبالسنة لا يجوز فقد أبعد لأنه إذا نسخالقرآن بالسنة و ما يقوله النبي (ص) فإنهيقوله بالوحي من الله فلم ينسخ القرآن و لميبدله من قبل نفسه بل يكون تبديله من قبلالله تعالى و لكن لا يكون قرآنا و يؤيد ذلكقوله «وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْهُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى» «قُلْ» يامحمد «لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُعَلَيْكُمْ» معناه لو شاء الله ما تلوتهذا القرآن عليكم بأن كان لا ينزله علي «وَلا أَدْراكُمْ بِهِ» أي و لا أعلمكم اللهبه بأن لا ينزله علي فلا أقرؤه عليكم فلاتعلمونه «فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْعُمُراً مِنْ قَبْلِهِ» أي فقد مكثت وأقمت بينكم دهرا طويلا من قبل إنزالالقرآن فلم أقرأه عليكم فلا تعلمونه و لاادعيت نبوة حتى أكرمني الله تعالى به «أَفَلا تَعْقِلُونَ» أي أ فلا تتفكرون فيهبعقولكم فتعلموا أن المصلحة فيما أنزلهالله تعالى دون ما تقرءونه قال علي بن عيسىالعقل هو العلم الذي يمكن به الاستدلالبالشاهد على الغائب و الناس يتفاضلون فيهبالأمر المتفاوت فبعضهم أعقل من بعض إذاكان أقدر على الاستدلال من بعض «فَمَنْأَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَىاللَّهِ» أي لا أحد أظلم ممن اخترع علىالله «كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِإِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ» أيالمشركون عن الحسن فإن قيل أ ليس من ادعىالربوبية أعظم ظلما من المدعي للنبوة قلناإن المراد بقوله «مِمَّنِ افْتَرى عَلَىاللَّهِ كَذِباً» من كفر بالله تعالى فقددخل فيه من ادعى الربوبية و غيره من أنواعالكفار فكأنه قال لا أحد أظلم من الكافر.