مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 5
لطفا منتظر باشید ...
فضرب جعلوا لله شريكا في ملكه يضاده ويناوئه و هم الثنوية و المجوس ثم اختلفوافمنهم يثبت لله شريكا قديما كالمانوية ومنهم من يثبت شريكا محدثا كالمجوس و ضربآخر لا يجعل لله شريكا في حكمه و ملكه و لكنيجعل له شريكا في العبادة يكون متوسطابينه و بين الصانع و هم أصحاب المتوسطات ثماختلفوا فمنهم من جعل الوسائط من الأجسامالعلوية كالنجوم و الشمس و القمر و منهم منجعل المتوسط من الأجسام السفلية كالأصنامو نحوها تعالى الله عما يقول الزائغون عنسبيله علوا كبيرا «فَذلِكُمُ اللَّهُ»ذلك إشارة إلى اسم الله تعالى الذي وصفه فيالآية الأولى بأنه الذي يرزق الخلق و يخرجالحي من الميت و يخرج الميت من الحي والكاف و الميم للمخاطبين و هم جميع الخلقأخبر سبحانه أن الذي يفعل هذه الأشياء«رَبُّكُمُ الْحَقُّ» الذي خلقكم ومعبودكم الذي له معنى الإلهية و يحق لهالعبادة دون غيره من الأصنام و الأوثان«فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّاالضَّلالُ» استفهام يراد به التقرير علىموضع الحجة إذا لا يجد المجيب محيدا عنالإقرار به إلا بذكر ما لا يلتفت إليه والمراد به ليس بعد الذهاب عن الحق إلاالوقوع في الضلال لأنه ليس بينهما واسطةفإذا ثبت أن عبادة ما سواه باطل و ضلال«فَأَنَّى تُصْرَفُونَ» أي فكيف تعدلونعن عبادته مع وضوح الدلالة على أنه لامعبود سواه «كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُرَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواأَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ» معناه أنالوعيد من الله تعالى للكفار بالنار فيالصحة كالقول بأنه ليس بعد الحق إلاالضلال و قيل إن معناه مثل انصرافهم عنالإيمان وجبت العقوبة لهم أي جازاهم ربهمبمثل ما فعلوا من الانصراف و هذا في قومعلم الله تعالى أنهم لا يؤمنون و معناه سبقعلم ربك في هؤلاء أنهم لا يؤمنون و قيلمعنى قوله «أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ» أولأنهم لا يؤمنون أي وجبت العقوبة عليهملذلك.