قد بينا الوجه في سحار و ساحر في سورةالأعراف و أما قوله «السِّحْرُ» فإن ما فيقوله «ما جِئْتُمْ بِهِ» في موضع رفعبالابتداء و جئتم في موضع رفع بأنه خبرالمبتدأ و الكلام استفهام و السحر بدل منما المبتدأ و لزم أن يلحق السحر الاستفهامليساوي المبدل منه في أنه استفهام أ لا ترىأنه ليس في قولك السحر استفهام و على هذاقالوا كم مالك أ عشرون أم ثلاثون فجعلتالعشرون و الثلاثون بدلا من كم و ألحقت أملأنك في قولك كما درهما ما لك مدع أن لهمالا كما أنك في قولك أ عشرون أم ثلاثون مالك مدع أحد الشيئين و لا يلزم أن تضمرللسحر خبرا على هذا لأنك إذا أبدلت منالمبتدأ صار في موضعه و صار ما كان خبرالما أبدلت منه في موضع خبر البدل و من قرأ«ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ» كان ما فيقوله موصولا و جئتم به الصلة و الهاءالمجرورة عائدة على الموصول و خبر المبتدأالذي هو الموصول السحر و مما يقوي هذاالوجه ما زعموا أنه في حرف عبد الله ماجئتم به سحر فعلى هذا يكون تقديره الذيجئتم به السحر و على الوجه الأول و هو أنيكون ما استفهاما فتقديره أي شيء جئتمالسحر و أما وجه الاستفهام مع علم موسى أنهسحر فإنه مثل قوله «أَ أَنْتَ قُلْتَلِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّيإِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ» في أنهللتقرير.
المعنى
«وَ قالَ فِرْعَوْنُ» حكى الله سبحانه عنفرعون أنه حين أعجزه المعجزات التي ظهرتلموسى (ع) و لم يكن له في دفعها حيلة قاللقومه «ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍعَلِيمٍ» بالسحر بليغ في عمله و إنما طلبفرعون كل ساحر ليتعاونوا على دفع ما أتى بهموسى و حتى لا يفوته شيء من السحر بتأخربعضهم و إنما فعل ذلك للجهل بأن ما أتى بهموسى من عند الله و ليس بسحر و بعد ذلك علمأنه ليس بسحر فعائد كما قال سبحانه«لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِإِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِبَصائِرَ» و قيل أنه علم أنه ليس بسحر ولكنه ظن أن السحر يقاربه مقاربة تشبيه«فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ» الذين طلبهمفرعون و أمر بإحضارهم و موسى حاضر «قالَلَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْمُلْقُونَ» و في الكلام حذف يدل عليهالظاهر و تقديره فلما أتوه بالسحرة وبالحبال و العصي قال لهم موسى «أَلْقُواما أَنْتُمْ مُلْقُونَ» أي اطرحوا ما جئتمبه و قيل معناه افعلوا ما أنتم فاعلون وهذا ليس بأمر بالسحر و لكنه قال ذلك علىوجه التحدي و الإلزام أي من كان عنده مايقاوم المعجزات فليلقه و قيل أنه أمر علىالحقيقة بالإلقاء ليظهر بطلانه و إنما لميقتصر على قوله «أَلْقُوا» لأنه أرادألقوا جميع ما أنتم ملقون في المستأنف فلواقتصر على ألقوا ما أفاد هذا المعنى والإلقاء إخراج الشيء عن اليد إلى جهةالأرض و يشبه بذلك قولهم ألقي عليه مسألة وألقى عليه رداه «فَلَمَّا أَلْقَوْا» أي