ثم بين سبحانه مآل آل فرعون و قومه فقال«وَ جاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَالْبَحْرَ» أي عبرنا بهم البحر حتى جاوزوهسالمين بأن يبسنا لهم البحر و فرقنا لهمالماء اثني عشر فرقا «فَأَتْبَعَهُمْفِرْعَوْنُ وَ جُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً» أي ليبغوا عليهم و يظلموهم و ذلكأن الله سبحانه لما أجاب دعاء موسى أمرهبإخراج بني إسرائيل من مصر ليلا فخرج وتبعهم فرعون و جنوده مشرقين حتى انتهواإلى البحر و أمر الله سبحانه موسى (ع) فضربالبحر بعصاه فانفلق اثني عشر فرقا و صارلكل سبط طريق يابس فارتفع بين كل طريقينالماء كالجبل و صار في الماء شبه الخروقفجعل بعضهم ينظر إلى بعض فلما وصل فرعونبجنوده إلى البحر رأوا البحر بتلك الهيأةفهابوا دخول البحر و كان فرعون على حصانأدهم فجاء جبرائيل (ع) على فرس وديق و خاضالبحر و ميكائيل يسوقهم فلما شم أدهمفرعون ريح فرس جبريل (ع) انسل خلفه في الماءو اقتحمت الخيول خلفه فلما دخل آخرهمالبحر و هم أولهم أن يخرج انطبق الماءعليهم «حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُالْغَرَقُ» أي وصل إليه الغرق و أيقنبالهلاك «قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَإِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُواإِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَالْمُسْلِمِينَ» و كان ذلك إيمان إلجاء لايستحق به الثواب فلم ينفعه إيمانه «آلْآنَوَ قَدْ عَصَيْتَ» قيل فيه إضمار أي قيل لهالآن آمنت حين لا ينفع الإيمان و لا يقبللأنه حال الإلجاء «وَ قَدْ عَصَيْتَ» بتركالإيمان في حال ما ينفعك الإيمان فهلاآمنت «قَبْلُ» و ذلك «وَ كُنْتَ مِنَالْمُفْسِدِينَ» في الأرض بقتل المؤمنينو ادعاء الإلهية و أنواع الكفر و اختلف فيقائل هذا القول فقيل قاله جبريل (ع) و قيلذلك كلام الله تعالى قاله له على وجهالإهانة و التوبيخ و كان ذلك معجزة لموسى(ع) و روى علي بن إبراهيم بن هاشم بإسناده عنالصادق (ع) قال ما أتى جبريل رسول الله (ص)إلا كئيبا حزينا و لم يزل كذلك منذ أهلكالله فرعون فلما أمر الله سبحانه بنزولهذه الآية نزل و هو ضاحك مستبشر فقال لهحبيبي جبريل ما أتيتني إلا و بينت الحزن فيوجهك حتى الساعة قال نعم يا محمد لما غرقالله فرعون «قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لاإِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِبَنُوا إِسْرائِيلَ» فأخذت حمأة فرضعتهافي فيه ثم قلت له «آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَقَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ»ثم خفت أن تلحقه الرحمة من عند اللهفيعذبني على ما فعلت فلما كان الآن و أمرنيأن أؤدي إليك ما قلته أنا لفرعون آمنت وعلمت أن ذلك