مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 5
لطفا منتظر باشید ...
هاهنا محذوفا و تقديره أ يكذبونك فيماأتيتهم به من القرآن أم يقولون افتريتهعلى ربك و حذف لدلالة ما أبقي على ما ألقي وعلى هذا فيكون أم هذه هي متصلة «قُلْ» يامحمد لهم «فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍمِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ» أي إن كان هذامفترى على الله كما زعمتم فأتوا أنتم بعشرسور مثله في النظم و الفصاحة مفتريات علىزعمكم فإن القرآن نزل بلغتكم و قد نشأت أنابين أظهركم فإن لم يمكنكم ذلك فاعلموا أنهمن عند الله تعالى و هذا صريح في التحدي وفيه دلالة على جهة إعجاز القرآن و أنها هيالبلاغة و الفصاحة في هذا النظم المخصوصلأنه لو كان جهة الإعجاز غير ذلك لما قنعفي المعارضة بالافتراء و الاختلاق لأنالبلاغة ثلاث طبقات فأعلى طبقاتها معجز وأدناها و أوسطها ممكن فالتحدي في الآيةإنما وقع في الطبقة العليا منها و لو كانوجه الإعجاز الصرفة لكان الركيك من الكلامأبلغ في باب الإعجاز و المثل المذكور فيالآية لا يجوز أن يكون المراد به مثله فيالجنس لأن مثله في الجنس يكون حكايته فلايقع بها التحدي و إنما يرجع ذلك إلى ما هومتعارف بين العرب في تحدي بعضهم بعضا كمااشتهر من مناقصات امرئ القيس و علقمة وعمرو بن كلثوم و الحرث بن حلزة و جرير والفرزدق و غيرهم و قوله «وَ ادْعُوا مَنِاسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْكُنْتُمْ صادِقِينَ» معناه ادعوهمليعينوكم على معارضة القرآن إن كنتمصادقين في قولكم إني افتريته و يريد بقوله«مَنِ اسْتَطَعْتُمْ» من خالف نبينامحمدا من جميع الأمم و هذا غاية ما يمكن فيالتحدي و المحاجة و فيه الدلالة الواضحةعلى إعجاز القرآن لأنه إذا ثبت أن النبي (ص)تحداهم به و أوعدهم بالقتل و الأسر بعد أنعاب دينهم و آلهتهم و ثبت أنهم كانوا أحرصالناس على إبطال أمره حتى بذلوا مهجهم وأموالهم في ذلك فإذا قيل لهم افتروا أنتممثل هذا القرآن و أدحضوا حجته و ذلك أيسر وأهون عليكم من كل ما تكلفتموه فعدلوا عنذلك و صاروا إلى الحرب و القتل و تكلفالأمور الشاقة فذلك من أدل الدلائل علىعجزهم إذ لو قدروا على معارضته مع سهولةذلك عليهم لفعلوه لأن العاقل لا يعدل عنالأمر السهل إلى الصعب الشاق مع حصولالغرض بكل واحد منهما فكيف و لو بلغوا غايةأمانيهم في الأمر الشاق و هو قتله (ص) لكانلا يحصل غرضهم من إبطال أمره فإن المحقق قديقتل فإن قيل لم ذكر التحدي مرة بعشر سور ومرة بحديث مثله فالجواب أن التحدي إنمايقع بما يظهر فيه الإعجاز من منظوم الكلامفيجوز أن يتحدى مرة بالأقل و مرة بالأكثر«فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ» قيلأنه خطاب للمسلمين و المراد فإن لم يجبكمهؤلاء الكفار إلى الإتيان بعشر سور مثلهمعارضة لهذا القرآن «فَاعْلَمُوا» أيهاالمسلمون «أَنَّما أُنْزِلَ» القرآن«بِعِلْمِ اللَّهِ» عن مجاهد و اختارهالجبائي و قيل هو خطاب للكفار و تقديره فإنلم يستجب لكم من تدعونهم