يستعمل كل واحد مكان الآخر و جاز في اسمالفاعل أن يكون ظرفا كما جاز في فعيل نحوقريب و مليء لأن فاعلا و فعيلا يتعاقبانعلى المعنى نحو عالم و عليم و شاهد و شهيد وحسن ذلك إضافته إلى الرأي و قد أجرواالمصدر أيضا في إضافته إليه في قولهم أماجهد رأي فإني منطلق فهذا لا يكون إلا ظرفاو فعل إذا كان مصدرا و فاعل قد يتفقان فيأشياء و قد يجوز في قول من همز فقال باديالرأي إذا خفف الهمز أن يقول بادي الرأيفيقلب الهمزة ياء لانكسار ما قبلها فيكونكقولهم مير في جمع ميرة و ذيب في جمع ذيبة والعامل في هذا الظرف هو قولك اتبعكالتقدير ما اتبعك في أول رأيهم أو فيما ظهرمن رأيهم إلا أراذلنا فأخر الظرف و أوقعبعد إلا الظرف و لو كان بدل الظرف غيره لميجز أ لا ترى أنك لو قلت ما أعطيت أحدا إلازيدا درهما فأوقعت بعد إلا اسمين لم يجزلأن الفعل أو معنى الفعل في الاستثناء يصلإلى ما انتصب به بتوسط الحرف و لا يصلالفعل بتوسط الحرف إلى أكثر من مفعول أ لاترى أنك إذا قلت استوى الماء و الخشبةفنصبت الخشبة لم يجز أن تتبعه اسما آخرتنصبه فكذلك المستثنى إذا ألحقته إلا وأوقعت بعدها اسما مفردا لم يجز أن تتبعهآخر و لو قلت ما ضرب القوم إلا بعضهم بعضالم يجز و تصحيحها ما ضرب القوم أحدا إلابعضهم بعضا تبدل الاسمين بعد إلا منالاسمين قبلها قال جامع العلوم البصيرالنحوي إن أبا علي حمل «بادِيَ الرَّأْيِ»هنا على أنه ظرف لما قبله ثم رجع عن مثله فيقوله «وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْيُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْمِنْ وَراءِ حِجابٍ» فحمله على فعل آخر دلعليه يكلمه على تقدير أو يكلمه الله منوراء حجاب قال و الظرف في الآيتين عندنامحمول على الفعل قبل إلا لأن الظرف قديكتفي فيه برائحة الفعل انتهى كلامه وأقول إن ما قاله فيه نظر لأن أبا علي قال فيتلك الآية لا يعمل ما قبل الاستثناء إذاكان كلاما تاما فيما بعده و ليس ما قبل إلافي هذه الآية كلاما تاما فإن قوله«الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا» فاعل لقوله«اتَّبَعَكَ» فلذلك فرق بين الموضعين رجعكلام أبي علي و أما تحقيق الهمزة و تخفيفهافي الرأي فأهل تحقيق الهمزة يخففونها وأهل التخفيف يبدلون منها الألف و كذلك ماأشبهه من نحو البأس و الرأس و الفأس و منقرأ فعميت بالتخفيف يقوي قوله اجتماعهمعلى التخفيف في قوله سبحانه «فَعَمِيَتْعَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ» و هذه مثلها ويجوز في قوله «فَعُمِّيَتْ» أمران أحدهماأن يكون عموهم عنها الآن و الرحمة لا تعميو إنما يعمى عنها فيكون كقولهم أدخلتالقلنسوة في رأسي و نحو ذلك مما يقلب إذالم يكن فيه إشكال و في التنزيل فَلاتَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِرُسُلَهُ و قال الشاعر:
ترى الثور فيها مدخل الظل رأسه
و سائرهباد إلى الشمس أجمع
و سائرهباد إلى الشمس أجمع
و سائرهباد إلى الشمس أجمع