ثم عطف سبحانه قصة هود على قصة نوح فقال«وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً» أرادأخاهم في النسب دون الدين «قالَ يا قَوْمِاعْبُدُوا اللَّهَ» وحده و أطيعوه دونالأصنام «ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ»دخول من يفيد التعميم نفى أن يكون لهممعبود يستحق العبادة غير الله عز اسمه«إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ» أيما أنتم إلا كاذبون في قولكم إن الأصنامآلهة «يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْعَلَيْهِ أَجْراً» أي لست أطلب منكم علىدعائي لكم إلى عبادة الله جزاء «إِنْأَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِيفَطَرَنِي» أي ليس جزائي إلا على اللهالذي خلقني «أَ فَلا تَعْقِلُونَ» عنى ماأقول لكم فتعلمون أن الأمر على ما أقوله«وَ يا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ» قد بينا وجهتقديم الاستغفار على التوبة في أول هذهالسورة «يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْمِدْراراً» أي يرسل المطر عليكم متتابعامتواترا دارا و قيل أنهم كانوا قد أجدبوافوعدهم هود أنهم إن تابوا أخصبت بلادهم وأمرعت وهادهم و أثمرت أشجارهم و زكتثمارهم بنزول الغيث الذي يعيشون به و هذامثل قوله وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَيَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُمِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ «وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ»فسرت القوة هنا بالمال و الولد و الشدة وكل ذلك مما يتقوى به الإنسان قال علي بنعيسى يريد عزا إلى عزتكم بكثرة عددكم وأموالكم و قيل قوة في إيمانكم إلى قوةأبدانكم «وَ لا تَتَوَلَّوْا» عما أدعوكمإليه «مُجْرِمِينَ» أي مشركين كافرين«قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنابِبَيِّنَةٍ» أي بحجة و معجزة تبين صدقك«وَ ما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْقَوْلِكَ» أي لسنا بتاركي عبادة الأصناملأجل قولك و قيل إن عن جعلت مكان الباءفمعناه بقولك «وَ ما نَحْنُ لَكَبِمُؤْمِنِينَ» أي مصدقين و إنما حملهمعلى دفع البينة مع ظهورها أشياء منهاتقليد الآباء و الرؤساء و منها إتمامهملمن جاء بها حيث لم ينظروا فيها و منها أنهدخلت عليهم الشبهة في صحتها و منهااعتقادهم لأصول فاسدة دعتهم إلى جحدها وإنما حملهم على عبادة الأوثان أشياء منهااعتقادهم إن عبادتها تقربهم إلى الله زلفىو منها أن الشيطان ربما ألقى إليهم أنعبادتها تحظيهم في الدنيا و منها أنهمربما اعتقدوا مذهب المشبهة فاتخذواالأوثان على صورته عندهم فعبدوها «إِنْنَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُآلِهَتِنا بِسُوءٍ» هذا تمام الحكاية عنقوم هود جوابا لهود و المعنى لسنا نقول