مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 5
لطفا منتظر باشید ...
فيك إلا أنه أصابك بعض آلهتنا بسوء فخبلعقلك لشتمك لها و سبك إياها ذهب إليه ابنعباس و مجاهد «قالَ» أي قال هود لقومه«إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَ اشْهَدُوا»أي و أشهدكم أيضا بعد إشهاد الله «أَنِّيبَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْدُونِهِ» أي إن كنتم تزعمون أن آلهتكمعاقبتني لطعني عليها فإني على بصيرة فيالبراءة مما تشركونه مع الله من آلهتكمالتي تزعمون أنها أصابتني بسوء و إنماأشهدهم على ذلك و إن لم يكونوا أهل شهادةمن حيث كانوا كفارا فساقا إقامة للحجةعليهم لا لتقوم الحجة بهم فقال هذا القولإعذارا و إنذارا و قيل إنه أراد بقوله«اشْهَدُوا» و اعلموا كما قال شَهِدَاللَّهُ أي علم الله «فَكِيدُونِيجَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ» أيفاحتالوا و اجتهدوا أنتم و آلهتكم فيإنزال مكروه بي ثم لا تمهلوني قال الزجاج وهذا من أعظم آيات الأنبياء أن يكون الرسولوحده و أمته متعاونة عليه فيقول لهمكيدوني فلا يستطيع واحد منهم ضره و كذلكقال نوح لقومه فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْوَ شُرَكاءَكُمْ الآية و قال نبينا (ص)فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ ومثل هذا القول لا يصدر إلا عمن هو واثقبنصر الله و بأنه يحفظه عنهم و يعصمه منهمثم ذكر هود (ع) هذا المعنى فقال «إِنِّيتَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ» أي فوضت أمري إلى الله سبحانهمتمسكا بطاعته تاركا لمعصيته و هذا هوحقيقة التوكل على الله سبحانه «ما مِنْدَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌبِناصِيَتِها» أي ما من حيوان يدب على وجهالأرض إلا و هو مالك لها يصرفها كيف يشاء ويقهرها و جعل الآخذ بالناصية كناية عنالقهر و القدرة لأن من أخذ بناصية غيره فقدقهره و أذله «إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍمُسْتَقِيمٍ» أي أنه سبحانه مع كونه قاهراعلى عدل فيما يعامل به عباده و المعنى أنهيعدل و لا يجوز و قيل معناه إن ربي في تدبيرعباده على طريق مستقيم لا عوج فيه و لااضطراب فهو يجري على سبيل الصواب و يفعل مايقتضيه الحكمة «فَإِنْ تَوَلَّوْا» هذاحكاية عما قاله هود (ع) لقومه و المعنى فإنتتولوا و يجوز أن يكون حكاية عما قالهسبحانه لهود و المعنى فإن تولوهم «ف» قللهم «قد أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُبِهِ إِلَيْكُمْ» أي ليس ذلك لتقصير منيفي إبلاغكم و إنما هو لسوء اختياركم فيإعراضكم عن نصحي فقد أبلغتكم جميع ما أوحيإلي «وَ يَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماًغَيْرَكُمْ» أي و يهلككم ربي بكفركم ويستبدل بكم قوما غيركم يوحدونه و يعبدونه«وَ لا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً» يعني إذااستخلف غيركم فجعلهم بدلا منكم لا تقدرونله على ضر و قيل معناه لا تضرونه بتوليكم وإعراضكم شيئا و لا ضرر عليه في إهلاككملأنه لم يخلقكم لحاجة منه إليكم «إِنَّرَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ»يحفظه من الهلاك إن شاء و يهلكه إذا شاء وقيل معناه إن ربي يحفظني عنكم و عن أذاكم وقيل معناه إن ربي على كل شيء من أعمالعباده حفيظ حتى يجازيهم عليها «وَ لَمَّاجاءَ أَمْرُنا» بهلاك عاد «نَجَّيْناهُوداً وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ»