«يَبْكُونَ» و إنما أظهروا البكاءليوهموا أنهم صادقون و في هذا دلالة على أنالبكاء لا يوجب صدق دعوى الباكي في دعواهقال السدي لما سمع بكاءهم فزع فقال مابالكم «قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنانَسْتَبِقُ» أي نشتد و نعدو على الإقداملننظر أينا أعدى و أسبق لصاحبه عن الجبائيو السدي و قيل معناه ننتصل و نترامى فننظرأي السهام أسبق إلى الغرض عن الزجاج و فيقراءة عبد الله نتصل «وَ تَرَكْنا يُوسُفَعِنْدَ مَتاعِنا» أي تركناه عند الرحلليحفظه «فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَ ماأَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا» أي ما أنت بمصدقلنا «وَ لَوْ كُنَّا صادِقِينَ» جواب لومحذوف أي و لو كنا صادقين ما صدقتنالاتهامك لنا في أمر يوسف و دل الكلام عليهو لم يصفوه بأنه لا يصدق الصادق لأن المعنىلا يصدقهم لاتهامه لهم و سوء ظنه بهم لماظهر له من أمارات حسدهم ليوسف و شدة محبتهليوسف «وَ جاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍكَذِبٍ» معناه أن إخوة يوسف جاءوا أباهم ومعهم قميص يوسف ملطخا بدم فقالوا له هذا دميوسف حين أكله الذئب و قيل أنهم ذبحوا سخلةو جعلوا دمها على قميصه عن ابن عباس ومجاهد و قيل ظبيا و لم يمزقوا ثوبه و لميخطر ببالهم أن الذئب إذا أكل إنسانا فإنهيمزق ثوبه و قيل إن يعقوب قال لهم أرونيالقميص فأروه إياه فقال لهم لما رأىالقميص صحيحا يا بني و الله ما عهدت كاليومذئبا أحلم من هذا أكل ابني و لم يمزق قميصهعن الحسن و روي أنه ألقى ثوبه على وجهه وقال يا يوسف لقد أكلك ذئب رحيم أكل لحمك ولم يشق قميصك و معنى قوله «بِدَمٍ كَذِبٍ»مكذوب عليه أو فيه كما يقال ماء سكب أيمسكوب و شراب صب أي مصبوب قال الشاعر:
تظل جيادهم نوحا عليهم
مقلدة أعنتهاصفونا
مقلدة أعنتهاصفونا
مقلدة أعنتهاصفونا