مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 5
لطفا منتظر باشید ...
يقال رب الدار و رب الضيعة «وَ أَمَّاالْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُالطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ» يريد بالآخرصاحب الطعام روي أنه قال بئس ما رأيت أماالسلال الثلاث فإنها ثلاثة أيام تبقى فيالسجن ثم يخرجك الملك فيصلبك فتأكل الطيرمن رأسك فقال عند ذلك ما رأيت شيئا و كنتألعب فقال يوسف «قُضِيَ الْأَمْرُالَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ» أي فرغ منالأمر الذي تسألان و تطلبان معرفته و ماقلته لكما فإنه نازل بكما و هو كائن لامحالة و في هذا دلالة على أنه كان يقول ذلكعلى جهة الإخبار عن الغيب بما يوحى إليه لاكما يعبر أحدنا الرؤيا على جهة التأويل«وَ قالَ» يوسف «لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُناجٍ مِنْهُمَا» معناه للذي علم من طريقالوحي أنه ناج أي متخلص كما في قوله تعالىإِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍحِسابِيَهْ هذا قول الأكثرين و اختيارالجبائي و قال قتادة للذي ظنه ناجيا لأنهلا يحكم بصدقة فيما قصة من الرؤيا و الأولأصح «اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ» أياذكرني عند سيدك بأني محبوس ظلما«فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَرَبِّهِ» يعني أنسى الشيطان يوسف ذكر اللهتعالى في تلك الحال حتى استغاث بمخلوقفالتمس من الناجي منهما أن يذكره عند سيدهو كان من حقه أن يتوكل في ذلك على اللهسبحانه «فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَسِنِينَ» أي سبع سنين عن ابن عباس و رويذلك عن علي بن الحسن (ع) و أبي عبد الله (ع) و قيل معناه فأنسى الشيطان الساقي ذكريوسف عند الملك فلم يذكره حتى لبث في السجنعن الحسن و محمد بن إسحاق و الجبائي و أبيمسلم و على هذا فتقديره فأنساه الشيطانذكر يوسف عند ربه و قد روي عن النبي (ص) أنه قال عجبت من أخي يوسف(ع) كيف استغاث بالمخلوق دون الخالق و روي أنه (ع) قال لو لا كلمته ما لبث فيالسجن طول ما لبث يعني قوله «اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ»ثم بكى الحسن و قال إنا إذا أنزل بنا أمرفزعنا إلى الناس و روي عن أبي عبد الله (ع) قال جاء جبرائيل (ع)فقال يا يوسف من جعلك أحسن الناس قال ربيقال فمن حببك إلى أبيك دون إخوانك قال ربيقال فمن ساق إليك السيارة قال ربي قال فمنصرف عنك الحجارة قال ربي قال فمن أنقذك منالجب قال ربي قال فمن صرف عنك كيد النسوةقال ربي قال فإن ربك يقول ما دعاك إلى أنتنزل حاجتك بمخلوق دوني البث في السجن بماقلت بضع سنين و عنه في رواية أخرى قال فبكى يوسف عند ذلكحتى بكى لبكائه الحيطان فتأذى ببكائه أهلالسجن فصالحهم على أن يبكي يوما و يسكتيوما فكان في اليوم الذي يسكت أسوأ حالا و القول في ذلك أن الاستعانة بالعباد فيدفع المضار و التخلص من المكاره جائز غيرمنكر و لا قبيح بل ربما يجب ذلك و كان نبينا(ص) يستعين فيما ينوبه بالمهاجرين والأنصار و غيرهم و لو كان قبيحا لم يفعلهفلو صحت هذه الروايات فإنما عوتب يوسف (ع)في ترك عادته الجميلة في الصبر و التوكلعلى الله سبحانه